أعرب سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية عن أسفه من قيام كل من المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات بالتعاون مع مصر بقطع علاقاتها مع دولة قطر، مضيفاً أن «هذه إجراءات تصعيدية لم نشهد سابقاً لها»، مشدداً في الوقت نفسه على أن الخيار الاستراتيجي لدولة قطر هو حل أي أزمة من خلال الحوار.
وقال وزير الخارجية في مقابلة مع قناة «الجزيرة» الإخبارية: «لا نعرف إن كانت هناك أسباب حقيقية أم إن الأزمة قائمة على أمور نجهلها، ولو كانت هناك أسباب حقيقية لما شهدنا هذا التصعيد الإعلامي، ولما أقيمت هذه الفبركات الإعلامية، بحيث قدمت صورة منافية للواقع ضد دولة قطر، تحاول أن تمس بأمنها واستقرارها، وتحاول شيطنة قطر بناء على قصص وافتراءات مكذوبة».
وأوضح سعادته أنه «لو كانت هناك أسباب وراء هذه الأزمة لكانت طرحت على طاولة مجلس التعاون، خاصة أنه لم يذكر أي شيء بخصوص التوتر في العلاقات الخليجية في الاجتماع الوزاري الأخير لدول مجلس التعاون، كما أنه لم يظهر لنا أي شيء من هذا القبيل عندما حضرنا القمة التشاورية والقمة العربية الإسلامية الأميركية في الرياض».
وتابع: «لكن التصعيد بدأ عندما بدأ بث الأخبار الكاذبة بعد جريمة القرصنة لموقع وكالة الأنباء القطرية، وهي افتراءات بني عليها تصعيد إعلامي غير مسبوق، وصل لمراحل متقدمة لم نعهدها في دول مجلس التعاون، خصوصاً عندما تتم الإساءة لدول مجلس التعاون من قبل وسائل الإعلام المتواجدة في هذه الدول، والانزلاق لمستوى متدنٍ والإساءة لأعراض في هذه الدولة، لكن نحن من جهتنا لن ننزلق لهذا المستوى، ولن نقابل التصعيد بتصعيد».
وقال سعادة وزير الخارجية: «كان هناك خطاب لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى موجه للشعب القطري بشأن الأحداث الأخيرة، ولكن بعد اتصال صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت ونزولاً على رغبته، تم تأجيل إلقاء الخطاب لإعطاء مساحة لسمو أمير الكويت للتحرك والتواصل مع أطراف الأزمة، ومحاولة احتواء الموضوع كما عهدناه دوماً».
وأضاف أن سمو أمير الكويت كان له دور كبير في أزمة العام 2014، ونحن في قطر، وصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى ينظر له كوالد، واحترم رغبته بتأجيل أي خطاب أو خطوة إلى أن تكون هناك صورة أوضح للأزمة.
وأردف سعادة وزير الخارجية: «تم اتخاذ إجراءات أحادية من جانب هذه الدول وغير مسبوقة أثرت على المواطنين والعلاقات الأسرية التي تربط شعوب مجلس التعاون الخليجي، ولكن في النهاية لن تكون هناك إجراءات تصعيدية مقابلة من قطر، لأنها ترى أن مثل هذه الخلافات بين الدول الشقيقة يجب أن تحل على طاولة حوار، ويجب أن تكون هناك جلسة فيها مكاشفة وصراحة، وطرح لوجهات النظر، وتعريف مواقع الاختلاف، والعمل على تضييق مساحات الاختلاف مع احترام آراء بعضنا البعض».
وأشار سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية إلى أنه أجريت اتصالات مع وزراء خارجية من دول شقيقة وصديقة، حيث أبدى الكل تضامنه مع قطر وأعربوا عن أملهم في أن يتم احتواء الأزمة في أسرع وقت، وأن تكون هناك جهود لاحتوائها، موضحاً أن الكثير منهم عرضوا جهودهم ونحن بالنسبة لنا الخيار الاستراتيجي لدولة قطر هو حل أي أزمة من خلال الحوار.
وتابع سعادة وزير الخارجية: «نحن نمر بظروف وتحديات صعبة جداً، وهناك حروب في الوطن العربي، وهناك أرواح تزهق سواء جراء إرهاب وتطرف أو جرائم إرهاب أنظمة تجاه شعوبها، وهناك أزمة في اليمن وسوريا وليبيا، وهذه التحديات يجب أن توحدنا، ونستغرب أنه في مثل هذا الوقت توجه سهام إلى دولة في مجلس التعاون من قبل دول في المجلس».
وأضاف أن «هناك علامات استفهام على مستقبل المجلس، حيث يجب أن تكون العلاقات فيه قائمة على التضامن والتعاون، والكل يدرك أن الشعوب الخليجية هي شعوب واحدة تجمعها ثقافة واحدة، وهناك علاقات أسرية ونسيج واحد»، لكن أن يستخدم المجلس كأداة لفرض وصاية على دولة من دوله، أو التفكير لفرض وصاية على دولة قطر، والتدخل بشؤوننا الداخلية، ومخاطبة الشعب، فهذا هذا مرفوض».
وأردف سعادته أن «سمو الأمير وجهنا بأن يكون هناك برنامج استراتيجي لدولة قطر، بحيث ألا تتأثر بأي إجراءات قد تتخذها دول المنطقة، وأن تعمل على الاعتماد على نفسها في توفير الموارد الأساسية، وأن تسير الحياة بشكل طبيعي للمواطنين والمقيمين».
وأكد سعادة وزير الخارجية أنه لن تتأثر الحياة اليومية في قطر ولا المشاريع في الدولة، مشدداً على أن دولة قطر عملت برامجها، واتخذت هذه الخطوات لأن تحقق رؤيتها بشكل مستقل بعيداً عن أي ضغوط سياسية».
ولفت سعادته إلى أن «هناك تصريحات غير دقيقة بشأن غلق الأجواء والحصار البري، والبحري»، مضيفاً أن الإجراء الوحيد الذي من الممكن أن يؤثر على الحركة هو إجراء الحدود البرية أما المسارات البحرية والجوية فهي مسارات دولية، لتوفير كافة الاحتياجات والمستلزمات للحياة اليومية والحياة ستسير بشكل طبيعي.
كما أشار سعادة وزير الخارجية إلى الحملة التي تم شنها ضد قطر في عواصم غربية كثيرة وفي الولايات المتحدة، معرباً عن أسفه أن يكون هناك سفراء من مجلس التعاون يخوضون حملة التحريض والتشويه لسمعة قطر، وهذا شيء مخالف للميثاق الأساسي لمجلس التعاون والعقد الاجتماعي بين دول المجلس، ومهما بلغت الخلافات بين دولنا، فيجب أن نناقشها في إطار مجلس التعاون، ولا نصدرها للعواصم الغربية، لكن لاحظنا في الأيام الأخيرة حملة تحريض، تمت قيادتها من قبل سفراء من مجلس التعاون لشيطنة دولة قطر، وقذفها باتهامات وفبركات، وخصوصاً في قضايا تمويل الإرهاب، أما بالنسبة للمؤسسات المركزية في الولايات المتحدة فعلاقاتنا معها ممتازة جداً، وهي شراكة استراتيجية في عملية السلام ومكافحة الإرهاب، فالعلاقات القطرية الأميركية لا تقاد من قبل المؤسسات الهامشية، بل من المؤسسات الرسمية التي تأخذ مواقفها على أساس الشراكات الاستراتيجية.