الرئيسية منوعات هنا عاش روميو وجولييت.. شاهدوا شرفة جولييت الحقيقية

هنا عاش روميو وجولييت.. شاهدوا شرفة جولييت الحقيقية

 

«خارج أسوار فيرونا، لا يوجد عالم، لا يوجد سوى المطهر والألم والجحيم. أن تكون منفياً عن فيرونا، يعني أنك منفي عن العالم، والمنفى عنها يعني الموت».

هكذا رثى روميو حبّه عندما لجأ إلى أحد الأديرة خارج فيرونا هربًا من انتقام عائلة حبيبته جولييت.

هذه عبارات ربما افتراضية نسجها خيال وليم شيكسبير بين سطور روايته «روميو وجولييت» لنعيش أساطير الحب بكل تفاصيلها في مدينة واقعية في شمال إيطاليا تغرف روايات الحب من نهر أديج الذي تستلقي على إحدى ضفتيه، وتستلهم الكلمات من نسائم جبال الألب التي تعيش بين أحضانها. إنها فيرونا مدينة الحب الملحمي.

يبدو أن الأدب العالمي المنبثق من حكايات الكواليس التي تسكن وجدان تراث المدن الشعبي يثير فضولنا لنبحث في شخوصه عما يلهب أخيلتنا فنعيش في مدنه المستريحة في زوايا مسرحه.

وفيرونا مدينة روميو وجولييت ليست مجرد أرض تراجيديا ابتدعها شيكسبير بل هي المسرح الحقيقي الذي لعبت فيه عائلتا مونتيتشي و كابوليتي، عائلتا روميو وجولييت، أدوار البطولة منذ القرن الثالث عشر.

فيا كابيلو ومنزل جولييت الشاهد على أسطورة الحب 

في فيا كابيلو 23 يقع منزل جولييت الوصول إليه يكون عبر أزقة ضيّقة مرصوفة بالحجارة، تتجاور فيها بيوت متلاصقة تزيّنها الزهور المتدلية من أصص مزخرفة.

تشعرك هذه الأحياء الضيّقة أحيانًا والمنفرجة أحيانًا أخرى، بأنك وسط مسرح واقعي لا كواليس فيه سوى التاريخ، فهذه الأزقة وبيوتها كانت الشاهد الحي على معارك عائلتي مونتييتشي و كابوليتي اللتين تناولهما الشاعر الإيطالي دانتي أغيلياري، في مؤلفه «فولغاري اليكوانتيا»، حين عاش في فيرونا بين عامي 1304 و 1306.

قد تسألين نفسك وأنت تتجوّلين بين أروقة تاريخية تعكس شغف الفن الذي يهمس بالعشق الإنساني الغريب: لمَ قصة هاتين العائلتين شغلت بال معظم أدباء إيطاليا وشعرائها رغم أن الصراعات الداخلية كانت دامية بين معظم عائلات المقاطعات الإيطالية في القرون الوسطى.

سؤال لن تجدي له إجابة سوى أن قصص الحب الملحمي تشبه سِيَر العظماء الذين يجعلون التاريخ حاضرًا في وجداننا. فعندما تُذكر رواية «روميو وجولييت» أمامنا نتذكر وليم شيكسبير في حين أننا لا نعرف شيئاً عن لويجي دا بورتو ابن فيرونا الذي كتب قصة الحبيبين قبل شيكسبير.

عندما تصلين إلى القصر الذي عاشت فيه جولييت الواقعية، سوف تلوح لك شرفتها الشاهدة على لقاءاتها بروميو الليلية، وتفاجئين أن هناك من سبقنك إليها.

إذ يضج القصر يوميًا بزوّار جاؤوا من كل أرجاء المعمورة بدافع الفضول. فهم يتوقون إلى معرفة خفايا الرواية. إنها الغريزة الإنسانية التي لا جنسية لها ولا لون ولا لغة.

تقمّصي جولييت وقفي على شرفتها 

شُيّد المنزل على نمط الفن الهندسي الذي راج في العصور الوسطى. يقف في باحته الرئيسية مجسّم برونزي لجولييت من أعمال النحّات نيريو كوستانتيني ابن فيرونا. و صُمِّمت غرف المنزل التي على الطراز الفيروني في القرن الرابع عشر.

