وكالات – بزنس كلاس:
غمزت عدة جهات ومراقبون بقناة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا بعد الهجوم الصاروخي الذي وصف بـ “الهزيل” مقارنة بالكلمات “الكبيرة” التي استخدمها قادة تلك الدول بتهديداتهم فمن كان يستمع لتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب “النارية” ضد سوريا وروسيا اعتقد بأن “يوم القيامة” قد اقترب وبأن الحرب العالمية الثالثة سوف تنطلق سريعاً قبالة السواحل السورية باشتباك صاروخي ضخم بين الغرب وموسكو، لكن ما حدث لم يكن سوى مجرد “فقاعة” إعلامية لم تتعدى إطلاق بضعة صواريخ على أهداف محددة أعلمت واشنطن موسكو بها سلفاً فانتهى الهجوم “الموعود” بنتائج تعتبر عنه تماماً ” بلا طعم ولا حتى رائحة”، كما يحلو للبعض وصف الأمر.
“لماذا لم يتحقق أسوأ السيناريوهات في سوريا”، عنوان مقال ألكسندر باونوف، في صحيفة “آر بي كا” الروسية، حول أن الضربة الصاروخية على سوريا كانت أفضل الخيارات، وأما أسوأها فكان؟
وجاء في المقال بأن حرب اليوم الواحد، 14 أبريل 2018، مثال مشجع على أن أعتى القادة وأسلطهم لسانا، مثل ترامب.. ما زالوا يدركون الفارق بين الكلمات والمجازات المعدة للاستخدام الخارجي، والواقع على الأرض.
تم استخدام الكلمات والمجازات بحيث تبدو حرب الولايات المتحدة الأمريكية الكبرى ضد نظام الأسد أفضل طريقة للخروج من الوضع، لأن الأسوأ كان مواجهة مباشرة بين روسيا والولايات المتحدة، فيما لو نفذت هيئة الأركان العامة الروسية تهديدها بالرد ليس فقط على الصواريخ إنما وناقلاتها.. أي السفن الأمريكية.
ربما ما كانوا سيردون، ولكن إذا حكمنا من خلال حقيقة أن أحدا من الروس أو حتى من العسكريين السوريين لم يصب بأذى، فيبدو أن الولايات المتحدة أخذت التحذير الروسي على محمل الجد، وهو ما يعني أن قنوات الاتصال العسكرية بين روسيا والولايات المتحدة، على النقيض من القنوات السياسية، لا تزال محفوظة وتعمل.
ليس فقط السيناريو الأول، إنما والثاني أيضاً، لم يكن ليتحقق، لو كررت الولايات المتحدة تجربة يوغوسلافيا في سوريا: فلم يقتصر الأمر على تدمير العديد من المطارات والمخازن ومرافق الإنتاج، إنما والوزارات والإدارات ومراكز الاتصالات ومحطات الهاتف والجسور والطرق وقصر الديكتاتور، وبالتالي حرمان الدولة السورية من مقوماتها.
فخلال تلك الأيام الستة التي مرت بين أول تغريدة لترامب، عندما غرز سهامه في السم، واللحظة التي أطلق فيها تلك السهام، جرت اتصالات بين روسيا والولايات المتحدة ساعدت على تجنب كلا السيناريوهين.
لو كانت قرارات السياسيين الحاسمة والمصيرية تُتخذ على أساس تصريحاتهم العامة ومقالاتهم في الصحف، لرأينا نطاقًا مختلفًا كليا للضربات الغربية ضد سوريا. أما ما رأيناه فيظهر الفجوة بين السياسات العلنية وغير العلنية.