بزنس كلاس:
مرة أخرى تتنطح السعودية عبر بوقها الأسوأ لتهاجم دولة قطر لكن هذه المرة عبر “توظيف وتحريف” تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب من أجل خدمة أهداف الرياض التي يبدو أن لا أحد يعرف ماهي وعلى الأرجح حتى حكام السعودية أنفسهم يجهلون إلى أين هم ذاهبون خلف قيادتهم “الحكيمة”.
فقد انبرى وزير خارجية النظام السعودي عادل الجبير ليفسر “حسب فهمه” الذي يبدو محدوداً للغاية، لتفسير تصريحات الإدارة الأمريكية حول استبدال القوات الأمريكية الموجودة في سوريا بقوات عربية ليقول بأن مفاد التصريحات الأمريكية يوضح بأن على الدوحة أن تدفع الأموال لواشنطن وترسل قواتها لتحل محل القوات الأمريكية في سوريا. وربما يصرح الجبير بهذا ليهرب إلى الأمام من تصريحات سابقة قال فيها بأن بلاده على استعداد لإرسال قوات إلى سوريا وتمويل انسحاب الأمريكان من هناك.
وكما يقول المثل الشهير “الجنون فنون لكن قلة العقل مصيبة”، وفي بيت شعر شهير يقول، “لكل داء دواء يستطبّ به إلا الحماقة أعيت من يداويها” بيت شعر شهير وأضحى حكمة متداولة تكاد تنطبق بشكل كبير على تصريحات عادل الجبير وزير خارجية النظام السعودي، الذي تجاوزت كل حدود المنطق والأعراف والتقاليد الدبلوماسية، بعد أن نصب نفسه أمس ناطقا باسم البيت الأبيض، مهددا ومتوعدا قطر، في سابقة مخزية في تاريخ العلاقات الخليجية والعربية أن تهدد دولة خليجية دولة أخرى بالاستقواء بدولة ثالثة عبر تحريف تصريحاتها.
واستمرارا لحالة الهذيان التي يعاني منها وزير خارجية النظام السعودي، وحالة عدم الاتزان التي تعيشها السياسة الخارجية السعودية منذ الحصار الجائر، خرج الجبير في تصريح له أمس منتحلا صفة متحدث باسم البيت الأبيض، ومحرفا تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مطالبا قطر بدفع ثمن وجود القوات الأمريكية في سوريا وإرسال قواتها إلى هناك، متوعدا إياها بأن أمريكا ستنقل قاعدتها من قطر في حال لم تدفع قطر الثمن.
7 دلالات هامة
والحقيقة إنه بتحليل تصريحات الجبير يمكن استنتاج 7 دلالات، أولها طمع دول الحصار الواضح والصريح في ثروات قطر- الذي اعترف الجبير أن اقتصادها مزدهر- ومحاولة توريط قطر في مغامراتهم لاستنزاف ثرواتها.
الأمر الثاني أن إقحامه قطر في أي تصريح يدل على أن قضية قطر ليست صغيرة جدا جدا جدا كما يدعون آناء الليل وأطراف النهار، بل إنها قضية هامة جدا جدا جدا لهم.
الأمر الثالث أن تلك التصريحات تدل على محاولة تحريض صريحة – دون جدوى- من قبل نظام الرياض ضد قطر، في محاولة للتهرب من أعباء فاتورة وجود القوات الأمريكية في سوريا، والتي طالبت واشنطن، الرياض، أن تقوم بدفعها بشكل مباشر وصريح دون تحريف أو تأويل.
الأمر الرابع هو أن دول الحصار تثبت يوما بعد يوم أن وجود قاعدة العديد الأمريكية يشكل صداعا في رأسها وهاجسا يؤرقها، حيث إن القاعدة تعد نموذجا مثاليا للتعاون العسكري بين الجانبين وتقوم بدور رائد في مكافحة الإرهاب، ولطالما أشادت أمريكا بها وبدور قطر المساند لها عبر قاعدة العديد في مكافحة الإرهاب.
الأمر الخامس هو أن تلك التصريحات تثبت أن استقلالية القرار القطري هي سبب حصار قطر، حيث تريد دول الحصار أن تدور السياسة الخارجية لقطر في فلكها.
