مستقبل الدولار الأمريكي..

وكالات – بزنس كلاس:

أعلنت إيران الأسبوع الماضي بأنها استغنت عن التعامل بالدولار الأمريكي في صفقات الحكومة الإيرانية الأجنبية والتحول عوضاً عن ذلك لاستخدام العملة الأوروبية الموحدة “اليورو”، الإجراءا الذي يطرح عدة تساؤلات حول قيام دول أخرى بنفس الإجراء وما مدى تأثير ذلك على الدولار الأمريكي إضافة للتساؤل عن الأهمية الرمزية للدولار وسر احتفاظه بقوة الحضور في العالم رغم تراجع الدور الاقتصادي للولايات المتحدة الأمريكية.

كما يعلم الجميع، بقي الدولار لسنوات عديدة العملة الأقوى في العالم، والرسمية لدى البنوك المركزية في احتياطاتهم النقدية، إلى جانب معدن الذهب والمقوم في النهاية بالدولار.

واستحواذ الورقة الخضراء على تلك المكانة لسنوات دون وجود منافس حقيقي جعل من الصعب وجود بديل قوي لها، على الرغم أن احتياطي الدول من الدولار انخفض لأقل مستوى في 4 أعوام خلال الربع الأخير من 2017.

كيف أصبح الدولار العملة الأولى في العالم؟

ولايأتي الاعتماد على الدولار كعملة الاحتياطي النقدي الرئيسية في دول العالم نتيجة المكانة التي يشغلها الاقتصاد الأمريكي  من الاقتصاد العالمي، لأنه وفقاً لهذا المنظور فإن العملة الأمريكية ستخسر في المنافسة.

والسبب في ذلك أنه منذ الحرب العالمية الثانية وانخفضت حصة الولايات المتحدة في الناتج الإجمالي المحلي العالمي من نحو 30% إلى 18%، لتتجاوز حصة الصين بـ2% فقط، كما أن حصة الأسواق الناشئة في الناتج الإجمالي المحلي العالم ارتفعت من 40% إلى 60%.

وعلى الرغم من ذلك كله فإن السياسة المالية العالمية لم تتغير وفقاً لتلك التطورات وحافظ الدولار على مكانته، وكلمة السر في ذلك “بريتون وودز”.

و”بريتون وودز” هو اتفاق تاريخي للإدارة النقدية لسعر الصرف، ونُسب اسم الاتفاقية إلى المكان الذي عُقد فيه وذلك في عام 1944، وأصبح بموجبه الدولار الأمريكي هو عملة الاحتياطي النقدي في العالم ومرتبط بسعر معدن الذهب.

وبموجب الاتفاقية أصبحت البنوك المركزية تحتفظ بأسعار صرف ثابتة بين عملاتها والدولار، وفي المقابل ستقوم الولايات المتحدة باستبدال الدولار الأمريكي بالذهب عند الطلب.

واستمر العمل بهذا النظام حتى 15 أغسطس 1971، وذلك حينما أعلن الرئيس الأمريكي “ريتشارد نيكسون” وقف استبدال الدولار بالذهب وهو أهم أركان نظام “بريتون وودز”.

ثم في عام 1973 سمحت الحكومات الأجنبية بتعويم العملات الأمر الذي وضع حداً لنظام “بريتون وودز”.

وحتى سبعينيات القرن العشرين، كان حوالي ثلثي الناتج المحلي الإجمالي العالمي مرتكزًا على الدولار،و تم تقسيم الباقي إلى حد كبير بين الجنيه الإسترليني والروبل السوفيتي.

لماذا الدولار هو الأقوى؟

أسباب عديدة دفعت الدولار إلى التربع على قائمة أقوى عملة على مستوى العام، وذلك بخلاف حجم وقوة الاقتصاد الأمريكي.

ومن ضمن تلك الأسباب هو أن أكثر من ثلث إجمالي الناتج المحلي العالمي يأتي من دول تربط عملاتها بالورقة الخضراء، ومن بين تلك الدول 7 حكومات اعتمدت الدولار رسمياً.

 سوق الصرف الأجنبي.. أكثر من 85% من تلك التجارة تقوم بالاعتماد على الدولار، كما يتم إصدار 39% من الديون العالمية باستخدام العملة الأمريكية.

ويعد إقبال الدول على الاحتفاظ بالعملة الأمريكية في احتياطاتها واستحواذها على المركز الأول في هذا الصدد، دليلاً على قوة العملة الأمريكية، فضلاً عن استخدامها في المعاملات الدولية.

كما أن معظم عقود السلع العالمية مقومة بالدولار الأمريكي، خاصةً النفط والذهب وهما من أهم السلع العالمية، مما يجعل معاملات تلك السلع تتم باستخدام الورقة الخضراء.

كما أن العملة الأمريكية كانت دائماً قادرة على تخطي العثرات التي تتعرض لها وذلك أثناء فترات السبعينات والثمنينات، وفي الفترة من 1991 إلى 1993.

وعلى الرغم أن الجميع كان يراهن عن انهيار الدولار، وفكرت العديد من الحكومات في إنهاء ربط عملتها بالعملة الأمريكية إلا أنها كانت تعود أقوى من الأول.

هناك منافسين؟

في مارس 2009 دعت الصين وروسيا إلى عملة عالمية جديدة تُصبح عملة الاحتياطي النقدي لدول العالم، وتكون مستقلة وبعيدة عن التقلبات، فضلاً عن إزالة أوجه القصور الناتجة عن استخدام العملات الوطنية المرتبطة بالائتمان.

ودعت الصين صندوق النقد الدولي بالفعل لتنفيذ ذلك، نتيجة مخاوفها أن تصبح التريليونات التي تمتلكها بالعملة الأمريكية أقل قيمة نتيجة لزيادة عجز الإنفاق في الولايات المتحدة، وإصدار سندات الخزانة الأمريكية لدعم الديون.

كما أصبحت بعض الدول تتجه للاحتفاظ بعملات أخرى بخلاف الدولار في احتياطاتها النقدية، حيث ارتفعت نسبة الاحتفاظ بالين في احتياطات الدول إلى أعلى مستوى منذ 2002 عند 4.89% في الربع الرابع من العام الماضي.

كما دخل اليوان الصيني ضمن عملات احتياطيات الدول في الربع الرابع من 2016، وبلغت إجمالي حيازة الدول من العملة الصينية إلى 1.23% في الربع الأخير من 2017، مقابل 1.12% في الربع السابق لها.

ومع دخول اليوان عملات حقوق السحب الخاصة بالتابع لصندوق النقد الدولي اعتبر الكثيريين أنه قادر على أن يحل بدلاً من الدولار في صدارة العملات المستخدمة عالمياً، لكن حقيقة تراجع وتيرة استخدامه في المعاملات التجارية والقواعد الصينية بشأن سعر الصرف قللت من هذا الاعتقاد.

وتشير قواعد البنك المركزي الصيني إلى تحديد سعر مرجعي لليوان يومياً ويُسمح فقط بوجود هامش صعود أو هبوط يبلغ 2% من هذا المستوى.

السابق
مصادر: عقبات تقف بوجه إتمام عملية اندماج بنوك قطر
التالي
إيران تؤيد رفع إنتاج النفط.. اذا استمرت الأسعار بالارتفاع