عندما تختار مدينة اسطنبول التركية لتكون وجهتك السياحية، فإن هناك مجموعة من الأماكن التي لابدّ من زيارتها في هذه المدينة التاريخية، من بين هذه الأماكن منطقة السلطان أحمد الأثرية التي تتميز بالجوامع والكنائس والمطاعم والحدائق والمتاحف، وتجذب هذه المنطقة لجمالها وسحرها يومياً ما يزيد على مليون ونصف المليون سائح، من المواطنين الأتراك أو السياح الأجانب.
وسُمّيت المنطقة بهذا الاسم نسبةً للسلطان أحمد الأول، وهو أحمد بن الخليفة محمد بن مراد أحد خلفاء الدولة العثمانية، من مواليد عام 998 هجرية، في مانيسا غربي تركيا، وعُرف عنه ثقافته العالية وله ديوان شعر مطبوع.
ومن أهم ما تشتهر به منطقة السلطان أحمد في اسطنبول، الجامع الأزرق أو “جامع السلطان أحمد”، وسُمّي بالجامع الأزرق، بسبب الخزف والأحجار الرخامية التي بُني منها الجامع ويطغى عليها اللون الأزرق.
وتزيّن ساحة الجامع، أكبر سجادة توليب في العالم، وتتألف من 545 ألف زهرة، وتبلغ مساحتها ألفا و 262 متراً مربعاً، والجامع مذهل بحجمه، ورائع بتصميمه وفخامته، ويُعدّ من أجمل المساجد في العالم، ويحظى بإعجاب الأتراك والسيّاح العرب والأجانب، ويقع في ميدان السّلطان أحمد في البلدة القديمة، جنوبيّ متحف آيا صوفيا، وشرقيّ ميدان الخيل البيزنطيّ.
وفضلاًً عن كونه من أهم مراكز الجذب السياحي وأجملها وأشهرها في إسطنبول، وتركيا عموماً، فهو كذلك مسجد نشط يعجّ بحركة المصلين في أوقات الصلاة، وصلاة التراويح في شهر رمضان المبارك.
أراد السلطان أحمد من مسجده أن يكون الأعظم و الأكبر في البلاد، فجعله مطلّا على مضيق البوسفور ومقابلاًً لمتحف آيا صوفيا، وقد أتم بناءه قبل وفاته بسنة واحدة فقط، ليوارى جثمانه في ثرى مسجده.
ولا يقتصر المسجد على قاعة للصلاة فحسب، بل تحيطه مدرسة للتعليم ومستشفى، وسوق مغطى، وحمام تركي، ومطعم للفقراء، وسبيل ماء، ومحلات تجارية، وضريح السلطان أحمد، وهذا كله وسط حديقة ساحرة تزيّن خضرتها الورود الملونة وتظلّلها الأشجار الوارفة.
ويتكون الجامع بصورة عامة من ست مآذن شاهقة بارتفاعها، وهو المسجد الثاني في تركيا الذي يضمّ ست مآذن، إلى جانب المسجد المركزي في مدينة أضنة.
يُنار القسم الداخلي من المسجد بـ 260 نافذة ذات زجاج ملون، قُدّمت هدية للسلطان من البندقية، كما يُنار بكثير من الثريات القيّمة المطلية بالذهب والأحجار الكريمة وكرات الكريستال. وما جعله يعرف شعبياً باسم الجامع الأزرق، هو اكتساء جدرانه الداخلية بأكثر من عشرين ألف قطعة بلاط وسيراميك منقوشة يدوياً باللون الأزرق، استُقدمت جميعها من مدينة إيزنيك، في أكثر من خمسين تصميماً يحمل تمثيلات متباينة من الزهور والفاكهة وأشجار السرو، كما تشمل التصميمات آيات مزخرفة من القرآن الكريم، أما عن أرضية المسجد فهي مغطاة بالسجاد الفاخر الذي يتبرّع به المؤمنون بشكل دوري، ويعدّ المحراب أهم عنصر في المسجد، فهو مصنوع من الرخام المنحوت بعناية ودقة.
