تعيش الجماهير الكروية في كل موسم حالة من الصراع النفسي المرير ابتداء من شهر أب موعد انطلاق الدوريات الكبرى ومع انقضاء الجولات و بدء الهزائم تظهر أسباب عديدة تفسر الهزيمة منها نظرية المؤامرة على أحد الفرق أو لصالح أحدهم ,تلك هي الحجة الأولى ربما لجماهير أي فريق خاسر وخصوصاً في وطننا العربي.
في الوطن العربي بالتحديد نربط الرياضة بالسياسة بطريقة عشوائية ,في محاولة يائسة للوصول إلى تبرير هزيمة الفرق التي نشجعها ,لذلك تبدو الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي العربية جدية أكثر من اللازم في الحديث عن التأمر على فريقها.
جماهير ريال مدريد و برشلونة بالتحديد:
ليس فقط لكونهما يمثلان القاعدة الشعبية الأوسع من الجماهير الكروية ,بل بسبب قضية فرانكو أيضاً التي تعتبر الأكثر تداولاً ولكنها الأقل مصداقية.
بنظرة بسيطة نجد أن ريال مدريد حقق 20 بطولة في الدوري و الكأس في عهد فرانكو بينما حقق برشلونة 17 بطولة في ذلك الوقت أيضاً ,الأرقام تبدو تنافسية ولا تبدو هناك أي مؤامرة على أحد الفريقين كانت سبباً في هيمنة الفريق الآخر.
فرانكو تدخل في مباراة ال 11-1 و قضية دي ستيفانو وذلك حسب أغلب المصادر في مدريد و كل المصادر في برشلونة ,ولكن لا يمكن اسقاط تاريخ كروي كامل بسبب هذين الموقفين.
هيمنة برشلونة كانت بسبب التحكيم:
تعتبر العشر سنوات الأخيرة هي المفضلة في التاريخ الكتالوني ,الفريق ومنذ أيام الساحر رونالدينيو هو المرشح الأول في كل بطولة , حقق الثلاثية في مرتين (2009-2015) و يعتبر خروج برشلونة في أي دور من مسابقة دوري الأبطال الخبر الأهم في الموسم.
يفسر البعض كل هذا النجاح بالقول أن برشلونة وجد معاملة خاصة من الحكام في أوروبا و إسبانيا معاً ,بالطبع المباراة ضد تشلسي في الستامفورد بريدج عام 2009 هي أول ما يجول في الذاكرة و الصرخة التي وجهها مايكل بالاك في وجه الحكم النرويجي توم هينينغ كافية لتسرد ما حدث في تلك الليلة . يعترف هذا الأخير أن أخطاءه التحكيمية كلفت تشلسي الخروج من البطولة و أنه إلى اليوم يتلقى تهديدات بالقتل من جماهير الفريق اللندني.
الادعاءات بدأت على الفريق الكتالوني قبل ذلك ,بالتحديد عام 2006 عندما انتقد تيري هنري لاعب الأرسنال آنذاك التحكيم واصفاً إياه بالبشع الذي سبب خسارة الأرسنال للنهائي.
بعد موقعة الستامفورد بريدج بعامين أتى مورينيو إلى ريال مدريد بعد أن أقصى برشلونة بعشرة لاعبين من الدور نصف النهائي نسخة عام 2010 ,عام 2011 كان مختلفاً عندما لم يستطع مورينيو هزيمة عدوه الأزلي وخرج على يد غوارديولا.
