الدوحة – بزنس كلاس:
يستقبل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، صباح اليوم بالديوان الأميري، الرئيس إيمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية الصديقة، الذي يصل البلاد في زيارة رسمية.
وسيبحث سمو الأمير مع الرئيس الفرنسي، السبل الكفيلة بتوطيد علاقات الصداقة والتعاون المتميزة بين البلدين، كما سيتناولان عددا من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وتتميز العلاقات القطرية الفرنسية بالتجانس القائم بين السياسة الخارجية للدولتين والمواقف المتقاربة في عدد كبير من الملفات الدولية، وتعتبر قطر حليفاً استراتيجياً لفرنسا في منطقة الشرق الاوسط.
ويسود التشاور بشكل منتظم بشأن المواضيع الإقليمية والدولية الكبرى. والعلاقات على مستوى الدفاع بين فرنسا وقطر ممتازة وتغطى اتفاقات الدفاع والتعاون مجالات التدريب والخبرة في مجال التجهيزات. كما تنظم دورات تدريبية عسكرية مشتركة بشكل منتظم.
موقف متوازن
وقال البروفيسور برتراند بادي استاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية فى معهد العلوم السياسية الفرنسية في تصريح لـ”لوسيل”، ان السياسة الخارجية الفرنسية في المنطقة لديها تعاون وثيق مع دول مجلس التعاون بشكل عام، في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الفرنسي لايجاد موقف متوازن تجاه اللاعبين الرئيسيين في المنطقة.
وأوضح استاذ العلوم السياسية بأن أجندة الرئيس الفرنسي للدوحة اليوم لا تخلو من التعاون الاقتصادي خاصة وان العلاقات القطرية الفرنسية لها جذور تاريخية عميقة وهناك استثمارات قطرية بالمليارات في فرنسا وتبادل تجاري كبير ينمو بشكل مستمر. الا أنه عاد ليقول بأن الاجندة السياسية ستغلب علي الاجندة الاقتصادية في زيارة الرئيس الفرنسي للدوحة.
إلى ذلك بين بادي ان الازمة الخليجية الراهنة تشكل تحديا كبيرا للعالم فى ظل تطورات النظام العالمي الجديد وعولمة الصراعات بلا ميادين للحروب او احتلال الأراضي. مشيراً إلى أن القوى الإقليمية أصبحت إحدى ركائز النظام العالمي، وقد تكون أكثر أهمية من القوى الدولية الكبرى.
اتفاقيات اقتصادية وسياسية
وحسب خبراء فان قطر ترتبط بعدد من الاتفاقات المختلفة مع فرنسا وهي اتفاقات تشمل الميادين كافة الاقتصادية والسياسية والثقافية والعلمية والأكاديمية والتقنية، فضلاً عن الاتفاقات العسكرية. كما يرتبط البلدان بشكل خاص ببروتوكول الحوار الإستراتيجي، حيث يجري الحوار على كل المستويات باستمرار في عاصمتي البلدين، وقطر لديها استثمارات كبيرة في فرنسا في مجالات مختلفة مثل العقارات والرياضة والاعلام فضلاً عن مساهمتها في العديد من المؤسسات الفرنسية، وبالمقابل فان فرنسا لديها استثمارات ضخمة في مجال النفط والغاز بالاضافة للاستثمارات في مجال البنية التحتية خاصة مجال الانشاءات الكبيرة التي تقوم في اطار الاستعدادات لبطولة كأس العالم قطر 2022، والتبادل في مجالات الاقتصاد والتجارة والطيران.
والأزمة الاقتصادية والمالية العالمية جعلت الكثير من الدول الأوروبية عرضة لهزات مالية. ويواجه الإقتصاد الفرنسي تداعيات ارتفاع الديون وتراجع في الميزان التجاري وهو ما جعل العديد من المؤسسات بحاجة إلى دعم مالي، الأمر الذي فتح الباب أمام مزيد من الاستثمارات القطرية في كافة المجالات. الرئيس الفرنسي يسعى حالياً لاجتذاب الاستثمارات الخارجية وقد عقد في الإليزيه “مجلساً للجاذبية” برئاسته، شارك فيه ممثل عن الصندوق السيادي القطري.
30 مليار دولار
وبلغ حجم الاستثمارات القطرية في فرنسا نحو 30 مليار دولار، في الوقت الذي بلغ فيه التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 3 مليارات دولار، وانجز جهاز قطر للاستثمار العديد من الصفقات الناجحة في المؤسسات والعقارات والفنادق الفرنسية بجانب استحواذ قطر علي نادي باريس سان جيرمان لكرة القدم، وشبكة متاجر لو برانتان، . ومن جهة أخرى، يستثمر جهاز قطر للاستثمار عبر الصندوق المشترك بينه وبين صندوق الودائع والأمانات الفرنسي لدعم المنشآت المتوسطة والصغيرة الحجم، الذي يطلق عليه اسم «أبطال المستقبل الفرنسيون» والذي بدأ العمل به منذ يونيو 2014 والتي يبلغ حجم استثماراته نحو 300 مليون يورو حالياً.
