ما سر الإقبال على السيارات الصينية في قطر؟

مثلما تتقلب موازين القوى في عالم السياسة بين حقبة وأخرى، فإن موازين الاقتصاد تتغير بالتبعية، فالصين التي كانت في الماضي “عبئا” على العالم من وجهة نظر بعضهم، بحكم عدد السكان الضخم والموارد القليلة، باتت اليوم إمبراطورية صناعية تزاحم الكبار على عروشهم بقاعدة “الجودة والسعر المناسب”.

وتحت هذه القاعدة تندرج كثير من الصناعات الصينية، ولعل أهمها صناعة السيارات، وهو محور تقريرنا الذي بحثنا فيه عن أسباب تنامي حصة السيارات الصينية بالسوق القطرية، وكيف باتت منافسا حقيقيا على الطرقات.

ولا يمكنك اليوم السير في أحد شوارع قطر دون أن يلفت نظرك شكل جديد ومختلف من المركبات الفاخرة وغير المألوفة التي تضاهي اليابانية والأميركية والأوروبية.

ماض سيئ

يقول أحمد السباعي رئيس مجلس إدارة شركة النخبة موتورز في قطر (وكيل سيارات الصينية) إن الصناعة الصينية بهذا المجال في بداية نهضتها كانت سيئة نوعا ما، مقارنة بالسيارات اليابانية أو الأميركية، وذلك لعدة أسباب أهمها:

  • قلة الخبرة في صناعة السيارات لدى الصينيين.
  • عدم الاهتمام بالجودة وتقديم منتج لا يرتقي لمنافسة السيارات العالمية.
  • التركيز على فكرة الصناعة لأجل الصناعة دون الاهتمام بالتفاصيل.
  • كثرة الأعطال وعدم توفر آلية منضبطة في عملية التصدير وتوفير قطع الغيار.
السباعي - العام 2019 كان فارقا في تاريخ صناعة السيارات الصينية.jfif
السباعي أكد أن عام 2019 كان فارقا في تاريخ صناعة السيارات الصينية (الجزيرة)

كيف انتشرت السيارات الصينية؟

يؤكد السباعي -في حديثه للجزيرة نت- أن 2019 كان عاما فارقا في تاريخ صناعة السيارات الصينية، حيث تمكنت الشركات هذا العام من تقديم منتجات فائقة الجودة بأسعار منخفضة، أحدثت صدمة في عالم صناعة السيارات.

وقد شكلت حصة السيارات الصينية -بحسب الأرقام التي كشفها السباعي- ما نسبته 15% من حصة السوق القطرية عموما خلال عام 2022، وهو ما يمثل ارتفاعا كبيرا من إجمالي المبيعات، مقارنة بالأعوام السابقة حيث سجلت:

  • %0.1 من حجم المبيعات عام 2017.
  • %2 عام 2018.
  • %4 عام 2019.
  •  %6 عام 2020.
  • %8 عام 2021.

وتوقع السباعي أن تشكل حصة السيارات الصينية بالسوق القطرية ما نسبته 30% عام 2025 لتتفوق بذلك على الأوروبية والأميركية، وتكون منافسا قويا لليابانيين.

 

الرقم 1 والسر في التكلفة

وبين رئيس شركة النخبة موتورز أن الصين رفعت حجم تصنيعها للسيارات خلال السنوات القليلة الماضية لتصبح رقما صعبا في هذا القطاع، وباتت أكبر مصنع وأكبر مصدر بالعالم.

فإجمالي صناعة السيارات في العالم وصل -حسب المتحدث ذاته- إلى 70 مليون مركبة سنويا، بينما بلغت حصة الصين منها 27 مليون سيارة.

وقال السباعي إن الاهتمام البالغ بالجودة والصناعة والتكنولوجيا العالية جعل من السيارات الصينية الخيار الأفضل للكثيرين في قطر والخليج.

وأضاف أن صناعة السيارات تحتاج لأعداد كبيرة من العمال، حيث يصل عددهم بالمصنع الواحد إلى أكثر من 20 ألف عامل، مشيرا إلى أن سر انخفاض سعر السيارات الصينية يعود بالأساس إلى التكلفة المنخفضة لليد العاملة هناك، مقارنة بأسواق اليابان وأميركا وأوروبا.

ولفت إلى أن تكلفة العامل بأوروبا تتراوح بين 2000 و3000 يورو شهريا، وتكلفة العامل باليابان 4000 دولار، بينما تكلفة العامل بالصين قد لا تتعدى 300 دولار.

