وكالات – بزنس كلاس:
بات واضحاً الانقسام في المشهد الأمريكي حيال الجريمة البشعة التي ارتكبتها السعودية بحق الإعلامي السعودي المغدور جمال خاشقجي بعد إقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بأنه على قناعة بأن ولي العهد السعودي كان يعرف بخصوص الجريمة وربما يكون المسؤول عنها مع إصراراه على ” التقليل من شأن الجريمة وتسخيفها” كي لا تؤثر على مواضيع كبيرة جداً تهم الاقتصاد الأمريكي كإلغاء عقود التسليح مع السعودية.
وفي التفاصيل، فتح المدير السابق للمخابرات المركزية الأمريكية “سي آي أيه” جون برينان ومسؤول سابق في الـ”سي آي أيه” “النار” على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد بيان دونالد ترامب الليلة بشأن مقتل جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول التي أثارت حكومات وشعوب العالم.
وشدد مدير CIA السابق جون برينان على أنه لا ينبغي أن يفلت أحد في السعودية من المحاسبة وخصوصاً ولي العهد، مطالباً أعضاء الكونغرس بالتحرك للنظر في ما خلصت إليه وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بشأن دور بن سلمان في قتل خاشقجي، فيما وصف المسؤول السابق في CIA نيد برايس بيان ترامب (بشأن خاشقجي) بأنه يساوي بين تقرير المخابرات الأمريكية ذي المصداقية العالية والإنكار السعودي.
وفي الوقت الذي كان العالم يترقب ظهور ترامب بعد تقرير المخابرات الأمريكية الذي أكد أن بن سلمان هو من أمر بقتل خاشقجي، بحسب وسائل إعلام نشرت فحوى تقييم الـ “سي آي إيه”، قال ترامب في بيان صادر عن البيت الأبيض، قبل أن يخرج بتصريحات صحفية لاحقاً، إنه من المحتمل جداً أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان على علم بقتل جمال خاشقجي، لكن “في كل الأحوال علاقتنا هي مع المملكة العربية السعودية”.
ووصف ترامب في البيان جريمة قتل جمال خاشقجي بأنها “جريمة فظيعة لا يمكن أن تتهاون فيها بلادنا”، مشيراً إلى أن واشنطن فرضت عقوبات على 17 سعودياً تبين أنهم متورطون في قتل خاشقجي والتخلص من جثته.
وأضاف أن “وكالاتنا المخابراتية تواصل تقييم المعلومات، لكن من المحتمل جداً أن ولي العهد كان على علم بهذا الحدث المأساوي.. ربما كان يعلم وربما لم يكن يعلم”.
وأضاف ترامب “قد لا نعلم أبداً كل الحقائق المتعلقة بمقتل جمال خاشقجي”، ثم أردف قائلاً “في كل الأحوال، علاقتنا هي مع السعودية.. إنها حليف عظيم في كفاحنا المهم جداً ضد إيران”، حسب قوله.
وتابع ترامب: “الولايات المتحدة تنوي البقاء شريكاً راسخاً للسعودية لضمان مصالح بلادنا وإسرائيل وكل الشركاء الآخرين في المنطقة”، متطرقاً إلى صفقات الأسلحة التي أبرمها مع السعودية، قائلاً “إذا ألغينا هذه العقود بحماقة، ستكون روسيا والصين هما المستفيد الكبير، وسيسعدان كثيراً بالحصول على هذه الصفقات”، وأضاف “ستكون هدية رائعة لهما من الولايات المتحدة مباشرة”.
وبشأن موقف الكونجرس من السعودية بعد جريمة قتل خاشقجي، قال ترامب: “أفهم أن هناك أعضاء في الكونغرس يرغبون -لأسباب سياسية أو غير ذلك- في الذهاب باتجاه مختلف، وهم أحرار في القيام بذلك”. وأضاف “سأنظر في أي أفكار تقدم لي، ما دامت تتسق مع أمن أمريكا وسلامتها”.
وبعد ترحيبها بالعقوبات الأمريكية التي تم فرضها قبل أيام على 17 سعودياً، أكدت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند تعقيباً على بيان ترامب أن ملف قضية مقتل خاشقجي لم يُغلق وأن كندا تطالب السعودية بتحقيق شفاف وموثوق، متوعدة بأن بلادها ستثير قضية خاشقجي أثناء قمة العشرين المقبلة في الأرجنتين، مؤكدة أن التفسيرات السعودية حتى اللحظة بشأن قتل خاشقجي تفتقد للمصداقية وغير متماسكة.
