الدوحة – وكالات – بزنس كلاس:
كان أبرز وجوه الحصار الجائر الذي حاولت بعض الدول الخليجية ومصر فرضه على قطر، حصارها اقتصادياً ومالياً وضرب سعر صرف الربال القطري وسحب الدولار من السوق القطرية، لكن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة والمؤسسات القطرية إضافة لقوة الاقتصاد القطري ومستوى الاحتياطي الضخم الذي يمكن للبنك المركزي أن يتصرف به بمرونة كبيرة جعلت محاولات الحصار تذهب هباء منثوراً.
فقد ارتفعت تعاملات شركات الصرافة المحلية بنسبة 35 % للحوالات مع الدول العربية والآسيوية والأوروبية، كما نمت تعاملات بيع الدولار الأميركي وشرائه بواقع 50 % مقارنة بمستوياتها للفترة نفسها من الموسم الماضي.
وأكد مسؤولو شركات الصرافة ومديروها فشل الحصار -المفروض على دولة قطر منذ أكثر من شهرين من قبل كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر- في خلق مشكلة في تعاملات الدولار والحوالات، وذلك بعد ارتفاع التعاملات إلى مستوى قياسي لم تشهده من قبل؛ مما زاد من الثقة في السوق المصرفي، وأتاح لشركات الصرافة التوسع في استيراد الدولار من مصادر مختلفة، منها بعض الدول الآسيوية، مثل سنغافورة، وهونج كونج، ودول خليجية هي الكويت وسلطنة عُمان.
وأكدت الشركات على ارتفاع تعاملاتها إلى حوالي 100 مليون ريال حوالات يومية بالدولار إلى الدول العربية والآسيوية والأوروبية خلال الشهرين الماضيين، رغم الحصار المفروض على قطر. كما ارتفعت تعاملات بيع الدولار وشرائه إلى حوالي 20 مليون دولار يومياً، استطاعت شركات الصرافة المحلية توفيرها للمتعاملين من المواطنين والمقيمين.
ويشهد سوق الصرافة حالياً هدوءاً على مستوى التحويلات المالية بالدولار والعملات الرئيسية وعمليات بيع الدولار وشرائه، بعد إقبال كبير من المتعاملين خلال هذا الموسم، الذي يُعتبر الأعلى خلال السنوات الماضية.
وفرة الدولار
وأكد السيد جمعة المعضادي -الرئيس التنفيذي لشركة الدار للصرافة- على أن شركات الصرافة في السوق المحلي -ومنها الدار- استطاعت توفير الدولار بالمبالغ المطلوبة لكل المتعاملين بدون مشكلة، رغم أزمة الحصار ومنع استيراد الدولار من دول الحصار.
وأضاف أنه قد جرى التوسع في عمليات الاستيراد وفتح منافذ جديدة للحصول على الدولار من دول جديدة، أهمها هونج كونج، وسنغافورة، وعُمان، والأردن، وفي الطريق الكويت. حيث جرت تغطية السوق المحلي وتلبية جميع طلبات الشراء للدولار باعتباره العملة الرئيسية للتعاملات في السوق المحلي، إضافة إلى التغطية الشاملة لعمليات الحوالات المالية بالدولار إلى جميع أنحاء العالم، باعتبار تسوية هذه الحوالات مع البنوك المتفق معها بدون أي مشاكل.
احتياطيات كافية
وأكد المعضادي أن هناك ثقة متزايدة في السوق المحلي، بسبب الوضع الاقتصادي القوي للدولة، وتراجع التأثيرات السلبية للحصار المفروض على قطر بفضل الإجراءات التي اتخذتها الدولة لمواجهة هذا الحصار ونجحت فيها على المستويات كافة. وأشار إلى أن شركات الصرافة لديها احتياطيات من الدولار والعملات الرئيسية الأخرى تغطي الاحتياجات المختلفة للأفراد، بعد أن تنوّعت مصادر شراء الدولار من دول جديدة في آسيا وأوروبا، ساهمت في زيادة الاحتياطيات لدى الشركات، موضحاً أن زيادة الطلب على الدولار واليورو في مثل هذه المواسم طبيعية، وبخاصة للمقيمين الذين يحوّلون أموالاً إلى أسرهم بالخارج.
قنوات اتصال جديدة
من جانبه، يؤكد عمرو عبدالله -مدير إدارة الفروع في شركة الجزيرة للصرافة- أن الحصار المفروض على قطر منذ أكثر من شهرين من قبل كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، فشل تماماً في خلق مشكلة في تعاملات الدولار والحوالات في قطر، بل إن الموسم الحالي قد شهد زيادة في تعاملات الحوالات للدول العربية والآسيوية بنسبة 35 %، كما ارتفعت تعاملات الدولار من بيع وشراء بنسبة 50 %؛ مما زاد من الثقة في السوق القطري، وأتاح لشركات الصرافة التوسع في استيراد الدولار من مصادر مختلفة، منها بعض الدول الآسيوية، مثل سنغافورة وهونج كونج، ودول خليجية هي الكويت وسلطنة عُمان.
