
أكد ناصر الخليفي رئيس نادي باريس سان جيرمان وعضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم ورئيس رابطة الأندية الأوروبية ورئيس مجلس إدارة مجموعة beIN الإعلامية، أنه لم يطمح للنفوذ والسُلطة أبدًا. وقال في حوار مع صحيفة فيلت أم زونتاج وبيلد الألمانية، أحب الرياضة، ولدي شغف لجعل الأمور أفضل مما كانت عليه عند بدايتها، كما أنّي أقدر قيمة الأشياء الصغيرة، نتيجة بداياتي المتواضعة، بعكس الاعتقاد السائد والأفكار المسبقة. وكانت عائلتي تعيش في منزل صغير في تلك الفترة، وكُنا فقراء جدًا. فقبل خمسين عامًا لم يكن هُناك نفط ولا غاز، وأحيانًا لم نكن نملك قوت يومنا. ولكن كان لدينا مساحة كبيرة خارج منزلنا للعب كرة القدم. في إحدى المرات، شاهدني شخص من أحد أندية التنس الخاصة بينما كُنت ألعب كرة القدم مع بقية الأطفال على الرمال دون حذاء. وسألني حينها إذا كنت أريد تجربة رياضة التنس. وهكذا بدأت رحلتي مع رياضة التنس، ويعود الأمر أيضًا لأنّي لم أمتلك أي مهارة مميزة كلاعب كرة قدم. وهُنا بدأت باكتشاف شغفي.
الصعود إلى القمة
- هل كان صعودُك التدريجي إلى قمة كرة القدم الأوروبية مُخططًا له؟
هل أنا الشخصية الأكثر نفوذًا؟ لا أرى المسألة من هذا المنظور، لست كذلك وليس لي حاجة لهذا، بل هكذا يراني الآخرون من بعيد. لطالما أحببتُ الرياضة، كما هي حال غالبية القطريين، إنّها جزءٌ أصيل من هويتنا. وأؤكد بأنّ الوصول إلى هذا النفوذ لم يكن هدفي ولا حتى ضمن خطتي. أتت عضويتي في المجلس التنفيذي للاتحاد الأوروبي بحكم منصبي كرئيس لرابطة الأندية الأوروبية؛ والتي أصبحتُ رئيسها أيضًا لكوني رئيسًا للنادي، كما كانت الحال بالنسبة لكارل هاينز رومينيغه وآخرون من قبلي. فلا يُمكنك أداء وظيفة منها دون الأخرى، وفي الحقيقة لم أطلب أن أتولى أيًّا من هذه الوظائف، بل رفضتها صراحة. وفي حال وجود أي احتمال لتضارب في المصالح مع عمل قنوات beIN Sports، والتي لا أُدير عملياتها اليومية أبدًا، أتنحى دومًا عملًا بمبادئ الحوكمة الرشيدة. أرى من المُضحك حقًا أن يطلب مني الجميع المساعدة دومًا عندما لا تسير الأمور على ما يُرام، ليعود الأشخاص أنفسهم لتوجيه أصابع الاتهام إلى تضارب المصالح هذا، بعض الأشخاص إرضاؤهم غاية مستحيلة.
- انتقد كارل هاينز رومينيغه ألتراس نادي بايرن ميونيخ بسبب اللافتات التي وجهوها إليك أثناء مباراتهم ضد باريس سان جيرمان، والتي تصفك بالشخص البلوتوقراطي الذي يهتم بالسلطة والمال فحسب. هل تؤلمك مثل هذه الاتهامات؟
بدايةً، أتوجه بالشكر لصديقي العزيز كالي، الذي أُكِنُّ له كل التقدير والاحترام لكل ما فعله من أجل كرة القدم. اتصلت به بعد التصريح الذي أدلى به والذي أثر بي كثيرًا. إنّه رجل نبيل حقًا وصاحب رؤية وقيم، ويحتاج مجالنا مزيدًا من الأشخاص مثل كالي.
يقول رومينيغه بأنّ الألتراس تُصنفك في خانة الأعداء لمجرد كونك من قطر ولأنّ بلدك استضافت كأس العالم لكرة القدم 2022.
