منتجو النفط.. عين على السوق وأخرى على عصا «ترامب»

يومان فقط تبقت للاجتماع الـ 174 لمنظمة الدول المصدرة للبترول (اوبك) الذي يعقد بفيينا وسط تكهنات بعدم الحفاظ علي اتفاق خفض الانتاج الحالي، ونقلت وكالة رويترز عن مصادر لها، أن السعودية وروسيا ناقشتا زيادة إنتاج النفط من داخل «أوبك» وخارجها بنحو مليون برميل يومياً، بعد أسابيع من شكوى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من أن الأسعار مرتفعة على نحو مصطنع.
ضبابية كثيرة تسود السوق وجدول اجتماعات (اوبك) حددها الخبراء في 3 سيناريوهات تنتظر الاجتماع المقبل وهي معارضة كل من ايران والعراق وفنزويلا لخطط زيادة الانتاج فيما تريد موسكو رفع انتاج النفط لنحو 1.5 مليون برميل في اليوم وبالمقابل تريد السعودية رفع الانتاج ما بين 500 الى مليون برميل في اليوم، ويخشي المراقبون أن يلقي هذا الخلاف الذي يسبق اجتماعات الاوبك بظلاله السالبة علي سوق النفط الذي يتأثر في المقام الاول بالتقلبات الجيوسياسية للسوق، علماً بأن هناك اجتماعا وزاريا للدول من خارج الاوبك الخميس المقبل يسبق اجتماعات الاوبك الذي يتم فيه وضع السياسات العامة بالجمعة ليلتقوا سوياً السبت.

انتقادات ترامب

ويرى خبراء ان دخول الرئيس الامريكي دونالد ترامب علي الخط، بغرض التأثير علي اجتماعات (أوبك) خلال اليومين المقبلين، قد يحدث تصدعاً وسط المنتجين، خاصة وان هناك الكثير من الدول التي لم تتم استشارتها في رفع انتاج النفط. واتهم دونالد ترامب (أوبك) برفع أسعار النفط مجددا، مؤكدا أن ذلك ليس بالأمر الجيد، وقال ترامب في تغريدة عبر حسابه بتويتر «أسعار النفط مرتفعة للغاية، أوبك تفعلها مرة أخرى، هذا ليس جيدا».
وتعد هذه المرة الثانية التي ينتقد فيها الرئيس الأميركي أوبك لرفع أسعار النفط، وذلك خلال شهرين فقط. وفي 14 أبريل الماضي انتقد ترامب دول منظمة أوبك وخفضها للإنتاج، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار، وهو ما وصفه حينها بـ»المصطنع».
ووصفت صحيفة «الفايننشيال تايمز» البريطانية خطط بعض المنتجين في منظمة الاوبك بزيادة الانتاج بمثابة (انقلاب فاضح) لمنظمة الاوبك وحلفائها، الذين اتفقوا منذ العام الماضي علي خفض الانتاج للمحافظة علي السوق العالمي للنفط، بينما يراه اخرون بأنه محاولة لاستبدال الامدادات المفقودة من فنزويلا وايران التي انخفض انتاجها بعد تطبيق العقوبات عليها.
الا أن سعادة الدكتور محمد بن صالح السادة وزير الطاقة والصناعة، أكد في حوار مع «S&P» أن اتفاق يناير الماضي بين اعضاء اوبك والمنتجين من خارجها نجح في تحقيق التوازن لسوق النفط من خلال تقليل الفائض بالسوق، محققين التزاماً خلال الـ 500 يوم الماضية منذ اعلان الاتفاق حتي منتصف مايو من هذا العام.
واضاف الدكتور السادة أن العوامل الأساسية والجيوسياسة لها تأثير قوي علي سوق الطاقة، مشيراً الي أن هذه العوامل غيرت طبيعة السوق بشكل كبير.
وحول الاجتماعات القادمة لاوبك في 22 و23 يونيو الحالي بفيينا، قال الدكتور السادة، أن الاعضاء في أوبك سيتوصلون بالتأكيد لقرار مناسب لصالح كل من الموردين والمستهلكين، سواء ان كان تمداد اتفاق خفض الانتاج، أو اعادة التفاوض بشأنها في ظل سياسة السوق الجيوسياسية المتغيرة والتي سيديرها اعضاء «أوبك» والدول من خارجها في اجتماعات فيينا المقبلة. وتتطلب قواعد الأوبك موافقة جميع الأعضاء على التغييرات فى السياسات، التى على الرغم من عدم تطبيقها دائما، إلا أنها قد تتسبب فى خسارة الكثير من الدول اﻷعضاء فى هذه الحالة، وتعتبر معظم الدول، خارج الدول العربية فى الخليج العربي، غير قادرة على تعزيز الإمدادات كما أنها ستجنى عائدات أقل إذا انخفضت أسعار البترول بشكل أكثر.

