“نتمنى ان يستيقظ ميسي ولو لمرة واحدة أو أن يعود الى اسبانيا ولا نريد رؤيته مرّة اخرى”. هذا تصريح أجمع عليه معظم الأرجنتينيون بعد مباراة الأمس بين الأرجنتين وايسلندا التي انتهت بالتعادل الايجابي والتي شهدت على إهدار ميسي لركلة جزاء كان من شأنها أن تمنح منتخب التانغو المتهالك الضائع الهوية النقاط الثلاث قبل مواجهة كرواتيا، أقوى منتخبات المجموعة الرابعة.
كالعادة ميسي ينزل أسفل السافلين لدى مشجعي الأرجنتين، هو الذي أوصلهم الى روسيا. ربما يُعاني الشعب الأرجنتيني من ذاكرة قصيرة أو من إحباط مزمن نتيجة تعاقب خيبات الأمل نتيجة الوصول الى النهائيات وخسارتها في الأمتار الأخيرة. وربما ربما، يتناسون انهم وصلوا الى هذه النهائيات بسبب ليو ميسي ولم يخسروها بسبب ليو ميسي. الأمر بات محيّراً في بلاد مارادونا. ساعة يُعتبر ميسي هو جوهرة بلاد الفضة وساعة أخرى يُصبح معدناً بخساً لا يُباع في سوق النخاسة. الأرجنتين حائرة وتريد مخلّص. تائه هو جمهور الأرجنتين ومزدوج الشخصية: يعرف جيداً ان فريقهم هو عبارة عن ميسي وبعض اللاعبين الآخرين وعندما يقوم ميسي بايصالهم الى كأس العالم تُرقع صوره وحده في الصحافة دون سواه، لا يتم وضع اي صورة لأي لاعب آخر ولا حتى للمنتخب ولا حتى للمدرب. وعندما تفشل الارجنتين ايضاً لا يتم وضع الا صورة ميسي. محتارة الأرجنتين بين خيارين: هل كرة القدم لعبة جماعية أم فردية معتمدة على ميسي وتوحدّه مع الكرة. بإمكان جلد ميسي على إهدار ركلة جزاء امام منتخب يتأهل للمرة الأولى الى نهائيات كأس العالم، بالأخص انه أهدر قبلها العديد مع منتخب بلاده، لكن ان يُحمّل مسؤولية فشل الأرجنتين دولياً؟ هذا هو الانفصام الكروي.
أن يُحمّل ميسي وزر تغيير اكثر من 3 مدربين متعاقبين في 4 أعوام وتأثير هذه التغييرات على هوية وشكل المنتخب؟ تحميل ميسي وزر تخبّط الاتحاد الأرجنتيني وتحديد وديات مع نيكاراغوا، اسبانيا، هايتي (!) (التي لم يستطع الأرجنتين الفوز عليها سوى بعد هاتريك ميسي، أي حتى امام هاييتي كان يجب على الارجنتين الاعتماد عليه) والودية الثانية قبل منفاسات نهائيات كأس العالم أمام الكيان الصهيوني؟ هل علينا مثلاُ مقارنات اختيارات الاتحاد الأرجنتيني بخيارات باقي المنتخبات؟ منتخب تونس خاض ودياته مع اسبانيا، مع البرتغال. منتخب البرازيل خاض ودياته مع المانيا، كرواتيا والنمسا. منتخب اسبانيا خاض ودياته مع الأجنتين (6-1)، سويسرا وتونس. حتى منتخب مصر خاض ودياته مع البرتغال، كولومبيا وبلجيكا.
ميسي يتحمّل وزر عدم انسجام المجموعة مع بعضها البعض، مع عدم وجود خطة بديلة للمباريات التي تشهد على محاصرة ميسي من قبل خصومه كما حصل مع ايسلندا. ميسي يلعب مع أفضل نجوم العالم؟ لماذا هؤلاء النجوم غير قادرين على ايجاد طريقة لحمل الفريق عندما تتم محاصرة ميسي وعزله؟ او ان ميسي يجب عليه فك الحصار وصناعة اللعب والتسجيل؟ لماذا يجب على ميسي حمل وزر عدم وجود أجنحة قادرة على اختراق الدفاعات؟ او لماذا على ميسي الاعتزال والعودة الى اسبانيا ان لم يكن اي صانع العاب في المنتخب؟ لماذا ميسي يهبط من السماء لحظة الفوز ويُدفن تحت تراب روزاريو وحده لحظة الخسارة.
ميسي الذي يُقال عنه متخاذل بحق الأرجنتين تخاذل على نفسه عندما عاد من الاعتزال وقرر ان يخوض رحلة جديدة مع الفشل الارجنتيني في كأس العالم 2018. يريدون عودته الى اسبانيا تحديداً وكأنهم تناسوا عندما تواجه المنتحبين ودياً بدون ميسي وسُحق الأرجنتين بسداسية، تناسوا ان ميسي كان بإمكانه ان يكون طرفاً مع منتخب اسبانيا في هذه الودية لو انه تخاذل حقاً ونسي انه أرجنتيني.