هذا صحيح. قلّة هُم الأشخاص في عالم كرة القدم الذين يتحدثون عمّا يجول في ذهنهم بصراحة وإن كان ضد الاتجاه السائد، كما يفعل كالي. ولدي أصدقاء مقربون آخرون في الدوري الألماني مثل آكي واتزكي، وأكسيل هيلمان، وفرناندو كارو، بينما يختبئ آخرون رغم نفوذهم القوي ويبتعدون عن الأضواء عندما يتعلق الأمر بالحقيقة. بالتأكيد ليس من اللطيف أن أتعرض لمثل هذه الهجمات من مجموعات الألتراس بعد كُلّ ما أحاول القيام به بحسن نية. وقفت يدًا بيد مع نادي بايرن ميونيخ ضد بطولة السوبر ليج، والتي كانت لولا ذلك لتُسفر عن انهيار الدوريين الألماني والفرنسي. وأتمنى ألا يكون هنالك مكان لخطاب الكراهية والإساءة الشخصية في عالم كرة القدم. الاحترام هو جوهر كل شيء هُنا في قطر، إنّها مسألة هامة جدًا. فلا أحد أبدًا يود التقليل من احترام شخص آخر. فعلى سبيل المثال، لا يُمكنك أن تسبق والدك أو شخصًا أكبر منك سنًّا أثناء المشي؛ وعند الدخول إلى المنزل، يدخل كبار السن أولًا. هذه هي ثقافتنا.
قمة باريس و ليفربول
- وصل نادي باريس سان جيرمان إلى دور ال 16 في دوري أبطال أوروبا. أيّهما برأيك الأوفر حظًا، باريس سان جيرمان أم ليفربول متصدر الدوري الإنجليزي الممتاز؟
يُقدم ليفربول أداءً مذهلًا هذا الموسم. وقد توقع الجميع إقصاءنا من البطولة بعدما اكتفينا بالحصول على 4 نقاط فقط من مبارياتنا الثلاث الأولى في مرحلة الدوري. غير أنّ فريقنا المكون من أبرز الشباب الموهوبين تدارك الموقف وحسنّوا الأداء الجماعي بكل روح تنافسية. إنّ النجم الجديد لنادي باريس سان جيرمان هو الفريق نفسه، وأنا فخور جدًا بقدرتنا على إعادة تشكيل فلسفة النادي خلال هذه الفترة القصيرة. أعتقد بأنّ روح الجماعة هي العامل الأهم بالنسبة لي، داخل الفريق وعلى أرض الملعب وعلى دكة البدلاء.
- ما الفرق التي تتطلع لرؤيتها في نهائي ميونيخ في 31 مايو المقبل؟
أعترف بصراحة بأنّ خطة الخمسة أعوام لسان جيرمان كانت خطأً، ولكننا نتعلم من أخطائنا. ونجحنا بالفعل في الوصول إلى نصف النهائي في ثلاث مناسبات خلال الأعوام الخمسة الماضية، بما فيها نهائي واحد. لذا أرى بأنّنا وصلنا لهدفنا منذ فترة طويلة. وإن كنت تسألني فيما إذا كان هدفنا هو الفوز بدوري أبطال أوروبا، فجوابي هو لا. أمّا إن كنت تسألني فيما إذا كنا نريد اللعب بروح تنافسية في كل مباراة أو اللعب بشكل هجومي أو الاستمتاع بكرة القدم أو هل لدينا اللاعبون القادرون على تحقيق ذلك، فالإجابة هي نعم. لدينا اللاعبون القادرون على مساعدة النادي للفوز بدوري أبطال أوروبا هذا العام والعام المُقبل أو في غضون ثمانية أعوام. ونمتلك الأساس اللازم لبناء فريق عظيم من أجل المستقبل.
