إذا كنت تفكر بالسفر إلى نيويورك بهدف السياحة أو الهجرة أو العمل فلا بد لك من زيارة حديقة سنترال بارك والتي تعد من أجمل الحدائق في نيويورك وأكثرها شعبية، حيث المناظر الخلابة والزهور المنتوعة ذات الألوان التي تسر الناظرين، كما أنها تعد الحديقة الأكثر زيارة في نيويورك، وصاحبة أكبر رقم قياسي لتصوير الأفلام في حديقة.
ما لا تعلمه عن هذه الحديقة بأنها كانت حديقة صغيرة موجودة من قبل ولكن قامت مسابقة عام 1858 لتوسيعها وفعلاً فاز بهذه المسابقة شخص انكليزي وتم بناء الحديقة خلال 15 عامًا.
ولكن، هل تساءلتم يوماً عما إذا كان هناك قصة حزينة وراء هذه الحديقة الرائعة، والتي تمتد على حوالي 843 فدانا وتستقبل سنويًا حوالي 37.5 مليون زائر؟
نعم للأسف، فوراء هذه الحديقة قصة مأساوية عايشها الالاف ممن كانوا متواجدين في مكان هذه الحديقة وهم من العبيد المتحررين الذين جاءوا إلى نيويورك ليعيشوا فيها، فقاموا ببناء قرية سينيكا والتي أصبحت مجمعًا سكنياً متكاملًا لهم، أما أول من بدأ بتنفيذ فكرة بناء قرية سينيكا هما الناشطين في معارضة استعباد السود اندرو ويليامز وايبيفاني ديفيس حيث قاما بإقناع رجل من البيض ببيعهم أرضه وفعلاً وافق الرجل على ذلك في وقت كان فيه من الصعب جدًا امتلاك السود للأراضي، كما استطاعا بسرعة كبيرة إقناع أناس عدة من السود المتواجدين في مانهاتن بشراء المزيد من الأراضي بقربهم، فقاموا بإنشاء قرية إفريقية أميركية في عام 1825 سميت باسم قرية سينيكا ما بين الشارعين 82 و 89 والتي سرعان ما بدأت بالازدهار والامتداد على مساحات واسعة، فبنوا فيها المنازل والاسطبلات والكنائس ومدرسة أيضًا، ولكن هذا لم يعجب أثرياء مدينة مانهاتن فقاموا بطرد سكان قرية سينيكا جميعًا بعد عشرين عامًا من السكن في هذه المنطقة والتي كانوا قد حولوها إلى موطن لهم، وكان السبب الرئيسي وراء طرد أثرياء مانهاتن لهؤلاء العبيد المتحررين هو بناء منتزه لهم ليستطيعوا الاستجمام فيه.
والجدير بالذكر أن أندرو ويليامز وإيبيفاني ديفيس عضوين شهيرين في “مجتمع افارقة نيويورك للمساعدة”، كما كانا عضوين فعالين في “الكنيسة الاسقفية الميثودية الافريقية”، لذلك قاما بكل ما يملكان من قوة باقناع الناس بشراء الاراضي، لان من يمتلك ارضا يكون لديه حق التصويت، كما يعني بناء مجتمع متحضر لهم وحدهم بعيدا عن الاحياء الجنوبية الفقيرة في مانهاتن.
لكن ما حدث لم يعجب العائلات الثرية التي قامت بالانتقال والسكن في الشمال الشرقي المقابل لبلدة سينيكا، فقد كانت هذه العائلات تبحث عن مكان كبير ومساحات واسعة تستطيع الاستجمام فيها، فبدا المطورون العقاريون بالتفكير بطريقة خبيثة للوصول الى مسعاهم والقضاء على هذه البلدة التي تعتبر مجتمعا متكاملا للسود المتحررين ليبنوا مكانها حديقة، وفعلا حدث في عام 1857ما خططوا له واستطاعوا طرد سكان هذه القرية وقد دفعوا ثمن الاراضي لبعضهم ولكن الغالبية الساحقة من سكان هذه البلدة لم يتلقوا اجرا مقابل اراضيهم، كما تم طردهم رغما عنهم من بيوتهم.
اما الشيء الوحيد الذي يدل على وجود هذه البلدة ويعترف بانها كانت مكان هذه الحديقة فهي لافتة صغيرة وضعت في الحديقة.