“حياد إيجابي”.. المغرب يراعي مصالحه الاقتصادية في حسابات الأزمة الخليجية

نجحت المغرب في الوقوف على خط “الحياد الإيجابي” من الأزمة الخليجية عندما سارعت لإرسال مواد غذائية على متن طائراتها إلى الدوحة تحت غطاء التعاضد الأخوي في شهر رمضان المبارك مغلقة الباب أمام انتقاد الدول التي حاولت فرض حصار على الدوحة. فقد بدا المغرب في تعاطيه مع الأزمة التي تأججت بعد مقاطعة دول عربية لقطر، متخوفاً على علاقاته الاقتصادية مع دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة على مستوى المساعدات المالية والاستثمارات المشتركة. ورغم حرص المغرب على الوقوف في منطقة الحياد، والعمل كوسيط بين الدول المتنازعة لرأب الصدع، بعث طائرة محمّلة بالغذاء إلى قطر، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تأكيد مغربي على استمرار تعزيز العلاقات التجارية مع الدوحة.
وتقارب كل من المغرب وقطر اقتصادياً، خلال الخمسة أعوام الأخيرة، وازداد هذا التقارب بعد الزيارة الرسمية لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للمغرب في نهاية عام 2013، إذ وقّعت خلال تلك الزيارة أربع اتفاقيات بين البلدين، حيث تعهدت قطر بتوفير حصتها ضمن هبات أربع دول خليجية، بقيمة 1.25 مليار دولار، من أجل تمويل مشاريع تنمية واستثمارات في البنيات التحتية.
وكان دول الكويت والسعودية والإمارات وقطر، وعدت بتوفير خمسة مليارات دولار للمغرب، على مدى خمسة أعوام منذ 2013، غير أنه يتجلى أن المملكة لم تحصل إلا على ثلاثة مليارات دولار، وهو ما يفسر بتأثير تراجع أسعار النفط على إيرادات تلك الدول.

هبات قطر
ويؤكد تقرير لوزارة الاقتصاد والمالية، أن قطر تعتبر ثاني مانح للمغرب حتى شهر مايو/أيار من العام الماضي بـ850 مليون دولار، بعد الكويت بـ920 مليون دولار، وقبل السعودية بـ540 مليون دولار، والإمارات بـ481 مليون دولار.

ويخشى الباحث المغربي، المهدي البركاني، في حديثه لـ”العربي الجديد”، من أن يُفضي الوضع الحالي، المتسم بالحصار الذي تضربه دول خليجية وعربية على قطر، إلى التأثير على التزاماتها تجاه المغرب، علما أن تحويل الهبات يعرف نوعا من التباطؤ منذ تراجع أسعار النفط.

تعاون في النقل
كان من الآثار المباشرة لقطع العلاقات مع قطر، اتخاذ قرار الخطوط الجوية القطرية قرار وقف رحلاتها نحو المغرب، لتعذر استعمال المجال الجوي في هذه الفترة. وترتب عن ذلك توقف سبع رحلات في الأسبوع، كانت تسيّرها الشركة القطرية نحو مدينتي الدار البيضاء ومراكش. وفي هذا السياق، قال العامل في القطاع السياحي بمراكش، أمين التوس، لـ”العربي الجديد” إن هناك احتمالاً بتراجع إقبال السياح القطريين على المغرب. وفيما أعلنت الخطوط الملكية المغربية عن تعذر تسيير رحلاتها نحو دول خليجية عبر قطر، حرصت على التأكيد على استمرار رحلاتها المباشرة نحو الدوحة.
غير أن الشراكة بين البلدين في مجال النقل الجوي تتجاوز الرحلات بينهما، فهناك مشروع كان المغرب وقطر قد شرعا في النقاش حوله، ويتمثل في احتمال استحواذ القطرية على حصة في الخطوط الملكية المغربية.
وكانت “بلومبيرغ” نقلت عن الرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية، أكبر الباكر، حديثه عن اتجاه النية نحو أخذ حصة تتراوح بين 25 و49% في الناقلة المغربية. وأكد الباكر، قبل عام، أن تفاهما حول تلك المساهمة حصل بين حكومتي قطر والمغرب.

أول مصرف إسلامي
يعتبر بنك قطر الدولي الإسلامي، أول مصرف يساهم مع بنكي القرض العقاري والسياحي المغربي، في افتتاح أول مصرف إسلامي في المملكة بمساهمة تصل إلى 40%، حيث ينتظر أن يتوفر المصرف على فروع في جميع عواصم الجهات.
وتوقع عبد الباسط الشيبي، الرئيس التنفيذي لبنك قطر الدولي الإسلامي، المتحالف مع القرض العقاري والسياحي، أن يستحوذ بنك “أمنية” الإسلامي على حصة كبيرة في السوق المغربي. مشددا على أن البنك سيجعل من المغرب مركزا إقليميا للانطلاق نحو بلدان شمال أفريقيا.

تجارة واستثمارات
لا تتعدى التبادلات التجارية بين البلدين أربعة وسبعين مليون دولار، وهو إنجاز دأب مسؤولو البلدين على اعتباره دون الإمكانيات التي توفرها العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وتشير تقارير غير رسمية إلى أن الاستثمارات القطرية الجارية في المغرب تصل إلى مليار ومائتي مليون دولار، علما أن الاستثمارات الخليجية وصلت في العشرة أعوام الأخيرة إلى خمسة مليارات دولار، من بينها ملياران ونصف في طور الإنجاز.
ويتوقع اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي أن تتجاوز استثمارات ذلك التكتل في المغرب في العشرة أعوام المقبلة، 120 مليار دولار، في السياحة والصناعة والزراعة والطاقة.
وتسعى قطر للدخول بقوة في قطاع الطاقة بالمغرب، حيث وُقعت في الدوحة، في وقت سابق، بين البلدين مذكرة تفاهم في قطاعات البترول والغاز والكهرباء والطاقات المتجددة.
ويمنح هذا الاتفاق للمغرب فرصة لتقليص الارتهان للغاز الجزائري، وهو ما دفع المملكة إلى بلورة مخطط للغاز المسال، حيث يمكن لقطر أن تكون مصدرا له بالنسبة للمغرب بالإضافة إلى روسيا والولايات المتحدة الأميركية.
ويذهب مسؤول مغربي سابق، فضل عدم ذكر اسمه، في حديثه لـ”العربي الجديد”، إلى أن المغرب يحرص على التوازن في تعاطيه مع الأزمة الخليجية، وأن الحكومة ستسعى إلى استمرار العلاقات الاقتصادية وتعزيزها مع قطر وباقي دول الخليج.
ويقوم وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي في المغرب، ناصر بوريطة، بجولة مكوكية في الخليج، في مساعٍ لحل الأزمة بدأها بالإمارات والكويت، في محاولة للمساهمة في حل الأزمة.

السابق
انطلاق أول كرنفال للشوكولاتة في مكة
التالي
إليسا تضع اللمسات الأخيرة على أغنيتها الجديدة