أكد معهد لافير الأمريكي أنه لأكثر من عام، قادت السعودية وحلفاؤها الإمارات والبحرين ومصر حملة لا هوادة فيها ضد قطر، فيما يبدو أنها تؤدي إلى نتائج عكسية، حيث فشل الحصار وكل محاولات التنمر على الدوحة وإخضاعها، ويبدو أن السعودية وحلفاءها استاؤوا من السياسة الخارجية المستقلة التي تمثل في الحقيقة رمزاً لقطر وتأكيداً على إصرارها على عدم الإذعان الكامل لمطالب دول الحصار التي تمس السيادة في ظل سعي السعودية تحقيق الهيمنة الاقليمية، مما أنتج توترات عديدة في المنطقة طول سنوات.
وشدد موقع “لوفير”الأمريكي، على ضرورة إنهاء السعودية لحصارها لقطر، إذا أرادت تحقيق أمنها الإقليمي والقومي. وبيّن تقرير المعهد للمحلل السياسي، كولين كلارك، أن اتهام دول الحصار للدوحة بدعم الإرهاب، أمر مثير للسخرية على العديد من المستويات، لأسباب ليس أقلها أن السعودية، هي المصدِّر الرئيسي لأفكار إرهابية تعد الأيديولوجية الأساسية للجهاديين السلفيين حول العالم طوال العقود الثلاثة الماضية، ومؤخراً، تم الكشف عن قيام الإمارات بعقد صفقات مع مقاتلي القاعدة في شبه الجزيرة العربية لكي ينسحبوا من المدن في اليمن.
مطالب الرباعي
وأضاف التقرير: قدمت دول الحصار قائمة تضم 13 طلبًا في يونيو 2017 غير مقبولة من جانب قطر، وكان الهدف منها كان اتهام قطر وعزلها عن محيطها والتحكم في سياستها الخارجية، وأدى انشغال السعودية بمحاولة الهيمنة إلى تحويل مواردها واهتماماتها عن مواجهة التحديات المتنامية في المنطقة. وعلاوة على ذلك، فإن الإجراءات التي فرضتها السعودية على قطر ينظر إليها من قبل قطاعات كبيرة من العالم العربي والإسلامي على أنها إجراءات تعسفية لا يمكن قبولها، كما قال الخبير الإقليمي حسن حسن “أصبح العرب في الشرق الأوسط يتجهون بشكل متزايد إلى اعتبار ما تقوم به دول الحصار مؤامرة استبدادية ضد تطلعات التغيير السياسي التي يعارضونها باستمرار منذ الربيع العربي في عام 2011”.
حل الأزمة
وأوضح التقرير أن الأزمة امتدت إلى ما وراء منطقة الخليج وأصبحت تهدد بمزيد من زعزعة الاستقرار في مناطق أخرى، بما في ذلك القرن الإفريقي، حيث علقت الإمارات برامج المساعدات وسحبت أفرادًا من الصومال، بعد أن حاول رئيسها محمد عبدالله محمد البقاء على حياد وتجنب اختيار الوقوف إلى جانب أي طرف من أطراف في النزاع بين قطر ودول الحصار، لذا فحتى في الوقت الذي لا تزال فيه الإدارة الأمريكية تركز على ما تعتبره التهديدات الإقليمية، يجب عليها أن تضع في اعتبارها أن تقف إلى جانب قطر، باعتبارها أحد أهم شركاء الولايات المتحدة في المنطقة، ومنذ الأيام الأولى للأزمة الخليجية، دعا وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون إلى العودة للعمل المشترك لإنهاء الخلاف، حيث تم توقيع مذكرة التفاهم بين الدوحة وواشنطن في منتصف عام 2017 لمكافحة الإرهاب، وتبع المذكرة حوار إستراتيجي بين الولايات المتحدة وقطر في أوائل عام 2018 لتعزيز التعاون المشترك في عدد من المجالات.
وواصل التقرير: بالإضافة إلى العلاقات الإستراتيجية بين الدوحة وواشنطن تستضيف قطر قاعدة العديد، حيث يتمركز 10 آلاف عسكري أمريكي، وتنطلق منها عمليات محاربة تنظيم “داعش” والإرهاب، مما يثبت أن توجه قطر في مكافحة الإرهاب بكل أشكاله ثابت ومتواصل.
وبعد خروج تيلرسون من وزارة الخارجية لرفضه محاولة السعودية وحلفائها غزو الدوحة، فإن الأزمة الخليجية لا تشهد تقدماً على الرغم من وجود بعض الإشارات المتغيرة، إلا أن تعنت دول الحصار أدى إلى استمرار النزاع، بينما لم تثمر جهود الوساطة المبذولة من عدة أطراف.
واختتم التقرير: إنه إذا كانت السعودية مهتمة للغاية بالتهديدات الإقليمية، فمن الأفضل أن تعيد تقويم هوسها المستمر بمهاجمة قطر من الناحية العملية، يعني هذا إعادة النظر في قائمة المطالب التي قدمتها للدوحة، والتي يبدو أنها مصممة لإدامة الأزمة بدلاً من حلها. ولكي يتحقق أي تقدم ملموس ودائم، فإن الجهد الدبلوماسي الأمريكي المتضافر سوف يحتاج إلى دعم قوي على أعلى مستوى في البيت الأبيض.