الأمر السادس هو أن تلك التصريحات تثبت إدراك دول الحصار فشل مخططاتها للوقيعة بين قطر والولايات المتحدة الأمريكية، ولا سيما بعد الزيارة الناجحة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى الولايات المتحدة الأمريكية أوائل الشهر الجاري، والتي برهنت المباحثات التي جرت خلالها على قوة العلاقات بين البلدين.
الأمر السابع هو أن اقتصاد دول الحصار أضحى يئن نتيجة سياساتهم الخاطئة ويريدون من يشاركهم دفع فاتورة طالبتهم أمريكا بدفعها نتيجة سياستهم.
خلط الأوراق
وأضحى الجبير معروفا بالهذيان في الأوساط الدبلوماسية منذ أزمة حصار قطر، حيث لا يستطيع أن يدلي بتصريح مترابط أو فكرة متكاملة دون تأتأة أو تهتهة، كما أنه أضحى معروفا بتناقضاته في تصريحاته في كافة القضايا، فهو صاحب تصريح الأسد سيرحل سياسيا أو عسكريا، وفي مرحلة لاحقة أكد أن الأسد باق، وفي مرحلة ثالثة أراد إقحام قطر في الأمر ليخلط كل الأوراق، الأزمة الخليجية بالأزمة السورية، في وقت بلاده متورطة حتى النخاع في الأزمة اليمنية، وتعاني اقتصاديا جراء سياسات خاطئة أصبح يدفع ثمنها المواطن، وتحاول أن تقحم قطر– المزدهرة اقتصاديا- لتنهب بعض ثرواتها.
وزير التناقضات
وتشهد السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة كثيراً من التخبط وعدم الاتزان في كثير من الملفات بداية من الملف السوري، مروراً باليمن والقضية الفلسطينية وليس نهاية بحصار قطر وتفاقم الأزمة الخليجية التي عرت- بحسب مراقبين- الغطاء الأخير للخارجية السعودية ووضعتها في مرمى انتقادات لاذعة كان الهدف فيها الجبير نفسه.
فسبق أن صرح الجبير أن الهدف من قطع العلاقات مع قطر وحصارها جواً وبراً وبحراً هو دعم حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حيث اعُتبر التصريح سقطة دبلوماسية غير محسوبة للوزير السعودي، فدعم المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني المظلوم مبدأ تمسكت به الشعوب العربية منذ عام 1948 واحتلال فلسطين.
ومن فضائح تصريحات وزير الخارجية السعودي قوله “إن المملكة مستعدة لتقديم مساعدات إلى قطر، من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة”، الأمر الذي دفع بكثير من المراقبين لتوجيه الانتقادات للجبير بالإشارة إلى أن الكثير من الشعب السعودي هو الذي يحتاج إلى الإغاثة والمعونة بسبب تفشي الفقر والبطالة وغلاء الأسعار، والآن الجبير نفسه يكشف أنهم يستهدفون علنا ثروات قطر.
كما اشتهر الجبير بتصريح “قضية قطر صغيرة جدا جدا”، كلما حاول التهرب عن سؤال بشأن أزمة الحصار.
وفيما يصف الجبير مشكلة بلده مع قطر بأنها صغيرة جداً جداً جداً، ما يعني ضمناً أنها لا تشغل بال المسؤولين السعوديين، وكذلك نظراؤهم في دول الحصار، إلا أن الجولات المكوكية التي بلغت نحو 30 جولة طاف خلالها الجبير عواصم العالم في غضون أشهر قليلة، تؤكد عكس ذلك وتوضح مدى الاهتمام الذي أولاه الجبير وبلاده لهذه الأزمة وسعيهم الحثيث لتحريض العالم على دولة قطر.
وأضحى تعبير “أزمة قطر صغيرة جداً جداً جداً” يردده المسؤولون في دول الحصار آناء الليل وأطراف النهار، وكأنه علاج نفسي يحاولون إقناع أنفسهم وشعوبهم به، مع أن كل أفعالهم بدءاً من تصدر موضوع قطر تصريحاتهم، ومانشتات صحفهم، وإنفاق مئات الملايين من الدولارات على شيطنتها، يثبت أن قضية قطر لديهم مهمة جدا جدا جدا جدا جدا.