الأمن الغذائي ركيزة أساسية في رؤية قطر الوطنية

الملف الأكثر أهمية على طاولة الاقتصاد القطري

الاكتفاء الذاتي عنوان النظرية والتطبيق في واقع الاقتصاد القطري

هندسة دقيقة وبرامج متكاملة ترسم معالم الطريق وتحدد الخارطة

إدارة الثروة الحيوانية واستثمارها بطريقة مثالية أهم معالم المرحلة

بزنس كلاس – إسلام شاكر

بدأت جهود الاقتصاد القطري بشقيه العام والخاص تؤتي ثمارها مع اتضاح الرؤية لجهة وضع خارطة طريق دقيقة تضع ملف الأمن الغذائي في دولة قطر على المسار الصحيح وبشكل مستدام وصولاً لتحقيق الاكتفاء الذاتي والانتقال إلى مرحلة ما بعد الاكتفاء الذاتي من خلال الإسهام بشكل فعال في الناتج المحلي الإجمالي وذلك في إطار المخطط الطموح لرؤية قطر الوطنية 2030.

إلى جانب القطاع الخاص الذي يحمل لواء العمل في كتيبة الأمن الغذائي جنباً إلى جنب وبتنسيق متناغم مع الحكومة والقطاع العام، تبدو صورة المشهد مشرقة لما تحقق سلفاً وتبدو حتى أفضل للقادم من الأيام.

المحاصِرون المُحاصَرون

وبعيداً عن موجة السخرية الفارغة التي يطلقها المحاصرون، المُحاصرون بأوهامهم، حول أي “بقرة” تنضم إلى إحصائيات الرقم الوطني لتأمين غذائنا، تعمل قطر كخلية نحل على إكمال جملة مشاريعها على المستوى الوطني للوصول إلى المرحلة التالية بالموعد المحدد في هذا الشأن.

وعليه لا نجد صعوبة في قراءة الأحداث التي باتت واضحة في هذا الاتجاه. فبالتزامن مع إطلاق وزارة البلدية والبيئة بالتعاون والتنسيق مع وزارة الاقتصاد والتجارة، برنامج “مزارع قطر”، في إطار الدور الريادي وتكاتف الجهود بين الجهات والمؤسسات الحكومية لدعم وتحفيز المنتجات الوطنية، كشف السيد فرهود هادي الهاجري مدير إدارة الثروة الحيوانية بوزارة البلدية عن خطط ودور استراتيجيات الثروة الحيوانية في الأمن الغذائي بالدولة، مشيراً إلى ترخيص 4 مشاريع جديدة لتربية الأبقار بطاقة استيعابية تبلغ 69 ألف طن، والتنسيق مع وزارة المالية لإعداد دراسة من أجل اعفاء المنتج الزراعي القطري من الرسوم الجمركية، وتوفير حوافز تشجيعية لأصحاب الحلال للاهتمام بالثروة الحيوانية، وتسهيل إجراءات استيراد الأعلاف والألبان المجففة من دول أوروبا، ومضاعفة إنتاج شركات الألبان لتغطية أكبر نسبة من العجز، كما كشف عن مبادرة مع بنك قطر للتنمية لتطوير إنتاج الألبان وتسويق إنتاج المزارع والحيازات التقليدية، وزيادة وتنوع الدعم المقدم للعزب حسب تميزها في الانتاج، واستكمال توسعة الشركة العربية القطرية لإنتاج الدواجن خلال شهرين. أي تقريباً بالتزامن مع قدوم شهر رمضان المبارك ربما لننسى الذكرى المؤلمة التي اتحفنا بها “اشقائنا” بهدية الحصار في رمضان الماضي.

مزارع قطر.. برنامج متكامل

قال سعادة الشيخ الدكتور فالح بن ناصر آل ثاني وكيل الوزارة المساعد لشؤون الزراعة والثروة السمكية بوزارة البلدية والبيئة إن تدشين برنامج “مزارع قطر” يأتي في إطار سعي وزارتي البلدية والبيئة والاقتصاد والتجارة لدعم وتحفيز المنتج الزراعي المحلي، وإعطائه الأولية من حيث التسويق، لا سيما وأنه يتميز بكونه طازجا وتفوق جودته نظيره المستورد.

وتشارك أربعة مجمعات استهلاكية كبرى في البرنامج وتحظى بإقبال كثيف من قبل المستهلكين بالدولة وهي الميرة وكارفور واللولو والتموين العائلي، علماً أنها جميعاً أبدت استعداداً كبيراً للمشاركة وإعطاء فرصة للمنتج الزراعي المحلي لمنافسة المستورد . وسوف تتوفر خضراوات البرنامج بنظام المفرق “الوزن” من أصناف الطماطم والخيار والكوسا والفلفل والباذنجان، والملفوف والزهرة والبروكلي الورقيات والأعشاب وغيرها، في المجمعات الاستهلاكية المشاركة ، بجودة عالية وبأسعار مناسبة للمستهلكين ، تنافس نظيرتها المستوردة .

