بينما يستمر بحث العلماء عن أدلةٍ تثبت وجود كائناتٍ فضائية ذكية خارج الأرض، أو على الأقل مخلوقات غير ذكية (بكتيريا) على كواكب صالحة للحياة، طرح أحد العلماء سؤالاً مثيراً للدهشة: هل عاشت في الماضي السحيق مخلوقاتٌ متحضرة على أحد كواكب نظامنا الشمسي قبل أن يتطور البشر على الأرض؟
إذ يطرح عالِم الفيزياء الفلكية الأميركي جايسون توماس رايت (من جامعة ولاية بنسلفانيا) فكرة ظهور مخلوقاتٍ فضائية قديمة، قد تكون عاشت على كواكبٍ قريبةٍ منذ ملايين السنين، وتلاشت دون ترك أي أثر.
ويرى رايت في أطروحة علمية -نُشرت في Prior Indigenous Technological Species بأرشيف الأبحاث في جامعة كورنيل ArXiv بتاريخ 24 أبريل/نيسان من عام 2017- أنَّ “أحد الأسئلة الأساسية المطروحة في علم (بيولوجيا الفضاء) يدور حول وجود حياة قائمة، أو إن كانت هناك حياة سابقة في مكانٍ آخر بنظامنا الشمسي.
وللإجابة عن ذلك السؤال، لا بد من البحث عن أية كائناتٍ ميكروبية، أو في أفضل الأحوال غير ذكية، لكن إيجاد بقايا الآثار التكنولوجية قد يكون أسهل بكثير”.
بيولوجية أو تكنولوجية؟
ويضيف رايت: “لكن، إذا كانت هناك أجناسٌ متقدمة تكنولوجياً في الماضي بنظامنا الشمسي، وربما تسافر عبر الفضاء، فعلى الأغلب كانت ستترك آثاراً أو أدواتٍ تكنولوجية، وكانت ستصمد الآثار حتى يومنا هذا، وهنا في ورقتي البحثية أناقش مصدر تلك الكائنات، والأماكن المحتملة التي يمكن أن نجد فيها آثاراً تكنولوجية للأنواع السابقة للجنس البشري المتطور الحالي، والتي يمكن أن تكون قد نشأت على كوكب الأرض في الماضي السحيق، أو على كوكب قديم آخر مثل كوكب الزهرة قبل أن يتعرض لتداعيات الاحتباس الحراري، أو كوكب المريخ قبل أن تجف مياهه”.
وسألت النسخة الأميركية لموقع “هاف بوست“ الباحث رايت عن توقيت وجود تلك المخلوقات الفضائية، وما إذا كان يظن أن بعضها ما زال موجوداً في نظامنا حتى الآن.
وأجاب: “لم يعودوا موجودين الآن، هذا أمرٌ جلي. وأصبح هذا أكثر وضوحاً عندما فحصنا النظام الشمسي باستخدام الروبوتات. وفيما يتعلق بالحضارات التكنولوجية الذكية والكبيرة، لم نجد أي دليل”.
إذاً.. من أين تأتي هذه النظرية؟
أشاد رايت بالخيال الواسع الذي ابتكر الحكايات عن سكان القمر والمريخ، لكنَّه ظل منفتحاً بحذر تجاه ما يمكن حدوثه في الوقت والفضاء؛ إذ كتب عن ذلك: “تطبيق أفكار كهذه في الخيال العلمي يكون عادةً نابعاً من خيال شخصٍ ما، لكن احتمال وجود أنواع كهذه في الواقع هو أمرٌ لم يتم إثباته -أو نفيه- بالدلائل والبراهين إلى الآن”.
كما تساءل عن حقيقة وجود أنواع قبل الجنس البشري على كوكب الأرض، استخدمت التكنولوجيا مثلنا، وحول وجود أية إشاراتٍ جيولوجية أو حفريات تثبت هذا، وما إذا كان العلماء استبعدوا هذا الاحتمال، فلم يبحثوا عنها.
وأضاف: “أعتقد أنَّه باستطاعتنا استبعاد جزء كبير من تاريخ الأرض، فكلما عدنا للوراء، زادت صعوبة استبعاد مثل هذا الاحتمال. وقد لا نجد أية آثار، إن كانت تلك الكائنات عاشت منذ زمنٍ بعيدٍ جداً، فالأشياء لا تبقى للأبد. ولو وضعت أي شيءٍ في مدارٍ حول الشمس سيكون في حالة تصادم مستمرة مع الكويكبات والشُهب، ومن ثَم فإنَّ أي شيءٍ في النظام الشمسي، حتى أسطح الكواكب، تصطدم بالكويكبات والشهب باستمرار. وهذه الأسطح يمكن أن تتغير تماماً بفعل التصادم بعد وقت كافٍ. ومن ثم، ستختفي هذه الكائنات وآثارها”.
ما هو علم الأستروبيولوجي أو Astrobiology؟
واستطرد رايت شرحه قائلاً إن وكالة ناسا تُعرِّف علم “بيولوجيا الفضاء” بأنَّه دراسة نشأة وتطور وتوزيع ومستقبل الحياة في الكون. ويتضمن هذا المجال المتشعب سبل البحث عن البيئات القابلة لاحتضان الحياة في نظامنا الشمسي وخارجه.
وأوضح رايت نقطتين مهمتين وأساسيتين في البحث عن علامات وجود حياة فضائية، قائلاً: “في مجال بيولوجيا الفضاء، هناك ما يُدعى الدلالات والتوقيعات البيولوجية لوجود الحياة، وهناك أيضاً ما نسميه الآثار والتوقيعات التكنولوجية، لكنَّها لا تشير إلى وجود حياة، إنَّما للتكنولوجيا التي صُمِّمَت وشُيِّدَت بواسطة كائناتٍ حية. مثالٌ على توقيعات سكان الأرض التكنولوجية: جهاز إرسال موجات الراديو، أو المباني الضخمة وناطحات السحاب”.
وطبقاً لرايت، فإن استمرار البحث عن هذه الأدلة في الفضاء هامٌ للغاية.