ميناء حمد: الشريان الأبهر لقلب الاقتصاد العالمي وعقدة الوصل بين القارات

خرائط الملاحة البحرية في أحدث إصداراتها وتغييرات جذرية في أوتوسترادات الاقتصاد

تحالف اقتصادي يتجاوز الخليج العربي وقطر رأس حربة الانفتاح

بركان المتغيرات يضرب ميناء جبل علي وحركة الريح الاقتصادية تقود السفن إلى قطر

ميناء حمد.. ولادة عملاق

 بزنس كلاس – ميادة أبو خالد

في يوم مشهود من أيام دولة قطر المجيدة، تفضل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، فشمل برعايته الكريمة، صباح الثلاثاء 5 سبتمبر/ أيلول، الافتتاح الرسمي لميناء حمد في منطقة أم الحول، والذي سيمثل نقلة نوعية في تحقيق التنوع الاقتصادي وتحسين القدرة التنافسية لدولة قطر، بما يتواكب مع أهداف رؤية قطر الوطنية 2030.

الشريان الأبهر للاقتصاد

ميناء حمد البحري سيكون بوابة قطر البحرية الأهم على المنطقة والعالم مع تحوله ليس فقط أداة رئيسية لرفع الحصار الجائر المضروب على قطر من قبل السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر بل إلى شريان رئيسي للاقتصاد القطري وأحد أهم أعمدة بناء قطر الاقتصادي القائم على تنويع مصادر الدخل وتحسين القدرة التنافسية لدولة قطر بما يتواكب مع أهداف رؤية قطر الوطنية 2030. من هذا المنطلق فإن الوظيفة التي يجب على ميناء حمد الاضطلاع بها ليست وظيفة عادية أو مؤقتة بل يجب أن يتحول تدريجياً إلى أهم مركز تجاري بالمنطقة وبوابة المنطقة على العالم تجارياً لكن ليس محاكاة لنموذج ميناء جبل علي الاحتكاري بل من خلال طرح جديد كلياً يقوم على أساس المشاركة في عملية لعب دور المدخل للبضائع والسلع النفط وغير النفطية وذلك بالتعاون مع موانئ صحار العماني والكويت إضافة للتنسيق مع موانئ الضفة الشرقية للخليج وعلى رأسها كراتشي الباكستاني وبوشهر الإيراني.

عقدة وصل

آلية تنفيذ مثل هكذا خطة طموحة تحتاج إلى تظافر جهود القائمين على مثل المشروع الضخ لكسر احتكار أي ميناء لخدمة أساسية في تدفق التجارة لما تشكله من أهمية الموازية لتدفق الدم في الجسد وبدل العمل على حصر كل هذه النشاطات بمكان واحد توزيعها بهندسة احترافية عالية على مجموعة موانئ يلعب كل منها دوره المهم والمطلوب في كامل العملية على أن يشكل ميناء حمد البحري عقدة الوصل بين هذه الموانئ جميعاً فيكون بمثابة نقطة لقاء كل ما يدخل من الخليج وبنفس الوقت نقطة خروج والتوزيع إلى بقية الموانئ دون احتكار أو بمعنى أكثر خفة أن يكون ميناء حمد “Team Player” في فريق موانئ جديدة بالوظيفة وقديمة بوجودها بالمنطقة، على أن تسحب هذه الموانئ البساط من تحت الميناء الإماراتي جبل علي الذي يواجه أزمة تحول شركات نقل عالمية عنه وخسارة حصة سوقية كبيرة كنتيجة مباشرة للحصار الظالم الذي لعب فيه هذا الميناء دور البطولة بدون منازع.

تغيير خارطة الملاحة

ويتسق هذا الأمر مع اتجاه الدوحة لتعديل استراتيجيتها في توظيف ميناء حمد البحري من مجرد أداة لكسر الحصار لتحويله إلى مؤسسة ربحية وخدمية في آن لأنه سيصبح أداة اقتصادية بامتياز وأحد أهم أعمدة التنويع الاقتصادي القطري المستمر بالنمو بتواتر إيجابي استراتيجياً بعيداً عن البقاء رهينة أسعار الطاقة والاقتصاد القائم عملياً على تصدير سلعة واحدة متمثلة في مصدر الطاقة الأحفوري من نفط وغاز.