3 سيناريوهات متوقعة

وكالة «بلومبرغ» الاقتصادية الامريكية نقلت عن أشخاص علي دراية بالمحادثات في اجتماعات (اوبك) المقبلة، إذ سيناقش الاعضاء زيادة الانتاج قبل الاجتماع الوزاري الجمعة المقبلة ما بين 300 الي 600 الف برميل خلال الاشهر المقبلة بين منتجي (أوبك) وحلفائها.
وأشارت «بلومبرغ» أن زيادة الانتاج بنحو 600 الف برميل في اليوم يمكن أن يكون حلاً وسطاً ما بين 3 سيناريوهات محتملة داخل منظمة اوبك نفسها وهي أن ايران مثلاً لا تريد زيادة في الانتاج، وقالت في تصريحات سابقة أن ايران وفنزويلا والعراق سوف يستخدمون حق النقض (الفيتو) ضد خطط السعودية لزيادة الانتاج. والاحتمال الثاني هو ما طرحته روسيا والتي قالت في 14 يوينو الماضي أنه يمكن النظر في زيادة جماعية تصل الي 1.5 مليون برميل في اليوم، والاحتمال الاخير هو ما تقدمت به السعودية هو زيادة الانتاج ما بين 500 الف الي مليون برميل في اليوم. وحسب استطلاع لاراء المحللين في وكالة (بلومبرغ) أن توقعات الاغلبية بزيادة الانتاج علي الارجح بحوالي 500 الف برميل في اليوم، واظهرت بيانات الوكالة الامريكية تراجعاً في صادرات النفط الخام من ايران وفنزويلا والسعودية .
ومن المتوقع أن يعقد الاجتماع الوزاري الرسمي لمنظمة الاوبك يوم الجمعة المقبل بشأن وضع السياسات العامة، فيما يتوقع أن يكون اجتماع اوبك والدول من خارجها يوم السبت المقبل. كما تشهد فيننا عدداً من الاحداث يومي الاربعاء والخميس من بينها الندوة الدولية لاوبك والتي تشمل جميع وزراء اوبك والرؤساء التنفيذي لشركات بريتيش بتروليوم وتوتال وغيرها فيما تعقد لجنة المتابعة الوزارية المشتركة للدول خارج الاوبك يوم مساء الخميس المقبل قبل الاجتماع الوزاري لاوبك بالجمعة.

النفط الصخري

يبدو أن الصدام السابق بين منتجي النفط الصخري واوبك، اختفى في الوقت الحالي، فحتي سنوات قليلة كان الرؤساء التنفيذيون لشركات النفط الصخري في صدام مفتوح مع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). لكنهم يدركون الآن أنهم في قارب واحد وينبغي أن يجدفوا معا للمحافظة على توازن العرض والطلب العالمي على الخام، وفقا لمقابلات مع محللين ومسؤولين تنفيذين ومستثمرين.
والتقت أوبك مع ممثلين أمريكيين مرتين على الأقل هذا العام ومن المقرر عقد اجتماع ثالث رفيع المستوى في فيينا الأسبوع القادم. وستتمثل القضية الساخنة في إيجاد التوازن الأمثل بين العرض والطلب على النفط.
ومن المقرر أن يلقي هارولد هام، الملياردير المؤسس لشركة النفط الصخري الأمريكية كونتننتال ريسورسز، كلمة أمام وزراء أوبك إلى جانب مسؤولين تنفيذيين آخرين بالقطاع مثل جون هيس الرئيس التنفيذي لشركة هيس كورب وسكوت شيفيلد رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لشركة بايونير ناتورال ريسورسز.

