واشنطن – وكالات – بزنس كلاس:
مع دخوله البيت الأبيض بداية العام الحالي كأول رئيس أمريكي يأتي من خارج المؤسسات التقليدية للسلطة، أدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب كثير من التغيرات على طبيعة العلاقات السياسية داخل أروقة ودهاليز المؤسسات الأمريكية العريقة ليحول البيت الأبيض من مؤسسة فيدرالية تمثل كل القوى السياسية بتوازن معين إلى ما يشبه شركة عائلية لا تختلف كثيرا عن تلك التي كان يديرها قبل توليه السلطة في أخطر مكان بالعالم على حد وصف معظم المراقبين.
في مشهد اثار حفيظة كثير من الأمريكيين تظهر ابنة ترمب، إيفانكا وهي تجلس على المكتب البيضاوي، مكتب الرئيس بالجناح الغربي للبيت الأبيض وسط والدها ورئيس وزراء كندا الذي كان في زيارة لواشنطن قبل نحو أربعة شهور. هذا ملشهد يوحي بأن ترمب جاء إلى البيت الأبيض ليحكم ليس كممثل لفريق سياسي معين بمقدار ما هو رئيس جلب عائلته لتحكم أعظم وأوقى بلد بالعالم معه!! وبدأ ترمب فور وصوله إلى البيت بعملية طويلة من تصفية كل شخص عن طريق “العائلة الرئاسية”، حيث بدأت التصفيات تتوالى بين مجموعة كانت غير متجانسة وبدون أي خبرة في الحكم. العائلة أطاحت بالدائرة الصغرى من الأصدقاء النافذين مع تنحية حاكم نيوجيرسي كريس كريستي عن قيادة المرحلة الانتقالية وتهميش كل من عمدة مدينة نيويورك السابق رودي جولياني ورئيس مجلس النواب السابق نيوت غينغريتش. بعدها بدأت التحقيقات في ملف التواطؤ المحتمل مع روسيا تصطاد تباعاً مساعدي ترامب الأوفياء الذين دعموه منذ البداية، ولعل أبرزهم كان مستشار الأمن القومي الأسبق مايكل فلين.
كما تمسّك ترامب بعلاقة ملتبسة مع أعماله التجارية. رئيس مكتب الأخلاقيات الحكومي والتر شاوب أعلن أخيراً استقالته بعد صدام مع البيت الأبيض لأن هذه الهيئة الحكومية المستقلة أوصت الرئيس ببيع المؤسسات التجارية التي يملكها لتفادي “تضارب المصالح”. لكن بدل ذلك وضع ترامب ممتلكاته في صندوق ائتماني يديره أولاده أريك ودونالد جونيور، وهو لا يزال يطّلع دورياً على تقارير المؤسسة الربحية.
خلال كل هذه التطورات المتسارعة، بقيت العائلة خطاً أحمر آخر لترامب. قانون المحسوبية الذي يمنع العائلة من تولي أي منصب حكومي لم يردعه من إدخال ابنته إيفانكا وصهره جاريد كوشنير إلى البيت الأبيض. الفتوى التي أصدرتها وزارة العدل أن البيت الأبيض ليس وكالة تنفيذية وبالتالي لا يشمله قانون المحسوبية، ما سمح للثنائي العمل بصفة مستشار بدون راتب لكن مع تصريح أمني في غاية السرية. الطرف الوحيد الذي تجرأ على مواجهة العائلة، وحتى كسب بعض المعارك ضدها، هو التيار المحافظ في البيت الأبيض الذي يقوده كبير المستشارين ستيف بانون.