خبير اقتصادي: الرسوم الأمريكية المفروضة على صناعة الصلب خرق لقواعد التجارة العالمية

شهدت أسواق الصلب والألومنيوم في الفترة الأخيرة تذبذبا كبيرا تحت ضغط الرسوم التي فرضتها الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب، لتلقى بظلالها ليس على الدول المنتجة فقط، بل تعدت إلى الدول المستهلكة بعد الارتفاع الصاروخي لأسعارها، ما أدى إلى زيادة التكلفة بالنسبة للشركات التي تحتاج إلى المواد الأولية.

وفي هذا السياق قال عمر غرايبة الدكتور في إدارة المخاطر الاستثمارية بجامعة آل البيت بالأردن في حديث خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ إن فرض الرئيس الأمريكي رسوم جمركية على واردات الصلب بنسبة 25 بالمئة، يهدف إلى حماية الصناعات المحلية الأمريكية من الإغراق الصناعي، لا سيما من الصين، التي تعد أكبر منتج للصلب في العالم، إذ تتجاوز حصتها 50 بالمئة من الإنتاج العالمي.

 

واعتبر غرايبة أن هذه الإجراءات خرق واضح لقواعد التجارة العالمية كما أنها ستضر بالاقتصاد العالمي، ومن المتوقع أن تؤدي هذه الرسوم، التي تشمل واردات أمريكية من الصلب بقيمة 50 مليار دولار، إلى اضطرابات في الأسواق، باعتبار أن الولايات المتحدة والصين تمثلان محركين أساسيين للاقتصاد العالمي، وهذه الاضطرابات الاقتصادية تتمثل في زيادة تكاليف الإنتاج، وانخفاض حجم الاستثمار، وزيادة معدلات البطالة، وعودة الضغوط التضخمية عالميا واضطراب سلاسل التوريد، وانخفاض نسب النمو في هذه الدول وزيادة التباطؤ الاقتصادي العالمي، وتصاعد التوترات التجارية بين الاقتصادات الكبرى.

 

وقال إنه نظرا لأن الصين تهيمن على أكثر من 50 بالمئة من إنتاج الصلب عالميا، فإن فرض رسوم جمركية أمريكية سيقلل من قدرة الصين على تصدير منتجاتها إلى الأسواق الأمريكية، مما يؤدي إلى فائض في الإنتاج الصيني، وانخفاض الأسعار المحلية في الصين بسبب زيادة المعروض، وتراجع هوامش ربح الشركات المصنعة داخل الصين، وهذا الأمر سيجبر العديد من المصانع الصينية على تقليص إنتاجها من الصلب، مما سيسبب في نهاية المطاف الى تسريح العمال وزيادة معدلات البطالة في بعض القطاعات.

في المقابل، لفت إلى مواجهة الصناعات الأمريكية التي تعتمد على الصلب، كقطاع البناء وصناعة السيارات، ارتفاعا في تكاليف المواد الخام، ما سيؤدي الى إضعاف قدرة أمريكا التنافسية عالميا بسبب ارتفاع التكاليف والأسعار، وينعكس بشكل سلبي على زيادة الأعباء على المستهلكين، مما يؤدي الى انخفاض الطلب المحلي والإضرار بالاقتصاد الأمريكي على المدى الطويل.

ولدى تناوله مستويات التضخم، قال إن فرض الرسوم الجمركية سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الصلب عالميا، حيث ستضطر الدول المستوردة إلى البحث عن مصادر بديلة، غالبا بتكاليف أعلى، مما يزيد من تكاليف الإنتاج للصناعات التي تعتمد على الصلب، مثل البنية التحتية والإنشاءات وتصنيع المعدات الثقيلة، وبالتالي سيؤول الأمر الى ارتفاع أسعار المنتجات النهائية، مما يزيد من معدلات التضخم في العديد من الاقتصادات.

وأشار دكتور إدارة المخاطر الاستثمارية بجامعة آل البيت بالأردن إلى أن الصين ودول أخرى ستقوم بالرد على هذه الإجراءات الحمائية بفرض رسوم جمركية على المنتجات الأمريكية، وستنعكس هذه الحرب التجارية على اضطراب سلاسل التوريد العالمية، وزيادة تكاليف النقل والإنتاج، مما سيعمق التأثيرات التضخمية وتعاود الى الارتفاع، كما ستزيد هذه الحرب التجارية من حالة من عدم اليقين بين المستثمرين وفي الأسواق المالية، والذي بدوره يؤدي إلى تراجع الاستثمارات وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.

وأوضح أن هذه السياسات التجارية الحمائية على الصلب ستكون لها مكاسب قصيرة الأجل للصناعات المحلية، لكنها بكل تأكيد ستضر بالتجارة العالمية، وتؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، وزيادة التضخم، وتفاقم التوترات التجارية بين الدول، وهذا سينعكس بشكل سلبي على معدلات النمو الاقتصادي العالمي الى أقل من المستويات المتوقعة 2.5 بالمئة، ويزيد من نسب البطالة في العالم، وفي ظل التغيرات الاقتصادية المستمرة، تحتاج الحكومات إلى سياسات أكثر توازنا تأخذ بعين الاعتبار التأثيرات العالمية، بدلا من التركيز فقط على حماية الأسواق المحلية.

 

السابق
وصول المجموعة الأولى من فريق منظمة الدفاع المدني السوري إلى الدوحة للمشاركة في برنامج تدريبي بإشراف لخويا
التالي
صاحبة السمو تتوج الفائزين بجولة الجائزة الكبرى في ختام بطولة الشقب الدولية للفروسية 2025