منتدى قطر الاقتصادي يناقش التحولات الكبيرة في اقتصادات دول مجلس التعاون

الدوحة-بزنس كلاس:
ناقشت جلسة إعادة تشكيل اقتصادات الشرق الأوسط، التي عقدت اليوم ضمن فعاليات منتدى قطر الاقتصادي، التحولات الكبيرة التي شهدتها اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات الأخيرة، ولا سيما بعد قطعها أشواطا بعيدة في زيادة تنويع اقتصاداتها، سبيلا للحد من الاعتماد على موارد النفط والغاز كمصدر وحيد للدخل.
وفي هذا الإطار، تناولت الجلسة تجربة كل من دولة قطر والمملكة العربية السعودية في هذا المجال، مستعرضة بالأرقام مظاهر هذا التحول سواء على صعيد ارتفاع مشاركة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول أو زيادة نسب مشاركة المرأة الخليجية في التنمية، أو تسهيل أساليب الاستثمار في هذه الدول.
افتتح هذا النقاش سعادة السيد علي بن أحمد الكواري وزير المالية، بالتأكيد على أن رؤية قطر الوطنية 2030، شكلت في ركيزتها الاقتصادية محور هذا التحول، قائلا ” نحن في مرحلة متقدمة من إنجاز رؤية قطر الوطنية 2030.. لقد وضعنا ثلاث مراحل، ركزت أولاها على الاستثمار في البنية التحتية من خلال جهاز قطر للاستثمار، وشمل ذلك شبكة السكك الحديد ووسائل النقل، واستضافة أحداث رياضية كبيرة من قبيل كأس العالم لعام 2022″.
وأضاف سعادة وزير المالية أنه بعد العام 2022 تواصل هذا الزخم الاقتصادي والاجتماعي بالتركيز على القطاع الخاص ومراكز التطوير الاقتصادي ومنها رأس المال البشري والتعليم، واستخدام التكنولوجيا الحديثة وحماية البيئة وفق أسس مستدامة. إضافة إلى تطوير قطاعات أخرى مهمة من بينها الصناعة والسياحة والجوانب اللوجستية، مشددا على أن قطاع الطاقة حقق هو الآخر إيرادات مالية مهمة جدا، وكلها عوامل تؤكد أن هذا التطور الاقتصادي سيساعد دولة قطر في تحقيق مستقبل زاهر، خصوصا مع الزيادة المستهدفة في إنتاج الغاز الطبيعي المسال في عام 2030 والتي ستضاعف تقريبا مستويات الإنتاج الحالية البالغة 77 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا.
وفي رده على سؤال بشأن الفوائض المالية لعوائد هذا الازدهار الاقتصادي، أشار إلى أن وزارة المالية لديها إطار للسياسة المالية سيتم توجيه هذه الفوائض وفقا لها، حيث يخصص جزء معين لدعم موازنة الدولة، وخفض الدين العام ودعم استثمارات جهاز قطر للاستثمار وتحسين احتياطيات مصرف قطر المركزي، بالإضافة إلى مواجهة احتمالات التقلب في السوق وهو ما يضمن الاستقرار المالي للدولة.
وأوضح أن مسألة التضخم هي مسألة تهم دول العالم بأجمعها ولا بد إزاءها من تسليط الأضواء على هذه المسألة الاقتصادية وتوحيد الجهود بالعمل مع كل المنظمات الدولية للتخفيف من عبء العراقيل والصعوبات التي تزيد من حدة هذه الظاهرة العالمية، مضيفا أن “مسألة التضخم المالي هي ليست مسألة مقلقة بالنسبة لدول الخليج مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية مثلا فنسبة التضخم في دولة قطر وصلت إلى أدنى المستويات خلال السنوات الأخيرة، وهذا بسبب الخطة الموضوعة. طبعا هذا التحدي للمنطقة ولا يمكن أن نقصي أنفسنا من التحديات الموجودة في الدول الأخرى ومن بينها المسائل الجيوسياسية المتصلة بالصراعات والتوترات لا سيما في اليمن وفي السودان وفي فلسطين، هذه التوترات تشكل صعوبات بالنسبة لنا حينما نتحدث عن الخارطة الموضوعة لتحقيق الرؤية الخاصة بنا”.