وتوقع الشيخ فالح أن يحقق برنامج “مزارع قطر”، حسب المبادرات السابقة التي تم إطلاقها لدعم وتحفيز المنتجات الوطنية، إقبالاً كبيرا وزيادة الطلب عليها لما تتمتع به من ميزات، علاوة عن كونها تشكل حافزاً لزيادة الإنتاج المحلي وزيادة الاستثمار الزراعي في مجال إنتاج الخضروات بالمزارع المحلية.. موضحا أن المنتجات الزراعية والخضروات التي تعرض بهذه المجمعات من الدرجة الأولى للمزارع القطرية وأسعارها مميزة وبأحجام وأصناف متعددة، لافتا إلى أن توفر المنتجات المحلية أدى إلى تقليل نظيراتها المستوردة بنسب كبيرة وخفض أسعارها كذلك بما يفوق 50 بالمائة ، مشيرا إلى أنه تم خلال فبراير 2018 تسويق نحو 300 طن من المنتجات الزراعية القطرية .

وأوضح الشيخ فالح أن فرصا استثمارية مختلفة في القطاع الزراعي تنتظر القطاع الخاص، فيما يجري دراسة إنشاء مركز تسويق جديد يتولى عملية حفظ وتخزين وتعبئة وتغليف المنتجات الزراعية القطرية . ونوه بأن وزارة البلدية والبيئة تعمل من ناحيتها على إطالة موسم الإنتاج المحلي وتستهدف الوصول به إلى 12 شهرا بدلا من 9 شهور .

الأمن الغذائي في خطط محكمة

وقال السيد فرهود الهاجري أن هناك 5 شركات ومزارع كبرى في الدولة تعمل في مجال إنتاج الألبان ومنتجاتها وهي مزرعة “بلدنا” ويبلغ إنتاجها المحلي 18 % وداندي 54 % وروعة 16 % وغدير9 % والمها 3 % حيث قامت شركات الألبان بالدولة بدور مهم وحيوي من خلال مضاعفة انتاجها باستخدام الالبان المجففة لتغطية أكبر نسبة من عجز إنتاج الألبان، بالإضافة إلى قيام وزارة البلدية والبيئة بالتعاون مع الشركات المنتجة للألبان بتسهيل اجراءات استيراد الأعلاف والألبان المجففة من دول أوروبا.

من خلال استعراض خطة الوزارة لقطاع الثروة الحيوانية، يتبين أن مشاريع إنتاج الألبان في الدولة تنقسم إلى المزارع المنتجة وهي تربية الأبقار والمصنع من خلال الشركة العربية القطرية لإنتاج الألبان (غدير) ومزرعة الروضة لمنتجات الالبان والعصائر (المها) ومزرعة بلدنا للإنتاج الحيواني (بلدنا) أما المصانع والمختصة بتصنيع منتجات الألبان من الألبان المجففة فهي شركة الخليج للمنتجات الغذائية (روعة) وشركة داندي للألبان (داندي). وتربى الثروة الحيوانية في قطر على مستويين، هما مستوى القطاع التقليدي ويشمل الثروة الحيوانية في المزارع التقليدية والعزب ومنها الاقتصادية (الاغنام والماعز والابل والابقار) وغير الاقتصادية والدواجن البلدية، بالإضافة إلى مستوى القطاع الحديث ويشمل المشاريع الانتاجية في المزارع لإنتاج وتصنيع الألبان واللحوم الحمراء ومنتجات والدواجن.

الألبان والاكتفاء الذاتي

وحول مستقبل نسبة الاكتفاء الذاتي من منتجات الألبان قال الهاجري أنه تم التوسع في مزرعة “بلدنا” التي تعمل للوصول بعدد الأبقار الحلوب في المزرعة الى 10 آلاف رأس، كما أنها تنتج حوالي 33 ألف طن من حوالي 3 آلاف بقرة حلوب في المزرعة، بالإضافة إلى اكتمال انشاء المشاريع المرخصة لإنتاج الألبان في المزارع، وأكد الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من منتجات الألبان بنسبة 100 % خلال 6 شهور فقط أي قبل الربع الأخير من 2018.

