يعتبر العنف في المجتمعات العربية وتحديدا العنف الممارس ضد الصغار، أمرا شائعا جدا. لا بل ان الكثير من الاهالي يعتبرون ان التعنيف الكلامي او الجسدي هو جزء لا بد منه في عملية التربية.
هذا الأمر يؤدي في نهاية المطاف الى أباء وامهات تعرضوا بدورهم للعنف في مرحلة الطفولة، مما قد يؤدي في المستقبل الى اعتمادهم العنف في تربيةالاجيال الجديدة.
تأثير خلافات الزوجين في الصغار
في هذا الاطار، يحذر الخبراء في علم النفس من أن التعنيف والضرب واستمرار الخلافات بين الزوجين قد يتسبب في عواقب وخيمة لدى الأطفال. كما يؤثر في سلوكياتهم مستقبلا، مؤكدين أن الأطفال الذين تعرضوا للعنف في مراحل مبكرة من عمرهم قد يمارسون العنف ضد أبنائهم.
من جهته، أكد مدير معهد الطب النفسي في مستشفى هامبورغ الجامعي ميشائيل شولته ماركفورت أن “المناخ الأسري السيئ ينطوي على عوامل خطر كثيرة بالنسبة الى الصغار. أما استمرار الخلافات بين الزوجين فترة طويلة يمكن أن يتسبب في عواقب وخيمة على الأطفال والبالغين على المدى البعيد”.
كما لفت ماركفورت في مقابلة مع “وكالة الأنباء الألمانية” إلى أن “المناخ الأسري السيئ يوفر عوامل خطورة كثيرة تنذر بسلوكيات نفسية غير عادية وذلك ينعكس على التطورات العدوانية لهم أكثر مما ينعكس على الاضطرابات النفسية”.
وأوضح أن عدم قدرة من هم في مرحلة الطفولة على التكيف مع المحيط الاجتماعي وقبول قواعده يمكن أن يؤدي بسرعة لتصرفات اجتماعية غير طبيعية ولا يبشر بخير بالنسبة لسلوك هذا الفرد في سن البلوغ “ولكن من الممكن في الحالات البسيطة أن يتحسن ذلك في سن البلوغ”. ورأى أن تعرض الطفل لمناخ غير ملائم داخل أسرته قد يجعله عدوانيا في سن البلوغ لدرجة أنه قد يتبع أسلوبا مذِلا لأمه أو حتى يضربها “وقد يستمر هذا التصرف فترة طويلة أثناء فترة البلوغ إذا تكرر في فترة الطفولة”.
وقال الطبيب النفسي: “إذا تعرض الأطفال للعنف داخل الأسرة فإنهم يصبحون أكثر لجوءا لاستخدام القوة مع أبنائهم فيما بعد، فالأطفال الذين يُضرَبون يصبحون آباء مستخدمين للضرب، وهذه معادلة نفسية، والاستثناء يؤكد القاعدة”. وأشار شولته ماركفورت إلى أن الأمهات المعيلات أكثر تعرضا للضرب من قبل أبنائهن مقارنة بالأمهات اللاتي يعشن مع أزواجهن حيث تمثل تربية الأطفال عبئا ثقيلا على هؤلاء الأمهات لأنهن يضطررن لاتخاذ جميع القرارات الهامة وحدهن.
وأشار الخبير إلى أن تعرض الأمهات للضرب من قبل أبنائهن يحدث في العادة أكثر مع الأمهات اللاتي يعانين من أحد الاضطرابات النفسية “وليس هناك أحد محصن ضد ذلك في أي دائرة مجتمعية”.