السياسة تلقي بظلالها علي الاجتماعات : خلاف بين الأعضاء حول زيادة الإنتاج

قال سعادة عبدالله بن حمد العطية رئيس مؤسسة عبدالله بن حمد العطية للطاقة، في مقابلة مع S&P إن اسعار النفط المتداولة ما بين 70 – 75 دولارا للبرميل معقولة بالنسبة للمنتجين والمستهلكين.
وقالت الوكالة ان كلا من روسيا والسعودية تضغطان علي اعضاء منظمة الدول المصدرة للبترول (اوبك) لوقف اتفاق خفض الانتاج الحالي الذي يبلغ 1.8 مليون برميل يومياً وذلك في اعقاب ضغوط من الرئيس الامريكي دونالد ترامب الذي شكا من ارتفاع الاسعار.
واوضح سعادة العطية أن دول الاوبك تواجه ضغوطاً كبيرة من قبل السياسيين، مشيراً ان 70- 75 دولارا للبرميل كان سعرا معقولاً للنفط الخام، واضاف «آمل الا تنقسم أوبك».
ويلتقي وزراء النفط في فيينا لاجراء مفاوضات متوترتة هذا الأسبوع، وقال وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك مطلع الاسبوع أن روسيا تتطلع لزيادة انتاج المنتجين بنحو 1.5 مليون برميل في اليوم في الربع الثالث مع النظر في خطوات اخري لادارة السوق. ومع ذلك تواجه خطط الزيادة بمعارضة شديدة من قبل ايران وأكدت معارضتها لتغيير الاتفاقية الحالية لأوبك دون الدعم الكامل من الاعضاء.
وقال حسين كاظمبور اردبيلي محافظ ايران لدي أوبك ان مسألة تغيير الاتفاق تتطلب اجماع كل اعضاء مجلس اوبك، موضحاً أن ايران والعراق وفنزويلا تتفقان علي عدم زيادة الانتاج».
وتتوقع أوبك أن يرتفع الطلب العالمي علي النفط بمتوسط 2 مليون برميل في اليوم في النصف الثاني من عام 2018 عما كان عليه في الأشهر الستة الأولى من العام. ونتيجة لذلك، تشير أرقام أوبك إلى أن أكثر من 33 مليون برميل في اليوم من خامها مطلوب لتحقيق التوازن في السوق في النصف الثاني، مقارنة بالمستويات الحالية البالغة 31.7 مليون برميل في اليوم.

الأزمة الخليجية

ويرى المراقب الدولي لسوق النفط كرسيل ويدرشوفن، في مقال له بموقع (اويل برايس) أن الازمة الخليجية والتي انتهت بحصار قطر من قبل السعودية والامارات والبحرين ومصر، من شأنها أن تهدد اتفاقية خفض الانتاج التي ابرمت مطلع العام الماضي.
ويضيف ويدرشوفن في مقاله أن جميع دول مجلس التعاون الخليجي تعتمد في استقرار علي أسواق النفط والغاز، وهو ما يتضح في اتفاق اوبك الاخير. موضحاً أن الدوحة تملك كرت ضغط في الاوبك في حال أن انضمت الي صف العراق وايران وفنزويلا في رفض زيادة الانتاج بالاجتماع المقبل.
قال محمد سنوسي باركندو الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) ان استمرار خفض الانتاج يأتي ضمن اعادة التوازن للسوق وهي اجراءات مستمرة من قبل دول الاوبك وخارجها.
واضاف الامين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في تصريحات صحفية على هامش حفل جائزة العطية الدولية للطاقة، «اعتقد ان الدول الاعضاء في اوبك وخارج اوبك اظهروا بما لا يدع مجالاً التزاماً مستمراً وعلى أعلى مستوى وتنفيذاً للتعاون وتأكيداً علي مستويات عالية من كل الدول المشاركة في اجراءات استقرار السوق».

«أوبك»: السوق بحاجة لزيادة الإنتاج

توقعت لجنة فنية بأوبك هذا الأسبوع أن يظل الطلب العالمي على النفط قويا في النصف الثاني من 2018، بما يشير إلى أن بمقدور السوق استيعاب المزيد من إنتاج المنظمة.
تجتمع أوبك يوم الجمعة لاتخاذ قرار بشأن سياسة الإنتاج وسط دعوات من مستهلكين كبار مثل الولايات المتحدة والصين لخفض أسعار النفط ودعم النمو العالمي عبر إنتاج المزيد من الخام.
واقترحت السعودية أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول وروسيا غير العضو في المنظمة تقليص تخفيضات الإنتاج السارية منذ بداية 2017 بشكل تدريجي، في حين يعارض أعضاء أوبك إيران والعراق وفنزويلا والجزائر تلك الخطوة.
وقالت 3 مصادر في أوبك لرويترز أمس، إن اللجنة الاقتصادية لأوبك، وهي لجنة فنية، اجتمعت الاثنين لمراجعة توقعات السوق وعرضها على وزراء النفط بالدول الأعضاء في وقت لاحق من الأسبوع.

