بماذا ترتبط كلمة وسادة في أذهاننا؟ بالنوم، والراحة، والاستلقاء أمام التلفاز أو في جلسة عائلية دافئة؟
لكن إذا علمت أن الوسادات كانت تصنع من الأخشاب والأحجار قديماً، هل سيزول هذا الارتباط بين الاسم والمعنى لديك؟
وسائدك.. دليل ثرائك
لجأ الإنسان إلى ابتكار الوسائد لتدعيم عنقه ورأسه خلال النوم، لكن كان للوسائد أيضاً دور في الحفاظ على رأس الإنسان وأنفه وأذنيه، من الحشرات والبق؛ برفعها وإبعادها عن مستوى الأرض.
كانت الوسائد في البداية حكراً على طبقة الأثرياء، بل كان عدد الوسائد وتنوعها دليلاً على مستوى الثراء، وبالتالي محل تنافس بين علية القوم.
ويعتقد أن أول ظهور للوسائد كان في عام 7000 قبل الميلاد، في حضارة ما بين النهرين “بابل”، وكانت تصنع عادة من الأحجار أو الأخشاب.
في حين ارتبط استخدام الوسائد عند المصريين القدماء، مع المومياوات والمقابر المصرية القديمة، خلال الفترة 2055-1985 قبل الميلاد تقريباً، وكانت الوسائد المصرية القديمة عبارة عن مساند خشبية أو حجرية، واستخدمت بوضعها تحت رؤوس المتوفين، إذ اعتقد المصري القديم أن رأس الإنسان يُعد جوهر الحياة، ويجب تقديسه، فاستخدم هذه الوسائد الخشبية أو الحجرية من أجل تقديم الدعم لرأس الجثة، وإبعاد الشياطين والأرواح الشريرة عنها!
أما الرومان واليونانيون، فقد سبقوا باستخدام وسائد لينة تشبه إلى حد كبير تلك المستخدمة حديثاً، وكانت غالباً محشوة بالقصب، والريش، والقش، من أجل جعلها أكثر راحة، واقتصر امتلاكها أيضاً على الطبقات العليا، بينما استخدم العامة، وسائد من مواد وخامات أقل ثراءً، وأقل راحة بالتبعية، ومثل المصريين القدماء، استخدم الرومان واليونانيون دعامات أو وسائد صلبة لتدعيم رؤوس موتاهم.
وكان الناس في أوروبا القديمة يستخدمون الوسائد عند الذهاب إلى الكنيسة من أجل الركوع عليها في الصلاة، ووضع الكتاب المقدس عليها، وهو التقليد الذي لا يزال مستمراً حتى اليوم.
وتميزت الوسائد الصينية بصلابتها أيضاً، إذ ساد اعتقاد في ذلك الوقت بدور هذه الصلابة في إعطاء الحكمة والذكاء للرأس، وبأن الوسائد اللينة تسلب الطاقة من الجسم خلال النوم!
ومع ذلك، فقد استخدموا في بعض الأحيان ما يشبه الغطاء عليها، وهو طبقة لينة ومريحة، كانت توضع فوق الوسادة الصلبة، والتي صُنعت على الأغلب من الخيزران، والخزف، والخشب، والبرونز، لكن الوسائد الخزفية كانت الأكثر شعبية، وقد زينها الصينيون برسم صور الحيوانات، والبشر، والنباتات عليها.
فيما بعد، استبدل الخزف بمواد أخرى أكثر راحة وأجود خامة.
الوسائد للنساء الحوامل والضعفاء فقط!
خلال العصور الوسطى في أوروبا، لم يكن عديد الناس يستخدم الوسائد، فقد كانت إشارة إلى ضعف الشخص أو مرضه، وبحسب بعض الروايات التاريخية، فقد حظر الملك هنري الثامن استخدام الوسائد الناعمة إلا في حالة النساء الحوامل!
تغير الأمر بحلول القرن السادس عشر، فأصبح استخدام الوسائد أمراً شائعاً وسط الجميع، وتنوعت بين وسادات النوم، ووسادات الاتكاء والراحة، وزاد من سهولة شيوعها، دخول الميكنة إلى أوروبا في عصر النهضة الأوروبية، وبالتالي إنتاج أعداد كبيرة من الوسائد بمختلف الأحجام، والأشكال، والنقوش، ما جعلها في متناول الجميع على اختلاف طبقاتهم الاجتماعية.
حشوات مختلفة
كان القش يستخدم قديماً حشوة تقليدية، إلا أنه لم يعد صالحاً الآن كونه غير مريح، وتتكون الوسادات الحديثة من حشوات مختلفة، غالباً ما تكون مصنوعة من مادة الفوم، أو ألياف صناعية، أو الريش، وتُعد الوسادات المحشوة بريش الأوز الأغلى، لأنها الأكثر راحة بين الحشوات الأخرى، فهي تجمع بين ميزة النعومة، وقدرتها على التكيف مع طبيعة نوم الشخص، وانحناءة عنقه، وثقل دماغه.
إلا أن أحد عيوبها هو تحسس بعض الأشخاص منها، وقد تلافى المصنعون هذا العيب بتطوير أصناف “hypo allergenic” تتيح الاستمتاع براحة الريش ونعومته دون تحسس.
تنتشر حديثاً أيضاً، وسادات “orthopedic”، أو تلك المخصصة لعلاج آلام ومتاعب العظام، وهي مصممة بحيث تدعم أماكن معينة من الجسم بحسب إرشادات المعالجين، وتتكون من مادة الفوم المعالج، أو المعروف باسم “memory foam”، والذي يحتفظ بشكل الجسم، ويتوافق معه، ليدعمه بالشكل المناسب عند النوم. وبشكل عام، ينصح الخبراء باختيار وسائد سميكة، وممتلئة، إذا كنت تنام على جانبك عادةً، لتوفر الدعم المناسب لعنقك وتملأ التجويف بين كتفك ورأسك.
وينصح المتخصصون بتهوية الوسائد جيداً، وتغييرها كل سنتين أو ثلاثة، والحفاظ على أكياسها الحافظة نظيفة دائماً.
هذا وتنتشر أنواع عديدة من الوسائد لأغراض النوم، أو حتى الزينة، وتوفير الراحة أثناء الجلوس، ولا يتوقف ابتكار أنواع مختلفة، وحشوات مبتكرة، تستهدف راحة الإنسان ورفاهيته دائماً.