إنه عام 2027. تسير بالشارع وتشعر بالثقة في وصولك إلى مقصدك رغم عدم معرفتك به. وربما لا تتذكر السبب وراء توجيه جهازك لك في طريقك وبالتأكيد لن تستغرب ذلك.
هناك صوت في أذنك يوجه طريقك ويجعلك تستعد لهذا الاجتماع، من المفترض أن تقابل أحد أصحاب القدرات على التواصل مع الكلاب من أجل مشروع عيادة الطب النفسي الخاصة بك. وتصل إلى المقهى وتنظر حولك وسرعان ما تقترب منك امرأة لا تعرفها.
وتظهر شاشة عرض تحمل اسمها بحروف عريضة. وبعد ذلك، تحصل على نسخة أوتوماتيكية من الحوار الذي دار بينكما.
وسيبلغ الآيفون السنة العاشرة من عمره في 29 يونيو/حزيران 2017.
هل يختفي الآيفون؟
ومع حلول الذكرى السنوية العاشرة لبدء طرح الآيفون بالأسواق، نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية تقريراً عن شكل العالم بعد عشر سنوات أي عام 2027 في ظل التطور المتوقع لجهاز الآيفون.
وقال التقرير: “يظل هذا الجهاز أكثر المنتجات نجاحاً على مدار التاريخ. وحينما تحل الذكرى العشرون لظهور الآيفون، سوف ينتهي تماماً “مفهوم الهاتف”. وسوف تحصل على سيناريو التواصل مع الكلاب حتى لو لم يكن لديك جهاز آيفون في جيبك.
وحسب وول ستريت جورنال فإنه بالتأكيد قد تظل شركة آبل تبيع أجهزة الآيفون في شكلها الحالي المستطيل البراق. (وفي تلك المرحلة، قد يكون الآيفون رقيقاً وقابلاً للطي أو يمكن لفه على غرار أوراق البردي القديمة). ومع ذلك، فإن مجموعة التطبيقات والخدمات التي تتم حالياً المظهر الخارجي للآيفون قد تنتقل إلى أجهزة أخرى أكثر ملاءمة وتحظى بنفس القدرات، وهي شبكة من أجهزة الحاسوب والبطاريات وأجهزة الاستشعار تتواجد على رسغ اليد أو في الأذن أو على الوجه ومن يدري أين قد تتواجد أيضاً. وسوف نجد حينذاك أننا نتخلى عن الآيفون بصورة أكبر.
وينقل تقرير لموقع صحيفة “يو إس توداي” الأميركية عن أليكس كروغلوف، الرئيس التنفيذي لموقع ويب سميلتيمي قوله “بعد 10 سنوات ربما سأكون مازلت أنا وأنت نستخدم أجهزة آيفون، لكن أطفالي قد يكون الأمر معهم مختلفاً. سيكون لديهم بعض الأجهزة الأخرى التي هي أكثر فائدة وستكون بمثابة جزء من الجسم”.
ويرى أن هذه المنتجات التخيلية يمكن ارتداؤها وستفعل كل الأشياء التي يقوم بها الآيفون: الاتصالات، وقراءة الويب، وإدارة الصور. وأليكس ليس الوحيد الذي يتبنى هذه النظرية.
فجين مونستر، الذي يدير صندوق لوب فينتوريس للتمويل في مينيابوليس قال: “لقد كانت النسخ الأولى من الأجهزة القابلة للارتداء الأولى رهيبة”. “ومن الصعب أن نتصور كيف ستكون في المستقبل، ولكن سيكون هناك بعض الأجهزة التي تتفاعل معك بسلاسة، وعليك إما ارتداؤها كنظارات أو وسائل اتصالات”.
لكن “يو إس توداي” تعلق على هذه التوقعات قائلة “من الصعب أن نصدق أنه في عام 2027 وحتى عام 2037، ستختفي أجهزة الآيفون فالتلفزيون لم يختف رغم اختراعه منذ سنوات”.
خطط آبل الخطيرة
واعتبرت وول ستريت جورنال أن محاولة التنبؤ بتكنولوجيا المستقبل خلال عقد من الزمن تعد بمثابة حماقة، ولكن كم من المرات نحاول الجمع بين العديد من التوجهات الجديدة ضمن حزمة واحدة؟
وتنشغل شركة آبل حالياً بتصنيع معالجات دقيقة أكثر قوة وأجهزة لاسلكي أكثر دقة في كل من منتجاتها. فقد أصبح Siri أكثر ذكاءً وانتشاراً في الكثير من الأماكن. وفي غضون ذلك، تغوص الشركة في مجال الواقع المعزز، بما يمنح المطورين القدرة على ابتكار تطبيقات يمتلئ من خلالها عالمنا الواقعي بكل شيء بدءاً بالبوكيمون إلى أي من منتجات أثاث IKEA التي نحتاج إليها بغرف المعيشة.
