
صافرة البداية لسباق طالما استعدت له قطر
خارطة طريق ثورة زراعية.. أهداف طموحة وتحديات هائلة
تضاعف الإنتاج الزراعي والغذائي بنسبة 400%
تمويل 60% من القيمة الاجمالية للمشروع الزراعي
المشروع الأول في قطر الذي يوفر الفي طن من الأسماك
بزنس كلاس – اسلام شاكر
انطلقت في دولة قطر منذ مطلع يونيو / حزيران 2017 دورة حياة جديدة في أكثر من قطاع من قطاعات الاقتصاد المختلفة. وجاء الحصار المفاجئ الذي حاولت السعودية والإمارات العربية والبحرين ومصر مباغتة الدوحة به، كصافرة البداية لسباق طالما استعدت قطر له ونجحت حتى الآن بالفوز بكل المراحل التي مرت به.
الوجع الأهم الذي أحس به القطريون أو توجسوا خوفاً منه، تجلى بشكل واضح في أول يومين من الحصار، حيث تحسس المواطن والمقيم القطري بأن سوق المواد الغذائية يقع في مرمى نيران المحاصرين الذين بدأوا منذ اليوم الأول ممارسة ضغوط غير إنسانية لم يراعوا فيها أي قيم أو حتى العلاقات الأخوية وروابط الدم.
منذ ذلك الحين، بات ملف الغذاء أولوية مطلقة بالنسبة للحكومة والفعاليات الاقتصادية وبدأت فوراً حركة كثيفة على هذا الخط من قبل أكثر من جهة لكن النقطة الأهم كانت التنسيق بين جميع هذه الجهات وتوجيه تلك الجهود ضمن الاتجاه الصحيح وفي إطار استراتيجية متكاملة بأهداف محددة وآليات تنفيذ واضحة.
وباعتباره الدعامة الرئيسية في تحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع الغذاء والرافعة الأساسية للنهوض بواقع الأمن الغذائي في البلاد ، كان لا بد من وضع المشهد الزراعي في البلاد على طاولة البحث والتقدم نحو خيارات كان يمكن أن تكون مؤجلة مرحلياً لولا الأزمة. ووضعت الدولة القطرية بشكل سريع جملة من القرارات والخطط موضع التنفيذ الفوري بالتوازي مع قيام القطاع الخاص وغرفة قطر بدور لا يمكن إلا أن نرفع لهما القبعة عليه نظراً لجملة الإنجازات التي حققاها في فترة قياسية لتأمين السوق المحلي وملئ الفراغ الذي تركته منتجات دول الحصار.
إلا أن كل ما سبق لا ينفي حقيقة أن القطاع الزراعي في قطر لا يزال في طور النشوء ودون مستوى الطموح وربما هو تأخر أو لم يكن قادراً على مواكبة حالة النمو والتطور السريع الذي تمر به البلاد على مدار السنوات العشرين الماضية وذلك لأسباب كثيرة ليس أقلها التكاسل في الاعتماد على منتجات زراعية مستوردة بحيث وضع جزء كبير من الإنتاج الزراعي المأمول محلياً في فترات سابقة في خانة الاستثمارات الخاسرة وبالتالي خرج من دائرة الإنتاج.
وفي ظل حقيقة أن الاكتفاء الذاتي في قطاع الغذاء يرتكز بشكل لا لبس فيه على نمو مستدام في القطاع الزراعي، فقد أبرزت وسائل إعلام محلية وإقليمية النهضة الزراعية التي تشهدها قطر على امتداد خارطتها الجغرافية. وكشفت مصادر في وزارة البلدية والبيئة أن خطط البحث العلمي بالوزارة ترتكـز منذ فترة على معطيات علمية مستقاة من بيانات دقيقة حول مساحات الأراضي وعدد المزارع، وكميات المياه الجوفية المتاحة، وتستهدف تلك الخطة بناء منظومة إنتـاج نباتـي وحيوانـي وسـمكي متطـورة في الدولة بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأغذية الطازجة للمواطنين والمقيمين، وذلك عبر اسـتخدام أحدث النظم البحثية بمجالات الزراعة والمياه. ومن شأن مخرجات تلك البحوث الزراعية المحافظة علـى التربة الزراعية من التدهور، ورفع معدلات إنتاجيتها، واستغلالها بشكل أمثل، الى جانب الحد من استنزاف المياه الجوفية وتنمية الخزان الجوفي بحلول عام 2020، والحد من الاستهلاك وترشيده ومنع هدر المياه.
