دائماً ما كنّا نطرح على انفسنا في الموسم الماضي تساؤلات عن امكانية استمرار نجم كرة القدم المصرية محمد صلاح بنفس الوتيرة التصاعدية التي سار عليها وصولاً إلى تربعه على عرش كرة القدم الإنجليزية بكل جوانبها وفوزه بالعديد من الجوائز الفردية.
قدّم محمد صلاح موسماً استثنائياً مع ليفربول في الدوري الإنجليزي كما وصل معه إلى نهائي دوري أبطال اوروبا من دون الفوز بأي لقب كبير، لكنه دوّن اسمه بالفعل في السجلات الذهبية لكرة القدم العالمية، وترشح لجائزة افضل لاعب في العالم المقدمة من “الفيفا”، ناهيك عن فوزه بجائزة أفضل هدف.
لكن أين محمد صلاح اليوم من كل ما قدمه في الموسم الماضي؟
لفتني منذ فترة قريبة تعليق لاحد الزملاء الذي قال بأن “محمد صلاح بدأ يلعب لاسمه فقط منذ أن تعرض لاصابة في الكتف” في نهائي دوري ابطال اوروبا امام ريال مدريد في اللقطة الشهيرة مع المدافع الإسباني سيرجيو راموس.
مسيرة صلاح “التاريخية” – إذا صح التعبير – في الموسم الماضي توقفت لحظة وقوعه على الأرض في الدقيقة 25 من عمر لقاء نهائي “الابطال” وخروجه في الدقيقة 30. منذ تلك اللحظة بدأ صلاح مرحلة جديدة في مسيرته، مرحلة العودة، ومن يدري متى تنتهي هذه المرحلة.
انتظر الجمهور المصري أن يعود “صلاح موسم 17/18” للمشاركة مع المنتخب في مونديال روسيا 2018، لكن سرعان ما خاب أمل الجماهير حيث لم تشفع مشاركة صلاح في المباراة الثالثة امام السعودية في تحقيق الفوز حتى.
ومع بداية هذا الموسم، انتظر الجميع فريق “ليفربول الوحش” وبطبيعة الحال تم ترشيح الفريق للفوز بكل الألقاب وترشيح صلاح للتربع على عرش الافضل في العالم، لكن مرة جديدة خيّب محمد صلاح الآمال، ليؤكد اللاعب أنه يمر بفترة فراغ.
فعلياً، أي لاعب كرة القدم معرّض لأن يمر بفترة صعبة في مسيرته الكروية، وافضل مثال حي على هذا الأمر هو نجم برشلونة ليونيل ميسي الذي عانى في السابق من بعض التراجع قبل ان يعود بسرعة ويساعد فريقه في كل البطولات.
حياة الاحتراف مختلفة يا صلاح
لنعود سوياً لأسابيع قليلة ونتذكر الفيديو الشهير الذي اطلّ به محمد صلاح على جمهوره متحدثاً في وقتها عن مشكلاته مع الاتحاد المصري لكرة القدم.
قرار صلاح بالخروج بهذه الطريقة الى العلن لا يتماشى ابداً مع “ظروف احترافه”، فهل يتوقع أحد أن يخرج ميسي او كريستيانو رونالدو مثلاً للتكلم مباشرة أمام الملايين من المتابعين عن مشكلة “سخيفة” مع اتحاد بلادهم بكرة القدم؟ بالتأكيد لا.
وبالتالي اذا أراد محمد صلاح التطور والوصول فعلاً الى مصاف الأوائل في العالم، عليه التصرف باحتراف داخل وخارج الملاعب، عليه احترام جمهوره وحل مشاكله مع الإتحاد مباشرة وليس عبر “فيسبوك”، لأن أي مشكلة خارجية ستؤثر عليه مباشرة أو غير مباشرة وهو يلعب كرة القدم.
