نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية المختصة بالشؤون الاقتصادية مقالاً مطولاً عن الأزمة الخليجية والحصار المفروض على قطر من قبل السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر، منوهة بالإجراءات التي اتخذتها الدوحة لتعزيز أمنها الاقتصادي وتوفير مسارات تجارية بديلة عن تلك التي قطعتها معها دول الحصار.
وتحدثت “وول ستريت جورنال” عن سعي قطر التي يحاصرها بعض جيرانها في مواجهة دبلوماسية متصاعدة، إلى تسريع الجهود الرامية إلى تعزيز اقتصادها وأمنها.
وقالت وول ستريت جورنال بأن الدولة الغنية بالغاز على وافقت مشروع قانونٍ يمنح الإقامة الدائمة لبعض الأجانب، مثل العمال ذوي المهارات العالية، وفقًا لما ذكرته وكالة أنباء قطر الرسمية في وقتٍ متأخر من يوم الأربعاء الماضي. وتعد هذه خطوة غير مسبوقة في منطقة الخليج، حيث تهدف إلى جعل قطر الصغيرة وجهة أكثر جاذبية للمغتربين الحيويين لتنميتها.
كما أعلنت وزارة الخارجية القطرية يوم الأربعاء إبرام اتفاقٍ وقعته في يونيو/حزيران من العام الماضي لشراء سبع سفنٍ بحرية إيطالية بقيمة 6 مليارات دولار، ما يعزز من قدراتها العسكرية.
وأوضحت الوكالة أنّ سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، قد أصدر توجيهاته إلى الحكومة للتركيز على تعزيز القطاعات المهمة بالنسبة للبلاد، في حين يواجه أسوأ أزمة دبلوماسية لبلاده منذ عقود.
وكانت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر قد قطعت فجأة العلاقات الدبلوماسية وبعض العلاقات التجارية مع قطر، واتهمتها بإيواء ودعم الجماعات الإسلامية مثل جماعة الإخوان المسلمين وحماس، واستشهدت بعلاقتها المزعومة مع الجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة، الأمر الذي تنكره الدوحة بشدة. كما تنتقد السعودية وحلفاؤها السنة علاقات قطر الودية مع إيران الشيعية، أكبر منافسة للمملكة على السلطة والنفوذ في الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من صغر حجم قطر، وعدد سكانها الذي يبلغ نحو 2.26 مليون نسمة، منهم 12% فقط من المواطنين القطريين، فقد سعت إلى تعزيز أهميتها السياسية من خلال العمل كوسيطٍ في النزاعات الإقليمية. بيد أنّ هذا التحرك قد أغفل جيرانًا لا يقبلون التسامح مع الأطراف العدائية من أجل الدبلوماسية.
وقد سعت قطر، التي تواجه حصارا طويلاً، إلى تعزيز علاقاتها مع الحلفاء الغربيين للمساعدة في حل أزمة الخليج، التي تضر أيضًا باقتصادها.
وأدى الحظر الذي فرضه التحالف على النقل البري بين قطر والسعودية إلى تعطيل الطرق التجارية الصغيرة إلى الدولة الخليجية، مما أثر على الواردات الحيوية للبلاد مثل المواد الغذائية ومواد البناء. وتقع حدود قطر البرية الوحيدة مع السعودية، في حين أنّها توجه أيضًا جزءًا كبيرًا من بضائعها عبر موانئ الإمارات. وقد اضطرت شركة الخطوط الجوية القطرية إلى إعادة توجيه الرحلات الجوية لتجاوز حظر المجال الجوي، ما أضاف المزيد من الوقت والتكاليف.
ويقول محللون يتابعون اقتصاد قطر أنّ تعاقدات الواردات قد زادت بنسبة 40% على أساسٍ سنوي في يونيو/حزيران، وفقًا لبيانات قطر التجارية، الأمر الذي أثر على اقتصادها غير النفطي.
وقالت «مونيكا مالك»، كبير الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري: «نعتقد أنّ التأثير كان قويًا بشكلٍ خاص في يونيو/حزيران، نظرًا للوقت اللازم لإعادة توجيه الواردات».
ولمواجهة حظر النقل، فتحت قطر طرقًا تجارية جديدة، على سبيل المثال عبر موانئ سلطنة عمان والمجال الجوي الإيراني، وهي تتعامل مع موردين جدد من بلدان مثل تركيا.
وقالت السيدة «مونيكا» أنّ واردات قطر من المرجح أن تعود إلى طبيعتها في الأشهر المقبلة حيث تصبح هذه التدابير فعالة، لكنّها ستأتي بتكلفة أعلى مع وقتٍ أطول للنقل.
وقدمت الدوحة هذا الأسبوع شكوى رسمية إلى منظمة التجارة العالمية ضد المقاطعة التجارية التي تقودها السعودية.
كما طلب حاكم قطر من المسؤولين التعجيل باتخاذ إجراءاتٍ جديدة تساعد على جذب الاستثمارات وتنويع الاقتصاد.
قانون الإقامة الدائمة
وينص مشروع قانون جديد تم إقراره مؤخرا على أنّ الأجانب الذين يتزوجون من المواطنين القطريين، والذين يؤدون خدماتٍ كبيرة للبلاد، والأشخاص ذوي المهارات الخاصة، سيكونون مؤهلين للحصول على إقامةٍ دائمة.
ومن غير المرجح أن يشمل القانون مئات الآلاف من العمال ذوي الياقات الزرقاء، ومعظمهم من دول جنوب آسيا مثل الهند ونيبال وباكستان، وكثيرٌ منهم يعملون لدى شركات البناء ويحصلون على ما لا يزيد عن بضع مئات من الدولارات شهريًا. وتستثمر الدوحة، مثل العديد من جيرانها، مليارات الدولارات في بناء البنية التحتية. كما تستعد لاستضافة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022.
وقد نظرت دول خليجية أخرى في مثل هذا القانون. لكنّ تنفيذه يرجح أن يكون بطيئًا، لأنّه سيغير العقد الاجتماعي طويل الأمد في المنطقة.
ومن المقرر أن تقوم فينكانتيري الإيطالية ببناء سبع سفنٍ لقطر ابتداءً من العام المقبل، بموجب شروط العقد الذي تم توقيعه عام 2016. وتشمل هذه السفن أربع سفنٍ بطول 100 متر، وقاربين للدوريات، وسفينة حربية برمائية مع حوضٍ للهبوط.
وستعطي السفن دفعة كبيرة للبحرية القطرية، التي تتكون حاليًا، إلى حدٍ كبير، من زوارق دورية صغيرة للهجوم السريع. وفي إطار التحضير للسفن، وافقت البحرية القطرية والإيطالية في مارس/آذار على تدريب البحارة القطريين في إيطاليا.
وقال وزير الخارجية الإيطالي «أنجيلينو ألفانو» أنّ بلاده تطالب بإنهاء أزمة الخليج وضرورة انتهاج وسائل دبلوماسية لحلها.