- ما الذي يجعلك متفائلًا إلى هذا الحد؟
لدينا لويس إنريكي أفضل مدرب في العالم إلى جانب تشكيلة من أفضل لاعبي العالم. ويبلغ متوسط أعمار لاعبينا بين 19 و20 عامًا. وقد نجحنا في آخر مباراة لنا في دوري أبطال أوروبا في تسجيل 7 أهداف من قبل 7 لاعبين مختلفين. كما أننا نقوم ببناء واحدة من أفضل الأكاديميات في العالم في نادي باريس سان جيرمان.
- تدّعي وسائل الإعلام بأنّ قطر للاستثمارات الرياضية تهدد بالانسحاب من باريس سان جيرمان بسبب التحقيقات المرتبطة بك شخصيًا في قضية لاجادير. هل هذا صحيح؟
لا يوجد أي رد فعل على الإطلاق على أي إجراءات لأنها كلام لا يمتّ إلى الواقع بصلة، ولا يعنيني ذلك على الإطلاق. ولكن بالنظر إلى معاملة الشركات والأشخاص القطريين في فرنسا، فنعم، إنها ليست موضوعية. ولكن من باب الحديث، فإننا نتجه منذ عدة أعوام إلى تصفية استثماراتنا والاستثمار في بيئات أكثر ترحيبًا وإنصافًا.
قطر دولة طموحة برؤية متميزة
قال ناصر الخليفي: لم لا تتقدم قطر بملف استضافة الألعاب الأولمبية، وبرأيي الشخصي قطر تتمتع بكل ما يلزم لاستضافة الألعاب الأولمبية، ولديها البنية التحتية الملائمة لذلك. ولكن ما يؤسفني كمواطن قطري هو كم الانتقادات التي طالت قطر عندما استضافت كأس العالم لكرة القدم 2022. وأمّا بعد ختام البطولة، أجمع كل من تحدثت معهم حولها بأنّها كانت أفضل بطولة كأس عالم على الإطلاق، فقد نجحت بكل تفاصيلها، وشعر المشجعون والعائلات بالأمان، وأسفرت عن إحداث تغير إيجابي حقيقي في الدولة. وليس من الإنصاف أن يبحث الناس عن السلبيات في قطر ويكتفوا بالتركيز عليها، بينما هم يتجاهلون كل الإيجابيات.
إنّنا دولة طموحة برؤية متميزة، فما الذي يمنع قطر من استضافة الألعاب الأولمبية كأي دولة أخرى؟ إنّ الاعتزاز بوطنك ومجتمعك المحلي أمرٌ جيد، وهذا ما سأكون عليه دومًا.
بطولة السوبر ليج لن تنجح!
قال الخليفي ليس لدينا أي مخاوف حول بطولة السوبر ليج التي يقدمها ناديا ريال مدريد وبرشلونة تحت الاسم الجديد «الدوري الموحد» بأرباح بمليارات اليورو، و قال: يؤشر تغيير اسم البطولة ونظامها كل 12 شهرًا إلى حالة من الإحباط. بإمكانهم تغيير ما يريدون، فبطولة السوبر ليج لن تنجح. بدأت السوبر ليج ب 12 ناديًا، ولم يتبقَ منها اليوم إلّا ريال مدريد وبرشلونة. يمكن للناديين لعب مباراتين أسبوعيًا، واحدة في كل ملعب، وهكذا طوال الموسم. يبدو هذا رائعًا، أتمنى لهما حظًا موفقًا.
لا للانتقادات الموجهة لمونديال الأندية
قال ناصر الخليفي إنه لا يتفق مع الانتقادات الموجهة إلى بطولة كأس العالم للأندية بحلتها الجديدة التي ستقام مرة كل أربعة أعوام بمشاركة 32 ناديًا. كما أنّها ليست مسابقة جديدة، وإنّما تحلُّ مكان كأس العالم للأندية بحلته القديمة. ولن تتسبب البطولة في زيادة العبء على اللاعبين. و قال فلننظر إلى دوري كرة السلة الأمريكي للمُحترفين حيث تُلعب المباريات كل يومين. نطمح إلى تعزيز حضورنا في المزيد من الأسواق، ومن ضمنها الولايات المُتحدة. ويُمثل كأس العالم للأندية فرصة مثالية لتحقيق هذه الغاية.