نحو ٢٥٠٠ شخص أتوا من لبنان وأكثر من دولة عربية وانتظروا الفنّانة اللبنانية إليسّا أمس في بيروت، أحضروا لها الورود وهتفوا لها وغنّوا معها ورقصوا على أغنياتها وفرحوا بما قدّمته لهم، مهما كان ما قدّمته.إصرار مهرجان «أعياد بيروت» على ربحها سنوياً وبالتالي ربح جمهور يملأ المدرّجات وتحقيق حفل ناجحٍ ليس مردّه وهمٌ افتراضي بل أرقام ملموسة. عيون الحاضرين لم يسكنها إلّا الفرح والابتهاج، الحماسة والحياة. هكذا كان اختتام الدورة السادسة من «أعياد بيروت» مساء أمس مع اليسا.
ما ليس مخفيّاً
ينتظر الآلاف حفل الفنانة اليسا في بيروت سنوياً، فلقد حَصرت اليسا مُشاركتها في المهرجانات في لبنان بـ«أعياد بيروت» سنوياً منذ العام 2012، لِتُغيّر وجهتها عام 2015 فقط، من العاصمة إلى أرز بشرّي شمالاً، حيث شاركت في افتتاح «مهرجانات الأرز الدولية» بدورتها الأولى بعد غياب 50 عاماً. لِتعود اليسا من جديد إلى قلب بيروت العام الماضي فتَختتِم أعيادها بحفلٍ انتظرَه محبّوها من لبنان وعدد من الدول العربية، كما العام الحالي.
في ظلّ تحوّلِ التواصل الاجتماعي نحو الوسائل الالكترونية المُتنوّعة، حيثُ تنتشر أخبار الناس وصُور وفيديوهات المناسبات التي يُشاركون فيها أو يحضرونها… من الصعب إخفاء شيء خصوصاً عن «المشاهير» و»النجوم».
غير مخفيّ عن الجميع أنّ الفنانة اللبنانية اليسا لا تعتمد الجدية في حفلاتها، ولا تعمل سعياً لإطراب الحاضرين أو تجتهد لعدم الخروج عن لحنٍ أو نسيان كلامٍ.
ومن غير المخفي أيضاً أنّ اليسا بذكائها وإحساسها وخياراتها تمكّنَت من تحقيق نجومية غير مُقتصرة على ملايين الفايسبوك أو تويتر أو يوتيوب، بل إنّها من الفنانين القلائل في العالم العربي الذين يبيعون كمّية كبيرة من نسخات ألبوماتهم الموسيقية.
محبّو اليسا في «أعياد بيروت» كما في أيّ مكان، يستمعون إلى الفنانة الملقّبة بـ»ملكة الإحساس» بقلوبهم لا بآذانهم. يقفون يصفّقون ويغنّون معها طيلة الوقت، لربّما لا يعني لهم حتى الاستماع لها بقدر أن يتشاركوا معها الفسحة نفسها حيث تندمج أصواتهم بصوتها وتسكن في عيونهم.
«عكس اللي شايفينها» أغنية مكتوبٌ لها النجاح مُذ كُتِبت، فهي تحمل قضية اجتماعية يُعاني منها الكثيرون في مجتمعات مُختلفة، وخصوصاً في المجتمعات العربيّة، حضنَ كلماتِها لحنٌ حسّاس أيضاً ليحملها صوت اليسا مُحرّك الأحاسيس.
نجاح الأغنية تَضاعف بعد الفيديوكليب الذي جسَّد القضية التي تحملها طارحاً حادثة حقيقية. عُرض الفيديوكليب في بداية الحفل أمس وسط تفاعل الحاضرين الذين تبدّلت ملامحهم، وكأنّ هذه حالة كلّ واحد منهم، لتحلّ الملامح نفسها حين تُقدّم اليسا الاغنية خلال حفلها.
خطيئة إليسا
بأغنية «وحشتوني» لوردة الجزائرية افتتحت اليسا حفلها في بيروت أمس، خطيئة أخرى تَرتكبها اليسا بحق نفسِها وبحق الأغنيات الطربية التي لا تستطيع غناءَها خلال أداءٍ حيّ. وبعد معايدتها للجيش اللبناني، وتمنّيها عودةَ الجنود المخطوفين، قدّمت «بتتلُج الدني» و«بقولوا صغيَّر بلدي» لفيروز.
لـ«سهرنا يا ليل»، «أسعد واحدة»، «عايشالك» و«أنا مجنوني» حالات أخرى. حبٌ وفرح. قدّمت اليسا أيضاً لنحو ساعة و٤٥ دقيقة من أغنياتها: «بتمون»، «يا مرايتي» (دمعَت عيناها خلال تأديتها)، «حبّ كل حياتي، «فلّ الحكي»، «بدي دوب»، «لو»، «عبالي حبيبي» وغيرها لتختم الحفلَ بإعادة تقديم «سهرنا يا ليل» عنوان البومها الأخير.
تصرّ اليسا بعد كلّ الشهرة التي حققتها وبعد حيازتها على كمّ غير قليل من الأغنيات «الضاربة» جماهيرياً، على تأدية أغنيات من خارج ربيرتوارها الخاص خلال حفلاتها، رغم عدم تمكّنِها من تأديتها بطريقة صحيحة، فقدّمت أمس: «لولا الملامة» لوردة، «لو فيّي» لعايدة شلهوب التي اصدرَتها اليسا ضمن البومها «تصدق بمين»، «أوّل مرة» لعبد الحليم حافظ، «خدني معك» لسلوى القطريب، «خطرنا على بالك» لطوني حنا و«سألتك حبيبي» لفيروز…
اليسا كانت أمس في بيروت «مِتِل ما شايفينها» في جميع حفلاتها في لبنان. جميلة، أنيقة، مُرتدية ثقة كبيرة مع مشحة غرور (تقول ردّاً على طلب المعجبين لأغنيات محدّدة، «انسوا شو طلبتوا»، «بغنّي عذوقي» و«خلص guys»!)، صريحة ومباشرة، تنسى كلمات غالبية الاغنيات، لا تغنّي «صحّ»… ولكنّها تَستمتِع، وتُمتِع جمهورَها!
إختتام ناجح… ولكن
حقّقَ مهرجان «أعياد بيروت» 2017 النجاح المُتوقّع في اختتام لياليه من ناحية ملءِ المدرّجات في البيال على واجهة بيروت البحرية، وملأ قلوب الحاضرين بالرضا وأيديَهم بالاستمتاع، على رغم الهفوات الخارجة لربّما عن إرادة أو سيطرة المنظمين، فولدانِ غيرُ مهذبين برفقةِ والدةٍ غيرِ مهذّبة بدورها يُنغّصان على من دفَعوا المالَ للتمتّع بصوت اليسا سهرتَهم من خلال تحدُثّهما وصراخهما طيلة الوقت، أو شابٌّ سُمح له بإدخال كأس مشروب وسَمح لنفسِه برميِ المشروب على من وقف أمامه رغم أنّ هذا الشخص وقفَ لأنّ الذين يجلسون أمامه وقفوا وحجبوا عنه الرؤية…