قطر ترفع إنتاجها بـ 40 ألف برميل لمواجهة الطلب العالمي

وفقاً لاحصاء وكالة «بلومبرغ» الامريكية فان سعر برميل النفط العادل للموازنة بقطر هو أقل بكثير من الاسعار الحالية للنفط والتي وصلت نحو ما بين 75 الي 80 دولاراً للبرميل. مما يحقق فوائض في موازنة الدولة العامة ويجعلها قادرة علي مواجهة التحديات في سوق الطاقة العالمي.
وحسب البيانات فان الدوحة كانت وضعت سعرا لبرميل النفط بنحو 52.9 دولار في موازنة 2016 ومن ثم انخفض لنحو 48.3 دولار للبرميل في 2017 مع نمو قوي للصادرات غير النفطية وتعزيز الدولة لخطط التنويع الاقتصادي والتركيز علي القطاع غير النفطي، وفي موازنة العام الحالي وضعت الدولة نحو 47.1 دولار للبرميل ومن المتوقع أن تضع الدوحة سعراً عند 44.5 دولار للبرميل في 2019.
جميع هذه الارقام مؤشرات تدل علي قدرة الدوحة لمواجهة أي تقلبات قد تحدث في سوق الطاقة العالمي، خاصة في ظل التوترات التي تسود بين اعضاء الاوبك من ناحية والمنتجين من خارجها من ناحية اخري في زيادة الانتاج، ودخول الرئيس الامريكي علي الخط في سوق الطاقة.
ووفقاً لاحصاءات بلومبرغ فان انتاج قطر الحالي من النفط في شهر مايو الماضي بلغ نحو 600 الف برميل في اليوم، التزاماً باتفاقية خفض الانتاج فيما تبلغ سعة انتاجها نحو 780 الف برميل في اليوم، فيما رفعت نحو 7 دول انتاجها في مايو مقارنة بانتاج شهر ابريل الماضي، وهي السعودية والعراق والجزائر وانغولا وايران والكويت والامارات، ليبلغ انتاج الاوبك الشهر نحو 31.9 مليون برميل في اليوم.
ومن المتوقع أن ينعكس ارتفاع أسعار النفط بشكل ايجابي علي الاقتصاد القطري، ومن شأنه أن يمكن الحكومة من تنفيذ بقية مشاريع التنمية المخطط لها دون تأخير، . كما أنه سيزيد من مناعة الجهاز المصرفي القطري، ويعزز من استقرار سعر صرف الريال القطري في مواجهة الضغوطات الخارجية التي تمارسها دول الحصار. ومن المتوقع أن تشهد صادرات قطر نمواً قوياً خلال العام الحالي.
وقال سعادة الدكتور محمد بن صالح السادة وزير الطاقة، في رده علي سؤال S&P حول امكانية زيادة قطر لانتاجها من النفط، أن التنقيب عن النفط في قطر نشاط مستمر، ومن المرجح أن يأتي نمو الامدادات علي المدي القريب من زيادة الانتاج في الحقول الحالية بقطر، خاصة من خلال استخدام تقنيات الاستخلاص المعزز للنفط في العديد من الحقول مثل الشاهين ودخان وعد الشرقي وبوحنين وميدان محزم. مبيناً أن قطر تركز علي التطوير الميداني في حقول في بوحنين البحري، وتتطلع لزيادة انتاجها بنحو 40 الف برميل في اليوم. وتم التوقيع عقد مع شركة «توتال» لتطوير حقل الشاهين البحري الرئيسي في قطر بالشراكة مع قطر للبترول.
وأكدت قطر في استراتيجية التنمية الوطنية 2018 – 2022، علي ضرورة استكمال إعادة تطوير حقل بوحنين.
وفي ذات الاتجاه سجلت أسعار النفط انخفاضاً لأدني مستوياتها في 6 أسابيع خاصة بعد ارتفاع منصات التنقيب في الولايات المتحدة وقبل اجتماع (اوبك) نهاية الأسبوع.
وتراجعت أسعار عقود خام برنت تسليم اغسطس بنحو 0.68% ووصلت الي 72.94 دولار، وهي أدني مستوياتها خلال ستة اسابيع، كما هبطت أسعار عقود الخام الامريكي تسليم يوليو 1.57% عن 64.04 دولار، وهو أدني مستوياته منذ ابريل. وارتفع عدد منصات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي بواقع منصة واحدة الي 863 منصة، وفقاً للبيانات الصادرة عن شركة «بيكر هيوز».
الي ذلك توقع بنك (جولدمان ساكس) الامريكي مزيداً من الانخفاض في مخزونات النفط وارتفاع الاسعار في النصف الثاني، مشيرا الي أن الاعضاء الرئيسيين في (اوبك) سيرفعون الانتاج بمقدار مليون برميل في اليوم في النصف الثاني من 2018.

السابق
حصلت على صواريخ قصيرة المدى.. قطر تفتح باب الصين!
التالي
القاسم المشترك بين ميغان ماركل وأودري هيبورن.. قبعة!