مزارع قطر بحاجة للمزيد من مصادر المياه المتجددة

الدوحة – بزنس كلاس:

برزت في الأونة الأخيرة الحاجة المتنامية إلى مصادر متجددة للمياه العذبة اللازمة من أجل تطوير الإنتاج الزراعي المحلي في دولة قطر بما يتناسب مع الزيادة السكانية في البلاد. و تتنامى الحاجة الى مصادر مياه متجددة مع تزايد أعداد المزارع القطرية المشاركة في توفير المنتجات الغذائية للاستهلاك المحلي، في وقت شهدت فيه معدلات الأمطار تقلباً خلال عدة سنوات سابقة، ما يطرح التساؤل بشأن تأثر مخزون المياه الجوفية ومدى نجاعتها في توفير الري الزراعي، وامكانية الاستفادة من حلول بديلة مثل حقن الآبار بالمياه أو توفير خزانات مياه أرضية في المزارع أو التوسع في مشاريع تحلية المياه.

وعبر عدد من رجال الأعمال أصحاب المزارع إضافة إلى المجلس البلدي المركزي عن رأيهم حول مدى تأثير مياه الأمطار والمياه الجوفية على معدلات الإنتاج ومدى توافر حلول مائية لري المحاصيل، حيث أشاروا إلى وجود نقص في مخزون المياه لتلبية الاحتياجات الزراعية.

مستوى المياه الجوفية تعرض للانخفاض.. عويضة الكواري:
وجود مزارع قرب آبار المياه العذبة يستنزفها

اعتبر صاحب إحدى المزارع الإنتاجية عويضة الكواري أن مستوى المياه الجوفية في البلاد تعرض للانخفاض لناحية الكم والجودة وأن الطريقة الأنسب لإعادتها لسابق عهدها هي الكف عن استخدامها لأنه لا حاجة فعلية لذلك.

وأضاف الكواري إن قطر من الناحية الجغرافية شبه جزيرة، والماء يحيط بها من ثلاث جهات، وإن اقامة محطات تحلية مياه أمر متيسر من ناحية التكاليف، كما أن جغرافية البلاد تساعد في وصول المياه المحلاة الى أي موقع من مواقع المزارع، ما يطور من إنتاجها ويبعد أصحاب المزارع عن مشاكل استخدام المياه الجوفية.
واعتبر أن المياه الجوفية في عدد من المواقع غير مجدية لري المزارع لارتفاع ملوحتها، بينما المناطق التي تتوافر لها آبار عذبة تستهلك المياه بشراهة ستؤدي الى انخفاض منسوب تلك الآبار بدرجة كبيرة نظراً لشح الأمطار في السنوات السابقة.

خريطة تظهر توزع آبار المياه الجوفية في قطر

ودعا الكواري إلى استبدال المياه الجوفية عبر استخدام مصادر مائية متاحة مثل المياه المقطرة، والمياه الناتجة عن تكرير الغاز الطبيعي، التي تصرف في البحر رغم أنه من الممكن الاستفادة منها بتخزينها في أحواض اصطناعية كبيرة لصالح مزارع الخضراوات ومزارع تربية الحيوانات التي فاق عددها 600 مزرعة على مستوى الدولة.

ولفت الى أهمية المشاريع البديلة لتحقيق الديمومة في المصادر المائية للمزارع مثل مشاريع الهيدروبونيك في الزراعة، وأن الوسائل التقنية في الري بالتنقيط هي أحد البدائل عن المياه الجوفية والتي ستضمن تحقيق الأمن الغذائي رغم تكلفتها، وأن التوجه نحو تحلية مياه البحر وتوزيع حصص مائية على المزارع سيفي باحتياجات الزراعة.

وأكد الكواري أن من المجدي التركيز على تحقيق وسائل الاقتصاد في الري بدلاً من استخدام المياه بطريقة الغمر، وأن ايصال المياه المحلاة ليس أمراً بعيد المنال نظراً لوجود خطوط الماء عبر مؤسسة “كهرماء” الواصلة الى جميع المزارع.