ميناء إمينونو:
هو إحدى الوجهات السياحية الرئيسة في اسطنبول القديمة، مكان تاريخي متفرّد بموقعه وهويته المعمارية ومعالمه، وهو أحد أحياء منطقة الفاتح في إسطنبول الأوربية، ومركز استراتيجي، وهمزة وصل بين قسمي إسطنبول الآسيوي والأوروبي، ومن أكثر المناطق ازدحاماً وحيوية.
وسُمّي بهذا الاسم “إمينونو” لوقوع الجمارك البحرية وأمانة الجمارك فيها في العصر العثماني، وتعني “أمام الأمين”، أي أمام الأمانة الخاصة بالجمارك. وعاصر هذا الميناء البيزنطيون والعثمانيون والجمهورية، دون أن يفقد شيئاً من جاذبيته، وشهد على مرّ تاريخه الكثير من الفعاليات المختلفة الاقتصادية والتجارية، منذ العصر البيزنطي، حيث عمل آلاف البحَّارة والتجار والعمال في إنزال البضائع التي تستورد إلى المدينة وتخزينها، ولا يزال حتى اليوم يضجّ بالحياة والتاريخ وتخترق هواءه رائحة أطباق السمك الشهية.
وتعدّ منطقة وميناء “إمينونو”، واحدة من أكبر المتاحف المفتوحة في الهواء الطلق في تركيا، وكانت قلب مدينة “القسطنطينية” المسوّرة على مدى تاريخ طويل، وتتبع حالياً حي الفاتح، تعبر جسر القرن الذهبي إلى إمينونو، وتصل مضيق البوسفور إلى بحر مرمرة، ومنه تطل على قصر توب كابي، وجامع السلطان أحمد، وآيا صوفيا، وهذا ما يجعله الوجهة السياحية الرئيسية في إسطنبول، وتشير إحصاءات رسمية إلى أن نحو مليوني شخص يمرّون كل يوم في إمينونو، من موظفين وسياح من داخل إسطنبول وخارجها، لا سيما في أيام الصيف، وأيام الجوّ المعتدل. كما أن ميدان “إمينونو” يزخر بالجمال والتاريخ والتقاليد العريقة، وتستحوذ المنطقة على الكثير من المساجد، والمباني التاريخية، وفيها أشهر المعالم في إسطنبول، ويقع فيها جامع السلطان أحمد، الذي يحتوي على قصر توب كابي (أي قصر الباب العالي)، ومتحف آيا صوفيا، وآيا إيريني، فضلاً عن نحو ألف مَعْلم آخر تشتهر بهندستها المعمارية العثمانية المتميزة، ويقع فيها أيضاً المسجد الجديد الذي يهيمن على الواجهة البحرية لجسر غالاطا.
مدينة أنطاليا .. طبيعة خلّابة وسحر الزّمن
أنطاليا هي المكان الوحيد في العالم الذي تستطيع فيه الاستمتاع بحمّام الشمس والسباحة، ومن ثم الصعود إلى قمم الجبال المجاورة للتزلج على الثلج، لتعيش هذه التجربة الخيالية، فإن بلدة “بيليك” في مدينة أنطاليا هي وجهتك المثالية، حيث الاستمتاع بالاستحمام في البحر والشمس، وركوب الأمواج، والإبحار والغوص، والتمتع بالطبيعة الخلابة في هذا المكان الساحر، حيث البحر والنهر، ومن حولهما غابات الصنوبر، وأشجار الفستق.
منطقة بيليك في أنطاليا، باتت أشهر المراكز السياحية في تركيا في السنوات الأخيرة، وتستضيف سنويًا آلاف الزوار، تحت شعار “الوجهة الجديدة للسياحة”.
تقع بيليك في ولاية أنطاليا، على ساحل المتوسط، وتبعد 30 كيلومترًا عن الجانب الشرقي من مقاطعة أنطاليا، وقد اختارتها وزارة السياحة، لتكون النموذج السياحي، فهى جنة حقيقية للسياح على شاطئ المتوسط، في وسط غابات الصنوبر الخاصة بها.