البحوث والمقدمات السليمة
في إطار استثمار تلك البحوث على الوجه الأكمل وتحويلها إلى مشاريع منتجة في إطار تنمية مستدامة في هذا القطاع الحيوي، أعدت إدارة الشؤون الزراعية بالبلدية والبيئة برئاسة يوسف الخليفي خطة متكاملـة من الآليات لتنفيذ تلك البحوث على أرض الواقع، وتتضمن تلك الآليات أيضاً حزمة من الخدمـات الزراعيـة، حيث أكد الشيخ الدكتور فالح بن ناصر آل ثاني الوكيل المساعد لشؤون الزراعة والثروة الحيوانية والداجنة إحراز تقدم واضح بمجالات تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأغذية الطازجة، بينما أوضح مسعود جار الله المري مدير ادارة البحوث الزراعية ان عمل الإدارة جارٍ على بحوث تحديث الزراعة وترشيد المياه وصولاً للاكتفاء.
وشيدت وزارة البلدية والبيئة في الآونة الأخيرة 4 مراكز للبحوث تختص بالثروة السمكية والحيوانية والنباتات البرية وطيور الحباري في إطار دعم الوزارة لمخططات تحقيق الاكتفاء الذاتي للدولة من السلع الغذائية الطازجة وحماية البيئة والتراث الوطني. وبلغت كلفة تلك المراكز أكثر من 300 مليون ريال، وحسب سجلات البلدية والبيئة فإن المراكز المشار اليها ستلعب دورا مهما في إطار الخطة الراهنة للتنمية في سد احتياجات البلاد من اللحوم الحمراء والألبان والأسماك .
وتشير بيانات وزارة التخطيط التنموي والإحصاء الى أنه قبيل تعرض دولة قطر للحصار بلغت مسـاهمة قطـاع الزراعـة والثـروة الحيوانية وصيـد الأسماك في الناتج المحلي الإجمالي 1020 مليونا عـام 2016، إلا أنه بعد الحصار يتوقع ان تكون تلك المساهمات قد تضاعفت عدة مرات، وقدر وزير البلدية والبيئة سعادة محمد بن عبد الله الرميحي تضاعف الإنتاج الزراعي والغذائي بنسبة 400% في تصريحاته على هامش المعرض الزراعي الدولي السادس الذي عقد في الآونة الأخيرة بالدوحة.
النهضة الزراعية بحاجة لتمويل مناسب وتطوير أدوات الإنتاج
تمثل المياه الجوفية مدخلاً لا بد من الوقوف عنده إذا أردنا الوصول إلى عملية إنتاج زراعي مستدامة وفي هذا الاطار يلعب خبراء إدارة البحوث والتنمية الزراعية بالتعاون مع ايكاردا دورا مهما منذ فترة طويلة من اجل ترشيد استخدام المياه وحماية الخزان الجوفي وتطوير نظم الري وتحديث الزراعات في الدولة. ومن أجل خدمة هذا الهدف، أبرمت وزارة البلدية والبيئة ممثلة في إدارة الشؤون الزراعية اتفاقات مع بنك التنمية لتمويل عملية تحديث الزراعة القطرية والتحول من الزراعات التقليدية الى الزراعات المحمية التي تروي بأجهزة ري حديثة ونظم ري متطورة. وفي ذات السياق، قال يوسف الخليفي أن وزارة البلدية ربطت ضمان هذا التمويل المصرفي للمزارع بشراء أصحابها معدات ري وبيوت محمية حديثة من أجل تطوير نظم الزراعة والري في مزارعهم. وبناء على ذلك حصلت عشرات المزارع على قروض من خلالها تم تشييد آلاف الصوب ومعدات الري الحديثة وأحرزت الوزارة تقدما محموداً في هذا المجال، ولازالت تحث اصحاب المزارع على تحديثها.