قطاع الدواجن

يعتبر قطاع الدواجن من القطاعات الانتاجية المهمة للأمن الغذائي ومنها منتجات تشمل اللحوم وبيض المائدة. و نظراً للظروف المناخية للدولة اعتمد الانتاج المكثف لمنتجات الدواجن على تربية الدواجن في نظام العنابر المغلقة ذات التحكم الآلي في التهوية والتبريد داخلها، وهذا النوع من التربية غير متاح في الحيازات التقليدية. كما أن تربية الدواجن في القطاع التقليدي تتم فقط لإنتاج الدجاج البلدي وهذا يغطي سوقا مخصصا وهو إنتاج البيض البلدي، كما أن الامن الغذائي من منتجات الدواجن يعتمد على المشاريع الانتاجية.

وأوضحت وزارة البلدية أن نسبة الاكتفاء الذاتي المستهدفة من لحوم الدواجن 100 % خلال فترة زمنية مدتها 3 شهور فقط، مشيرة إلى أن الاستهلاك المحلي من الدواجن المجمدة يبلغ 96 ألف طن والدواجن المبردة 22 ألف طن بإجمالي 118 ألف طن.

تحصينات الدواجن

بالإضافة إلى برنامج دعم تحصينات الدواجن البلدية بالعزب والمزارع المسجلة حيث يوجد عدد كبير من الثروة الداجنة بالدولة لدى صغار المربين بالعزب والمزارع وخاصة الدواجن البلدية، والتي لا يمتلك مربو هذه الطيور لأي برامج خاصة بالتحصينات بما يؤدي الى رفع نسبة النفوق لدى هؤلاء المربين، ويعتبر توفير التحصينات لهذه الدواجن من الأمور المهمة التي تعمل على تنمية الثروة الداجنة بشكل كبير لدى صغار المربين، حيث يمثل البرنامج دعما جيدا لصغار مربي الدواجن بالدولة وتشمل مميزات البرنامج تقليل النفوق من الطيور البلدية، ومنع انتقال أية أمراض من الطيور التي يتم تربيتها بالعزب والمزارع، والمحافظة على الثروة الداجنة من الطيور البلدية بالعزب والمزارع الموجودة بالدولة.

بيض المائدة

وحول مستقبل نسبة الاكتفاء الذاتي من بيض المائدة ، وضعت الوزارة خطة للوصول الى أن نسبة الاكتفاء المستهدفة 70 % خلال 24 شهراً وفي سبيل ذلك تم اكتمال توسعة الشركة العربية القطرية للدواجن (الواحة) من خلال زيادة عنابر تربية الدجاج لإنتاج بيض المائدة لتصل الى 18 عنبر انتاج وقد كانت 9 عنابر انتاج وكذلك اعمال الانشاءات الخرسانية والارضيات والحديد والتجهيزات الفنية اكتملت بنسبة 100 % بالإضافة إلى بعض العنابر دخلت الانتاج وبعض ينتظر اكتمال التوصيلات الكهربية، ومن المتوقع ان يصل الانتاج الى حوالي 9 آلاف طن تمثل نحو 30 % من الاستهلاك المحلي من البيض بعد استكمال توسعة الشركة العربية القطرية لإنتاج الدواجن خلال شهرين. واشارت الوزارة  إلى اكتمال انشاء المشاريع المرخصة لإنتاج بيض المائدة حيث هناك 9 مشاريع مرخصة لإنتاج بيض المائدة (متوسطة وكبيرة) بطاقة انتاجية قصوى تصل الى حوالي 19ألف طن في السنة وأربعة مشاريع (متوسطة) منها بدأت الانتاج فيما هناك خمسة مشاريع كبيرة قيد الإنشاء في الفترة الحالية .

22 مشروعاً لتربية الدواجن

وحول مستقبل تحقيق الاكتفاء الذاتي من لحوم الدواجن أوضح مدير إدارة الثروة الحيوانية اكتمال توسعة الشركة العربية القطرية للدواجن (الواحة) من خلال وزيادة عنابر تربية الدجاج اللاحم لتصل الى 146 عنبرا وقد كانت 88 عنبرا. وأعمال الانشاءات الخرسانية والأرضيات والحديد اكتملت بنسب تتراوح بين 85 الى 97 % وأعمال التوصيلات والتجهيزات الفنية اكتملت بنسب تتراوح بين 38 الى 54 % وسيرتفع الانتاج اليومي من الدجاج اللاحم من 19 طنا في اليوم إلى 55 طنا في اليوم بما يعادل حوالي 20 ألف طن في السنة.

