الدوحة – بزنس كلاس:
نجحت مهندسات قطريات في اقتحام مجال الصناعة والطاقة وحقول النفط والغاز، وأثبتن قدرتهنّ وكفاءتهنّ المهنية في أعمالهنّ الميدانية، وبتن علامة مميزة في مسيرة المرأة القطرية القادرة على خوض عالم المهن الدقيقة، أو التي لا تزال مقتصرة على الرجل، وحققن قفزة نوعية في الحياة الأكاديمية والمهنية.
إقبال لافت من القطريات
ووفقاً لآخر الإحصائيات الصادرة عن جامعة تكساس في قطر، شكلت نسبة طالبات الهندسة في جامعة تكساس إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر حوالي 49.7% للعام الجامعي 2017-2018، في ارتفاع ملحوظ عن العام الماضي والتي كانت فيه النسبة 45.7% للعام الدراسي 2017- 2018، فقد ارتفع عدد الطالبات خلال عام واحد من 203 إلى 228، وهذا يدل على أن التخصصات الصناعية والهندسية باتت مجالًا مرغوبًا للفتيات في قطر، على الرغم من النظرة المجتمعية السائدة والتي تعتبر التخصصات المعقدة حكرًا على الرجال.
وفي السياق نفسه، يؤكد واقع سوق العمل داخل الدولة، أن أعداد الفتيات اللواتي تخرجن ويعملن حاليًا في مجال الهندسة والصناعة ارتفع بشكل كبير عن الأعوام الماضية على الرغم من دقة المهام الموكلة إليهن، ويدل ذلك على نجاح الفتاة القطرية في التغلب على الصعوبات والعقبات التي تواجه الفتيات الراغبات في الالتحاق بالمجالات العلمية.
في لقاءات للشرق، تحدثت مجموعة من المهندسات القطريات وخريجات جامعة تكساس، عن أهم أسباب نجاحهن في الميدان الصناعي، والصعوبات التي واجهتهن خلال مسيرتهن الأكاديمية والمهنية، إضافة إلى أهمية التشجيع والدعم من أكاديميي الجامعة ومن المجتمع المحلي ليحصدن التفوق.
المهندسة مها الخزاعي: عملي في مكامن النفط فتح أمامي آفاق الابتكار
من جهتها قالت المهندسة مها الخزاعي خريجة هندسة بترول من جامعة تكساس، ومهندسة مكامن: لم أتردد في الالتحاق بالمجال الهندسي، لأنه شغفي منذ البداية، ويلبي طموحي بأن أحدث فرقاً وأترك أثرًا إيجابيًا في مجال الطاقة والصناعة، إضافة إلى أنه يفتح آفاقاً للابتكار والتفكير النقدي، ويعتمد بشكل كبير على إيجاد طرق لحل المسائل.
وأنا أعمل حاليًا في قسم دراسات المكامن والتطوير بشركة قطر غاز، وطبيعة عملي تقوم على تطوير خطط قابلة للتطبيق اقتصاديًا، والتنبؤ بمعدلات تدفق النفط والغاز، بالإضافة إلى إيجاد حلول لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة، وعلى الرغم من دقة مهامي، إلا أنني لم أواجه أي صعوبات في هذا المجال، حيث حظيت بالعمل تحت إشراف قيادة قطرية شابة وداعمة، وفرت لي كافة سبل التطوير لتخطي أي تحديات من الممكن أن أواجهها.
وأضافت قائلة: أتفهم جيدًا الفكرة السائدة حول تخصص الهندسة لارتباطه بالرجل، إلا أنني لا أؤيد هذه الفكرة، فقد أثبتت المرأة القطرية وجودها، وقدرتها على إنجاز مهامها على أكمل وجه، كما أنني أؤمن بأن المرأة قادرة على الوصول إلى مناصب عليا في هذا المجال.
وتابعت قائلة: خبرتي في هذا المجال علمتني أن أهم عوامل النجاح في مجال الهندسة تكمن في تحدي الصعوبات والاستفادة من الأخطاء، والأهم من ذلك كله، إثبات القدرات والتطلع إلى تطوير المهارات المكتسبة، متمنية رؤية المزيد من الفتيات في المجال الصناعي، فنحن بحاجة إلى بصمة الكوادر القطرية الشابة لتطوير هذا المجال.