بدورهم، أكد خبراء بالبحوث الزراعية أن معدات الري بالتنقيط والرش والمحوري وفرت من 50 الى 65 % من المياه المستخدمة في الزراعة، بيد أن البحوث لم تقف عند هذا الحد فتطورت لأساليب زراعة توفر كميات اكبر من المياه ونظم ري اكثر حداثة يجري العمل عليها الآن ومن بينها الزراعات المائية التي توفر 90% من مياه الري ومساحات واسعة من الأراضي . يشير تقرير للإدارة العامة للبحوث والتنمية الزراعية الى 4 أهداف من وراء منح القروض للمزارع وهي: زيادة الإنتاج الوطني من الخضار والتمور والثروة الحيوانية والسمكية، المحافظة على الموارد الطبيعية مثل التربة والمياه، والحد من الصعوبات التي تواجه المزارعين، وتحسين جودة الإنتاج الزراعي والحيواني والسمكي”.
وحسب هذا التقرير يغطي التمويل الممنوح للمزارعين 80% من قيمة معدات الإنتاج الأساسية و60% من القيمة الاجمالية للمشروع وتمتد فترة سداد القروض للمشاريع الجديدة من سنتين الى 8 اعوام كاملة وتتضمن فترة سماح مدتها سنتان مع دفع الفائدة المستحقة فقط من 1 الى 1.5%. ويجب ان لا يتجاوز حد التمويل مليون ريال للمزرعة الواحدة، ويجب ألا يتجاوز حد التمويل 500 الف ريال للبيوت المحمية، ولا يتجاوز 500 الف ريال لتمويل معدات وادوات الري “، والحد الاقصى لتمويل العزبة الواحدة 250 الف ريال. وبالنسبة لسفن الصيد يتم صرف مبلغ 250 الف ريال للسفينة الواحدة، 150 الف ريال للمحرك، و60 الف ريال لقارب الصيد ومحركه على ألا تتجاوز عدد السفن التي يمولها البنك للطلب الواحد 3 سفن.
تقنيات جديدة
يؤكد الخبراء في إدارة البحوث الزراعية أن حرص وزارة البلدية والبيئة على تطوير البحوث الزراعية من اجل الاستغلال الأمثل للموارد الزراعية في إنتاج الغذاء مرده يرجع الى أن مساحة الأراضي الزراعيـة تشكل نحـو 6 % مـن مسـاحة دولـة قطـر، ولذلـك يتصـف القطـاع الزراعـي في دولـة قطـر بمحدودية مـوارده مـن أراضـي زراعيـة وميـاه وتحديات مناخيـة وبيئيـة صعبـة، كمـا أنـه لازالت أسـاليب الزراعـة الحديثة واسـتخدام التقنيـات والمعدات الزراعيـة الحديثة والـري بالتنقيـط لا تسـتخدم في غالبيـة المزارع ،الأمر الـذى أدى إلـى انخفـاض كفـاءة منظومـة الإنتاج النباتـي وإنتاجيـة القطـاع الزراعـي بشـكل عـام. ولذلك فلقد ركز الخبراء في ادارة البحوث الزراعية في الاستراتيجية التي تطبق حالياً للتنمية الزراعية على اسـتخدام تقنيـات زراعيـة جديـدة، وزراعـة تنقيطيـة بدلا مـن الزراعـة التقليديـة، وتغييـر أسـاليب الـري، والتخلـص مـن إنتـاج المحاصيل التــي تســتهلك كميــات كبيــرة مــن المياه.
وتتطلــب السياســة الزراعيــة الجديدة كذلــك التوســع في المنافذ التسـويقية، ودعـم المزارعين ، والتطبيـق الكامـل لإجراءات وتوجهات استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة بدلاً مـن المياه الجوفية، وذلك على الرغم من التكلفـة المترتبة علـى توصيـل شـبكات المياه المعالجة لتلـك المزارع، وصعوبـة تقبــل ذلــك مــن الناحيتـيـن الاجتماعية والدينيــة. كمــا يمكن زيــادة التوجــه نحــو دعــم الزراعــة المائية بــدون تربــة وإدخالهـا ضمـن المنظومة الزراعيـة، ومـا يقتـرن بذلـك مـن خفـض اسـتخدام مياه الري والمبيدات.