وفي وقت سابق كشف وزير الدفاع الأمريكي الأسبق ليون بانيتا أن التقرير الذي قدمته “سي آي أيه” للرئيس دونالد ترامب بشأن التقييم الخاص بقضية خاشقجي يحمل درجة “الثقة العالية”، موضحاً في لقاء بثته شبكة “إم إس إن بي سي” الأمريكية أن درجة التصنيف هذه تعني أن هناك دليلاً واضحاً وقوياً على تورط ولي العهد السعودي بشكل مباشر في عملية قتل خاشقجي، مشيراً إلى أن الآخرين يعلمون ذلك، أكانت تركيا أم دولاً أخرى، بحسب “الجزيرة نت”.
وفي السياق ذاته، أكد مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية -اطلع على تقييم الـCIA بشأن مقتل خاشقجي- أن ولي العهد السعودي هو من أصدر أوامر القتل.
وقال المسؤول -الذي طلب عدم كشف هويته- لشبكة “أي بي سي” الأمريكية إن ضلوع محمد بن سلمان في اغتيال خاشقجي واضح بشكل صارخ، مؤكداً أن ثمة إجماعا على أن القيادة السعودية متورطة في عملية الاغتيال.
وكانت وسائل إعلام أمريكية ووكالات أنباء عالمية كشفت نقلاً عن “سي آي إيه” عن دور خالد بن سلمان شقيق ولي العهد وسفير السعودية لدى الولايات المتحدة الأمريكية في استدراج خاشقجي إلى إسطنبول بناءً على طلب من محمد بن سلمان، مؤكدة أن تقرير المخابرات الأمريكية خلص إلى أن ولي العهد السعودي هو من أمر بقتل جمال خاشقجي.
ونقلت رويترز عن مصدر مطلع قوله إن وكالة المخابرات الأمريكية تعتقد أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمر بقتل جمال خاشقجي في اسطنبول مما يعقد جهود الرئيس دونالد ترامب للحفاظ على العلاقات مع حليف رئيسي للولايات المتحدة.
وأضاف المصدر يوم الجمعة أن الوكالة أطلعت جهات أخرى بالحكومة الأمريكية على استنتاجها الذي يتناقض مع تأكيدات الحكومة الأمريكية بعدم تورط ابن سلمان في هذا الأمر.
ويمثل ما توصلت إليه وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أوضح تقييم أمريكي حتى الآن يربط ولي العهد السعودي بهذه الجريمة بشكل مباشر، بحسب “رويترز”، فيما امتنع البيت الأبيض ووزارة الخارجية عن التعليق.
وفي السياق ذاته قالت صحيفة واشنطن بوست، الجمعة، إن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية خلصت إلى أن بن سلمان أمر باغتيال خاشقجي، مشيرة نقلاً عن أشخاص مطلعين على هذا الأمر إن “الـCIA توصلت إلى استنتاجها بعد تقييم عدة مصادر للمخابرات من بينها اتصال هاتفي أجراه الأمير خالد بن سلمان شقيق ولي العهد وسفير السعودية لدى الولايات المتحدة الأمريكية مع خاشقجي.
وأضافت أن الأمير خالد أبلغ خاشقجي ضرورة ذهابه إلى القنصلية السعودية باسطنبول للحصول على الوثائق التي يحتاجها من أجل زواجه من امرأة تركية وقدم له تأكيدات بأنه لن يمسه أذى.
وقالت الصحيفة نقلاً عن أشخاص على دراية بهذه المكالمة إنه لم يتضح ما إذا كان الأمير خالد كان يعرف أن خاشقجي سيُقتل ولكنه أجرى هذا الاتصال بناء على توجيهات شقيقه، لافتة أيضاً إلى أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية فحصت أيضاً مكالمة من داخل القنصلية السعودية في اسطنبول بعد قتل خاشقجي.
ونقلت “واشنطن بوست” عن أشخاص استمعوا لهذه المكالمة قولهم إن ماهر مطرب، وهو مسؤول أمني كثيراً ما شوهد بجوار الأمير محمد، أجرى هذا الاتصال بسعود القحطاني، وهو من كبار مساعدي الأمير محمد، ليبلغه بأن العملية تمت.