تركيا – وكالات – بزنس كلاس:
في فصل جديد من الماساة السورية الممتدة على طول 7 أعوام عجاف، شيَّع مئات الأتراك، السبت 8 يوليو/تموز 2017، السيدة السورية الحامل وطفلها ذا الـ10 أشهر، اللذين قُتلا بمدينة سكاريا (شمال غرب) الخميس 6 يوليو/تموز، بطريقة بشعة أثارت ردود فعل كبيرة داخل تركيا؛ بسبب حملة سبقتها، دعا فيها البعض إلى طرد السوريين من البلاد. فقد تعالت أصوات خطاب كراهية ضد اللاجئين السوريين خصوصاً في تركيا ولبنان مع اختلاف جوهري بين موقف حكومتي البلدين من الأمر. ففي حين تمارس الحكومة اللبنانية سياسة “التطنيش والتجاهل” لكل ما يصيب السوريين الموجودين في لبنان من تعسف وكراهية وإذلال يومي يتعرضون له على يد افراد وأحياناً مؤسسات لبنانية، تقوم الحكومة التركية على المقلب الآخر بالدفاع عن السوريين اللاجئين لديها قانونياً وشعبياً.
ومن يرى ردة الفعل التركية، حكومة وشعباً، على حادث اغتصاب ومقتل إمرأة سورية يدرك الفرق الواضح مقارنة بالتجاوب اللبناني “المخجل” لعملية قتل موقوفين سوريين لدى الجيش اللبناني دون القيام باي تصرف او تصريح ينفي على الأقل وجود “خطاب الكراهية اللبناني” ضد السوريين.
وطالب المئات من الأتراك قبل أداء صلاة الجنازة بإعدام القاتلين، التي أمّها رئيس الشؤون الدينية التركي محمد غورماز، وحضرها العديد من المسؤولين؛ كوزيرة الأسرة والسياسات الاجتماعية فاطمة بتول صيان قايا، ونائب رئيس حزب العدالة والتنمية (الحاكم) روضة قواقجي، والناطق الرسمي باسم الحزب ماهر أونال ، فضلاً عن زوج الضحية خالد الرحمون.
ولم يتمالك غورماز نفسه وذرف الدموع على جنازتي السيدة والطفل، اللذين تم إرسالهما إلى محافظة إدلب السورية؛ من أجل دفنهما هناك.
ما الذي جرى؟
وفي كلمة ألقاها عقب الصلاة، قال غورماز: “ما الذي حلّ بنا حتى نقتل طفلاً رضيعاً لجأ إلى ضميرنا ورحمتنا؟! علينا التفكير في هذا الأمر جيداً”. وشدد رئيس الشؤون الدينية على أن “البشرية شهدت عملاً يبعث العار على إنسانيتها”.
وأوضح أنه حضر لصلاة الجنازة على السيدة “الرحمون” (20 عاماً) وطفلها “خلف” (10 أشهر)، بصفته أباً في الدرجة الأولى، ثم رئيساً للشؤون الدينية. وأردف متسائلاً: “ما الذي جرى لنا حتى صرنا في صف ظلاّم المضطهدين؟!”.
ووجه غورماز خطابه للإنسانية، قائلاً: “أخاطب الإنسانية، هل هذه الأم وهذا الطفل اللذان صلينا على جنازتهما هما اللاجئون أم ضمائرنا هي اللاجئة؟!”.
المسؤولية
من جانبه، قال رئيس بلدية صقاريا زكي طوج أوغلو، إن “مسؤولية هذا العمل الشنيع لا يتحمّلها المجرمان اللذان نفذا الجريمة، وإنما تقع المسؤولية على بعض الجهات التي هيأت الأرضية لذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي (المحرّضة ضد السوريين) من فترة”.
والجمعة 7 يوليو/تموز الجاري، أمرت محكمة تركية بحبس شخصين متهمَين بقتل “الرحمون” وطفلها، بعد توقيفهما.
وأعرب رئيس البلدية عن “أسفه لما شهدته تركيا التي تعتبر ميناء للسلام، من خلال هذا العمل الشنيع”.
التحريض
بدوره، أشار عبد الرحيم بوينو قالن، نائب وزير الشباب والرياضة، إلى وجود تحريض كبير مارسه بعض الصحفيين والقنوات الإعلامية وأشخاص على منصات التواصل الاجتماعي ضد اللاجئين السوريين منذ عدة أيام.
وأدان نائب رئيس الوزراء التركي ويسي قايناق ذلك، حيث قال في تصريح صحفي إن مكتب مكافحة الجريمة الإلكترونية، أثبت وقوع عمليات تحريض (ضد السوريين) عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأن أكثر من نصف الحسابات التي تسعى للتحريض والاستفزازات مصدرها خارجي.
ونتيجة لأعمال التحريض تلك، شهدت الأيام القليلة الماضية توترات بين لاجئين سوريين ومواطنين أتراك، ارتقت بعضها إلى أعمال عنف، إلا أن الشرطة التركية سيطرت عليها.
وأضاف بهذا الشأن: “لا أحد في تركيا يملك حرية ارتكاب الجرائم، وكل من يقترف جريمة سيمثُل أمام القضاء”.
وكان نشطاء أتراك قد عبر عن استيائهم من تلك الحملة، حيث يرى البعض أنها سبب الجريمة الشنيعة التي أودت بحياة السيدة الحامل وابنها.
وكتبت سيدة تركية على فيسبوك، قائلة إن “الفتنة التي كانت تتغدى على الشبكات الاجتماعية منذ أيام بدأت تقطف فواكهها، فقد قتلت في سكاريا سيدة سورية حاملة في شهرها السابع بعد أن اختُطفت واغتُصبت! قُتلت رفقة طفلها ذي العشرة أشهر برمي الحجر على الرأس. وفي أثناء الجريمة قُتل الجنين أيضاً! فلتدفنوا وجدانكم!”.
فيما رأى آخر أن “ما حدث للسيدة السورية في سكاريا يتحمل مسؤوليته المتسببون في الفتنة الذين طالبوا بعودة السوريين لبلادهم”.
وقال آخر إن ” شركاء الجريمة التي ارتكبها ذلك الوحش في سكاريا قاتل السيدة السورية، هم أولئك الذين طالبوا قبل 3 أيام بعودة السوريين لبلادهم”.