كيف يؤثر فوز “ترامب” بالانتخابات الأميركية على أسعار الذهب في 2025؟

تحقق أسعار الذهب ارتفاعات قياسية، إذ ارتفع المعدن الأصفر بأكثر من 40% خلال عام وبلغ الذهب أعلى مستوى قياسي له عند 2790.07 دولار  للأونصة خلال شهر أكتوبر تشرين الماضي.

فما هي العوامل التي ساهمت في ارتفاع أسعار الذهب؟

ساهمت مجموعة من العوامل في تحقيق مكاسب ذهبية للمعدن الأصفر خلال العام الجاري، من بينها انتشار حُمى خفض الفائدة في العديد من البنوك المركزية، إذ خفض الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية للمرة الأولى منذ الجائحة، كما خفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة ثلاث مرات خلال العام، وخفض بنك إنكلترا أسعار الفائدة خلال 2024 بنحو 50 نقطة أساس.

كما أشعلت التوترات الجيوسياسة في منطقة الشرق الأوسط أسعار الذهب باعتباره ملاذاً أمنا في أوقات عدم اليقين الاقتصادي، وارتفاع الطلب من قبل البنوك المركزية.

وقال كبير المحللين الاقتصاديين في إيفست أحمد أسامة في تصريحات لـCNBC عربية: “شهد الذهب ارتفاعات بأكثر من 54% خلال آخر 12 شهراً، ليشهد واحدة من أكبر موجات الصعود التاريخية، مشيراً إلى وجود  عدة أسباب تدعم هذه الارتفاعات، فقد أصبح الذهب واحداً من أهم الملاذات الآمنة في الأسواق خلال الفترة الأخيرة، نتيجة لاتجاه البنوك المركزية منذ بداية العام إلى محاولات التحول إلى السياسة التيسيرية عبر خفض الفائدة، وهو ما لم يكن أمراً يسيراً على البنوك الكبرى، مما دفع المستثمرين إلى اللجوء إلى شراء الذهب بقوة.

وقال أسامة، إن خفض الفائدة يؤدي إلى الضغط على العملات، ويجعل الذهب وأسواق الأسهم أكثر جاذبية للمستثمرين، وقد دفع هذا الذهب للارتفاع إلى مستويات قياسية، خاصة بعد خفض الفيدرالي الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس للمرة الأولى منذ 4 سنوات في سبتمبر أيلول الماضي.

وساهمت عمليات شراء الذهب من البنوك المركزية الكبرى، وخاصة من الصين، في زيادة الطلب عليه وبالتالي ارتفاع أسعاره بشكل كبير. وعلى الرغم من تراجع شراء البنوك المركزية مؤخراً، إلا أن الأسواق تعتقد أن هذا التوقف مؤقت فقط، ومن المرجح أن يعود الطلب على الذهب بشكل أكبر في حال استمرار خفض الفائدة وتصاعد الأزمات المالية التي تعاني منها بعض الدول، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية العالمية المتصاعدة، بحسب أسامة.

وقال كبير المحللين الاقتصاديين في إيفست: “يأتي الذهب في مقدمة الاستثمارات التي يعتمد عليها الأفراد أيضاً، إذ تؤدي عمليات خفض الفائدة إلى ضعف العملات الرئيسية، مما يدفع الأفراد إلى الاستثمار في الذهب كملاذ آمن. ورغم التصحيحات السعرية التي تحدث للذهب، إلا أن الأسواق تعتبرها فرصاً لجني الأرباح بعد تحقيق قمم جديدة، مما يعزز من إنشاء مراكز جديدة على الذهب بأسعار أفضل ومستهدفات أكبر، خاصة مع توقعات بعض البنوك الكبرى بوصول أسعار الذهب إلى ثلاثة آلاف دولار للأونصة.

تحديات تواجه الذهب

ورغم القفزات السعرية التي حققها المعدن النفيس منذ بداية عام 2024، أدى الفوز الساحق الذي حققه دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية إلى انخفاض حاد في أسعار الذهب حيث تكالب المستثمرون على البيع، وبنهاية تعاملات الجمعة 8 نوفمبر تشرين الثاني، سجلت أسعار الذهب أكبر انخفاض أسبوعي لها في أكثر من خمسة أشهر لتصل إلى 2684.03 دولار للأونصة، في ظل ارتفاع أسعار الدولار.