وفي الإجراءات العملية للوصول إلى هكذا خطة استثمارية مشتركة لا بد من تنسيق عالي وعملي مع الجهات المعنية في بلدان الموانئ المقترحة لكن قبل لا بد من تغيير خارطة الحركة الملاحية انطلاً من ميناء حمد نفسه وهذا ما عملت عليه وزارة المواصلات والاتصالات القطرية بالتعاون مع غرفة قطر وما تزال تعمل عليه. فخلال فترة قصيرة وتحديداً منذ انطلاق الحصار الجائر ضد قطر سارعت الجهات المعنية في قطر وبديناميكية نشيطة وتنسيق ممتاز على كافة الصعد إلى فتح مسارات وخطوط بحرية جديدة ومجدية اقتصادياً أكثر من الخطوط التقليدية التي كانت مجبرة على المرور والتوقف في ميناء جبل علي. فقد افتتحت الدوحة، عبر “موانئ قطر”  خمسة خطوط ملاحية، ثلاثة منها خلال أول 20 يوم من الحصار، وكان آخرها خط شحن الحاويات السريع بين ميناء حمد وميناء كراتشي الباكستاني إضافة لما سبقه من ربط لميناء حمد بموانئ صحار وصلالة في سلطنة عُمان. إضافة إلى خط ملاحي مباشر يربط الدوحة بميناء مدينة أزمير التركية  وضمنه خط لنقل الأغذية المجمدة، وخط رابع يصل ميناء حمد بشكل مباشر مع ميناء نافا شيفا الهندي. فيما كان خامس الخطوط الذي أشرنا له سابقاً والذي وصل بين ميناء حمد وميناء كراتشي والذي أعلن عن تدشينه مؤخراً في 15 أغسطس / آب المنصرم.

تحالف بحري واسع

وقبل الحصار، شهد ميناء حمد يوم الثلاثاء الثاني من مايو/أيار 2017 تدشين خط بحري مباشر لتحالف (Ocean Alliance) المصنف كأكبر تحالف بحري في العالم، الذي يضم خمس شركات من كبريات الشركات العاملة في مجال الشحن والنقل البحري بأسطول يزيد على 350 سفينة وقدرة استيعابية تتجاوز 3.5 ملايين حاوية نمطية. وكانت الشركة القطرية لإدارة الموانئ (موانئ قطر) دشنت أول خط نقل بحري مباشر بين الدوحة ومدينة شنغهاي الصينية أواخر يناير/كانون الثاني 2017، مما يختصر زمن الرحلة بين الدولتين إلى عشرين يوما.

وهذا ليس كل ما بجعبة الدوحة، حيث تتأهب “موانئ قطر” بالتنسيق مع غرفة قطر وبقية المؤسسات الرسمية في الدولة، وفي إطار الرؤية الجديدة لوظيفة الميناء الحيوية، لافتتاح خطوط ملاحية جديدة توسع من شبكة النقل البحري ليس فقط لتوفير السلع الضرورية بعد الحصار أو زيادة الصادرات في ظل توسع قطاع الغاز، ولكن ليصبح الميناء مركزاً تجارياً لمنطقة الخليج ومنها إلى مختلف دول العالم. فقد كشف نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر، محمد بن طوار لوسائل إعلامية عن اعتزام قطر التوسع في الخطوط الملاحية لتشمل دولا جديدة، خلال الفترة المقبلة، سيتم الإعلان عنها الفترة المقبلة. واضاف بن طوار أن تلك الوجهات سوف تشمل التعاون مع ميناء بوشهر الإيراني ولا سيما بعد الاتجاه إلى نقل السلع التركية عبر إيران براً ثم عن طريق الخليج إلى قطر. ولاحقاً سيتم افتتاح خط بحري مباشر مع أذربيجان وموانئ أخرى بمختلف دول العالم.

ما بعد الخليج

وهذه التصريحات يمكن رؤيتها ببساطة من زاوية منح ميناء حمد ميزة أن يكون بوابة ليس فقط قطر على العالم بل الخليج برمته وهذا تغيير جذري للوظيفة الأولى للميناء خصوصاً إذا ما قرأنا هذه التصريحات في إطار ربط ميناء حمد بميناء صحار العماني أي مدخل الخليج من جانب، وربطه من جانب آخر في سابقة لأول مرة مع ميناء الشويخ في الكويت أي عمق الخليج. فإذا نجح ميناء الدوحة وهو ما يعمل عليه بشكل عملياتي وعملي بربط هذه الشبكة من الموانئ مع ميناء كراتشي وميناء بوشهر، يصبح بمركز القلب لحركة الشحن التجاري البحري في منطقة الخليج ولاعب رئيسي في فريق موانئ قادر على تلبية حاجات المنطقة التصديرية وبوابة لاستقبال المواد المستوردة من كافة بقاع الأرض.

