تمكنت منظومةُ المواصلات من تحقيق نجاحاتٍ كبيرةٍ خلال العام 2024، حيث رسخت مكانتها لتواكبَ قاطرة التنمية المُستدامة، حيث إن قطاعَ النقل يلعب دورًا بارزًا في مختلِف جوانب التنمية، ويُشكّل عصب الاقتصاد الوطني.
وتساهم شبكةُ النقل العصرية في دعم استضافة دولة قطر مختلِف الفعاليات والبطولات الرياضية، من خلال توفير شبكة نقل عام متعدد الوسائط، وصديقة للبيئة، وتنافس أفضل أنظمة النقل العام في العالم.
وتتفرّد دولةُ قطر بنجاحات قطاع المواصلات بمختلِف أوجهه، فتوفر شبكةً عالميةً للنقل البري والبحري والجوي، وتعمل على تأسيس نظام نقل متكامل وفعال بأفضل التقنيات المتوفرة عالميًا، يخدم من خلاله جميع قطاعات الدولة الخدمية والاقتصادية والبيئية، ويشكل رابطًا قويًا بين قطر والعالم بشكل ناجح وفاعل ومؤثر.
ولأن قطار التنمية في قطر يقطع خطواتٍ كبيرةً وملموسةً في زمن قياسي، لم يتوقف تطوير قطاع النقل، رغم الطفرة الشاملة التي تحققت قبل الاستضافة التاريخية لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، لتواصل وزارة المواصلات خططها الطموحة، مُعززة بذلك مكانةَ قطر الرائدة على خريطة قطاع النقل العالمي الأخضر والذكي.
إنجازات كبيرة
وتظهر الأرقام التطوّر الكبير الذي شهده قطاع النقل في قطر، فعلى صعيد تحول حافلات النقل العام إلى كهربائية، فقد وصلت نسبة تشغيل الحافلات الكهربائية خلال الربع الأول من العام الحالي إلى 73%، مع خُطى بوقع ثابت لتحويل منظومة حافلات النقل العام إلى حافلاتٍ كهربائيةٍ بنسبة 100% بحلول عام 2030، بما يضع دولة قطر ضمن مصافّ أعلى الدول تحقيقًا لهذه النسب في قطاع النقل والمواصلات صفري الانبعاثات الكربونية بالعالم، تماشيًا مع أهداف استراتيجية قطر الوطنية للبيئة والتغيّر المُناخي. أما النقل الجوي فتحقق فيه قطر قفزاتٍ طموحةً، تواصل من خلالها دورها الريادي عالميًا، فقد فازت دولة قطر برئاسة لجنة النقل الجوي في منظمة «إيكاو»، ما يعكس ثقة الدول الأعضاء في المنظمة بالمكانة العالمية التي تحظى بها دولةُ قطر في مجتمع الطيران المدني منذ انتخابها عضوًا بمجلس المنظمة عام 2022.
وضمن أبرز إنجازات قطاع النقل البحري في الدولة، فقد حلّت «كيوتيرمنلز» كأول شركة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، والثالثة على مستوى قارة آسيا التي تمتثل لمعايير وتوصيات مبادرة الأهداف القائمة على العلم (SBTi)، وذلك ضمن قطاع النقل البحري (الموانئ والخِدمات)، فحصلت على اعتماد المبادرة لتنفيذ هدفها المتمثل في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري من عملياتها المباشرة وغير المباشرة بنسبة 46.6% بحلول 2030.
«الريل»
واصلت شركة سكك الحديد القطرية (الرّيل) مسيرتها الحافلة بالإنجازات خلال العام 2024، حيث قدمت شبكتا مترو الدوحة وترام لوسيل، خدماتٍ موثوقةً وآمنةً وتجرِبة تنقل سلسة تعكس ما وصلت إليه منظومةُ النقل العام في قطر من تطورٍ.
وتؤكد نجاحات شركة الرّيل على التزامها الراسخ بدعم رؤية قطر الوطنية 2030 من خلال تعزيز البنية التحتية للنقل العام وتقديم خدمات تنقل متميزة من خلال شبكتي مترو الدوحة وترام لوسيل.
وشكلت خِدمات مترو الدوحة وترام لوسيل ركيزةً أساسيةً في نجاح استضافة الفعاليات الكبرى والبطولات الرياضية الإقليمية والعالمية، من خلال تطبيق خططٍ تشغيليةٍ استثنائيةٍ لنقل الجمهور وتقديم خِدمات نقل عالمية المستوى.
شبكة عصرية
وتضم شبكة النقل العام، 4 مواقف «اركن وتنقل» في مناطق القصار والوكرة ولوسيل والمدينة التعليمية، تتسع لما يزيد على 1000 موقف للمركبات، و8 محطات للحافلات في كل من منطقة السودان ومدينة لوسيل ومدينة الوكرة والمدينة التعليمية والمنطقة الصناعية ومشيرب والغرافة والخليج الغربي، بالإضافة إلى أربعة مستودعات للحافلات في مدينة الوكرة، والمنطقة الصناعية الجديدة، ومدينة الريان، ومدينة لوسيل، وجميع هذه المرافق مُجهزة ببنية تحتية كهربائية داعمة لشحن المركبات الكهربائية.