ورغم أن هناك شكوكاً حول ما إذا كانت جولييت قد عاشت فعلاً في هذا المنزل، قد تشعرين بأن التاريخ كتب الرواية بين جدرانه.

وما عليك إلا أن تتخيّلي كيف أن جولييت تهرول بين الأروقة لتقف على الشرفة وتبوح لروميو المنتظر بأجمل عبارات الحب العذري.

لا تتردّدي في الوقوف عند الشرفة وتنظري في الإرتفاع لتتصوري كم كان روميو يشعر بآلام الرقبة أثناء انتظاره الطويل فالشرفة عالية جداً! إنه الحب يصرع الألم مهما كان حاداً…

وسط فيرونا التجاري التاريخ محتشد بجرأة 

وبعد جولة قصر جولييت توجّهي إلى وسط فيرونا التجاري وأحتسي قهوة إيطالية في أحد المقاهي المتحلّقة هناك وأستمتعي بالتاريخ المحتشد.

أمّا الغداء فلا تفوّتي طبق الرافيولي في أحد المطاعم الموجودة على ضفة نهر أديج حيث كل شيء ينطق جمالاً: الأبنية الفخمة تراقب النهر، ومشاة يتأملون في أسراره، ووجهات بوتيكات أنيقة تعكس رقي الذوق الإيطالي بكل فنونه.

فيا ماتزيني منطقة المشاة الأكبر في فيرونا  

وللتجوال على القدمين في فيرونا منطقة كاملة إنها «فيا ماتزيني» التي تشكل نقطة تواصل مباشر بين بياتزا برا Piazza Bra وبياتزا ديل Piazza delle أيربيه. وفيا ماتزيني ليست منطقة المشاة الأكبر في فيرونا، بل هي أكثر الشوارع ازدحامًا ونافذة التسوّق في فيرونا.

هنا تحتارين من أين تبدأين التسوّق فالمحلات متراصة على طول الشارع، وحشود الناس ينتقلون من واجهة إلى أخرى بتمهل، فكل الماركات الإيطالية تعرض هنا أجمل ما لديها، فإذا كنت تبحثين عن آخر صيحات الملابس والأكسسوارات والأحذية فإن فيا بياتزا تكون هدفك .

وإن حالفك الحظ وكنت تزورين فيرونا في وقت الحسومات فإنك سوف تحوزين صفة تسوّق ممتازة لأنه في إمكانك المساومة على السعر.

عند المساء وتحديدًا الساعة الثامنة الأوبرا في انتظارك حيث عرض «روميو وجوليت» في مسرح روماني تصدح منه موسيقى سمفونية وصوت أوبرالي يأخذك إلى عالم القرن الخامس عشر، رغم أنه متناثر هنا وهناك بكل أبّهته في المدينة.

كما الأمس فيرونا هي نفسها اليوم عرفت، رغم تقلّب أمزجة المناخ والتاريخ كيف تنقش هويتها، لتثير شغف كبار الأدباء والفلاسفة والفنانين الذين زاروها أمثال غوتيه و هاين وستاندال وفاليري وغيرهم ممن كتبوا فيها أجمل العبارات.

فيا ماتزيني في التاريخ 

كانت منطقة فيا ماتزيني حتى القرن التاسع عشر تضم مستودعات وثكنات عسكرية، و كانت شوارع المنطقة تتحوّل إلى حفر من الوحل كلمان كانت تمطر، إلى أن قرّرت الحكومة الإيطالية رصف المنطقة بالرخام، مما زاد من القيمة العقارية للمتطقة وتحوّل الثكنات العسكرية إلى محلات عصرية وتحولت فيا ماتزيني إلى إحدى أرقى مناطق التسوّق.

وقد سميت المنطقة عام 1907 تكريمًا للسياسي والفيلسوف غويسيبيه ماتزيني (1872- 1805) الذي قدّم الكثير إلى بلاده وساهم في الوحدة الإيطالية وحارب من أجل الحرّية.

 

السابق
“Siew Heng Boon” تحول الحلويات إلى أعمال فنية صالحة للأكل
التالي
جزيرة للنساء “المتميزات” وممنوعة على الرجال