بالإضافة إلى توسعة مزرعة الدواجن وطائر السمان (عذبة) التي تقوم حالياً بالاعداد لتوسعة إنتاج الدجاج اللاحم بمقدار ضعفي المنتج حالياً، ومن المتوقع الانتهاء منها خلال عام على الأكثر واكتمال انشاء المشاريع المرخصة لإنتاج الدجاج اللاحم حيث تم ترخيص 22 مشروعا لتربية الدواجن منها 11 مشروعا بدأت الانتاج و11 مشروعا مازالت تحت الانشاء ومن هذه المشاريع 19 مشروعا (متوسطة وكبيرة) لإنتاج لحوم دواجن بطاقة انتاجية قصوى تصل الى حوالي 30 ألف طن في السنة، كما بلغت نسبة الزيادة الإنتاج المحلي من البيض 61 %.

الأغنام والماعز.. مخزون استراتيجي

كما كشفت وزارة البلدية عن برنامج جديد من أجل تكوين مخزون استراتيجي من الأغنام بالعزب والمزارع التقليدية في قطر، وهو (برنامج تسمين للأغنام والماعز) والمستهدف من البرنامج تسمين عدد من 200 إلى 250 ألف رأس من الاغنام البلدية بالمزارع والعزب القطرية، وتشمل مزايا البرنامج المساهمة في توفير مخزون استراتيجي من الاغنام والماعز بالدولة ليغطي مدة لا تقل عن 6 شهور، وتشجيع المزارع والعزب القطرية على تسمين الأغنام والماعز البلدية، ورفع نسبة الاكتفاء المحلي من اللحوم الحمراء من 15 % حالياً الى حوالي 65 % بعد البرنامج، حيث يتم دعم المزارع المشاركة بالبرنامج من خلال دعم الأعلاف المركزة، ودعم قوالب الملح المعدنية، ودعم المزارع المشاركة بالمعالف اللازمة لتسمين الحيوانات.

وقال الهاجري مدير إدارة الثروة الحيوانية بوزارة البلدية والبيئة إن نسبة الاكتفاء الذاتي المستهدفة 65 % خلال 24 شهراً فقط، بالإضافة إلى اكتمال انشاء المشاريع المرخصة لتربية المواشي من أبقار وأغنام وماعز، وكذلك تشجيع التربية الاقتصادية في الحيازات التقليدية، وزيادة وتنوع الدعم المقدم للعزب والمزارع التقليدية حسب تميزها في الانتاج.

زيادة دخل المربي القطري

وتقوم فكرة برنامج الدعم العيني للمربي المتميز للثروة الحيوانية كما ذكرها الهاجري على تقديم الدعم العيني للمربين المميزين للثروة الحيوانية بالدولة من أغنام وماعز وأبقار وجمال، ويتم تقديم الدعم في صورة عينية عبارة عن مكائن حلابة للأبقار والأغنام، وقوالب للأملاح المعدنية، ومكائن جز صوف كهربائية، ومعالف بلاستيكية، وأهم ما يميز البرنامج زيادة دخل المربي القطري من خلال تعدد المنتجات الحيوانية من ألبان وغيرها، وزيادة إنتاجية الحيوانات الاقتصادية بالدولة، وتخفيض تكاليف الإنتاج للمربي القطري، وتشجيع المربين على التربية المميزة لحلالهم، وبالتالي تنمية الثروة الحيوانية وزيادة مساهمتها في الأمن الغذائي.

وزارة الاقتصاد ودور بارز

كما كان لوزارة الاقتصاد والتجارة دور بارز في إطلاق العديد من المبادرات الهادفة إلى تعزيز الإنتاج الوطني ودعم المصانع ورواد الأعمال والشركات، حيث أعلنت الوزارة عن إطلاق مبادرات “المنتج الوطني” بالتعاون مع المجمعات التجارية والاستهلاكية الكبرى، ومن خلال التنسيق معها لعرض المنتجات الوطنية بشكل واضح ، ووضع ملصق يحمل شعار “منتج وطني ” على السلع والمنتجات المحلية، بحيث يسهل للمستهلك الوصول اليها. كما قامت الوزارة أيضا بالتعاون مع مركز” بداية ” وشركة الميرة للمواد الاستهلاكية بتوسيع مبادرة “منتج وطني” من خلال إبرام شراكة تتيح الفرصة للشركات الوطنية الناشئة لعرض وتسويق منتجاتها الغذائية والاستهلاكية في أكبر المتاجر الاستهلاكية، وفي مقدمتها “شركة الميرة للمواد الاستهلاكية”.

 

السابق
“المواصفات القطرية” تشارك في اجتماع هيئة الدستور الغذائي الدولي في روما
التالي
العين على تمكين 5 آلاف شركة صغيرة ومتوسطة من استخدام التكنولوجيا