كما أن مستودع حافلات لوسيل مُسجل بموسوعة جينيس للأرقام القياسية كأكبر مُستودعٍ للحافلات الكهربائية في العالم بسعة 478 حافلة، ويمتد على مساحة تبلغ حوالي 400 ألف متر مربع، ويُعد أول مستودع حافلات في الشرق الأوسط يعتمد على مصادر الطاقة الشمسية، حيث يتميز باحتوائه على نحو 11 ألف وحدة من الألواح الشمسية تولد طاقة مقدارها من 4 إلى 6 ميجاواط باليوم الواحد لإمداد مباني المستودع بالطاقة اللازمة، بما يتماشى مع أهداف استراتيجية قطر الوطنية للبيئة والتغيّر المُناخي، ويحقق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030.
نقلة نوعية
تحت إشراف وزارة المواصلات، قامت شركة مواصلات (كروه) بالتعاون مع مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، بتجرِبة تشغيل أول حافلة كهربائية ذاتية القيادة لنقل الركاب داخل المدينة التعليمية.
وتُمثل تجرِبة الحافلة الكهربائية ذاتية القيادة خطوةً هامةً نحو دمج التكنولوجيا والالتزام بالمسؤولية البيئيّة، حيث تعمل هذه الحافلة بالطاقة الكهربائية.
«صلة».. تربط وسائل المواصلات ضمن شبكة متكاملة
قطعت وزارةُ المواصلات شوطًا كبيرًا في رحلتها نحو بناء شبكةٍ متكاملةٍ للنقل العام في دولة قطر، من خلال إطلاق «صلة» التي تمثل العلامة التِجارية التي تربط جميع وسائل النقل العام في دولة قطر ضمن شبكةٍ متكاملةٍ.
تساهم «صلة» في تحقيق أهداف الاستدامة وتهدف إلى توفير السهولة والراحة للمستخدمين في التنقل في جميع أنحاء البلاد، وتشجع على استخدام وسائل النقل العام الآمنة والموثوقة في قطر، وتشمل مزايا صلة: تقليل الازدحام المروري، وتعزيز اقتصاد البلاد، وسهولة التنقل بين وسائل النقل المتعددة، وآمنة وموثوقة ومريحة، وتقليل تلوث البيئة، وتحسين صحة المجتمع، وملائمة من حيث التكلفة.
ومع الانتهاء من إطلاق جميع مراحل «صلة»، ستتكامل شبكة النقل العام وتصبح «صلة» المصدر الرسمي الوحيد لجميع المعلومات المتعلقة بوسائل النقل العام في دولة قطر.
وتضم «صلة» تحت مِظلتها حاليًا المترو والحافلات والترام وسيارات الأجرة، وستتيح لمستخدميها العديدَ من المزايا، منها أنظمة الدفع المتكاملة التي تعمل دون لمس، إلى جانب تقديم خِدمات ووسائل نقل عام جديدة، وإطلاق حملاتٍ توعويةٍ وترويجيةٍ لشبكة النقل العام بهدف الوصول إلى أكبر عددٍ ممكنٍ من الجمهور في دولة قطر.
عوائد اقتصادية كبيرة للخُطة الشاملة للنقل 2050
انطلاقًا لما يُشكّله قطاع النقل كركيزة أساسية في عمليات التنمية والتطور العمراني الذي تشهده الدولة، أطلقت وزارةُ المواصلات الخُطة الشاملة للنقل في دولة قطر 2050 التي تشكّل خريطة طريق للاستثمار في البنية التحتية للنقل البري، حيث ستحدد الأطر والتوجهات المستقبلية لتطوير شبكات النقل على المستوى الوطني، بما يكفل تكاملها مع استخدامات الأراضي، والتطوير العمراني، والنمو السكاني وتلبية الطلب على أنظمة النقل في المستقبل.
وتُعد الاستدامة حجر الأساس في هذه الخُطة لما يحمله هذا المفهوم من تأثيرٍ كبيرٍ على التنمية الاقتصادية والبيئية، وذلك من خلال تحقيق التوازن بين متطلبات النمو الاقتصادي وحماية البيئة والمساهمة في التقليل من التغير المُناخي من خلال تنفيذ مبادراتٍ تساهم في التحوّل إلى النقل المستدام.
وستعود الخُطة الشاملة للنقل في دولة قطر 2050 بعوائد اقتصادية كبيرة نتيجة زيادة الإيرادات ومنافع توفير تكلفة تشغيل المركبات وتوفير استهلاك الطاقة والوقود وتخفيض الانبعاثات الكربونيّة والحوادث المروريّة.