الدوحة – وكالات – بزنس كلاس:
تكرار حوادث اختراق الطائرات العسكرية الإماراتية للأجواء القطرية تثير شكوكا حقيقية حول نوايا أبوظبي، ورغبتها في التصعيد العسكري. وفي كل مرة يتم فيها الاختراق تقوم الدوحة بإبلاغ مجلس الأمن، وهو ما ينسجم مع الضوابط القانونية والإجراءات المتبعة في حالة الخروقات. لكن استمرار انتهاكات أبوظبي المتكررة للسيادة القطرية سيزيد حتما من التوتر في المنطقة، وهو ما سيكون له نتائج وخيمة على أمن واستقرار المنطقة، وبالتالي هناك ضرورة لإطلاع مجلس الأمن على كل هذه التطورات.
ويشكل اختراق الطائرات الحربية الإماراتية للأجواء القطرية جريمة دولية وفقاً لكافة المبادئ والقواعد القانونية المتعارف عليها دوليا، فوفق القوانين الدولية يحق لقطر اتخاذ كافة التدابير التي من شأنها أن تحمي أمنها وسلامة أراضيها، حيث تنص المادة الأولى من اتفاقية شيكاغو لعام 1944 المتعلقة بتنظيم الطيران المدني على أن لكل دولة السيادة الكاملة والمطلقة على الفضاء الجوي الذي يعلو إقليمها، كما أكدت المادة الثالثة من هذه الاتفاقية على أنه لا يجوز لأي طائرة من طائرات الدولة خاصة الطائرات المستخدمة في خدمات عسكرية أو جمركية أو في خدمات الشرطة التابعة لدولة متعاقدة أن تطير فوق إقليم دولة أخرى أو أن تهبط فيه إلا إذا كانت قد حصلت على ترخيص بذلك من خلال اتفاق خاص أو غيره وطبقاً لشروط ذلك الترخيص.
ويعني مبدأ السيادة المطلقة للدولة على إقليمها الجوي أن للدولة وحدها الحق في تحديد الوضع القانوني لاستخدام إقليمها الجوي مع مراعاة المبادئ والقواعد المنصوص عليها في المعاهدات الدولية والقانون الدولي، وقد ورد هذا المبدأ في الكثير من الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية.
اتفاقية باريس
كما نصت اتفاقية باريس لعام 1919 على هذا المبدأ في مادتها الأولى عندما نصّت على أنه لكل دولة كامل السيادة على المنطقة الجوية التي تعلو إقليمها وينصرف معنى الإقليم هنا إلى الإقليم الأساسي للدولة اليابسة ومياهها الإقليمية التي تجاورها في حال كانت الدولة ساحلية أو متشاطئة. ووفقاً لهذا المبدأ تستطيع الدولة المعنية أن تحدّد ممرات الطائرات وفي حالات الضرورة تحدّد الدولة مناطق يمنع التحليق فوقها ، كما يمكنها من تحديد قواعد الاتصالات اللاسلكية ويمنحها حرية مراقبة أجوائها باستعمال الوسائل اللازمة لتحقيق هذه المراقبة بما فيها إجبار الطائرات على الهبوط والمطاردة. وهناك العديد من السوابق الدولية في هذا المجال حيث شهد العالم خلال السنوات الماضية إسقاط طائرات مدنية وعسكرية اخترقت أجواء دول أخرى دون التنسيق معها.
سيادة الدول
وحسب القوانين والأعراف الدولية، فإن سيادة الدولة على إقليمها الجوي مطلقة حيث تمتد هذه السيادة إلى طبقات الهواء التي تعلو إقليمها، كما أن الدولة تستطيع بواسطة طائراتها وصواريخها ومدافعها أن تمنع الطيران فوق إقليمها وبذلك لا يكون للدولة حد معين على أجوائها بل سيادتها مطلقة بلا حدود مهما علا ارتفاع الطائرات المحلّقة على إقليمها. وجرى العرف الدولي على أن تكون لكل دولة السيادة المطلقة الكاملة على المنطقة الهوائية التي تعلو أقاليمها الثلاث البرية والبحرية والجوية وبالتالي لا يجوز للطائرات الأجنبية المرور فوق الدولة أو هبوطها على أراضيها بدون الحصول على إذن أو ترخيص مسبق بذلك.
وفي حال اخترقت إحدى الطائرات الأجنبية الأجواء الوطنية لدولة ما وتم إسقاطها بمضاداتها الجوية أو بطائراتها فلا يمكن للدولة مالكة الطائرة أن تحتج على استخدام القوة من قبل الدولة التي خُرقت أجواؤها، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم إسقاط الطائرات المدنية وذلك حفاظاً على الأرواح البشرية، أما الطائرات الحربية فيجوز استخدام القوة لإسقاطها إذا خرقت الأجواء الوطنية لدولة ثانية ويكون ذلك بعد إثبات اختراق الطائرة بشكل لا لبس فيه لمجالها الجوي.
سيناريوهات التعامل
وفي نفس السياق، يؤكد القانون أن هناك 3 سيناريوهات للتعامل مع اختراق المقاتلات الإماراتية للأجواء القطرية تشمل تعامل مجلس الأمن والأمم المتحدة بحزم مع ما تضمنته الشكاوى القطرية بالضغط على الإمارات وإلزامها باحترام القوانين والمواثيق الدولية، فضلا عن التصعيد الدبلوماسي القطري للشكاوى المقدمة لردعها قانونياً، وانتهاء بتعامل قطر بحزم مع تلك الانتهاكات وفقا للقانون الدولي الذي لا يرتب أية مسؤولية على الدول في الدفاع عن سيادتها وفقا لقواعد الاشتباك المتعارف عليها دوليًا والتي تقضي بإنذار الطائرة المخترقة للأجواء عدة مرات متتالية لانسحابها ، قبل استهدافها عسكريا.
وبعيدا عن القانون الدولي، أكد محللون سياسيون أن ما تقوم به الإمارات محاولة استفزازية تهدف إلى جر قطر إلى رد فعل عنيف قد يورطها في مواجهة مسلحة يمكن توظيفه فيما بعد ضد الدوحة، خاصة بعد نجاحها منذ نشوب الأزمة التي اندلعت قبل 10 أشهر في انتهاج سياسة ضبط النفس في تعاطيها مع تصعيد دول الحصار ضدها، مشيرين إلى أن الإمارات تحاول إشعال المنطقة عسكريًا عبر التصعيد الجوي والاستفزازات والخروقات، خاصة وأن فكرة القيام بعمل عسكري ضد قطر، ليست أمرًا مستجدًا، إذ كان أحد الخيارات المطروحة منذ بداية الأزمة، وهو ما كشف عنه أكثر من مصدر وأكده سمو أمير الكويت الشيخ صباح الصباح، في مؤتمر صحفي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في سبتمبر الماضي، عندما قال إنه نجح في وقف عمل عسكري ضد قطر، وبالتالي فإن نية العمل العسكري مبيتة لدى دول الحصار وبشكل خاص دولة الإمارات التي تمارس الاستفزازات كل يوم.