المهندسة مريم الهيل: الإصرار دفعني لإكمال دراستي العليا في الطاقة المستدامة
فيما قالت المهندسة مريم الهيل خرّيجة هندسة كيميائية من جامعة تكساس، ومهندسة عمليات صناعية: درستُ تخصص الهندسة الكيميائية في جامعة تكساس، والذي يعد أحد أكثر وأهم التخصصات المطلوبة في المسار الوظيفي، ويشمل العديد من الأقسام مثل الكيمياء، والصناعة، وإدارة المشاريع، وحماية البيئة، وتوجهي كان سببه إيماني بأن هذا التخصص غير مقتصر على الرجال، فالمرأة لها دور ريادي في تنمية المجتمع، وهي ليست أقل مقدرة من الرجل كما يظن البعض، بل على العكس هي قادرة على تولي مواقع قيادية وتثبت جدارتها في كل مكان.
وأضافت قائلة: إنّ أهم عوامل نجاحي في هذا المجال هي العزيمة والإصرار والثقة في النفس، بالإضافة إلى تشجيع عائلتي، وحرصها الدائم على تفوقي، ودعم زوجي الذي شجعني على إكمال الدراسات العليا، حيث أدرس حاليًا تخصص الطاقة المستدامة كطالبة ماجستير في جامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر.
ولفتت إلى أن المجتمع يحترم المرأة المهندسة، ويقدّرها لما تبذله من جهد، ويساعدها في التغلب على التحديات، وقالت: لقد وفرت لي الشركة التي أعمل بها، ومنذ بداية مسيرتي المهنية كل شيء، وقدمت لي كافة الدورات التدريبية التي أحتاجها لأطور نفسي.
وحثت الفتيات على الالتحاق بالمجال الهندسي، بغض النظر عن نوع التخصص، سواء كان كيميائيا أو تخصصا آخر، لأن هذا المجال مطلوب بكثرة ومن أهم التخصصات في حياتنا.
المهندسة هبة الصفار: عملي في التطوير التقني لحقل الخليج البحري أضاف لي الخبرة
وقالت المهندسة هبة الصفار خريجة هندسة كهربائية من جامعة تكساس، ومهندسة التخطيط والتطوير لحقل الخليج: كنت محظوظة بحصولي على منحة للدراسة في جامعة عريقة كجامعة تكساس قطر، وبعد تخرجي من الجامعة، وحصولي على شهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية، اخترت وظيفة تناسب تخصصي، كمهندسة التخطيط والتطوير لحقل الخليج في شركة توتال أي آند بي قطر للنفط والغاز.
وأوضحت أنه من مهامها المساهمة في تطوير الحقل، والعمل على إيجاد الحلول المناسبة للصعوبات التي قد نواجهها يوميًا، وأساهم بشكل يومي في إدارة المشاريع، والتخطيط للأعمال، والتطوير التقني للحقل، إضافة إلى الإشراف على فريق العمل.
وأضافت قائلة: دراستي للهندسة كانت بمثابة خيار شخصي، ولأنني أعشق التحديات اخترت هذا المجال المتغير والمتطور، وعلى الرغم من تواجدي في هذا المجال منذ 7 سنوات، إلا أنني ما زلت أنظر إلى كل يوم كتحدٍ جديد شيق.
ومن العوامل الرئيسية لنجاحي، هو عملي على مشاريع متعددة وتولي مسؤوليات مختلفة منذ بداية مسيرتي المهنية كمهندسة، وهذا ساعدني ومنحني الثقة في نفسي للاستمرار والتطور.
وأشارت إلى الصعوبات التي تواجهها في مجال عملها بالقول: أهم الصعوبات الناجمة عن كوني مهندسة، أنني الفتاة الوحيدة التي تتواجد في معظم اجتماعات الشركة، ويتطلب عملي كذلك الانضمام إلى الرحلات التي تنظمها الشركة في حقل النفط البحري، وهذا الواقع لا يؤثر على قناعتي بأن مجال الهندسة ليس محصوراً فقط على الرجل، فالزمن تغيّر، والكثير من النساء اليوم، بتن يلعبن دورًا رئيسيًا في مجال الهندسة وخاصة في مجالي النفط والغاز، لذا أنصح وأشجع الطالبات على الالتحاق بهذا التخصص بعد التخرج، فالخبرات التي يكتسبنها من الجامعة ستفيدهن في حياتهن بشكل عام.
