واثق الخطوة يمشي ملكاً، بكل بساطة ينطبق هذا الوصف على الأسطورة الحية الفرنسي زين الدين زيدان الذي يواصل كتابة التاريخ كمدرب لنادي القرن العشرين ريال مدريد، زيزو الذي حقق كل شيء ممكن كلاعب فردياً و جماعياً، ها هو اليوم يسير على درب المدربين العظماء بتحقيق إنجاز أقل ما يوصف بأنه خارق، بعد أن أثرى خزائن الملكي ب 3 ألقاب جديدة منذ تعيينه على رأس الفريق الأول خلفاً لرافاييل بينيتيز في كانون الثاني يناير عام 2016.
فقد أحرز الفريق لقب دوري الأبطال موسم 2015-2016 بعد نهائي دراماتيكي مع جاره العاصمي اللدود اتليتيكو مدريد، كما أحرز لقب السوبر الأوروبي على حساب مواطنه إشبيلية في آب اغسطس 2016، و توّج الموسم الإستثنائي بإضافة لقب كأس العالم للأندية على حساب كاشيما الياباني في كانون الأول ديسمبر 2016، لينهي الموسم بأفضل طريقة ممكنة محققاً ثلاثية قاريّة.
التغييرات الجذرية التي طرأت على كتيبة اللوس بلانكوس كانت ظاهرة للعيان، فالمنظومة تحسّنت بشكل عام و أصبح أداء المجموعة أكثر واقعيةً و اتزاناً و انضباطاً، و لم يكتف زيزو بذلك، بل صنع فريق ممتاز في الملعب و على دكة البدلاء، فلا يهم من يبدأ المباراة طالما أن الجميع يمتلك الثقة و عقلية الانتصار و القتال لآخر لحظة، و أجمل ما في الأمر إعطاء الفرصة للشبان ليكونوا جزءاً من الحدث.
و من أبرز ما أنجزه ريال مدريد زيدان حالياً هو وصوله لسلسلة من 40 مباراة دون هزيمة، أي أن الريال لم يذق مرارة الخسارة منذ تاريخ 6 نيسان ابريل عام 2016 عندما انتصر عليه ولفسبرج بنتيجة 2-0 ضمن ذهاب ربع نهائي دوري الأبطال للموسم الماضي 2015-2016، و بذلك استطاع تجاوز الرقم المسجّل باسم برشلونة انريكي برصيد 39 مباراة.
سلسلة مدريد المميزة أوقفها إشبيلية العتيد الأحد الماضي في الجولة 18 من الدوري الاسباني الموسم الحالي، بعد أن قلب الطاولة على الملكي في الدقائق الأخيرة من زمن المواجهة بفوزه 2-1، و بهذا وضع أبناء الأندلس حداً لرقم ريال مدريد الذي صمد لمدة 9 أشهر دون اي خسارة.
و لكن ماذا بعد نهاية هذه السلسة و ما هي أهم النقاط التي يجب التوقف عندها:
أولاً: الهزيمة ضد إشبيلية و توقّف السلسة عند الرقم 40، سيسهمان بشكل قاطع في صحوة و إنذار لاعبي مدريد مع إنتصاف الموسم و الاقتراب من مرحلة حصد البطولات، لا يخفى على أحد تركيز الفريق هذا الموسم على تحقيق بطولة الدوري المحلي، التي غابت عن خزائنه في السنوات الأخيرة، حيث حقق لا ليجا آخر مرة موسم 2011-2012.
ثانياً: كشفت هذه الهزيمة مواطن الخلل في دفاعات الفريق الأبيض, الذي استقبل هدفين خلال 10 دقائق، الأمر الذي يسترعي تدخل عاجل من زيدان لإيجاد الوصفة المناسبة لتجنب سيناريوهات مماثلة في مباريات قادمة، قد يكون الخطأ فيها باهظ الثمن.
ثالثاً: الخطة التي لعب بها مدريد 3-5-2 أثبتت عدم نجاعتها، و ذلك بالاعتماد على كريم بنزيمة و كريستيانو رونالدو كرأسي حربة صريحين، و استخدام كارفاخل و مارسيلو كأجنحة، و بالتالي عند مواجهة فرق من نوعية إشبيلية، يتوجب على زيزو استخدام أعتى الأسلحة لديه و عدم الخوض في مغامرات غير محسوبة، قد تضيع معها نقاط ثمينة في سباق التتويج.
رابعاً: ارتقاء إشبيلية الى المركز الثاني في جدول الترتيب خلف المتصدر مدريد بنقطة وحيدة، يؤشر الى طموحات النسخة الحالية بقيادة خورخي سامباولي للظفر بلقب لا ليجا الموسم الحالي، بعد أن كانت طموحات النادي تقتصر على تحقيق اليوروبا ليح و كأس الملك.
خامساً: إعادة الحيوية للسباق على لقب الدوري الاسباني، بعد أن تقلص الفارق بين المتصدر و المنافسين الى نقطة مع الأندلسيين و نقطتين مع الكتلان، الذين لن يدخروا جهداً في مواصلة الضغط على لاعبي ريال مدريد أملاً في تعثر جديد يبعثر أوراق الليجا مجدداً.