الملوحة تهدد المساحات الزراعية.. أحمد الخلف:
زراعة الأعلاف تستهلك المياه بكثرة

قال رجل الأعمال أحمد حسين الخلف: إن الزراعة في قطر تعتمد بشكل رئيسي على المياه الجوفية، وأنها تعد مصدر المياه الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه في هذا القطاع من وجهة نظره، باستثناء مزارع الردوس والأعلاف التي تروى من المياه المكررة للدرجة الثالثة.

وأشار الخلف لتنوع جودة المياه الجوفية في قطر بحسب كل منطقة، وتقسم الى: شبه مالحة، معتدلة الملوحة، ومياه صالحة للزراعة، وأن المياه الجوفية معتدلة الملوحة تصلح لزراعة النخيل وبعض أشجار الفاكهة، بينما الخضراوات تحتاج الى مياه عذبة لأنها تحتاج لأسمدة عضوية أو كيميائية ما يزيد من ملوحتها وحاجتها لمياه غير مالحة.

ولفت الخلف الى أن المياه الجوفية في مختلف المناطق تعاني من اضمحلال في مستوياتها وزيادة في ملوحة التربة، وأن استنزافها يعود الى الإكثار من زراعة البرسيم والأعلاف التي أصبحت بحاجة الى تقنين.

وتابع الخلف إن أكثر المزارع المنتجة تستعين بتحلية المياه، لأن المياه الجوفية العذبة تتركز في مواقع محدودة في أعلى وسط وغرب البلاد مثل الجميلية والعطورية التي لا زالت مياهها عذبة وتصلح للزراعة، وان المياه الجوفية في المناطق الشمالية تعتبر أعذب منها في مناطق الجنوب نظراً لتساقط الأمطار بصفة أكبر فيها، ورغم ذلك تحولت المياه في الحوضين المائيين الشمالي والجنوبي إلى مياه مالحة ولا سبيل لاستخدامها في الري الا عبر تكريرها.

وأوضح الخلف أن التوسع في زراعة الأعلاف سيؤدي الى استنزاف الحوض المائي بشكل كبير خلال سنوات عدة قادمة، وأن الإجراء الأنسب لإعادة مستوى المياه الجوفية الى مستوى ناجع للزراعة هو الحد من زراعة الأعلاف والتركيز على زراعة الخضراوات والفاكهة وفق أنظمة ري حديثة مثل نظام الهيدروبونيك الكفيل بتوفير ما نسبته 90% من المياه في البيوت المحمية، إضافةً لنظام الري بالتنقيط، وأن نظاماً مثل “الهيدروبونيك” سيوفر فرصة الزراعة في تربة غير اعتيادية باستبدال التربة بأحواض مكونة من ألياف شجر جوز الهند بطريقة تحفظ المياه والرطوبة وتمنع تبخرها، وبما يضمن زيادة الإنتاج وتقليص المساحة الزراعية وتوفير المياه.

علي الكواري:
ضرورة تدريب العمالة الزراعية على وسائل حديثة للري

أكد علي محمد جاسم الكواري صاحب إحدى المزارع الانتاجية على أهمية اتباع الأساليب الزراعية الحديثة لتوفير المياه في ظل تراجع مخزون المياه الجوفية.
وقال إن الحفاظ على المياه يحتاج الى استخدام المياه الجوفية بطريقة سليمة من قبل كل من المزارع الانتاجية والمزارع الأخرى المصنفة “ترفيهية” لافتاً الى أهمية التوعية باستخدام المياه، وأن الأيدي العاملة التي تنتشر في المزارع المحلية يجب تدريبها على حسن استخدام المياه، فالكثير من العمالة الزراعية تأتي من بلدان غنية بالمياه ولا تعرف كيفية التعامل مع وسائل تكنولوجية حديثة في توفير مياه الري.

