فشلت قنوات “العربية” و”العربية الحدث” و”سكاي نيوز”، ومثيلات لها في وسائل إعلام مكتوبة مثل صحيفة “الشرق الأوسط”، طيلة الليلة الماضية، في بث فيديو واحد، يؤكد التصريحات المنسوبة لأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في حفل تخريج الدفعة الثامنة من مجندي الخدمة الوطنية الذي جرى في ساعة مبكرة أمس الثلاثاء (الثامنة صباحا)، فبثت فيديو لحفل التخريج بدون صوت، واستضافت العديد من المحللين، من مصر وبعض دول الخليج العربية، ليعلّقوا على الكلام المغلوط المنسوب لأمير قطر، غير مكترثةٍ بالنفي الرسمي الذي أصدره مكتب الاتصال الحكومي لهذه التصريحات، بعد وقت قليلٍ من نشرها، والتأكيد أنه تم اختراق الموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء القطرية الرسمية (قنا).
الاختراق الذي دبّر ونفّذ ليلاً، مع ما رافقه من تضليل إعلاميّ، يطرح علامات استفهام عدة حول من يقف خلف حفلة الأخبار المفبركة هذه، خصوصاً أن حفل التخرّج العسكري حصل صباحاً، بينما انتشرت التصريحات الكاذبة بعد منتصف ليل الثلاثاء ــ الأربعاء.
وعلى الرغم من نفي الوكالة نفسها، التي تم اختراقها، والتي لم يعد ممكناً الدخول على موقعها، بعد الواقعة، ما يؤكد رواية الاختراق، فإن القنوات الإخبارية نفسها التي احتفت، حتى ساعات الصباح، بالتصريحات المزوّرة والمغلوطة، كانت جاهزة ومستعدة، كما يبدو حتى قبل نشر التصريحات وتحليلها كأنها صحيحة، من خلال العدد الكبير من المحللين الذين تمت استضافتهم للتعليق على التصريحات المكذوبة، بل جرى استضافة بعضهم أكثر من مرة في أثناء التغطية الواحدة.
وزادت القنوات الفضائية بعد ساعات من التغطية للتصريحات المفبركة المنسوبة لأمير قطر، بتصريحاتٍ مزورة منسوبة لوزير الخارجية القطرية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، على حساب وكالة الأنباء القطرية (قنا) على” تويتر”، في الساعة الرابعة صباحاً بتوقيت الدوحة، يقول فيها “إن هناك مؤامرة لتشويه قطر من السعودية ومصر والإمارات والبحرين والكويت”، وإنه أعلن سحب سفراء بلاده من السعودية ومصر والكويت والبحرين والإمارات، وطلبها مغادرة سفراء هذه الدول خلال أربعة وعشرين ساعة”، على الرغم من أن الوكالة أصدرت بياناً قالت فيه إن حسابها على “تويتر” تمت قرصنته، وإن الجهود تجري لاستعادته.
وكانت الدوحة قد نفت بشدة التصريحات المنسوبة لأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مؤكدة أنها تصريحات مغلوطة. وقال مدير مكتب الاتصال الحكومي، الشيخ سيف بن أحمد آل ثاني، في تصريحاتٍ، نشرتها وكالة الأنباء القطرية وموقع وزارة الخارجية القطرية، “إن موقع وكالة الأنباء القطرية قد تم اختراقه من قبل جهة غير معروفة إلى الآن، وتم نسب تصريحات مغلوطة لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بعد حضور سموه لتخريج الدفعة الثامنة للخدمة الوطنية”.
وأكد مدير مكتب الاتصال الحكومي “أن ما تم نشره ليس له أي أساس من الصحة، وأن الجهات المختصة بدولة قطر ستباشر التحقيق في هذا الأمر، لبيان ومحاسبة كل من قام بهذا الفعل” الذي وصفه بـ”المشين”.