أسعار ذات أفضلية
ويضيف عبدالله أن أسعار الدولار في هذه الدول كانت أرخص من أسعار دبي التي كانت المصدر الأول للدولار قبل الحصار؛ لذلك قررت شركات الصرافة التعامل بصفة مستمرة مع هذه الدول، وعدم التعامل مع دبي إطلاقاً حتى في حالة انتهاء الحصار؛ فهذه الدول تأكدت من قوة الاقتصاد القطري وقدرته على التعامل مع الأزمات المختلفة، كما أن الدولة أكدت من خلال سياستها لإدارة الأزمة أن التعامل يكون بالأخلاق وليس بالعقود، وهو ما تأكدت منه هذه الدول التي قدّمت أسعاراً ذات أفضلية عن الأسواق الأخرى.
ويوضح عبدالله أنه رُبّ ضارة نافعة، حيث فتحت الأزمة قنوات اتصال جديدة لشركات الصرافة بدلاً من الاعتماد على مصدر واحد فقط، أتاحت الفرصة لشركات الصرافة لتنويع مصادرها بما يحقق مصالحها ومصالح المتعاملين معها، حيث نجحت في توفير الدولار طوال أيام الموسم، رغم الطلب الكبير عليه بنسبة زادت عن 50 % عن الموسم الماضي.
ويتوقع عبدالله استمرار نمو السوق خلال الشهور المتبقية من عام 2017، على مستوى التعاملات في الحوالات أو الدولار؛ فهناك ثقة متزايدة من المستثمرين المحليين والأجانب في السوق القطري، والإجراءات التي اتخذتها الحكومة للتعامل مع الأزمة في القطاعات كافة، كما أن عملاء شركات الصرافة تأكدوا من أنه ليس هناك أزمة في الدولار أو الحوالات، بل إن هناك وفرة في الدولار، ويمكن الشراء بأي كميات وتحويلها إلى الخارج، إضافة إلى مناخ الاستقرار الذي زرعته الحكومة في المجتمع خلال الشهرين الماضيين، وروح التكاتف والتعاون بين الجميع.
ويضيف عبدالله أن شركات الصرافة بدأت في اتباع نظام جديد يعتمد على التعامل مباشرة مع شركات وبنوك توريد الدولار بدون شركات وسيطة كما كان متبعاً من قبل؛ مما قلّل من التكاليف التي تتحملها هذا الشركات، وساهم في توفير الدولار بسرعة وبدون أي تأخير.
السيولة
وكان مصرف قطر المركزي قد أكد تسارع وتيرة نمو موجودات قطاع شركات الصرافة من 10.3 % سنة 2015 إلى 17.5 % سنة 2016، وحدثت زيادة حادة في النقد والمعادن الثمينة، تليها زيادة في مستحقات البنوك. وبلغ إجمالي الموجودات في نهاية عام 2016 حوالي 1.5 مليار ريال. وتحسنت السيولة لدى محالّ الصرافة مع استمرار تحسن حصة النقد والمستحقات من البنوك في إجمالي الموجودات بشكل ملحوظ خلال عام 2016 عن العام السابق. كما تحسنت نوعية رأس المال خلال الفترة نفسها بسبب الارتفاع الحاد في حصة رأس المال المدفوع في إجمالي رأس المال. ومع نمو موجودات شركات الصرافة بالتزامن مع نمو موجودات البنوك، ظلت نسبة موجوداتها إلى موجودات المصارف مستقرة عند 0.12 % في السنوات الأربع الماضية.
أوضاع السوق مستقرة
ويقوم المركزي حالياً بالتنسيق مع شركات الصرافة للتعرف على أوضاع السوق، وتسهيل حصول الشركات على الدولار من خلال استيراده من دول أوروبية وآسيوية جديدة، والموافقة فوراً على الاتفاقيات التي تبرمها شركات الصرافة مع هذه الدول لتوفير الدولار، كما يسعى «قطر المركزي» إلى استقرار السوق بالأسعار الرسمية، وتوفيره خلال موسم الإجازات، والموافقة على أي طلبات لشركات الصرافة طالما تتوافق مع القانون والضوابط التي يصدرها «المركزي».
وأصدر «المركزي» تعليمات مشددة إلى شركات الصرافة بمنع إرسال أي تحويلات بالمبالغ الكبيرة إلى الشركات والمؤسسات بالخارج، إلا بعد التأكد من وجود خطاب من هذه الجهات بالمبلغ المطلوب والغرض من التحويل، سواء الدراسة أو العلاج أو السياحة أو غيرها من الأسباب؛ وذلك للتأكد من حقيقة التحويل المالي والغرض منه.