وفي تأكيد على هذا التوجه، كانت شركة الملاحة القطرية “ملاحة”، قد أعلنت عن إطلاقها أول خدمة نقل مباشر للحاويات بين الدوحة والكويت منذ نحو أسبوعين. وقالت الشركة إن الخدمة الجديدة ستعمل بشكل أسبوعي بين ميناء حمد في قطر، وميناء الشويخ في الكويت، من خلال سفينة ذات سعة 515 حاوية نمطية، و50 حاوية مبردة، بمدة عبور تبلغ يوماً واحداً. وتعتبر الخدمة الجديدة مهمة لنقل البضائع القابلة للتلف وللمواد الغذائية، وغيرها من البضائع القادمة من قطر وإليها.

وحتى يؤدي هذه المهمة الكبيرة على ميناء حمد عدم التوقف عند الحد الذي وصل إليه من تطوير، بل يجب العمل تدريجياً على تطويره وتوسيعه بما يتلائم مع كل مرحلة جديدة في إطار خطة واضحة حيث أكد  بن طوار، أن ميناء حمد سيتطور كثيرا خلال الفترة المقبلة ولن ينافس خليجيا فقط بل سيمتد نشاطه لمختلف دول العالم في ظل التوجه الجديد للدولة بالتوسع في النشاط التجاري وضخ استثمارات لتطوير الميناء. وأوضح أن الحركة التجارية بدأت تتحول إلى موانئ جديدة في المنطقة وأبرزها ميناءا حمد وصلالة، ولم يعد ميناء جبل علي في الإمارات محتكراً لمعظم الأنشطة التجارية كما كان في الفترات الماضية. وأكد بن طوار أن النشاط التجاري تراجع بشكل ملحوظ في جبل علي بعد تحول العديد من الشركات عنه في ظل الحصار الذي تشارك فيه على قطر، مضيفا أن الميناء الإماراتي كان يتميز بحرية التجارة والتسهيلات والخدمات التي يقدمها للعملاء، ولكن بعد الحصار وسياساته المنغلقة خسر كثيرا ولا سيما بعد فقدان حصته من قطر أحد أكبر اقتصاديات المنطقة التي كانت تحدث نشاطا كبيراً في حركة البضائع بالميناء الإماراتي.

أوتوسترادات بحرية جديدة

وبدأت القطاعات الاقتصادية القطرية وشركات عالمية باستخدام مسالك تجارية بديلة تتجنب ميناء جبل علي الإماراتي وموانئ دول الحصار، وكانت شركة نورسك هيدرو النرويجية أعلنت عقب الحصار أن مصنع “ألومنيوم قطر” أوجد طرقاً بحرية جديدة لتصدير هذا المعدن. كما قالت شركة “ميرسك لاين” التابعة لشركة “إيه.بي مولر- ميرسك” الدنماركية إنها ستشحن الحاويات إلى قطر من سلطنة عمان لتجنب الحصار التجاري الذي فرضته دول عربية على قطر.

وهنا يجب العمل بشكل جدي على تقديم ميناء حمد البحري كبديل أفضل ليس فقط من خلال نوعية الخدمات ومنافستها السعرية مقارنة بميناء جبل علي رغم أهمية هذا الأمر، بل من خلال تحييد العمل عن والحركة التجارية والتسهيلات الإدارية واللوجستية التي من المفترض أن يقدمها الميناء بأفضل أداء ونوعية منافسة، يجب ابعاد كل ذلك عن أي أجندة سياسية وعدم تحويل الميناء إلى وسيلة ضغط سياسي كي لا نقع في الفخ الذي نصبته الإمارات لنفسها ووقعت فيه باستخدام مرفق بحري وتجاري أداة لتحقيق أغراض سياسية بامتياز ما يتنافى مع أي دور اقتصادي لميناء جبل علي وبالتالي تقويض مصداقية الانسياب المرن للبضائع بالاتجاهين وهي الوظيفة التي لا يجب أن تنسى في هذا النوع من العمل.

