وكالات – بزنس كلاس:
مع الارتفاع المتواصل على أسعار النفط وتحقيق التوازن في سوق الطاقة العالمية، أكدت الدوحة تمسكها باتفاق تخفيض إنتاج النفط لأنه بدأ يحقق التوازن في السوق. وأكد سعادة الدكتور محمد بن صالح السادة وزير الطاقة والصناعة، أن دولة قطر تؤيد مواصلة العمل بما تم الاتفاق عليه في “إعلان التعاون” بين أعضاء منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) والمنتجين خارجها والمتعلق بخفض انتاجهم من النفط.
وحول التطورات التي تشهدها سوق النفط العالمية منذ اتفاق فيينا، واتجاه أسعار النفط نحو الصعود، قال سعادة الدكتور السادة، في مقابلة خاصة مع وكالة الأنباء القطرية “قنا”، إن “الاتفاق أثبت أنه في الاتجاه الصحيح”.. مضيفا أن توازن العرض والطلب بالإضافة إلى مستوى المخزون العالمي يشكلان معا العاملين الأساسيين اللذين تستند إليهما منظمة أوبك والدول المشاركة في الاتفاق لاتخاذ القرار حول استمرار العمل به.
وأوضح سعادته أنه إذا عاد مستوى المخزون النفطي إلى التوازن، أي إلى متوسط السنوات الخمس الأخيرة، سواء تحقق ذلك مع حلول موعد اجتماع منظمة الأوبك القادم في شهر يونيو المقبل، أو في الوقت الذي تحدده تطورات السوق، حينئذ فقط ينبغي الشروع في اتفاقية آمنة تتناسب مع ظروف السوق حينها. “لذا نرى أنه من السابق لأوانه طرح فكرة استراتيجية إنهاء العمل بالاتفاق في المرحلة الراهنة”.
وعما قامت به دولة قطر من جهد بارز خلال فترة ترأسها لمنظمة الدول المنتجة للبترول (الأوبك) أسفرت عن التوصل لاتفاقية خفض الانتاج بين الدول الأعضاء بالمنظمة وعدد من الدول المنتجة من خارجها، نوه سعادة وزير الطاقة والصناعة إلى أن هذا الاتفاق التاريخي جاء كنتيجة مباشرة للدعم الكبير والمستمر والسياسة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى “حفظه الله ورعاه”، والتي أكسبت دولة قطر ثقة الدول الأعضاء في المنظمة وخارجها، التي أعربت عن تقديرها الكبير للدبلوماسية القطرية.
وبين سعادته في هذا الاطار أن دولة قطر خلال عامي 2015 و2016 بذلت جهودا كبيرة لتنسيق المواقف وتقريب وجهات النظر، مما حظي بقبول المجتمع الدولي، خاصة الدول المنتجة للنفط من داخل المنظمة والمشاركة في الاتفاق من خارجها، وساهم في التوصل الى قرارات فيينا التاريخية التي أظهرت للعالم أجمع أن منظمة أوبك قد أخذت على عاتقها مسؤولية إعادة التوازن الى السوق وخفض الفائض العالمي من النفط بما يخدم الاقتصاد العالمي والدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء.
وأشار إلى أنه قد سبق هذه القرارات عدد من الاجتماعات التشاورية الرسمية وغير الرسمية، والزيارات المكوكية التي قامت بها دولة قطر، والتي كان أبرزها المؤتمر الرباعي في الدوحة في شهر فبراير واجتماع شهر ابريل 2016 في الدوحة أيضا والذي جمع 16 دولة من داخل وخارج منظمة الأوبك حول طاولة واحدة للمرة الأولى منذ سنوات، واجتماعات أخرى على عدة مستويات.
وافاد سعادته بأنه كان من أهم تلك الاجتماعات اجتماع الجزائر الذي عقد في جمهورية الجزائر الشقيقة على هامش منتدى الطاقة العالمي حيث بدأ كاجتماع تشاوري غير رسمي، وعندما تم التوصل الى اتفاق حول خارطة الطريق لتحقيق الهدف المشترك، تقرر بالإجماع تحويل ذلك اللقاء الى اجتماع رسمي غير عادي للمنظمة، صدر عنه اتفاق تاريخي عرف بعد ذلك باسم “اتفاق الجزائر”.
