ظل جالسا خلفها لمدة 43 عاما وحتى وفاته، وكان هو صاحب انطلاقتها الكبرى.. هكذا يعرف الموسيقار المصري الراحل محمد #القصبجي عند الحديث عن علاقته بسيدة الغناء العربي #أم_كلثوم .
علاقة القصبجي وأم كلثوم كانت من طرف واحد كما يقول المقربون منهما، مؤكدين أن أم كلثوم كانت تقول إن علاقتها بالقصبجي #علاقة عمل فقط ولا يمكن أن تتجاوز ذلك، لكن القصبجي كان يحبها في صمت ويغار عليها وترك التلحين، مفضلا أن يعمل عازفا للعود في فرقتها ليظل بجانبها وبالقرب منها حتى بعد زواجها.
كان القصبجي المولود في 15 أبريل من العام 1892 بحي عابدين بقلب القاهرة هو صاحب انطلاقة #كوكب_الشرق الفنية، وبدأت علاقته بها عام 1923 حيث كانت تنشد قصائد في مدح الرسول، فأعجب بصوتها وقرر أن يكون ملحنا لها، وقدم لها خلال عام أغنية “قال حلف مايكلمنيش”، كما أسس لها أول “تخت شرقي” يصاحبها في حفلاتها ثم كانت الانطلاقة الكبرى بتلحينه لها أغنية رق الحبيب.
وفي عام 1927 كون القصبجي فرقته الموسيقية التي ضمت أبرع العازفين، وقام بتلحين الفصل الأول من “أوبرا عايدة” الذي غنته أم كلثوم في فيلمها عايدة أوائل الأربعينات، ثم قام بتلحين أغنيات ياصباح الخير وما دام تحب.
ظلت العلاقة على خير ما يرام بين القصبجي وأم كلثوم حتى شعر الموسيقار الكبير بتجاهل كوكب الشرق له ولألحانه، وتفضيلها لألحان رياض السنباطي ومحمد الموجي، وكان ذلك يسبب جرحا كبيرا له، إلا أنه لم يشكُ ولم يعلن تبرمه أو غضبه، بل نزل على رأي أم كلثوم ونصحها بالاستعانة بألحان السنباطي والموجي، مقررا الانسحاب من حياتها كملحن على أن يبقى عازفا في فرقتها لآخر يوم في عمره.
طوال رحلته معها كان القصبجي يحب أم كلثوم بالفعل، ويغار عليها،فضحته خطاباته لها، فعندما سافرت للعلاج خارج مصر كان يكتب لها متلهفا عاشقا مشتاقا لسماع أخبار جيدة عن صحتها، وقائلا لها إنه يشعر بفراغ كبير في غيابها، ومعبرا عن مكنون صدره بكلمات لا تصدر إلا من محب وعاشق ولهان.
الناقد والصحافي المصري #طارق_الشناوي ذكر في كتابه “أنا والعذاب وأم كلثوم” أن كوكب الشرق عندما قررت إعلان خبر زواجها من الموسيقار محمود الشريف نزل الخبر كالصاعقة على رأس عشاقها، فقد خرج الشاعر أحمد رامي من منزله بالبيجامة هائما على وجهه في الشوارع، وذهب إليها زكريا أحمد في منزلها وشتمها، أما القصبجي فقد اقتحم منزلها حاملا خلف ظهره مسدسا ليجبر الشريف على إنهاء علاقته بأم كلثوم، لكن سيدة الغناء العربي احتوت الأمر وقدرت مشاعر القصبجي.
ظل القصبجي رغم تجاهل أم كلثوم لحبه لها حريصا عليها، فقد ضحى بمستقبله كموسيقار له بصماته الواضحة في الموسيقى العربية، مفضلا البقاء بجوارها عازفا في فرقتها حتى توفي في 26 مارس 1966 عن عمر 74 عاما،ً تاركا وراءه أفضل الألحان وأروع تضحية يقدمها محب لمحبوبته رغم تفضيلها لآخرين عليه.