ويرى الخبراء أن الأسماك تساهم في الأمن الغذائي، ولكــي يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتــي مــن الثــروة السـمكية لابد مـن تنميـة مصايـد الأسماك وتشـجيع إقامـة مـزارع سـمكية متطـورة، وتنويـع الإنتاج السـمكي، وإقامـة صناعـات سـمكية، وتطويـر وتجهيز موانـئ الصيـد بالخدمات الأساسية، وإنشـاء مركـز أبحـاث لتحسـين إنتـاج الثـروة السـمكية، وإنشـاء محطـة نموذجية لتربيـة أسـماك المياه العذبـة، وتزويـد البحـر بكميـات مـن صغـار سـمك الهامـور، ومراجعــة التشــريعات الخاصة بالثــروة الســمكية وتطبيــق قوانــين فعالــة للمحافظــة علي الثروة السمكية. وفي هــذا الصــدد يجــب الإشارة إلـى ضـرورة متابعـة المشاريع التـي تقـوم بهـا إدارة الثـروة السـمكية الآن تنفيذا لتلك البحوث.
مشاريع متعددة.. والهدف واحد
في ذات الإطار، كشف مسعود جار الله المري “مدير إدارة البحوث والتنمية الزراعية بوزارة البلدية والبيئة “ عن استراتيجية الوزارة في توظيف البحث العلمي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، وذلك عبر حزمة من المشاريع البحثية، من بينها محطة البحوث الحيوانية برأس مطبخ التي تتكون من 3 مختبرات رئيسية للتغذية الحيوانية والتكاثر وبنك للموارد الوراثية الحيوانية و30 حظيرة، ويوجد في المحطة قطعان من الأغنام العواسي والشامي والإبل للاستعمال في البحوث والدراسات التي بدأ إجراؤها في المحطة بالآونة الأخيرة ،وتستهدف انتخاب سلالات جيدة من الحلال تدر إنتاجا كبيرا من الحليب واللحوم الحمراء وتضاعف أعداد المواليد.
وأكد المري “أن الباحثين يعملون حالياً على مشروع بحثي مع مركز شل للأبحاث والتكنولوجيا يستهدف الحد من تدهور جودة الأراضي واستنزاف المياه عبر زراعة عدد من الأعلاف لتحسين التربة “. وفي ذات السياق تعمل إدارة البحوث الزراعية على عدد من المشاريع الخاصة بإنتاج الأعلاف الخضراء، ومن أهمها محاصيل “ اللبيد، والصبار الأملس “ وتستهلك تلك المحاصيل 50% من المياه التي تستهلكها غيرها من الأعلاف الخضراء مثل الرودس والبرسيم ،وتصلح للزراعة في جميع انواع الأراضي وتحمل ذات الصفات التي يحملها البرسيم ، من حيث قيمتها الغذائية”.
وأوضح مسعود جار الله المري أنه “يتم استحداث عدد من أنظمة وتقنيات الري الجديدة للحد من استهلاك المياه ومن بين تلك التقنيات ما يعرف بالري السطحي وهو عبارة عن تقنية تسمح بإيصال المياه مباشرة إلى مناطق الجذور بنسق منتظم عبر أنابيب وقضبان مخبّأة تحت الأرض، ما يقلل من تأثير ارتفاع درجات الحرارة التي تزيد بخر الماء وتقلل تسرب المياه في باطن التربة خاصة المالحة أو شديدة الجفاف”. وحسب المري” بلغت نسبة استهلاك المياه خلال التجارب 68% عن مثيلاتها من الري التقليدي مثل الغمر والتنقيط وغيرها “.
تجفيف التمور
وأشار مسعود جار الله المري إلى أن” مشروع تجفيف التمور من المشاريع البحثية المهمة التي تم خلالها استبدال الطريقة التقليدية في تجفيف التمور تحت أشعة الشمس والرطوبة والتي كانت تستغرق فترة من 18 الى 20 يوماً بالتجفيف في غرفة البولي كاربونيت. ومن فوائده أنه يعطى ثماراً أكثر نظافة وجودة ، وبزمن تجفيف أقل منه” . وأوضح أن من أهم “ المشاريع البحثية المتعلقة بزيادة الإنتاج الحيواني التي نفذتها الوزارة ما يختص بزيادة بتحسين الصفات الوراثية لسلالات الماعز ورفع معدلات الإنجاب لديه وإنتاجها للحليب وتحسين معدلات النفوق فيها “.