وقالت  كبيرة محللي السوق في XS.com، رانيا جول، إن الذهب يواجه تحديات كبيرة في الحفاظ على مكانته كملاذ آمن.

وأضافت: “أن قوة الدولار، مدفوعة باستقرار أكبر وتفاؤل بشأن التوقعات الاقتصادية المستقبلية في ظل إدارة ترامب، تمارس ضغوطاً هبوطية على الذهب، المعروف تقليدياً كملاذ للمستثمرين في الأوقات غير المستقرة.

ومن هذا المنظور، ترى السوق الآن الدولار كملاذ آمن على حساب الذهب، ينبع هذا التحول من توقعات انخفاض المخاطر السياسية، والتي تدفع المستثمرين عادة إلى التحوط في المعادن الثمينة، بحسب جول.

وأشارت إلى أن فوز ترامب في الانتخابات الأميركية يحمل توقعات بارتفاع معدلات التضخم في المستقبل، وخاصةً إذا نفذ وعوده بفرض الرسوم الجمركية واتباع سياسات قد تؤدي إلى عجز مالي أعلى؛ عادة ما يعزز التضخم المرتفع الطلب على الذهب كوسيلة تحوط، لكن هذه الزيادة المتوقعة في التضخم قد تفيد الذهب فقط في الأمد البعيد، حيث قد تستغرق زيادات الرسوم الجمركية بعض الوقت قبل التأثير بشكل واضح على معدلات التضخم.

يوافقها الرأي كبير المحللين الاقتصاديين في إيفست أحمد أسامة قائلاً: “شهد الذهب عمليات تصحيح هابطة مع فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأميركية حيث أدى ذلك الى تلاشى المخاوف بشأن التوترات التي كانت من الممكن ان تحدث بسبب الانتخابات الأميركية بالإضافة إلى تصريحات دونالد ترامب بأنه قد حان الوقت لإنهاء الحروب وهو الأمر الذى ربما يساهم في هدوء التوترات الجيوسياسية التي كانت واحدة من أسباب صعود الذهب بشكل قوى” ، لكنه يرى أن العمليات التصحيحية الهابطة للذهب تظل مؤقتة حيث أن أسباب الارتفاع مازالت قائمة.

مستقبل أسعار الذهب في 2025

رغم الأسباب العديدة التي تدعم استمرار ارتفاع الذهب، إلا أنه من المتوقع أن تكون وتيرة هذه الارتفاعات أقل خلال عام 2025 خاصة بعد فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، حيث من المتوقع أن يدعم الأسواق المحلية بشكل كبير وسوف يؤدى ذلك الى  ظهور فرص جديدة في أسواق الأسهم الأميركية، التي قد تجذب انتباه المتداولين وأيضاً كان ضعف سوق العمل الأميركي أحد العوامل التي تمنع المتداولين من الاستثمار في الأسهم، لكن مع بعض التحسن في معدلات البطالة واستمرار الفيدرالي في خفض الفائدة، فقد تمنح هذه الظروف أسواق الأسهم الأمريكية فرصة للصعود، مما يساهم في جذب اهتمام المستثمرين للأسهم ويؤدي إلى بعض الضعف في الطلب على الذهب، مما قد يُبطئ وتيرة ارتفاعه خاصة مع عمليات جني الأرباح المتوقعة من المؤسسات عند وصول الذهب إلى مستويات 3000 دولار للأونصة، وفقاً كبير المحللين الاقتصاديين في إيفست أحمد أسامة.

وقال أسامة: “في حال توقفت البنوك المركزية الكبرى عن خفض الفائدة، فمن المتوقع أن تتأثر تداولات الذهب بشكل كبير، حيث يُعد التيسير النقدي أحد أهم أسباب ارتفاعه. وفي حال توقف البنوك الكبرى عن التيسير النقدي، من المرجح أن يكون التأثير سلبياً على أسعار الذهب، لكن التوقعات تشير إلى أن هذا التوقف لن يحدث قبل منتصف عام 2025، حيث يُتوقع حينها تخفيف وتيرة التيسير النقدي من البنوك الكبرى”.

Previous post
مزاد قضائي لـ 18 لوحة أرقام مميزة لمركبات
Next post
إعلان اتفاقيات ومبادرات بـ 35.4 مليار ريال سعودي في ختام ملتقى “بيبان 24” بالرياض