تحدي 5 سنوات

خبير السيارات القطري سعد الأحمد يرى أن المركبات الصينية جيدة “ميكانيكيا” مقارنة بسعرها، ولكنها لا تقارن بجودة اليابانية مثلا، مشيرا إلى أن التقييم الحقيقي للسيارات الصينية سيتضح فعلا بعد 5 سنوات من الآن لتكون قد تخطت حاجز 100 أو 150 ألف كيلومتر في شوارع قطر.

وعن أبرز التحديات التي تواجه السيارات الصينية، يقول الأحمد -في حديثه للجزيرة نت- إن الحرارة العالية في قطر خلال فصل الصيف إضافة إلى غياب خبرة كبيرة باليد العاملة في مجال إصلاح السيارات تعتبر أكبر التحديات التي تعاني منها المركبات الصينية في الدولة.

بدوره يرى هاوي السيارات القطري محمد الجابر أن قطر سوق مفتوحة تتسع للجميع، وقال للجزيرة نت إن فكرة المنافسة بين شركات السيارات الصينية وغيرها من السيارات التقليدية جاءت في مصلحة العميل بالدرجة الأولى، حيث كرست المنافسة بحسب رأيه فكرة “التنويع” ومحاولة جميع الشركات إرضاء الزبون.

 

عمر السيارة

بدوره يرى مدير إحدى وكالات السيارات الألمانية في قطر -فضل عدم الكشف عن اسمه- أن السيارات الصينية تتمتع فعليا في هذه الفترة بشعبية واسعة بين المستهلكين في قطر والخليج، ولا سيما بين الشباب، نظراً لتكلفتها المناسبة، بالإضافة إلى تصميماتها المبتكرة والفريدة.

ولكنه عبر عن مخاوفه من السيارات الصينية عموما، وقال -في حديثه للجزيرة نت- إن عمر أي سيارة صينية لا يتجاوز 5 سنوات وبعدها تفقد قيمتها وجودتها وذلك لعدة أسباب أهمها:

  • عدم توفر قطع الغيار بشكل مستمر وفوري.
  • ضعف في المبردات (التكييف) وتهالكه مع مرور الوقت.
  • أعطال كثيرة في التكنولوجيا “البراقة ” التي توفرها السيارات الصينية.
  • عدم توفر ميزة “إعادة البيع” بعد الشراء مما يجعل السيارة الصينية “ورطة” لمالكها.
  • ويأتي الرد من قبل السباعي فيقول إن:
    • شركة شيري الصينية على سبيل المثال أصبح لديها مركز ضخم في جبل علي بالإمارات ويوفر قطع الغيار خلال أيام لقطر.
    • عمر السيارة الصينية يساوي تقريبا نظيرتها الأوروبية والأميركية في حال الحفاظ عليها وصيانتها بشكل دوري.
    • الأعطال التكنولوجية واردة في أي سيارة سواء صينية أو من أي دولة أخرى، والأهم هو الضمان والمعالجة الفورية التي توفرها الشركات الصينية.
    • دول الخليج حارة جدا خلال الصيف، وهذا ما دفع شركات صينية لتأمين عازل حراري فائق القدرة يمنح السيارة من الداخل برودة مميزة.
    • خدمات مميزة

      لم يخف المواطن القطري محمد العقيدي إعجابه الكبير بما تقدمه الصين من صناعة رائعة للمركبات، وقال إن السيارات الصينية توفر مواصفات مماثلة لتلك المتاحة بالسيارات الألمانية والأميركية واليابانية، إلا أن أسعارها لا تتجاوز ربع سعر الألمانية، كما أنها أقل بنسبة تصل ثلث سعر اليابانية.

      وأكد -في حديثه للجزيرة نت- أن المستهلك القطري والخليجي عموما يعتزم عادة استبدال سيارته بعد مرور 5-7 سنوات في معظم الحالات، وخلال هذه الفترة تقدم السيارات الصينية خدمة دون مشاكل، وهذا أمر لا توفره أي شركة سيارات أخرى.

      واختتم العقيدي حديثه بالقول إن السيارات الصينية أصبحت تكتسح السوق القطرية والخليجية “وتنتشر بوضوح في شوارعنا ولا يمكن لأحد أن ينكر ذلك”..

    • المصدر : الجزيرة
السابق
إلغاء 462 رحلة جوية وجميع خدمات القطارات في تايوان مع اقتراب إعصار جيمي
التالي
7 طرق لخفض فاتورة الكهرباء عند استخدام المكيفات في الصيف