تويتر.. بطاقة دخول معتقلات السعودية

عواصم – وكالات:

تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى فخ للنشطاء السعوديين على مختلف آرائهم واتجاهاتهم، وأصبحت مجرد تغريدة على «تويتر» أو دعاء أو فيديو شخصي على أحد مواقع التواصل كفيل أن يدفع بصاحبه إلى سجون المملكة، دون النظر إلى فكره أو انتمائه، ودون النظر إلى عمره أو مكانته، ولم يسلم من تلك الانتهاكات لا امرأة ولا داعية أو شيخ كبير، فالكل أمام القمع سواء. كشفت حملة الاعتقالات الأخيرة التي شنتها السلطات السعودية على مجموعة من الدعاة والمفكرين لمجرد تغريدة، عن حالة الرعب التي يعيشها النظام من مجرد دعاء يدعو إلى التآخي والمصالحة، أو وجهة نظر تطالب بالحرية والمساواة، بل إن الصمت أصبح يثير رعب الأجهزة الأمنية. وتزامن مع هذه الحملة إعلان عدد من الرموز والنشطاء السعوديين، عن توقفهم عن الكتابة أو الانسحاب من «تويتر»، في خطوة أكد البعض أنها جاءت تحت الإجبار من قبل السلطات.
وكشف نشطاء أن السلطات في المملكة استدعت عدداً من المغردين المؤثرين، وحذرتهم من التغريد عن الأزمة الخليجية الحالية، كما أخذت من بعضهم تعهدات رسمية بعدم التحدث في الأزمة.
دعاء الخير في المعتقل
وكان من أبرز من أدخلته التغريدات إلى المعتقل السعودي الداعية سلمان العودة، ويواجه العودة العديد من التهم وفقاً للنشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي، ومن تلك التهم تغريدته التي أطلقها فور الإعلان عن إجراء اتصال هاتفي بين صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والتي قال فيها العودة: «ربنا لك الحمد لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، اللهم ألف بين قلوبهم لما فيه خير شعوبهم».
وبالرغم من أن تلك التغريدة وراء دخول العودة المعتقل، إلا أن هناك أسباباً أخرى أهمها أنه نأى بنفسه عن الخوض في الحصار الذي فرضته بلاده مع دول خليجية أخرى على الدوحة منذ أكثر من شهرين، دون أن يصدر منه أي تحريض أو رفض لهذا الحصار، فالداعية السعودي كل ذنبه أنه لم يبارك الحصار ولا القائمين عليه.
كما دفعت تغريدة مماثلة بالداعية عوض القرني إلى المعتقل، بعد أن غرد: «أنباء متواترة عن بدء اتصالات وسيتلوها حوار بين المملكة وقطر لحل المخالفات بما يحفظ مصالح الجميع (اللهم ألف بين القلوب)»، وأرفق مع الخبر بياني وكالتي الأنباء السعودية والقطرية الخاصين باتصال أمير قطر مع بن سلمان.

احتمال التغريد

ولم يقتصر الأمر على التغريدات الفعلية التي نشرها أصحابها بل امتد الأمر ليصل إلى الخوف من احتمال قيام البعض بالتغريد، حيث أكد نشطاء على مواقع التواصل أن من أسباب اعتقال الدكتور علي العمري، الخوف من احتمال قيامه بتأييد المظاهرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي من المتوقع تنظيمها اليوم في السعودية اعتراضاً على تدني الأوضاع في المملكة.
ومن الدعاة الذين ترددت أنباء عن اعتقالهم الدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري، هذا الداعية الذي وصفه نشطاء «تويتر» بأنه «زاهد لا له ولا عليه بين صفحات القرآن يفسر ويتلو»، ولفتوا إلى أن تهمته هي «السكوت».
أما الشيخ يوسف الأحمد فقد تعدى حدود السكوت الذي تعاقب عليه المملكة، ودعا إلى الخروج من أجل الاحتجاج والكسر لجدار الصمت، وعدم الاستمرار في الخوف من الخطوات السلبية للمملكة.
أما الداعية السعودي إبراهيم الناصر، فقد انضم إلى قوائم الدعاة السعوديين الذين ألقى أمن المملكة القبض عليهم مؤخراً، ووجهت للشيخ تهمة العمل ضمن خلية تجسس تهدف لضرب الأمن القومي السعودي برعاية بعض الدول.
وتضمنت قائمة الاعتقالات السعودية الداعية إبراهيم الناصر، الذي لا يملك شهرة واسعة مقارنة بالآخرين، إلا أن سبب اعتقاله كان لأنه عبر عن رفضه للانقلاب العسكري الفاشل في تركيا، وأظهر دعمه الكامل للنظام التركي المنتخب.
وعلى خلفية المظاهرات المتوقع اندلاعها اليوم في المملكة السعودية أكد نشطاء أن قائمة الاعتقالات تضمنت أيضا الشيخ إبراهيم الفارس، المتخصص في مقارنة الأديان، والأستاذ الجامعي السابق في جامعة الملك سعود، وتضمنت قائمة الاعتقالات الداعية حسن فرحان المالكي، بزعم انتقاده لسياسة الحكومة السعودية.