وأكد أن التطور الزراعي يحتاج الى مياه عذبة سواءً كان مصدرها الآبار الجوفية أو المياه المحلاة، ولفت الى مشكلة تحلية مياه الآبار الجوفية بوجود ما يسمى بالمياه المرتجعة وأن بالإمكان الاستفادة منها بمشاريع استزراع الأسماك.

وختم الكواري بالقول إن السنوات الماضية شهدت تطوراً كبيراً في أعداد المزارع التي تحولت الى مزارع إنتاجية، ما يطرح التساؤل بشكل التغير في شكل الزراعة في دولة قطر وضرورة التحول من الإنتاج الموسمي الى الانتاج الدائم طول مواسم العام عبر التحول إلى نظام البيوت المحمية المبردة التي بإمكانها الإنتاج طوال العام لتحقيق الرؤية المتكاملة للاكتفاء الذاتي من الإنتاج الزراعي والثروة الحيوانية وخاصة منها السمكية عبر إنتاج ما يمكن انتاجه محلياً وتخزين ما يمكن تخزينه لأطول فترة ممكنة.

جابر اللخن:
تغيير المناطق الزراعية إلى سكنية أدى لشح المياه الجوفية

اعتبر الأمين العام للمجلس البلدي المركزي جابر حمد اللخن أن خطط زيادة منسوب مياه الآبار الجوفية يجب أن تأخذ بالاعتبار متغيرين رئيسيين، هما جيولوجية الحوضين المائيين وتغير مجاري المياه باستمرار فيهما، وصعوبة عملية الحقن بالآبار الجوفية.

وختم اللخن بالتأكيد على أن المشكلة الرئيسية في تراجع منسوب المياه الجوفية تعود الى تخصيص مناطق زراعية كمناطق سكنية مثل مناطق الغرافة والخيسة والمرخية والسيلية التي تقترب المياه الجوفية من سطحها، فيما تم تخصيص مناطق شحيحة بالمياه الجوفية كمزارع.

واقترح اللخن تمديد خطوط مياه من المناطق السكنية الغنية بالمياه الجوفية إلى المزارع، والتحقق من أنها مياه صالحة للشرب والري.

خالد المري:
تحديد المساحة الزراعية المستحقة لحفر بئر جديدة

قال خالد بن عبدالله الغالي المري عضو المجلس البلدي المركزي عن الدائرة 22 ونائب رئيس لجنة الشكاوى “العرائض”: إن مناقشات جرت مؤخراً في وزارة البلدية والبيئة بشأن تحديد المساحة التي يحق لكل صاحب مزرعة معها حفر بئر للاستفادة من المياه الجوفية في المزارع قرب حوضي الشمال والجنوب بما يضمن التوازن بين المزارع حول كل حوض من المياه العذبة المستخرجة من الآبار، ومع الأخذ بعين الاعتبار أن مياه الحوض الشمالي أعذب من مياه الحوض الجنوبي.

وقال المري: إن شح المياه الجوفية بدأت تظهر آثاره بوضوح منذ ما يقارب من 12 عاما وتساءل المري عن جدوى بعض الدراسات بحقن المياه الجوفية بالمياه السطحية من مياه الأمطار أو المياه المحلاة، وأن الدراسة التي أوصت باغلاق الآبار والعيون في وقتها أضرت بمستوى المياه الجوفية، وان الروض سابقاً كانت تحتفظ بالمياه بعد هطول الأمطار ما بين أسبوع وثلاثة أسابيع وتمتص الأرض المياه لتحويلها لمياه جوفية، وان مشاريع عدة ظهرت وطوال عقود خلال دورات المجلس البلدي بغية تخزين المياه، رابطاً بين تطوير الإنتاج الزراعي وتوافر مياه عذبة من شتى المصادر.

السابق
قطر: 12 مليار ريال أرباح قطاع البنوك في مايو
التالي
إطلالة نيكول كيدمن المستوحاة من أسلوب الديسكو