من جانبه أكد الشيخ الدكتور فالح بن ناصر آل ثاني الوكيل المساعد للشؤون الزراعية والثروة الحيوانية والسمكية “ أن الاهتمام بالبحث العلمي هو المدخل الصحيح لتطوير القطاع الزراعي في البلاد، وتلك المراكز البحثية سيترتب عليها اقامة مشاريع للإنتاج الزراعي والحيواني والسمكي وسوف تحقق اكتفاء ذاتيا خلال فترة وجيزة واكتفاء للتصدير من كافة انواع الاسماك، وتحقيق اكتفاء ذاتي من الحليب ومشتقاته ومن اللحوم الحمراء” . وبين ان “تطوير نظم الري والتحول للزراعات الحديث ساهم في رفع معدلات إنتاج الخضار وقرب تحقيق الدولة اكتفاء ذاتي منه. وشدد على تواصل جهود الوزارة في دعم البحث العلمي”.
وكشف عن بدء الإجراءات التنفيذية لتشييد مركز بحوث زراعية ضخم على 5 مراحل في منطقة ام صلال وان خارطته ومخططاته وتصاميمه تم الانتهاء منها وقريباً يبدأ التنفيذ وينتهي العمل في كل مراحله بنهاية الخطة الخمسية الحالية..
الري التقليدي يستنزف المياه الجوفية أولت ادارة البحوث الزراعية أهمية خاصة لخزان المياه الجوفي وضرورة الحد من استنزاف المياه نظراً لأهمية المياه في الزراعة وتحقيق الاكتفاء الذاتي للبلاد من الأغذية، ومضت الإدارة في إجراء بحوث ودراسات تستهدف تطوير نظم الري نظـرا لقلـة معـدل سـقوط الأمطار، حيـث تنحصـر مـوارد المياه في 3 مصادر وهي: “المياه المعاد تدويرها، والمياه المحلاة، والمياه الجوفية التي تعاني جميعها من انخفاض الكفاءة وتؤثر في تحقيق الأمن الغذائي للدولة”.
وتكشف تقارير الوزارة ان “معـدل اسـتنزاف المياه الجوفية المستخدمة في الزراعة يفـوق معـدل تجددها، حيـث وصـل الاستنزاف الآن 319 مليــون م3 سنوياً، بينمــا بلــغ معــدل التغذيــة مــن المصادر المتجددة الطبيعيــة 217 مليون م3 سنويا، وهذا رقم يمثل عجزا واستنزافا سنويا لمخزون المياه الجوفية بمقدار 102 مليون متر مكعب سنويا، ويرجع ذلك لاتباع طــرق ري تقليديــة كالغمــر وقلــة اســتخدامها للتقنيــات الحديثة، وإن اســتمرار الضــخ الجائر سوف يؤثـر علـى المياه الجوفية وعلـى نوعيتهـا”. ومن هذا المنطلق رأت إدارة البحوث والتنمية الزراعية بأنه ليـس هنـاك مـن وسـائل للمحافظـة علـى خزان المياه الجوفي سـوى” التـزام جميـع المزارع بتركيـب أنظمـة ري حديثـة واسـتخدام المحاصيل المناسبة الاقل استهلاكاً للمياه ورفع كفاءة الري ومراقبة استهلاك الآبار وزيادة استعمال المياه المعالجة في الزراعية والإسراع في اعتماد قانون تنظيم حفر آبار المياه الجوفية”.
أهداف طموحة وعوائق على الطريق
وتشير خطط الإدارة العامة للبحوث الزراعية بوزارة البلدية والبيئة إلى أن استراتيجيتها تبنى على “الاستغلال الأمثل للمـوارد الطبيعيـة واستدامتها لسـكان قطـر”، وذلك مــن خلال تحقيق خمسة أهداف، منهـا هدفـان يخصـان قطـاع المياه الى جانب 3 أهـداف أخرى تتعلق بمنظومـة الإنتاج النباتـي والسـمكي والحيواني من أجل تحقيق الاكتفاء وتعزيز الأمن القومي الغذائي للدولة.
وتدور تلك الخطط حول 14 تحديا بمجال الأمن الغذائي الزراعي من بينها 5 تحديات بمجالات الشـؤون والبحـوث الزراعيـة ترتكز على النقاط التالية:” تدني كميات الإنتاج الزراعـي، وعـدم اسـتنباط أصنـاف ملائمة من المحاصيل للطقـس، وبالتالـي ضعـف مسـاهمته في الأمن الغذائـي، وكذلـك عـدم مواكبـة القوانيـن والتشـريعات الخاصة بالإنتاج الزراعـي لاستراتيجية الأمن الغذائي في الدولـة، هـذا بالإضافة إلـى ضعـف مواكبـة البنيـة التسـويقية لمعدل النمو في الإنتاج الزراعـي الإجمالي، وقلة موارد المكونات العلفية في البلد، وبالتالـي لابـد مـن دراسـة إيجـاد مصـادر علفيـة غيـر تقليديـة، وتحسين القيمـة الغذائيـة للمخلفـات الزراعيـة”.
