خاص: بزنس كلاس – وكالات – الرياض:
منذ بداية وصول جناح معين إلى سدة الحكم في السعودية، اتخذت السياسة السعودية عموماً لا سيما الاقتصادية منحى راديكالي غير هادئ لم تكن مؤسسات وشركات المملكة معتادة عليه كما هو جمهورها. ففي شكل مختلف للتعاطي مع ملفات كثيرة تخلت الرياض عن سياساتها التقليدية القائمة على الأفعال وردود الأفعال الهادئة والرزينة واحيانا البطيئة، إلى سياسات تتصف بالتهور والعدوانية. وقد تجلت تلك السياسات بإعلان الحرب على اليمن التي ربما ذهبت إليها السعودية لتأجيل ملفات ملتهبة كانت على وشك الانفجار داخل المملكة. تلك الحرب أخذت كل انتباه الشارع السعودي الذي لم يلتفت فيها إلى ما يجري في المؤسسات النقدية السيادية السعودية.
ولم تتمكن كل الدعاية الكبيرة لرؤية السعودية الوطنية 2030 والترويج المبالغ فيه لها في جعل الجمهور يتخلى عن قلقه على مستقبل أغنى دولة نفطية بالعالم على الإطلاق. ومع تفاقم الأزمة الخليجية بدأت تظهر على السطح ملفات ومعلومات كانت مغيبة عن الشارع السعودي. لعل أهمها مليارات الدولارات الأمريكية التي لا يعرف أحد من المواطنيين السعوديين مصيرها أو أين ذهبت.
الأهم أن هذا النقص الخطير المشار له لاحقاً في هذا المقال بالسيولة كتلة النقد من العملات الصعبة في صندوق السعودية السيادي لا يمكن إلقاء اللوم فيها، كما يدعي القائمين على السلطة السعودية، انخفاض سعر النفط لأن أسعارالنفط كثيرا ولمدد طويلة انخفضت لكن ذلك لم يمكن ليؤثر على مخزون النقد السعودي.
انخفض صافي الأصول الخارجية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي، وهو معيار لقياس قدرة المملكة على دعم عملتها، بشكل حاد هذا العام في ضوء تراجع أسعار النفط واتجاه الرياض لتوسيع استثمارات صندوق ثروتها السيادية في الخارج.
وانخفضت تلك الأصول من مستوى قياسي بلغ 737 مليار دولار في أغسطس 2014 إلى 529 مليارا في نهاية 2016 مع اتجاه الحكومة لتسييل بعض الأصول لتغطية العجز الضخم في الموازنة الناجم عن هبوط أسعار النفط.
وهذا العام ساهمت حملة تقشف وانتعاش جزئي شهدته أسعار النفط في مساعدة الرياض في تحقيق تقدم في خفض العجز، إذ تراجع بنسبة 71 في المائة عما كان عليه قبل عام ليصل إلى 26 مليار ريال (6.9 مليارات دولار) في الربع الأول.
غير أن صافي الأصول الخارجية واصل انكماشه بالمعدل نفسه تقريبا فتراجع 36 مليار دولار في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2017.
ولم يعلق المسؤولون السعوديون بالتفصيل على أسباب انخفاض الاحتياطيات رغم أن البعض أشار إلى أنه قد يرجع إلى نشاط القطاع الخاص لا إلى إنفاق حكومي.
وتكهن العديد من الخبراء بأن هروب رأس المال من السعودية ربما يكون السبب في تراجع الاحتياطيات. غير أن بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، وهي بنك المملكة المركزي، عن معاملات البنوك التجارية بالنقد الأجنبي لا تدعم هذه النظرية أيضا.
وقال مصرفي دولي على اتصال بالسلطات السعودية إن قدرا كبيرا من الانخفاض في الأصول الخارجية يرجع في ما يبدو إلى تحويل أموال إلى صناديق تابعة للدولة تستثمر في الخارج، خاصة صندوق الاستثمارات العامة، وهو صندوق الثروة السيادية الرئيسي.
وتعتزم الرياض استثمار مبالغ كبيرة في الخارج من أجل الحصول على التكنولوجيا ورفع عوائد أموالها.فقد قال صندوق الاستثمارات العامة إنه سيستثمر ما يصل إلى 45 مليار دولار على مدى خمس سنوات في صندوق للتكنولوجيا أسسته شركة سوفت بنك اليابانية، و20 مليار دولار في صندوق للبنية التحتية تعتزم شركة بلاكستون الأميركية تأسيسه.