من جهته استعرض سعادة الدكتور محمد الجدعان وزير المالية بالمملكة العربية السعودية، بعض الإنجازات التي تحققت في ظل تنفيذ المملكة رؤيتها للعام 2030، فأشار إلى أن دول مجلس التعاون إجمالا لديها مثل هذه الخطط والتي انتقلت بها من مرحلة كانت تعتبر فيها دولا غنية بالموارد الطبيعية ومعتمدة بشكل كبير على عائدات هذه الموارد إلى دول تمضي قدما نحو اقتصاد متنوع مستدام، يمكّن القطاع الخاص ويبني على الشباب الذين يعرفون كيفية استخدام التكنولوجيا، ويمكنهم أن يكونوا رواد الأعمال وأن يكونوا قادة المستقبل.
واستعرض سعادته بعض الأرقام الدالة فيما يخص المملكة فقال “حينما أطلقنا رؤية عام 2030 في عام 2016 كانت لدينا إيرادات كبيرة وقوية جدا والإيرادات المتوفرة كانت تغطي فقط 10% من ما نصبو لتحقيقه، وتطلب الأمر أن نحدث نقلة نوعية لزيادة الإيرادات، وخلال السنوات السبع الأخيرة، انتقلنا من واقع 10% إلى 30%. وأشار إلى أن الناتج الخام السعودي وصل في ظل رؤية 2030 إلى أعلى المستويات، كما أن “نسبة التشغيل كانت في حدود 12.3%، وبدأنا نقترب من تحقيق الرؤية فيما يخص التخلص من مسألة البطالة وزيادة التشغيل إذ وصلنا 36%. كما لدينا اليوم أكثر من 3 ملايين شخص وظفوا في القطاع الخاص”.
ونوه إلى أهمية التركيز على المجال السياحي لتحقيق رؤية عام 2030، ومساعدة القطاع الخاص على النمو لكي يلتحق بركب النمو الاقتصادي، مبرزا بعضا من التحديات التي تواجه المملكة والمنطقة بشكل عام ومنها “مشاكل فيما يخص عبور السفن ووسائل الشحن البحري، وهي كلها أزمات ومشاكل تواجهنا، ولا بد من التعامل معها لكي نوجد السبل المثلى لحلها وكذلك للتأقلم مع الإستراتيجية الموضوعة وتنفيذها”.
من جانبه قال سعادة الدكتور محمد سليمان الجاسر رئيس مجلس إدارة مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، إن بلدان مجلس التعاون الخليجي جربت لعدة عقود الكثير من الأساليب الاقتصادية لتنويع اقتصاداتها، وإيجاد رأس مال موحد للتطوير الاقتصادي.. “لذلك بدأنا نرى الناس يتعاملون معنا كجسم واحد، كمجلس فيه سياسات متسقة ومنسجمة مع بعضها البعض”.
وأضاف “أنجزنا الكثير، وسننجز الكثير.. نحن أمل هذه المنطقة بسبب التنوع الاقتصادي والمرونة في السياسات المتخذة بسبب الجهود المتسقة مع بعضها البعض، وأعتقد أن هناك ثورة اقتصادية ورفاهية يعيشها الجيل الحالي، أصبحنا نرى زمرة من خيرة رواد الأعمال الشبان، لم أر هذا في السابق، هناك إقبال على الاستثمار وبناء المنشآت الاقتصادية من قبل رواد الأعمال، وأعتقد أنه بفضل القيادات الحكيمة في كل البلدان حققنا تطورا، الأمر ليس امتلاك المال فقط، بل كيفية استثمار المال على الصعيد الداخلي والخارجي، أعتقد أن ما حققناه واضح للعيان وبالأخص على الصعيد الداخلي، ولذلك نحن ننعم بالسلم والأمان الاجتماعي، لأننا نركز على مسألة تطوير رأس المال البشري المحلي، ورأينا الكثير من مؤشرات النجاح”.
وفي السياق الخارجي، أكد الجاسر أن مجموعة بنك التنمية الإسلامي مولت مشاريع بقيمة أكثر من 182 مليار ريال.

السابق
الفيفا يعتمد بطولة كأس العرب وإقامة 3 نسخ منها في قطر
التالي
وكالة ترويج الاستثمار وبوينج توقِّعان مذكرة تفاهم لدفع النمو في قطاع الطيران