كما تشير الى وجود 4 تحديات في مجــال الثــروة الســمكية وهي “وضــع برنامــج وطنــي للإستغلال الأمثل والمستدام للمصايــد الســمكية نظــرا لمحدودية مناطــق الصيــد واســتنزاف المصايد الســمكية ومخزونهــا، كذلــك نــدرة المزارع الســمكية التجاريــة التــي تســاهم في زيــادة الإنتاج الســمكي المحلي، ومحدوديــة توفــر بعــض التجهيــزات والخدمات الضروريـة لسـفن الصيـد في بعـض موانـئ الصيـد، وأخيـرا عـدم وجـود صناعـات سـمكية تحويلية تسـاهم في تنويـع وزيــادة المنتجات الســمكية”.
في مجـال الثـروة الحيوانية، فـإن” ضعـف مسـاهمة القطيـع الإجمالي في الأمن الغذائـي” يشـكل واحدا من 5 تحديات تواجه القطاع، وبالتالـي لابـد مـن رفـع نسـبة مسـاهمته في تحقيق الاكتفاء الذاتـي ليصـل إلـى 65 % للحـوم الحمراء بنهاية الخطة الراهنة، وخصوصـا بعـد انتهـاء كهرماء مـن توفيـر البنيـة التحتيـة لعـدد 3700 عزبـة، الأمر الـذي يتطلـب مـن الجهة المشرفة علـى العـزب التأكـد مـن تواجـد علـى الأقل الحد الأدنى المسموح بـه مـن القطيع او المواشي في كل عزبة من العزب، كذلـك عـدم شـمول الخدمات البيطريــة لــكل مجمعــات العــزب، وتوفيــر المحاجر والمختبرات البيطريــة في مطــار حمــد الدولــي ومينــاء الدوحة الجديد، وعــدم تصنيــف سلالات الانواع المختلفة مــن القطيــع الإجمالي للمواشــي، وعــدم تســجيل وصيانـة الموارد الوراثيـة والحيوانية والنباتيـة في الدولـة.
نظم زراعية معاصرة
قال علي الكعبي مالك المزرعة العالمية إن تحديث قطاع الزراعة من اجل احداث تنمية مستدامة يتطلب المزيد من الدعم من قبل الدولة للنظم الزراعية الحديثة لاسيما للصوب المبردة التي يمكن ان تنتج خلال فصل الصيف، ونحن كمزارعين توسعنا بقدر ما نستطيع”، وأشار الكعبي الى توسعه في زراعة الخضار بمزرعته بنسبة تصل الى 13 % عبر اقامة بيوت محمية مبردة. واوضح بأن التوسع بالزراعة” امتد ليشمل الكثير من المزارع بالدولة والتي كانت بور”.
واشار الى انه باعتباره مالك مصنع لإنتاج البيوت المحمية المتنوعة “وقع عقوداً مع اصحاب مزارع لتنفيذ 235 بيتا مبرداً محمياً ومكيفاً وعادياً مع شبكات الري بـ 7 مشاريع ومزارع مهجورة “. وحول كلفتها اشار إلى ان “ كلفة المتر 110 ريالات للبيوت العادية، ومن 200 إلى 300 للمتر بالنسبة للصالات”.
وتبلغ مساحة المزرعة العالمية 125 ألف متر تقريبا وتتبع نظام الزراعة عبر الهايدروبونيك وفي المزرعة العالمية 101 بيت محمي. وفي الآونة الأخيرة وقعت وزارة البلدية والبيئة ممثلة بقطاع شؤون الزراعة والثروة السمكية ومجموعة القمرا القابضة، عقدا لإقامة مشروع للاستزراع السمكي بالأقفاص العائمة في البحر بالمنطقة الشمالية من الدولة. وأكد الشيخ الدكتور فالح بن ناصر آل ثاني أن هذا المشروع، وهو الأول من نوعه في دولة قطر، سيوفر حوالي الفي طن من الأسماك ذات الجودة العالية، والتي تحظى بإقبال كبير من المستهلكين.