وكالات – بزنس كلاس:
لماذا كل هذا الفقر في السعودية التي دفعت بالأمس القريب وحسب وزرير خارجيتها عادل الجبير 380 مليار دولار ثمن صفقات أسلحة مع الولايات المتحدة؟!!
فقر.. بطالة.. ارتفاع أسعار.. تراجع الإيرادات.. إلغاء الدعم للمحروقات والكهرباء والماء، وزيادة الضرائب ورسوم الخدمات على المواطنين والمقيمين.. تلك هي سمات الاقتصاد السعودي خلال العامين الماضيين، والسنوات المقبلة، حسب توقعات مؤسسات الاقتصاد العالمية، ومنها صندوق النقد الدولي.
منذ عقود مضت يعاني السعوديون من أزمة سكن، حيث تؤكد إحصاءات شبه رسمية أن 60% من السعوديين لا يملكون مسكناً خاصاً، وأن نحو 30% من الملّاك يقطنون مساكن غير لائقة، فيما أطلق ناشطون حملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعار “خلوه ينهار”؛ بهدف دفع الأسعار إلى موجة تصحيح.
ويواجه ذوو الدخل المنخفض في السعودية أزمة حقيقية، حيث أشارت إحصاءات إلى أنهم يواجهون نقص المعروض السكني، في بلد يعيش فيه نحو 30 مليون نسمة. وبحسب تقديرات شركة الاستشارات “سي بي ريتشارد إيليس”، يعيش نحو 60% من المواطنين السعوديين الذين يقارب عددهم عشرين مليوناً في شقق مستأجرة.
ويعتقد عضو جمعية الاقتصاد السعودي عبد الحميد العمري أن أهم أسباب أزمة السكن احتكار الأراضي من قبل قلة محدودة جداً، وتحول الأرض إلى مخزن قيمة وثروة لضيق قنوات الاستثمار المحلية.
حكاية الفقر السعودي
بعد قرار إرجاع البدلات لكبار الموظفين.. كتب أحد العاطلين: «أنا مواطن، وعمري 30 سنة.. خريج جامعة الملك عبدالعزيز تخصص نظم معلومات إدارية، ولا أملك وظيفة.. أرغب بالعمل».
وكتب آخر: «بسبب حراك 21 أبريل تم إرجاع البدلات، فيا أخي العاطل لا تحرم نفسك وانزل 30 أبريل، لعل الله يفرج لك كربك».
أرقام البطالة الرسمية -كما أعلنتها وزارة العمل- ارتفعت إلى الحدود الخطرة، وبلغت 12.3 % خلال 2016، بإجمالي يقترب من مليون عاطل.
المشكلة الخطيرة الثانية التي تشهدها المملكة هي ارتفاع نسبة الفقر، حيث يقدّر من يعيش تحت خط الفقر بربع السعوديين، وتكشف الحكومة السعودية القليل من المعلومات الرسمية حول المواطنين الأشد فقراً.
لكن التقارير الصحافية، والتقديرات الخاصة تفيد بأن هذا العدد لا يقل عن 4 ملايين مواطن، يعيشون على أقل من 530 دولاراً في الشهر، أي نحو 17 دولاراً في اليوم، ويعتبر ذلك خط الفقر في السعودية.
وكشف عدد من التقارير المتداولة مؤخراً أن اقتصاد المملكة مقبل على واحدة من أحلك فتراته، مع استمرار تراجع أسعار النفط منذ منتصف 2014، وهو ما يتوقع أن تسجل السعودية -أكبر مصدر للنفط في العالم- عجزاً قياسياً في الموازنة، قد يتجاوز 120 مليار دولار.
سحب 80 مليار دولار
من الاحتياطات
ولتغطية العجز في الموازنة العامة للدولة لجأت الحكومة لسحب أكثر من 80 مليار دولار من الاحتياطات الخارجية، وفي خطوة لاحقة خاطبت سلطات المملكة بنوك محلية لإصدار سندات بقيمة 20 مليار ريال سعودي (5.33 مليار دولار)، لتمويل عجز الموازنة.
كما طلبت وزارة المالية السعودية من الجهات الحكومية إعادة ما لم تنفقه من أموال مخصصة لمشاريعها في الميزانية، وذلك في إطار سعيها لترشيد الإنفاق، في ظل هبوط أسعار النفط.
ونشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية مؤخراً ما قالت إنه مضمون رسالة سرية، بعث بها العاهل السعودي إلى وزير المالية، تنص الرسالة على ضرورة اتخاذ إجراءات تقشفية، لتقليص الإنفاق الحكومي، من بينها إيقاف جميع مشاريع البنى التحتية الجديدة، ووقف شراء أي سيارات أو أثاث أو تجهيزات أخرى، وإطلاق إجراءات تقشفية واسعة في مختلف القطاعات، بسبب ارتفاع العجز في الميزانية، الناجم عن تراجع عائدات النفط.
وشملت السياسة التقشفية تخفيض الدعم للمحروقات والكهرباء والماء، وبعض السلع الأساسية الأخرى، وربما إلغاؤه كلياً، بالإضافة إلى دراسة إمكانية فرض ضرائب على الدخل والتحويلات الخارجية بالنسبة للأجانب، وزيادة بعض الرسوم على تجديد الإقامات، ورخص القيادة، والخدمات البيروقراطية الرسمية الأخرى، وهو ما حدث الأسبوع الماضي بالفعل.
«النقد الدولي»
وكان صندوق النقد الدولي قد أكد أن المملكة قد تواجه أكبر عجز في تاريخها، وسجلت الميزانية السعودية عجزا فعلياً بلغ 297 مليار ريال (79.2 مليار دولار) في العام 2016، مقارنة بعجز فعلي بلغ 98 مليار دولار في 2015، والذي كان أول عجز تسجله الميزانية السعودية منذ سنوات، حيث كانت ميزانياتها تتمتع عادة بفائض كبير.
وتزامن مع هذا العجز القياسي للموازنة مع ارتفاع الأسعار بصورة مبالغ فيها لم تشهدها الأسواق من قبل، حيث ارتفع معدل أسعار المستهلك (التضخم أو الغلاء) في السعودية على أساس سنوي بنسبة 2.3 %، حسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء في الرياض، وجاء ارتفاع معدل التضخم نتيجة الارتفاعات في أسعار النقل، والسكن، والمياه، والكهرباء، والغاز، وأنواع الوقود الأخرى، والصحة.
وتفيد تقديرات الصندوق بأن اقتصاد المملكة نما بنحو 1.4 % في 2016، مسجلاً تراجعاً كبيراً مقارنة بنسبة نمو بلغت 4.1 % في 2015.
كما تراجعت الأصول الاحتياطية الأجنبية السعودية نهاية 2016، بنسبة 13 %، إلى 2.011 تريليون ريال (536.4 مليار دولار)، هبوطاً من 2.312 تريليون ريال (616.4 مليار دولار) نهاية 2015، لتفقد 80 مليار دولار خلال العام الماضي، كثاني تراجع سنوي بعد 2015، حسب أرقام «مؤسسة النقد العربي السعودي» (البنك المركزي).
وفقدت صناديق الاستثمار العاملة في السعودية نحو 15.06 مليار ريال (4.02 مليار دولار) من قيمة أصولها خلال 2016، متراجعة بنسبة 14.6 %.
وحسب أرقام هيئة السوق المالية السعودية، بلغت قيمة أصول صناديق الاستثمار 87.84 مليار ريال (23.42 مليار دولار) نهاية 2016، فيما كانت 102.9 مليار ريال (27.4 مليار دولار) في 2015، وتُعد قيمة أصول صناديق الاستثمار في 2016 هي الأقل منذ 2011، حينما سجلت 82.2 مليار ريال (21.9 مليار دولار).
تراجع قيمة الصادرات
وتراجعت قيمة الصادرات في السعودية عام 2016 إلى نحو 511 مليار ريال (136.3 مليار دولار)، مقابل 573 مليار ريال (152.8 مليار دولار) خلال 2015، بانخفاض 11 %، وفق بيان للهيئة العامة للإحصاء، ويعتبر هذا التراجع الأعلى منذ أكثر من 10 سنوات.
كما تراجعت قيمة صادرات السعودية السلعية غير النفطية في 2016 بنسبة 11 % إلى 44.76 مليار دولار، مقابل 50.22 مليار دولار في 2015، وبلغ العجز التجاري غير النفطي للمملكة نحو 6.38 مليارات دولار أميركي، مقارنة مع 9.19 مليار دولار في الفترة المناظرة من 2015.
وبلغت قيمة عقود المشاريع الحكومية التي تم ترسيتها في 2016 نحو 20 مليار دولار، مقارنة مع 35.5 مليار دولار في 2015، حسب دراسة أجرتها «فيثفول جولد» للاستشارات الاقتصادية.