هل كانت الفترة السابقة من انتعاش أسعار النفط الخام التي لامست حدود 58 دولار للبرميل مجرد طفرة انتهت بسرعة أم كانت بداية واعدة سرعان ما استشعرت الولايات المتحدة خطرها فسارعت لتنفيذ “خطة الطوارئ” لتزيد إنتاج النفط الصخري لديها بمستويات غير مسبوقة ما عاد بالأسعار إلى ما كانت عليه تقريباً قبل أكبر اتفاق لتخفيض الإنتاج بين أوبك والمنتجين المستقلين؟!! كلها أسئلة حيوية ويتوقف على الإجابة عليها مستقبل المشهد الاقتصادي العالمي بشكل عام ودول المنطقة العربية بشكل خاص. لقد حقق قطاع النفط الصخري انتعاشًا ملموسًا في الولايات المتحدة مؤخرًا بدعم من تعافي الأسعار وهو انتعاش غير متوقع أن يتعثر رغم هبوط خام “نايمكس” الأمريكي أدنى 50 دولارًا للبرميل لأول مرة منذ أكثر من شهرين.
وتأتي صحوة القطاع في ظل دروس مستفادة من انهيار الأسعار قبل أكثر من عامين، منها تبسيط الميزانيات والتركيز على المواقع الأكثر إنتاجًا، وتزامنًا مع معاناة “أوبك” من النفط الصخري، بحسب تقرير لموقع “أويل بريس”.
وفي الوقت نفسه، ما زالت منظمة البلدان المصدرة للنفط تكابد من أجل خفض المعروض العالمي وتثبيت الأسعار عند النطاق الذي يحقق لأعضائها عائدات أفضل دون السماح بإعادة إحياء قطاع النفط الصخري سريعًا.
صحوة بعد غفلة
– قالت الوكالة الدولية للطاقة: بعد شهرين ونصف الشهر من تفعيل اتفاق خفض الإنتاج، يبدو أن “أوبك” تخسر حملتها لدعم الأسعار التي لامست مؤخرًا مستوياتها المسجلة قبل الإعلان عن الاتفاق نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني.
– في نفس الوقت، أسهم انخفاض سعر التعادل في العديد من مواقع النفط الصخري في السماح للشركات في الولايات المتحدة بإجراء عمليات الحفر وجني الأرباح حتى وإن عادت الأسعار إلى 40 دولارًا للبرميل.
– قطاع النفط الصخري الأمريكي لم يخرج مكتسبًا مرونة أكبر من أزمة انهيار الأسعار وفقط، وإنما تمكن من تحويط الإنتاج المستقبلي مع عقود تضمن سعر الخام الذي سيتم ضخه خلال سنة أو سنتين من الآن.
– العديد من شركات التنقيب والحفر في الولايات المتحدة لن تعاني هبوط أرباحها مجددًا إلا في حال تراجعت الأسعار أدنى 30 دولارًا، بحسب الرئيسة التنفيذية لشركة ” Warwick Energy Investment” “كاثرين ريتشارد”.
أوبك تكرر خطأها
– للأسباب السالف ذكرها لم تعد شركات الحفر التي تركز على أعمالها المستقبلية قلقة حيال انخفاض أسعار النفط ولم تبد أي تخوف بعد هبوط “نايمكس” دون 50 دولارًا الأسبوع الماضي.
– يعد ذلك علامة على أن “أوبك” قللت (مرة أخرى) من شأن مرونة قطاع النفط الصخري الأمريكي وقدرته على تصحيح مساره، عندما قررت المنظمة الحد من إمداداتها.
– لمح مسؤولون في بلدان “أوبك” الأسبوع الماضي إلى أنه لا ينبغي للشركات الأمريكية أن تتوقع تمديد أو تعميق اتفاق خفض الإنتاج بما يسمح بتحقيق قفزة في إنتاج النفط الصخري.
– نما إنتاج النفط الصخري الأمريكي بشكل مضطرد خلال الأشهر الماضية، بفضل اتفاق “أوبك” الذي دعم الأسعار، وتتوقع إدارة معلومات الطاقة ارتفاع إنتاج البلاد خلال أبريل/ نيسان بمقدار 109 آلاف برميل يوميًا.
أوبك بين المطرقة والسندان
– يرى محللون أن قطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة عادت له ما يعرف بـ”روح رعاة البقر” في إشارة على الصحوة القوية التي يشهدها تزامنًا مع الدور الكبير الذي يلعبه نشاط التحوط.
– هبطت أسعار التعادل في أفضل مناطق إنتاج النفط الصخري إلى ما دون 40 دولارًا، وعلى سبيل المثال بلغ سعر التعادل في مقاطعة لاسال 36 دولارًا للبرميل و39 دولارًا في مقاطعة غوانزاليس.
– في منطقة الحوض البرمي تراجعت أسعار التعادل إلى 36 دولارًا للبرميل خلال عام 2016 من 71 دولارًا للبرميل في عام 2014، بانخفاض نسبته 49%.
– الخلاصة أنه بفضل جهود “أوبك” لتحقيق أسعار أعلى عبر خفض الإنتاج أصبح قطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة أكثر مرونة وقوة.
– في المقابل يبدو أن المنظمة باتت بين مطرقة تمديد أو تعميق اتفاق خفض الإنتاج ما يعني خسارة حصة سوقية لصالح النفط الصخري، وبين سندان التخلص من سياسة التحكم في السوق وبدء حرب أسعار جديدة.