وللشركات الفرنسية حضور قوي في قطر، حيث تضاعف الاستثمار الاجنبي الفرنسي المباشر في قطر منذ 2008 ليصل 1.6 مليار يورو في 2016.
ووفقاً للبيانات المتاحة فان فرنسا لديها سابع أكبر فائض تجاري مع قطر بنحو 1.6 مليار يورو خلال الاشهر التسعة الاولي من العام الحالي، وبلغت صادرات قطر لفرنسا نحو 432 مليون يورو فيما بلغت حجم الواردات من فرنسا نحو مليار يورو .
وشهدت العلاقات التجارية بين قطر وفرنسا طفرة كبيرة العام الماضي وتضاعف مستوى التجارة الثنائية بين البلدين لعام 2016، ووصلت قيمة العقود التي وقعتها الشركات الفرنسية في قطر حوالي 8 مليارات دولار أمريكي بينما كانت في العام الماضي حوالي 4 مليارات دولار أمريكي، ما جعل فرنسا أكبر بلد للاستثمارات القطرية في الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا.
6 ملفات مهمة
قال الدكتور عبدالله باعبود مدير مركز دراسات الخليج بكلية الاداب والعلوم في جامعة قطر، إن زيارة الرئيس الفرنسي اليوم ستعزز العلاقات الثنائية بين البلدين خاصة وان قطر وفرنسا لديهم استثمارات كبيرة واتفاقية تعاون دفاعي مشترك بالاضافة لتطابق وجهات النظر في الملفات الاقليمية.
وتوقع الدكتور باعبود أن تتصدر أزمة الخليج الملفات التي يتم بحثها اليوم بين حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، بالاضافة لخمس ملفات أخري مثل علاقات مجلس التعاون مع الاتحاد الاوروبي والوضع في اليمن ولبنان والقضايا الاقليمية الاخرى مثلما يحدث في سوريا والعراق.
وشدد الدكتور باعبود علي العلاقات القوية والراسخة بين البلدين بالاضافة للمصالح المشتركة ووجهات النظر المتطابقة في كثير من القضايا، اكثر من ذلك فإن فرنسا لديها موقفها من الازمة الخليجية التي بدأت منذ يونيو الماضي التي تري بأن الازمة تضر بالاستقرار والأمن في المنطقة وضد مصالح الدول العظمي في الاقليم. وتري هذه الدول بأن الخلاف الذي نتج عن الازمة الحالية هو خلاف شخصي وليس كما تزعم دول الحصار وهو خلال سيكولوجي أكثر من كونه خلافا قائما علي مبررات معقولة حتي يتم حلها بطريقة مباشرة.
وقال أن فرنسا ستدعم مبادرة سمو أمير دولة الكويت باعتبارها المبادرة الرئيسية لحل الازمة الخليجية، خاصة وان فرنسا لديها علاقات جيدة بالمنطقة ولديها مقعد في مجلس الامن ولديها من ادوات الضغط لتستخدمها ضد دول الحصار حتي تحل المشكلة وتبين لدول الحصار بأن استمرار الازمة ليس في مصلحة الجميع. بالتالي فان زيارة ماكرون هي محاولة لايجاد مسار للازمة أكثر من كونه حالة اصطفاف سياسي.
فرنسا ترفض الحصار الجائر على قطر
وفي اطار الازمة الخليجية، أكدت القيادة الفرنسية دعمها الرؤية القطرية لحل الأزمة الخليجية الراهنة عن طريق الحل الدبلوماسي، وكشفت تصريحات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بعد لقائه سمو أمير البلاد المفدى، عن رسالة قوية لدول الحصار وهي رفض فرنسا للحصار الجائر على قطر من قبل السعودية والامارات والبحرين ومصر منذ يونيو الماضي، مشيرة الى أنه لا مبرر لفرض حصار على الشعوب.
وطالب الرئيس الفرنسي حسب بيان سابق لقصر الاليزيه برفع الحصار في وقت سريع لما اسمته (اجراءات الحصار التي تطال المواطنين القطريين) خاصة العائلات والطلاب.
وبرزت قوة ومتانة العلاقات القطرية الفرنسية التي تشهد تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، في إنهاء القوات البحرية الأميرية القطرية تمريناً بحرياً مشتركاً مع نظيرتها الفرنسية على مدى يومين في المياه الإقليمية القطرية، وسبقه في 23 يونيو الماضي، أي خلال الأسابيع الأولى للأزمة إجراء مناورات بحرية عسكرية مشتركة في المياه الإقليمية شمال قطر، في إطار اتفاقيات التعاون الدفاعي الثنائي لدعم جهود محاربة الإرهاب وعمليات التهريب وحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة.
وبحث سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون الدفاع مع سعادة السيدة فلورانس بارلي وزيرة الجيوش الفرنسية خلال زيارة لفرنسا مؤخراً، العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين في المجالات الدفاعية والعسكرية وسبل تعزيزها وتطويرها.