وقد اكتُشف الجمال الطبيعي لمدينة بيليك في مطلع الثمانينات، وأعلنت المركز السياحي الأول في الإقليم؛ ففيها الجو المثالي للشواطئ، والأنشطة الرياضية، وفيها يمكن اكتشاف الأماكن التاريخية أيضاً، وبدأت هذه المنطقة بالتطور من عام 1980م، ولهذا السبب توجد فيها أماكن لم يذهب إليها أحد من قبل.
هناك كثير من المنتجعات حول أنطاليا، تجعل تركيا واحدة من أماكن العطلات المرغوبة، مثل كيمير، ولارا، وتعدّ بيليك أجملها، وتقع في شرق أنطاليا، وقريبة من أطلال مسرح أسبيندوس العتيق، والفنادق موجودة بين الشواطئ وغابات الصنوبر، كما تزخر المنطقة بالكثير من ملاعب الغولف لقضاء أوقات ممتعة لمحبي هذه الرياضة.
ومن الأماكن التي لا بدّ من زيارتها في أنطاليا، وتحديداً في بيليك، شلال كورشونلو الذي يعدّ أحد عجائب الطبيعة الأخرى الموجودة فيها، حيث يستضيف هذا الشلال في الغابة التي تحيطها مئات الأنواع من الطيور، وأحد أكثر الأماكن السياحية التي يتردد عليها السيّاح في المنطقة، والشلال يلفت الأنظار إليه بشكل كبير، بالكهف المختبئ خلف مصبّه.
ومن الأماكن التي لا بدّ من زيارتها في أنطاليا، مدينة اسبندوس الشهيرة بمسرحها العريق الذي يزيد عمره على 1000 سنة، واسبندوس هي إحدى المدن اليونانية والرومانية القديمة في مقاطعة أنطاليا، أسسها اليونانيون القادمون من أرغوس، وتتميّز بأنها تضم واحداً من أفضل المسارح القديمة المحفوظة في العصور القديمة، حيث بُني عام 155 ميلادية، أثناء حكم الرومان، ويسع نحو 20 ألف متفرج.
الشجرة المعمّرة في بورصة.. جذور ممتدة في التاريخ
ليست المباني الأثرية والمساجد والمتاحف والقصور والكنائس هي التي تجسّد التاريخ وعراقته فقط، فللطبيعة كلمتها في هذا الشأن، والشجرة المعمّرة في مدينة بورصة خير مثال على ذلك، وتقع في بداية جبل “أولوداغ”، ولا تبعد عن وسط بورصة سوى عشر دقائق بالسيارة، وتجسّد عبق الطبيعة، وتاريخاً قديماً، تحمله جذورها المغروسة منذ 610 سنوات في أعماق الأرض.
هي من أقدم الأشجار المعمرة في العالم، يبلغ ارتفاعها 30 متراً، ويحتل جذعها مساحة واسعة من الأرض، ويراوح عرضه بين مترين الى ثلاثة أمتار، ولها فروع كبيرة، عرض كل منها بحجم شجرة، لذلك أصبحت أيقونة شهيرة لمدينة بورصة ووجهة الكثير من العائلات والزوار، حيث الاستمتاع بالجلوس تحت ظلها الواسع، ولما توفره من إطلالة رائعة للمدينة، ويوجد تحتها مقهى جميل، ومطعم يقدم الشواء، من لحوم ودجاج، مع مجموعة من المقبلات الشهية والسلطات المتنوعة، كما يستطيع الزوار القيام بالشواء بأنفسهم.
يوجد بالقرب من الشجرة مجسّم على شكل ورقة شجرة، دوّنت عليه أمور كثيرة عن الشجرة وتاريخها، وإجابات عن جميع الأسئلة المحيّرة التي قد تخطر على بال الزائر. ولحماية الزوار جهّزت الشجرة بدعائم حديدية تحمل بعض الأغصان الضخمة، درءأ لخطر انكسارها وسقوطها، ويُغطي ظلُّها مساحةَ 1000 متر مربع تقريباً.