وكالات – بزنس كلاس:
اعتبرت صحيفة “هآرتس” العبرية بأن قرار إلغاء الاكتتاب الدولي والمحلي على أسهم شركة أرامكو السعودية العملاقة ما هو إلا مقدمة لتبدد وهم الاقتصاد المزدهر بعيداً عن بيع النفط ومشتقات الطاقة وأن الأمر بمثابة بداية النهاية لسياسات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان التي أثبتت فشلها الذريع على كافة المستويات بعد أن أغرق بلاده في فوضى سياسية واقتصادية يصعب أن تخرج منها السعودية معافاة.
وقال الكاتب ديفيد ريسنبرغ، في مقال له بصحيفة هآرتس العبرية، أن تراجع السعودية عن قرار بيع أسهم شركة “أرامكو” يعكس العيوب التي ترافق حملة الإصلاحات التي وعد بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مؤكداً أن تعثر طرح الأسهم سيكون بمنزلة “بداية النهاية” لولي العهد ومشروعه الإصلاحي.
وكانت السعودية قد أعلنت نيتها بيع أسهم “أرامكو” على اعتبار أن ذلك سيكون جزءاً مهماً من خطط الإصلاح الاقتصادي الطموحة، حيث تعد الشركة أكبر منتج للنفط في العالم، وكان بن سلمان واثقاً من أن الشركة تستحق نحو ترليونَي دولار، وهو ضعف تقييم “آبل”، ومنذ لحظة إعلان نيتها، سعت كبريات البورصات العالمية من أجل طرح الأسهم والحصول على امتياز الإدراج.
ووصل الأمر بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى دعوة أرامكو من أجل اختيار بورصة نيويورك لبيع أسهمها، وتم توظيف جيش من المصرفيين والمستثمرين من أجل العمل على تقديم عرض للسعودية لطرح أسهم الشركة في نيويورك.
والأربعاء الماضي نقلت وكالة “رويترز” للأنباء عن مصادر سعودية مطلعة قولها إنه تم إيقاف الاكتتاب العام على أسهم أرامكو.
البيان الحكومي السعودي وفي رده على هذا الخبر قال إنه لم يتم وقف البيع، وإنما هناك تأخير، وإن الحكومة ستظل ملتزمة بالاكتتاب العام في الوقت الذي تختاره وعندما تكون الظروف مناسبة.
يقول الكاتب إن خطة بن سلمان لتطوير الاقتصاد السعودي اعتمدت بشكل كبير على بيع أرامكو وتحويل الاقتصاد السعودي من الاعتماد على النفط والغاز إلى اقتصاد يعتمد على التكنولوجيا والابتكار، وتوفير الدعم للقطاع الخاص بدلاً من الاعتماد على الحكومة.
ويرى الكاتب أن هذه ليست المرة الأولى التي يؤجل فيها طرح أسهم أرامكو؛ فمنذ العام 2016 تم تأجيل الطرح عدة مرات ولنفس الأسباب؛ ما يعني أن خطة ولي العهد السعودي في الإصلاح باتت محكومة بالفشل.
وإزاء تعثر أو توقف عملية بيع شركة أرمكو فإن أمام ولي العهد السعودي مشكلتين؛ الأولى هي تقلص هذا التحول الاقتصادي في وقت انخفاض أسعار النفط، وهو ما يعني أن البلاد ستعاني من عجز ضخم في الميزانية، خاصة أن الخطة كانت معتمدة بشكل كبير على بيع أسهم أرامكو من أجل دفع فواتير رؤية 2030.
أما المشكلة الثانية فتتمثل في عدم وجود رأس مال بشري في السعودية يمكن أن يحدث ثورة اقتصادية.
ويضيف الكاتب أن رد الفعل السعودي الغاضب تجاه كندا بسبب انتقادها لسجل حقوق الإنسان في السعودية، واحتجاز رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري أسبوعين، والحملة ضد قطر، والحرب البشعة في اليمن، واعتقال رجال الأعمال بسبب تهم فساد، يؤكد للمستثمرين السعوديين والأجانب أن المملكة تغيرت فعلاً، وأن رأسمالهم غير آمن.
تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي يصنف السعودية في المرتبة 87 في العالم من حيث رأس المال البشري، ومن ثم فإن المملكة ليس لديها “وادي السليكون”، كما يقول الكاتب.
ويضيف أن السعوديين اعتادوا على أن الوافدين هم من يقومون بالعمل الحقيقي، ومن الصعب تخيل فكرة أن يؤسس السعوديون ويبتكروا الأعمال.
ويختم الكاتب بتأكيد أن السعودية اليوم تعاني من هروب رؤوس الأموال ومغادرة المغتربين، ومن ثم غياب القوة الوافدة العملاقة والمال المشغل لها، ويمكن القول إن السعودية تظل مكاناً رديئاً للقيام بالأعمال التجارية.