التطور لا يتوقف عند أي جائزة
في سنّ الـ32، قدّم كريستيانو رونالدو واحدا من أبرز مواسمه على الإطلاق مع ريال مدريد وقاد الفريق للفوز في دوري أبطال أوروبا والدوري الإسباني محطماً الكثير من الأرقام القياسية، ويأتي كل ذلك بعد أن حقق البرتغالي كل الألقاب التي يمكن للاعب الوصول اليها على الصعيد الفردي او الجماعي.
ما الذي يمنع رونالدو من الاكتفاء بما وصل إليه في مسيرته؟ طموح اللاعب وإصراره على الاستمرار يمنعه بكل تأكيد، ومن هنا دائماً ما يبحث رونالدو عن أهداف جديدة لتحقيقها رافضاً التوقف عند أي خيبة أمل.
انطلاقاً من هنا، نأمل ألَّا يكون نجم كرة القدم المصرية قد وصل إلى مرحلة الغرور في مسيرته، ما يعني توقف تطوره وتألقه فعلياً أمام غروره، حيث يمكن للغرور أن يدمّر أي شخص مهما علا شأنه.
صحيح أن صلاح كان من بين افضل ثلاثة لاعبين في العالم بحسب التصويت التي ينظمه الاتحاد الدولي لكرة القدم، لكن هذا لا يمنع بأن “تنتهي أسطورة صلاح” هذا الموسم في حال تراجع مستواه ومعدل تهديفه بالفعل، كما حصل تماماً مع افضل لاعب لعام 2007 عندما قرر الانتقال من ميلان إلى ريال مدريد، نتكلم هنا عن البرازيلي كاكا.
المجموعة أولاً
تحدثت الصحف الإنجليزية منذ فترة قصيرة عن مشكلة بين محمد صلاح وساديو ماني على أرضية الملعب، ما يلمح إلى مشكلة أكبر داخل غرفة الملابس، وقد تكون ظهرت بشكل واضح في مباراة ليفربول أمام توتنهام في الدوري الإنجليزي حيث قدم ماني تمريرة وحيدة فقط لصلاح وذات الأمر حصل أمام ليستر سيتي.
قد تكون هناك مشكلات بالفعل بين الثنائي، لكن ما هو مؤكد أن المسألة يمكن حلها بقرار من المدرب يورغن كلوب، فمصلحة الفريق فوق كل اعتبار، والتحديات هذا الموسم أكبر من المواسم السابقة، وعليه يجب على صلاح وغيره من اللاعبين أن يتحدوا لهذه الأهداف.
هل انتهى صلاح؟
دائماً ما تبحث الصحافة العالمية عن المواضيع الساخنة لجلب المزيد من القراء والمتابعين وإثارة الدهشة والقلق، وهذا ما فعلته بالفعل مع صلاح منذ بداية هذا الموسم.
في مقارنة بين أرقام الموسم الماضي وحالياً، صلاح لم يتمكن من تسجيل أكثر من 3 أهداف بأول 4 جولات وهذا الموسم سجل هدفين فقط وبالتالي الفارق ليس كبيراً حتى أن صلاح سجل 4 أهداف بأول 8 جولات، ما يعني ان نسبة تراجع صلاح لا تزال مقبولة نوعاً ما.
أمام هذه الأرقام، على الجمهور أن يدرك بعض الحقائق ابرزها أن محمد صلاح ليس بالمهاجم الصريح وعدم تسجيله للأهداف في بعض المباريات ليس بالكارثة، بل الكارثة الحقيقة عندما يفقد الحس التهديفي أمام المرمى.
الكارثة عندما يفقد صلاح قدرته على إزعاج دفاعات الخصم بسرعته وقدرته على التسجيل بأي طريقة، والكارثة الأكبر عندما يعتقد اللاعب بأنه أصبح أفضل لاعب في العالم… فالمسيرة لا تزال طويلة أمامه.
إصابة محمد صلاح لا تزال تؤثر عليه نفسياً، والواضح ان اللاعب دائماً ما يتجنب الالتحام مع لاعبي الخصم، لكن الأهم من كل ذلك ان “الفرعون المصري” مرّ بفترات فراغ مع كل الأندية التي لعب معها، ما عدا فيورنتينا، وفي كل مرة كان يعود اقوى من السابق.