إضافة إلى ما تقدم وكما أسلفنا فإن النقطة الأهم تتمثل بالشبكة التي سوف تربط ميناء الدوحة وخريطة انتشار الموانئ المتصلة به بحيث تحقق انسياباً دون عوائق للبضائع بكلا الاتجاهين من الخليج وإلى الخليج دون التوقف عند حواجز التفتيش “السياسية” وبالتالي عرقلة سير انسيابية تدفق البضائع والأهم الحصول على حصة سوقية كبيرة في ظل هروب شركات الشحن البحري الكبرى من عوائق جبل علي وبتالتي تقديم بديل ممتاز بشروط أفضل ودون عراقيل.

بدلاً من جبل علي

أخيراً، يمتلك ميناء حمد كل ما يلزم ليكون فعلياً ليس فقط بوابة قطر على العالم بل بوابة المنطقة برمتها على العالم بمواصفات ومعايير عالمية حديثة. حيث يعدّ الميناء أحد أهم وأكبر الموانئ في منطقة الشرق الأوسط، وهو سيمثّل نقلة نوعية في تحقيق التنوع الاقتصادي وتحسين القدرة التنافسية لقطر، بما يتواكب مع أهداف رؤية قطر الوطنية 2030، إضافة إلى أنه أحد أضخم مشاريع البنية التحتية في الدولة.

وفيما يلي بعض مواصفات ميناء حمد البحري التي تمنحه أفضلية احتلال مركز الصدارة في الخليج ليكون نافذة قطر على العالم وبوابة الخليج التي تخرج عبرها صادرات المنطقة وتستقبل من خلالها أيضاً بضائع العالم إلى المنطقة.

ببلوغرافيا بحرية

يقع ميناء حمد، في مدينة مسيعيد جنوب الدوحة، وافتتح “بشكل غير رسمي” في 26 فبراير/ شباط 2015، ليكون أحد أكبر المرافئ البحرية في الخليج والشرق الأوسط.

تصل القدرة الاستيعابية لميناء حمد إلى 7.5 ملايين حاوية نمطية في العام الواحد، وذلك بعد إنجاز مراحله كافة، كما يضم برجاً للمراقبة بطول 110 أمتار، ومنطقة للتفتيش الجمركي لسرعة تخليص البضائع بقدرة استيعابية تصل لـ 5600 حاوية في اليوم، ومنصّة لتفتيش السفن ومرافق بحرية متعددة، وعدداً من المرافق الأخرى مثل المستودعات والمساجد والاستراحات ومنشأة طبية، كذلك يحتوي الميناء على منطقة إدارية متكاملة ومجهّزة لتشغيله.

يمتدّ ميناء حمد على مساحة 28.5 كيلومتراً مربعاً، ويبلغ طول حوض الميناء أربعة كيلومترات، بعرض سبعمئة متر، وبعمق يصل إلى 17 متراً، وهي مقاييس ومواصفات تجعله قادراً على استقبال أكبر السفن في العالم.

يحتوي ميناء حمد على محطة للبضائع العامة بطاقة استيعابية تبلغ 1.7 مليون طن سنوياً، ومحطة للحبوب بطاقة استيعاب تبلغ مليون طن سنوياً، ومحطة لاستقبال السيارات بطاقة استيعاب تبلغ خمسمائة ألف سيارة سنوياً، ومحطة لاستقبال المواشي، ومحطة لسفن أمن السواحل، ومحطة للدعم والإسناد البحري.

تم تخطيط ميناء حمد بحيث يكون قابلاً للتوسّع والنمو، حيث جرى تصميم البنية التحتية للميناء بشكل مبتكر، وباعتماد أحدث التكنولوجيات بحيث تكون مرنة وقابلة للتطور، ما يسهم في خفض تكاليف التوسّع مستقبلاً.

يمتدّ ميناء حمد على مساحة 28 كيلومترا مربعا، وبتكلفة إجمالية 27 مليار ريال (7.4 مليارات دولار)، يعد من أبرز مشاريع البنية التحتية الكبرى المخطط إنجازها وفقا لرؤية قطر 2030، التي خصصت لها ميزانية تفوق 140 مليار دولار، وتتوزع هذه المشاريع الضخمة بين شبكات الطرق البرية والبحرية والجوية والسكك الحديدية.

