عواصم – بزنس كلاس:
بالتزامن مع تغريدة “مجتهد” السعودية حول تركة الأمير السعودي الراحل مشعل بن عبدالعزيز آل سعود والتي تقدر بـ تريليون ونصف ريال سعودي، ظهرت تقارير إعلامية ودراسات تركز على اتساع الهوة بشكل كبير بين طبقات المجتمع السعودي مع التزيع غير العادل للثروة في بلد تبلغ نسبة الباطالة فهي أكثر من 12.5% رغم أنه يعوم على بحر من البترول ويعتبر من أغنى دول العالم.
ومع تصاعد معاناة الشعب السعودي، يصبح الحديث عن عدالة توزيع الثروات ضرورة ملحة، حيث تشير الأرقام إلى أن هناك غيابا تاما لعدالة التوزيع داخل المملكة. هذا الحال أكدته تقارير غربية عديدة، خاصة مع وصول معدلات الاحتياج والفقر إلى مراحل غير مسبوقة في تاريخ المملكة.
ونقلت صحيفة الفايننشيال تايمز البريطانية أن مخصصات النفط الهائلة جزء كبير منها يذهب إلى الأسرة الحاكمة بكل مكوناتها.
وأشارت الصحيفة إلى أن أكثر من 25 ألف أمير سعودي يقتطعون جزءاً كبيراً من ثروات البلاد النفطية سواء من كان في منصب بالحكومة أم بعيدا عنها. منوهة إلى أن كل أمير يتقاضى راتباً شهرياً يقدر بـ100 ألف ريال سعودي، إضافة إلى منحة سنوية تقدر بـ400 ألف ريال. هذا إلى جانب سهولة تملك الأراضي، وإقامة المشاريع والأعمال الضخمة.
وفي السياق نفسه، أوضح مركز بروكينغز الأمريكي، أن السعودية تمر بحالة أشبه بالنار تحت الرماد بسبب زيادة البؤس والاحتياج، خاصة أن غالبية الشعب السعودي هم من فئة الشباب، فضلا عن أن 60% منهم نساء متعلمات، وهو ما يزيد بحسب المعهد نسبة البطالة لأن آليات النظام تعرقل دخول المرأة لسوق العمل. ويؤكد المركز الأمريكي أن هناك تفاوتا كبيرا في الدخول بين السعوديين، فمنهم الأغنياء والأثرياء بدرجة كبيرة، في مقابل ذلك تزداد أعداد الفقراء بصورة أعمق.
سوء التوزيع
أما مجلة فوربس الشهيرة فتشير إلى أن أثرياء المملكة العربية السعودية يحتلون مراتب متقدمة في التصنيف العالمي للأثرياء، منوهة إلى أنهم يملكون المليارات من الأموال بما يعادل ميزانيات شعوب كاملة، وهو ما يعني وفق التقارير الدولية زيادة نسبة الفقراء والحرمان من الحقوق لقطاع كبير من الشعب السعودي.
وعلاوة على الاستئثار بالمناصب والوظائف لفئات معينة، تم احتكار الأراضي والمساحات العمرانية. فعلى سبيل المثال 65 % من أراضي منطقة الرياض بيد عدد قليل من الأمراء ولا تخضع لأي نوع من الضرائب. وهكذا الحال بالنسبة لمكة وجدة، حيث احتكار عقود الصفقات والمقاولات الكبرى وكأنه نوع آخر من الحق المكتسب.
ويقول المراقبون إنه رغم أن المملكة تنتج حوالي 10 ملايين برميل نفط يوميا، وهو دخل كبير للغاية، إلا أن أحياء كاملة من مدينة جدة ومكة وغيرها من المدن السعودية تغرق كل سنة بسبب الافتقاد للبنى التحتية، بينما مخاطر السيول متوقعة كل سنة تقريبًا. كل هذا والخدمات العامة كالصحة والتعليم تكاد تكون معدومة في أغلب المناطق الطرفية بالمملكة. ويوضح المراقبون أن الأموال السعودية الموجودة في البنوك الأمريكية بلغت 768 مليار دولار، ولكنها تخسر بحسب تقلبات العملة بينما هناك إغفال للاستثمار في قوى العمل والاستثمار في الإنتاج المستدام.
سيطرة الأمراء
وكشف موقع ويكيليكس أن مخصصات أمراء السعودية تكلف الخزينة مليارات الدولارات. وقالت وكالة رويترز للأنباء في تقرير نشرته بناء على اطلاعها على مجموعة من وثائق ويكيليكس أن مجموعة من الأمراء في المملكة العربية السعودية ينفقون مبالغ تصل إلى 10 مليارات سنويًا.
وقال التقرير نقلا عن الوثائق إن أميرا سعوديًا أفصح للسفارة الأمريكية عن مليون برميل من النفط تباع يوميا لصالح خمسة أو ستة أمراء.
كما تحدثت الوثائق أن الأمراء السعوديين يتقاضون مخصصات مالية منذ ولادتهم. وتحدثت الوثائق عن خطط لكسب المال يقودها بعض أفراد العائلة المالكة لتمويل أنماط حياتهم الفخمة، بينها سحب المال من خارج الميزانية التي يسيطر عليها كبار الأمراء، وكفالة الأجانب الذين يدفعون رسومًا شهرية، والاقتراض من البنوك من دون تسديد. إضافة إلى الرواتب الشهرية الضخمة التي يحصل عليها كل فرد من العائلة المالكة.
تلك الوقائع يعلمها المسؤولون في المملكة، وهو ما دفعهم لوضع مخططات علاجية وطارئة، بغرض امتصاص غضب الشعب السعودي، لاسيَّما في ظل حراك شعبي بالمنطقة العربية يطالب بالتغيير. ولكن مع ارتفاع تكاليف المعيشة وارتفاع الأسعار، أضحت تعويضات البطالة وقروض بناء المساكن وزيادة مرتبات القطاع الحكومي لا معنى لها ولا أثر يذكر لنفعها وفق كثير من السعوديين.
الاحتكار التام
ونقلت صحيفة الإندبندنت البريطانية تصريحات للأميرة بسمة بنت سعود بن عبد العزيز آل سعود، عن أن الأمراء في السعودية يحتكرون السلطة والثروة ولا يجرؤ أحد على التفوه بكلمة ضد هذا الوضع، مشيرة إلى الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة السعودية والفقر والتشدد الديني وغيرها من الأمور السلبية في المملكة. وطالبت الأميرة المقيمة في لندن بحسن توزيع الثروات على عموم أبناء الشعب السعودي.
كما طالبت الأميرة بسمة برد الحقوق المسلوبة من المواطن السعودي من قبل المسؤولين عن توزيع الثروات. ولفتت إلى أنها تحلم بوطنها يسوده العدل والمساواة بحيث لا فوارق بين مواطن وآخر على أساس القبيلة أو الاسم أو المذهب. وانتقدت ظاهرة المناطق في السعودية والتي تصل إلى حد العنصرية، قائلة إن التغييرات التي تجري في العالم العربي ليست ببعيدة عن المملكة.