مورينيو أطلق التصريح الأشهر تجاه بيب في ذلك الوقت عندما قال :”أتمنى أن يفوز بيب غوارديولا يوماً من الأيام بطريقة شرعية ,الرجل فاز بلقب 2009 بعد فضيحة الستامفورد بريدج و الآن يفوز بفضل فضيحة البرنابيو”
بالعودة إلى العلاقة بين برشلونة والتحكيم و بالأخص إلى الستامفورد بريدج ,الأمر لم يكن سوى أخطاء تحكيمية صرفة دون أي مؤامرة لمساعدة فريق برشلونة ,فلو كان الأمر بالفعل مؤامرة كما يقال إذا لماذا تم طرد أبيدال في الدقيقة 63 من نفس المباراة؟الطرد كان صحيحاً و لكن بالحديث عن المؤامرة فلا يمكن طرد لاعب من فريق تتأمر معه !
يتعرض لاعبوا الخصوم للبطاقات الملونة كثيراً عند مقابلة برشلونة ,الأمر يبدو طبيعياً نظراً لكمية المهارة المتواجدة في فريق واحد كالفريق الكتالوني ,حماية النجوم هي ميزة تتمتع بها كل فرق أوروبا الكبيرة وليس فقط برشلونة.
السبب هو إيطاليا:
بالعودة إلى مونديال 2002 الذي شهد أخطاء تحكيمية لا ترتقي لمستوى بطولة مدرسية في كوريا واليابان ,نجد أن المتضررين كثر :البرتغال و إيطاليا و اسبانيا و ربما كانت الأخيرة هي الأكثر تأثراً بالقرارات التحكيمية.
الاعلام الايطالي كعادته صور الأمر و كأن بطاقة العبور سرقت من تراباتوني متناسيين توتر توتي المبالغ به في البطولات الكبرى بالإضافة إلى رعونة فييري أمام المرمى بالتحديد في تلك المباراة.
يعبر أحد الصحفيين الإيطاليين عن الأمر بقوله :”لولا نظريات المؤامرة التي نختلقها في إيطاليا و ينجر العالم ويرددها خلفنا ,لما سمعنا بهذه النظريات إطلاقاً”
أحد النظريات التي خرجت في إيطاليا في ذلك الوقت تقول أن ما جرى هو اتفاق بين شركتي أديداس و نايكي للوصول إلى النهائي سوياً !
يبقى كل ذلك نظريات افتراضية و عناوين صحفية تحاول أن تجد العزاء لفرقها هنا وهناك!
المؤامرة المحتملة:
لا تبدو الفيفا و اتحادات الدول بريئة بشكل كامل من كل ما يجري ,هناك أمور تجري خلف الكواليس بالتأكيد.الأمر المحتمل هو مجاملة الفرق الكبرى بالمجمل وليس تفضيل أحدها على الآخر.بطبيعة الحال الأمر يبقى مجهولاً حتى اللحظة و لا يمكن إثباته بأي طريقة ,و لكن المثير السخرية أن تمارس الفرق الكبيرة مهمة الفرق الصغيرة في انتقاد التحكيم متجاهلة الأخطاء التكتيكية و الإدارية التي تتسبب بخروجها من البطولات.
فهل يعقل أن نقول أن إلغاء هدف لامبارد في مونديال 2010 هو السبب بخروج منتخب الأسود الثلاثة وليس الجدول الإنجليزي المزدحم ؟!
حلول بديلة:
اقترح العديد استعمال التقنيات الحديثة للحد من الأخطاء التحكيمية التي توصلنا للحديث عن المؤامرات الكروية ,تصدى البعض الآخر لتلك المقترحات خوفاً من فقدان اللعبة لعامل الحماس وهو الأهم على الإطلاق ,مفضلين الأخطاء البشرية على دقة التكنولوجيا.
أو ربما نلجأ إلى الحل المستخدم في كرة القدم الأمريكية ,عندما يحق لمدرب كل فريق أن يطعن في قرار تحكيمي واحد في كل شوط ,يبدو ذلك عادلاً بعض الشيء و مملاً بدرجة أقل من إعادة كل لقطة على حدى . بكل الأحوال سيكون جمهور الكرة هو الخاسر الأكبر كلما ازداد تدخل التكنولوجيا في قواعد اللعبة الشعبية البسيطة .