فكر خطير

ولم تسلم السيدات من حملة الاعتقالات التي تشنها المملكة على كل من يعبر عن فكره عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن أبرز من تم اعتقالهن مؤخراً، الداعيتين رقية المحارب ونورة السعد، بتهمة تقديم فكر «خطير» للفتيات.
يذكر أن نورة السعد حاصلة على شهادة الماجستير بالأصول الفلسفية والاجتماعية للتربية من جامعة مينيسوتا الأميركية، ودرجة الدكتوراه بعلم الاجتماع من جامعة الإمام محمد بن سعود.
وتحمل رقية المحارب شهادة الدكتوراه في الحديث وأصوله، وشغلت مناصب هامة، منها رئيسة قسم الدراسات الإسلامية، ومديرة عام التوجيه والإرشاد، كما أنها عملت أستاذة مشاركة في الحديث وعلومه بجامعة الأميرة نورة.
ولم تقتصر حملة الاعتقالات التي شنتها السلطات في المملكة السعودية على الدعاة فقط، بل امتدت لتشمل الشعراء ء والمفكرين وأفراد المجتمع، ومن أبرز الشخصيات التي تم اعتقالها مؤخراً الشاعر زياد بن نحيت، ويرجع سبب اعتقاله إلى قيامه بنشر مقطع فيديو أثنى به على الفنان علي عبد الستار القطري، وطالب الإعلام بأن يأخذ بعين الاعتبار مفاهيم الأخوة والمحبة بين الشقيقتين قطر والسعودية. ومن الإعلاميين الذين تم اعتقالهم أيضاً الداعية الإعلامي غرم البيشي، الذي تم اعتقاله من منزله في المملكة، وأكد نشطاء أن البيشي وجهت له العديد من التهم من ضمنها مناصرته الداعية سلمان العودة ودعوته للحلول الودية.

مسير قطار الحرم

ولم تقتصر الاعتقالات في السعودية بسبب تويتر ومواقع التواصل الاجتماعي على الحملة التي شنتها السلطات خلال هذا الأسبوع الماضي، بل إنها مستمرة منذ فترة، ومن أبرز الشخصيات التي تم اعتقالها خلال السنوات الماضية بسبب تغريداته الداعية محمد العريفي، بعد قيامه بنشر تغريدة ينتقد فيها مسير قطار الحرم المكي في موسم الحج، إلا أنه تم الإفراج عنه لاحقا وخلت تغريداته بعد ذلك من أي انتقادات للحكومة السعودية.
وفي أبريل الماضي تم اعتقال الشيخ عبد العزيز الطريفي، بعد أن نشر تغريدة قال فيها: «يظن بعض الحكام أن تنازله عن بعض دينه إرضاء للكفار سيوقف ضغوطهم، وكلما نزل درجة دفعوه أخرى، الثبات واحد والضغط واحد فغايتهم (حتى تتبع ملتهم)».
وقامت السلطات السعودية بتطويق منزل الشيخ واعتقلته، ونظراً لما اشتهر به الداعية من مكانة بعلم الحديث واجتهاده في حقل الدعوة والفتوى، فضلاً عن التفاف جمهور عريض حوله من المحبين، أثار خبر اعتقاله حين ذاك ضجة إعلامية كبيرة رافقتها استنكارات أكبر.
كما اعتقلت السلطات السعودية المحامي الشيخ إبراهيم السكران، منذ شهر مايو الماضي، عَقِبَ بعض التغريدات التي نشرها على حسابه الرسمي بـ «تويتر» والتي أثارت جدلاً واسعاً، حيث انتقد فيها سياسة النظام السعودي الحاكم، ومنذ ذلك الوقت لم تصل أية معلومات عن حالته أو ظروف اعتقاله. ومن بين هذه التغريدات التي أدت لاختفاء الشيخ السكران ما يلي:
من يصدق أن إعلاماً منسوباً لبلد الحرمين: يجعل جرائم السفاح الشيعي سليماني «تحريراً»، ويجعل دمعة الخطيب السني «إرهاباً»، تطرف ليبرالي بلغ مرحلةً جنونيةً!
يصفق لمجازر السيسي في الميادين، ويتغنى لإيران تذبح الفلوجة، ثم يجعل نصرة مستضعفي الشام إرهاباً يستوجب المحاكمة! كيف تحجرت القلوب ومات الحياء؟

السابق
العطية بطلاً للشرق الأوسط للمرة الـ 13
التالي
ميناء حمد: تدشين خط ملاحي جديد مع شنغهاي الصينية