ونوه إلى أن ذلك الاتفاق قد جاء بإجماع مجموعة من دول ذات توجهات ومصالح متباينة من مختلف أركان المعمورة، وأثبت أن الاتفاقيات الدولية متعددة الأطراف ما زالت ممكنة من خلال المبادرات الدبلوماسية الإيجابية التي قد تساعد في حل العديد من القضايا الدولية. كما ساهم في بناء جسور الثقة بين الجانبين، وصولا إلى الهدف المشترك والمتمثل في ضمان استقرار السوق بما يخدم مصالح الجميع.
وأوضح أن آخر تلك الاجتماعات ذلك الاجتماع الذي عقد في الدوحة أيضا يوم 17 نوفمبر 2016، وشاركت فيه دول من داخل وخارج المنظمة وأسهم في تقريب وجهات النظر وفي تفهم المواقف وأدى بالتالي الى امكانية التوصل إلى إعلان التعاون التاريخي بعد أسابيع قليلة في فيينا.
وحول السبب الذي جعل للاتفاق عظيم الاثر على سوق النفط العالمية، إذ أدى إلى تقليص الفائض من المخزون العالمي وبدء إعادة التوازن في العرض والطلب، أعرب سعادة الدكتور محمد بن صالح السادة وزير الطاقة والصناعة عن اعتقاده بأن من الأسباب الرئيسية هو معدل الالتزام غير المسبوق من قبل الدول الموقعة على الإعلان منذ شهر نوفمبر 2017 والذي فاق نسبة 120% حيث أظهرت كل الدول المشاركة التزاما جادا وواضحا بمواصلة العمل معا، بهدف إعادة التوازن والاستقرار إلى سوق النفط العالمية والحفاظ عليهما.
وأوضح سعادة وزير الطاقة والصناعة لـ”قنا”، أنه بالفعل قد بدأت عودة التوازن إلى السوق منذ شهر مايو الماضي، مع تقلص الفائض في المخزون التجاري العالمي إلى أقل مستوى له منذ شهر يوليو 2015، فيما يعد أبلغ دليل على مدى نجاح الاتفاق.
وأضاف أن ما دفع الدول المشاركة في إعلان التعاون إلى الاتفاق حول خفض الإنتاج هو الشعور بالمسؤولية تجاه أهمية تأمين امدادات النفط حيث أدت الزيادة في فائض المخزون العالمي من النفط إلى تدني الأسعار، وبالتالي إلى تقلص الاستثمارات في قطاع النفط بمعدلات غير مسبوقة بلغت ما يقارب 25% في كل من عامي 2015 و2016، وهو ما من شأنه التأثير سلبا على الطاقة الإنتاجية العالمية على المدى المتوسط والبعيد. وهذا الشعور بالمسؤولية كان أحد الأسباب التي جعلت الالتزام قويا من قبل الدول المشاركة.
وحول اعتقاده بأن الدول المشاركة في الاتفاق ستواصل الالتزام باتفاق الخفض مع استمرار تصاعد أسعار النفط، خاصة وأن نسب الالتزام بالاتفاق حققت مستويات عالية للغاية، أجاب سعادة وزير الطاقة والصناعة بأنه من خلال مراقبة المستوى غير المسبوق من التزام الدول المشاركة، والتطورات التي شهدناها حتى اليوم، فأنه يتوقع أن يظل الالتزام بالاتفاق قويا، خاصة وقد شهدت تلك الدول النتائج الإيجابية للاتفاق باتجاه إعادة التوازن إلى سوق النفط، والتحسن الذي يشهده الاقتصاد العالمي وانعكاساته الإيجابية على المنتجين والمستهلكين على حد سواء.
وبشأن السعر العادل لبرميل النفط في الوقت الحالي أفاد سعادته، في ختام مقابلته مع “قنا”، بأن مهمة الدول الأعضاء في منظمة أوبك والدول المشاركة في إعلان التعاون هي الالتزام بحصص التخفيض التي تم الاتفاق عليها، بهدف إعادة التوازن إلى سوق النفط العالمية.. “أما سعر برميل النفط فتحدده سوق النفط ذاتها”.