ولن تمثل كل هذه التكنولوجيا -التي تتواجد بمنازلنا وسياراتنا بل ومدننا الذكية- وسيلة جديدة للتفاعل مع أجهزة الحاسوب فحسب، بل أسلوب حياة جديدة أيضاً.
ويبدو أن عمليات استحواذ شركة آبل على الشركات الأخرى تشير بصورة جيدة إلى خطواتها المستقبلية، ولقد ذكر تيم كوك، المدير التنفيذي للشركة أن آبل تقوم بشراء شركة كل ثلاثة إلى أربعة أسابيع.
ومنذ قيامها بشراء شركة Siri عام 2010، استمرت آبل في الاستحواذ على الشركات المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي -ومن بينها لاتيس داتا وتوري وبيرسبتيو- وتختص جميعها بأحد أنماط التعلم الإلكتروني.
ويشير استعراض شركة آبل لنظام التشغيل الخاص بها رقم 11 -الذي يتضمن إدراج شركة Siri أكثر من ذي قبل- إلى أن الشركة تأمل في تمكين Siri من القيام بكافة العمليات على الآيفون التي نقوم بها حالياً عبر واجهة اللمس.
وقد قامت آبل أيضاً بالعديد من عمليات الاستحواذ المتعلقة بالواقع المعزز- غطاء واجهات الحاسوب والأجسام ثلاثية الأبعاد.
وبحلول عام 2027، ينبغي أن تكون مشكلة سماعات الرأس AR مثل هولولينس التابعة لمايكروسوفت قد حُلت، بما يعني أن شركة آبل وغيرها من الشركات تكون قد أصدرت نوعاً من النظارات الذكية. ومن خلال قدرتها على تعزيز واقعنا البصري والسمعي وتوفير المعلومات في الوقت والمكان المناسبين، سوف تُحدث الشركة تغيراً ثقافياً هائلاً على غرار استحداث الهاتف الذكي ذاته.
ويقول ريان والش، أحد الشركاء بشركة فلودجيت، والذي كان يتولى إدارة المنتجات بشركة آبل بين عامي 2014 -2016 “ما سترونه من خلال كل هذا التعزيز هو أن سيكولوجية استخدامك للهاتف قد تتغير جذرياً. وبدلاً من استخدام الهاتف للفرار من العالم، سوف تستخدمه للانضمام إلى العالم بأسلوب أكثر عمقاً وأهمية”.
وسوف يستفيد الواقع المعزز والذكاء الاصطناعي أيضاً من توجه الإنترنت، حيث يصبح لكافة الأجهزة والأدوات أجهزة استشعار واتصال لاسلكي بالإنترنت. وتتحكم شركة آبل بالمنتجات المنزلية الذكية من خلال مجموعة هومكيت.
وتنقل المعلومات الخاصة بالصحة من خلال مجموعة هيلثكيت والخاصة بالسيارة (كاربلاي) والنقود (آبل باي). وترغب الشركة في أن ترتبط منتجاتها بكل شيء على وجه الأرض.
وسوف يصبح الأمر مباشراً في البداية. وسوف توجهنا أجهزتنا للتنقل بين المهام وتقترح وسائل النقل المناسبة. ولكن، سوف تتغير العلاقة مع تزايد اطلاع الذكاء الاصطناعي على المعلومات الخاصة بك.
هكذا سيتم توجيهك
ويقول جوناثان بادين، المؤسس المشارك وكبير مسؤولي الاستراتيجية بشركة تيندر، الذي يقود الفرق التي تفكر في دمج أحدث تكنولوجيات آبل بتطبيقاتها “ربما تسير بمكان ما، فتجده جهازك الآبل يخبرك قائلاً “عليك أن تتجه نحو هذا الاتجاه، فهم يصنعون فنجان قهوة رائعاً، حيث يطلع الذكاء الاصطناعي على معلومات أكثر عنك”.
وبحلول عام 2027، ستكون شركة آبل والشركات المنافسة لها قد أجرت بعض المقايضات. فإذا كنت تود تعزيز حياتك بالذكاء الاصطناعي وكل هذه التكنولوجيا، فلابد أن تخضع للإشراف المستمر، من خلال أجهزتك وفي العديد من الحالات من خلال عمالقة التكنولوجيا أنفسهم.
وترى شركة آبل أنك سوف تثق في ذلك. وتتمثل سياسة الخصوصية لدى الشركة في أنها لن تطلع على بياناتك أو تطلع عليها أحداً وسوف يتم تشفيرها حتى لا يراها أحد.
ولن يكون التعود على ذلك بالأمر اليسير. وكما أن ركوب سيارة شخص غريب أو النوم بمنزله يعد ضرباً من الجنون قبل ظهور أوبر، فإن الفارق الأكثر أهمية الذي سيُحدثه الآيفون عام 2027 قد يتمثل في رغبتنا في قبول الأمور التي لا نستطيع استيعابها في عالم اليوم.