المهندسة المها المانع: المجال الصناعي يتطلب خبرات قطرية في علوم الهندسة
وقالت المهندسة المها المانع خريجة هندسة ميكانيكية من جامعة تكساس، وهي مهندسة متخصصة في الأجهزة الدوّارة: إنني أعمل في شركة قطر غاز كمهندسة ميكانيكية في قسم الأجهزة الدوارة، وتخصصي هو تحدٍ بحد ذاته، حيث تقوم مهامي على مراقبة أنشطة الأجهزة الدوارة في قطار3/4/5، وتحديد نقاط الضعف المحتملة للأجهزة، بالإضافة إلى تحليل أسباب الفشل في حال وجدت في أي من الأجهزة، وتقديم التوصيات المستقبلية لمنع تكرار حدوث الفشل في المستقبل، فالتحدّي يكمن في وجوب تعلم الكثير من الأمور يوميًا، لاكتساب الخبرة الجيدة والتطوير من مهاراتي.
وأوضحت أنّ تحديات مجتمعية أخرى تواجهها كفتاة تعمل في مجال هندسي، وقالت: تشعر بعض الفتيات أنهن يعشن في مجتمعات قد يتميّز أحيانًا بين الجنسين فيما يتعلق بالمهن، لذا يتوجب علينا كنساء بذل جهد مضاعف لإثبات ذواتنا وقدراتنا على تحمل الصعاب التي قد تواجهنا في مجال عملنا. وأكدت على أن النماذج كثيرة من حولنا، حيث يوجد العديد من النساء المتفوقات في مجال عملهن، واللواتي تغلبن على جميع التحديات التي واجهتهن.
وأضافت قائلة: أنا أؤمن بأن النساء قادرات على تحقيق أي هدف يضعنه نصب أعينهن، كما أنهم لسن أقل كفاءة من الرجال في أي من المجالات المهنية، وأن مجال الهندسة بشكل عام مطلوب جداً، فدولتنا في ازدهار دائم، ونظرًا لأن معظم الأعمال التجارية والصناعية تتطلب خبرات في قطاع الغاز والبترول، لذلك نحن بحاجة للمزيد من المهندسين والمهندسات في قطر.
74 % نسبة المهندسات القطريات ويحصدن المراكز الأولى في الهندسة
بينما أكدت الدكتورة غادة سلامة أستاذ تعليمي مشارك في قسم الهندسة الكيميائية بجامعة تكساس قطر أن زيادة نسبة الطالبات المتخصصات في الهندسة أمرٌ إيجابي ومشرّف، وقالت: في أحد الفصول الدراسية لهذا العام، فاق عدد الطالبات نسبة 74% مقارنة بعدد الطلاب، وتستحوذ غالبًا الطالبات الإناث على المراكز الأولى مما يثبت تفوقهن في جميع مجالات الهندسة، بفضل حماسهن وفضولهن، فهن قادرات على المساهمة في التقدم التقني لدولة قطر.
وقالت إن المجال الهندسي له علاقة كبيرة بتصميم وإيجاد الحلول الإبداعية التي تتطلب فكرًا وطاقة عقلية تساعد في التغلب على التحديات، وأنه لدى الجامعة العديد من البرامج التي تدعم الطالبات، خاصة في بداية المرحلة الدراسية، ومنها “برنامج إرشاد المرأة في الهندسة” و”مجتمع طالبات الهندسة”، وهذه البرامج تساعد الطالبات في التعرف بشكل أكبر على تخصصات الهندسة ومجالاتها.
وأشارت إلى أنّ برامج التدريب الميداني سواء داخل أو خارج الجامعة، تساعدهن على تطبيق ما تعلّمنه في الصفوف الدراسية وتدعمهن لتحقيق مستقبل مهني ناجح في كافة المجالات المختلفة.