يتوقّع أن يشكل ميناء حمد دفعة قوية للاقتصاد القطري من خلال تحقيق التنوع، وتحويل البلد إلى مركز تجاري إقليمي، ودعم المخزون الاستراتيجي للدولة من الاحتياجات الغذائية والدوائية وغيرها، وزيادة حجم التبادل التجاري بين قطر والعالم، وتخفيض كلفة الاستيراد من الخارج، بحسب الخبراء.

وبلغ عدد ساعات العمل بالمشروع 60 مليون ساعة عمل، كما بلغ عدد العاملين في المشروع في جزئه الأول 9 آلاف شخص، وقد يصل العدد إلى 17 ألف شخص في أوقات الذروة بهدف الإسراع في استكمال أعمال الإنشاءات، وتمت الاستعانة باثنين من أكبر المعدات للجرف بالقطع والشفط في العالم.

أنشئت منطقة اقتصادية متاخمة لميناء حمد، في إطار سعي الدولة لزيادة صادراتها غير النفطية وإنشاء صناعات تحويلية، وستعمل شبكة الطرق السريعة التي يتم إنشاؤها على خفض تكلفة نقل البضائع مما يجعل الميناء مركزا إقليمياً للشحن.

جوائز ومزايا

حصد ميناء حمد في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي جائزة أكبر مشروع ذكي وصديق للبيئة، ضمن فعاليات مؤتمر ومعرض سيتريد الشرق الأوسط للقطاع البحري الذي عُقد في دبي. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه منحت المنظمة الخليجية للبحث والتطوير ميناء حمد جائزة الاستدامة لعام 2016، عن فئة المنشآت المتعددة الصناعية، تقديراً لتبنّيه معايير الاستدامة في منشآته المتعددة بمستويات مختلفة.

كذلك تجدر الإشارة إلى أنه تم منح شركة موانئ قطر ثلاث شهادات آيزو في نظام إدارة الجودة وهي شهادة “ISO 9001″، وشهادة “ISO 14001” لنظام إدارة البيئة، وشهادة “OHSAS 18001” لنظام إدارة الصحة المهنية والسلامة، من قبل مؤسسات لويدز ريجستر كوالتي أشورانس، وهي إحدى هيئات الاعتماد البريطانية المعترف بها عالمياً.

كل ما تقدم يقول بصراحة أن قطر وبعيداً عن السياسة تملك أداة اقتصادية ممتازة وجدت نفسها منذ ولادتها في خضم صراع اقتصادي قوي للغاية حيث أثبتت كفاءتها وجدارتها فيه وبزمن قياسي قصير للغاية، فلماذا لا تكون هذه الأداة مشروع اقتصادي رابح بكل المقاييس في إطار خطة وطنية شاملة والعمل عليها على هذا الأساس بدل منحها مجرد وظيفة خدمية يستطيع أي ميناء بلا إمكانيات أن يقوم بها. إذا ما تم ربط ميناء حمد البحري مع كل من مينائي صحار والشويخ من جانب ومينائي بوشهر وكراتشي من الضفة الأخرى، تكون قطر قد حولت بوابتها البحرية إلى مركز القلب في واحدة من أنشط المناطق اقتصادياً بالعالم وتحول الميناء إلى أداة تواصل اقتصادي وتجاري مع أهم اللاعبين في المنطقة على أن تبقى الدوحة صاحبة اليد العليا في هذا الشأن دون أن تكون عرضة لمخاطر قطع شرايين الحياة عنها كما حاولت دول رباعي الحصار أن تفعل. إن افتتاح ميناء حمد البحري رسمياً في هذه الظروف يثبت بأنه ولد عملاقاً جاء ليقول أن إرادة الحياة في قطر تنتصر إذا ما صاحبتها خطة واضحة ضمن استراتيجية كبيرة تخطط لعشرات السنوات في مستقبل مشرق. كما يأتي افتتاح الميناء في رسالة واضحة لمن يتربصون بالدوحة فلا يصح فيهم سوى ما قاله الراحل العملاق محمود درويش في رائعته “بانتظار العائدين”:

هذا زمان لا كما يتخيلون..

بمشيئة الملاّح تجري الريح ..

و التيار يغلبه السفين!

 

السابق
جبل علي.. انتحار اقتصادي على مذبح الحصار
التالي
جاجوار.. سيارة المستقبل بكل ميزاتها المذهلة!