وقد تداولت وسائل إعلام وقنوات تلفزيونية التصريحات الكاذبة، المنسوبة لأمير قطر، بعد أن “وجدت” على موقع وكالة الأنباء القطرية الرسمية الذي تمت قرصنته، وتضمنت هذه التصريحات مواقف كاذبة من دول إقليمية وعن الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وبعد أقل من نصف ساعة، دعت الوكالة وسائل الاعلام إلى تجاهل ما ورد من تصريحات مفبركة للأمير، وقالت إن موقعها قد تم اختراقه، إلا أن بعض القنوات الفضائية تجاهلت النفي القطري الرسمي، وشكّكت به خلال تغطيتها ومتابعتها التصريحات، ورفضت التعامل معه، واستمرت على روايتها الأولى واستضافتها “المحللين” للتعليق عليها، حتى ساعات فجر الأربعاء.
وهنا تحديداً لعبت قناة “العربية” دوراً بارزاً في الترويج لهذه الأخبار الكاذبة. وهي الحملة التي تستمّر فيها القناة حتى الساعة من خلال بثّ تقارير وأخبار كاذبة تتمحور في أغلبها حول تشويه سمعة قطر تحت شعار دعمها “للإرهاب والجماعات المتشدّدة”.
أما قناة “سكاي نيوز عربية” فمرة جديدة أسقطت نفسها، في فخ التضليل وعدم المصداقية، من خلال الاستمرار بنشر التصريحات المفبركة والمنسوبة لأمير قطر، تماماً كما حصل عند نشرها خبراً حاسماً عن نجاح الانقلاب العسكري في تركيا في شهر يوليو/تموز الماضي.
وقال الإعلامي القطري جابر الحرمي لـ “العربي الجديد” إن من اللافت أن القنوات التي تدّعي الدقة والمصداقية وصحة أخبارها لم تستضف محللا سياسيا واحدا من قطر، للتعليق على التصريحات المغلوطة والمزوّرة لأمير قطر، وهذا من أبسط قواعد العمل الإعلامي، ما يؤكد النية المبيتة للإساءة إلى قطر، ولعلاقاتها مع دول الخليج العربية، وأكد أن الجهات المعنية في قطر ستقوم بالتحقيق في قضية الاختراق، والكشف عن هوية من ارتكبه ومحاسبته، وأن هذه القضية لن تمر من دون حساب.
ويذكر أن حفل تخريج الدفعة الثامنة لمجندي الخدمة المدنية، الذي جرى صباح أول أمس الثلاثاء لم تكن فيه كلمة لأمير قطر، كما أنه لم يدل بأي تصريحات لأية وسيلة إعلامية، ومن غير المعتاد أن يلقي كلمة في مثل هذه المناسبات.
والمعروف أن أمير قطر يستعرض عادة السياسة الداخلية والخارجية لبلاده في افتتاح دورات مجلس الشورى في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام، كما أن خبر وكالة الأنباء القطرية، والذي تم نشره بعد نحو ساعة من حفل التخريج لم يتضمن أي تصريحات للأمير.
ووفق وكالة الأنباء القطرية (قنا)، فإن الخبر الرسمي هو أن “أمير قطر شهد حفل التخرج، وكرّم المتميزين الأوائل من مجندي الكتيبة الأولى (حمَلة الشهادة الجامعية) ومجندي الكتيبة الثانية (حملة الشهادة الثانوية)، وبلغ عدد المجندين في الدفعة الثامنة 650 مجنداً، من حملة الشهادات الجامعية والثانوية. وقدم مجندو الدفعة الثامنة من الجامعيين والثانويين عروضا عسكرية متقدمة في مجالات الرصد الراداري وكشف الطائرات بدون طيار التي تخترق المجال الجوي، كما قدموا عروضا عسكرية في مجال كشف التسلل البحري والبري، وتخليص الرهائن، وكيفية عمل التشويش الإلكتروني وإسقاط طائرات العدو بدون طيار، كما قدموا عرضا في كيفية التعامل مع شغب الملاعب”. انتهى الخبر الذي أرفق بصور، ونشرته كاملا وسائل الإعلام المحلية في قطر.