قطريات في خطواتهن الأولى على مقاعد الهندسة بجامعة تكساس:
سوق العمل يوفر فرصاً مهنية واعدة للمهندسات القطريات
وأكدت طالبات تخصصات الهندسة بجامعة تكساس قطر أنّ الميول العلمية والتحدي والرغبة في نيل درجات أكاديمية عليا هي السبب وراء اختيارهنّ تخصصات الهندسة، ونوهنّ أنّ سوق العمل الوطني متاح وواعد أمام المهندسات القطريات إذا أثبتن كفاءتهنّ وقدرتهنّ على تخطي الصعوبات.
الشرق تلتقي بطالبات السنة الأولى بجامعة تكساس قطر، في فعالية (اكتشف المدينة التعليمية ) وهنّ يقدمن تعريفاً للطالبات بالتخصصات الهندسية، ويحفزن غيرهنّ للالتحاق بأهم الجامعات العالمية.
ــ قالت دانة محمد الخلف طالبة في السنة الأولى لتخصص هندسة كهربائية: اخترت هذا التخصص لأنه يتوافق مع ميولي العلمية، ولحاجة الدولة لكوادر قطرية لديها خبرات كبيرة في الهندسة، مضيفة أنها حرصت على الالتحاق بجامعة تكساس لكونها أقوى الجامعات العالمية التي وفرتها الدولة للطلاب.
وأضافت أنها لم تتراجع عن قرارها بدراسة الهندسة، لأن الحياة الجامعية تركز على بناء شخصية الفرد، وتعليمه مهارات حقيقية وشخصية، وجاء اختيارها لتخصص الهندسة الكهربائية لكونها تميل لمادة علم الفيزياء.
ــ من جهتها، قالت نورة علي السبيعي طالبة في تخصص الهندسة الكيميائية: كان حلمي دراسة الهندسة من صغري، وأميل إلى عمل الأشياء بنفسي وأن أتوصل للتجارب من خلال متابعتي لما أقوم به، وقد أعطتني الجامعة هذه الفرصة لأثبت قدراتي في المجال.
ومما زاد من قوة شخصيتي وأدائي العلمي حصولي على العديد من الدورات والورش العملية التي تقدمها الجامعة، إضافة إلى الخبرات الهندسية التي أتلقاها كل يوم، لذلك أطمح إلى إكمال دراستي في علم الهندسة الكيميائية، وأثبت مكانتي في بلدي التي تستحق الأفضل منا.
ــ وبدورها، قالت الدانة الدوسري طالبة هندسة كهربائية: اخترت مسار الهندسة منذ بداية التحاقي بالثانوية العلمية، وأميل كثيراً إلى التكنولوجيا التي تكشف ميول وإبداع الطلاب، وهذا أوصلني لتحقيق درجات تنافسية في المواد، وساعدني أيضاً في التغلب على التحديات بتحسين مستواي الدراسي.
وعن فرص العمل، أكدت أن السوق القطري واعد لعمل القطريات، وهناك طلب كبير على المهندسات في كل التخصصات، وكلما توسعت قطاعات الصناعة والإنتاج يزداد الطلب يوماً بعد يوم على الكوادر القطرية في الهندسة.
ــ من جهتها، قالت فاطمة السيد، طالبة هندسة كهربائية: اخترت مساري العلمي لأنني متفوقة فيه، وحددت رغبتي في تخصص الهندسة لأنه كان حلمي من الصغر، ولم أجد صعوبة في الدراسة ولكن الحياة الجامعية اختلفت لأنّ الانتقال من المدرسة إلى الجامعة يتطلب وقتاً للتعود على ذلك.
وأضافت أنّ فرص العمل متاحة في الشركات الصناعية والمؤسسات الاقتصادية، وهناك طلب كبير على خريجات الهندسة.
ــ وأكدت نور بوحليقة، طالبة تخصص هندسة كيميائية: أنّ علوم الهندسة مهمة جداً في حياة المجتمعات، وقالت: إنني أطمح للعمل في شركات الطاقة الكبرى رأس غاز أو قطر للبترول ومصانع دخان، فأنا أميل لممارسة تجاربي بنفسي، وقد شجعتني أسرتي كثيراً على ذلك، لأنّ والدي مهندس معماري وشقيقي مهندس ميكانيكي، وكانا دوماً حافزاً لي.
وأضافت أنها تطمح لترك بصمة مؤثرة للقطريات في مجال الهندسة بمواقع العمل، ودخولها التخصص الهندسي لتساند قطاعات العمل، ولتكون شريكة في التطوير والتحديث.