حتى من دون أن تحل ذكرى وفاة مارلين مونرو ، ربما لم ولن يُذكر اسمها في أي مكان أو محفل أو منصة دون أن يدركه الغالبية العظمى، فالأجيال التي جاءت بعد رحيلها عن الدنيا قد سمعوا بها أو رأوا إحدى صورها من قبل على منصات التواصل الاجتماعي أو المجلات الفنية.
قد يدفع هذا إلى التأمل في سيرة واسم مارلين مونرو الذي قد يكون أكثر شهرة حتى من بعض نجوم الزمن الحالي؛ وفي سر عشق الرجال -والنساء في الأغلب- لها أجيالاً متتابعة منذ أن ظهرت أولى صورها على أغلفة مجلات الموضة في الأربعينيات ، أو حتى في المجلات الجنسية.
إلى أن صدمهم خبر موتها الغامض والمفاجئ في الخامس من أغسطس/آب 1962، وهي لم تبلغ من العمر سوى 36 عاماً فقط، كانت خلالها واحدة من أشهر نجمات السينما في العالم، وأيقونة الإغراء والجاذبية الجنسية في كل أنحاء العالم تقريباً، إذ إن هناك الكثير مما قد لا يعرفه البعض عنها بخلاف صورها المثيرة، وأفلامها الشهيرة، ووفاتها الغامضة.
بدايات عصيبة وحلم فتاة صغيرةوُلدت مارلين مونرو أو نورما جين مورتنسن، في الأول من يونيو/حزيران عام 1926 في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، ثم تم تعميدها باسم نورما جين بيكر، وهو الاسم الذي استمرت به إلى أن غيّرته رسمياً إلى مارلين مونرو عام 1953.
وُلدت لأم فقيرة ولم تعرف أباها قط، ونشأت بين دور الرعاية للأيتام، والأسر الراعية التي كانت إحداها شديدة التحفظ وأسرة أخرى شديدة الإهمال، لدرجة عرّضت مارلين مونرو في طفولتها إلى الاعتداء الجنسي في سن 11 عاماً فقط، وبعد عدة سنوات تزوجت صديقها جيمي دوتري، وهي لا تزال مراهقة تبلغ من العمر 16 عاماً فقط عام 1942.
لاحقاً أُرسل زوجها برفقة القوات البحرية إلى جنوب المحيط الهادئ في أوج اشتعال الحرب العالمية الثانية، وهنا لم تجد الفتاة الصغيرة وسيلة لإعالة نفسها سوى العمل في أحد مصانع الذخائر في ولاية كاليفورنيا.
لكن حلمها بالشهرة والنجاح لم يفارق مخيلتها، وكانت تستغل العديد من الفرص للتقدم لاختبارات التصوير لعارضات الأزياء، التي كانت تنتشر في جميع أنحاء كاليفورنيا؛ الوطن الأم للنجاح والشهرة، وعلى بُعد أميال من قلعة الترفية والشهرة، هوليوود.
وفي أثناء إعدادت الجيش الأميركي لتوثيق بعض الإرشادات للمعدات العسكرية عن طريق التصوير الفوتوغرافي في أحد المجمعات التي تعمل بها مونرو، اكتشفها المصور ديفيد كونوفير، وعرض عليها أن يصورها كموديل للمجلات، وكانت موافقتها بداية، لكونها حلم المصورين الفوتوغرافيين في الولاية بأكملها؛ إذ انطلق نجاحها في عالم العارضات بسرعة غير مسبوقة.
هوليوود: من فشل إلى نجاح إلى كراهيةبدأت مارلين مونرو في الولوج إلى عالم هوليوود المتسع في منتصف الأربعينيات تقريباً، بعقد عمل مع شركة «فوكس» الشهيرة، لكنها سرعان ما عانت من امتعاض المنتجين من أدائها التمثيلي، وترشيحها لأدوار نمطية عن الفتاة اللعوب غير المكترثة، ثم لم يمضِ الكثير من الوقت حتى ألغت شركة «فوكس» عقدها معها.
وبعدما عانت الإحباط وقَّعت عقد تمثيل بالنيابة عنها مع إحدى الوكالات الفنية الشهيرة «وكالة ويليام موريس» عام 1949، التي كانت سبباً رئيسياً في انطلاقة مارلين مونرو إلى عالم النجومية في هوليوود.
عام 1950 كان بداية لأفلام مارلين مونرو الشهيرة، التي بدأت بفيلم The Asphalt Jungle ، ثم لم تلبث أن انطلقت مسيرتها إلى فيلم آخر كان سبباً في اتساع شهرتها، وهو Clash By Night عام 1952، وهو العام نفسه الذي قابلت فيه ثاني أزواجها، لاعب البيسبول المعتزل الشهير جو ديماجيو، حيث تصدرت أخبار زواجهما عناوين الصحف والمجلات، لتنتهي تلك الزيجة بعد 8 أشهر فقط لا غير.
الجدير بالذكر أن مارلين مونرو لم تكن إنسانة متعالية أو متغطرسة، بحسب ما رواه الممثل روبرت ميتشوم، الذي ربطته علاقة صداقة بمارلين مونرو منذ بدايتها المبكرة في الوثائقي Marilyn Monroe: Beyond the Legend ، وذكر أن مارلين لم تمانع، بل رحبت بفكرة السفر إلى كوريا حيث قبعت القوات الأميركي ة عام 1945 في أكثر مناطق العالم توهجاً وقتها، بهدف الترفيه والتسرية عن الجنود الذين كانوا يعانون الويلات في معارك قاسية أثناء الحرب الكورية، وأنها أحبَّت «حب الجماهير لها»، بينما كرهت قسوة وجفاء هوليوود، الأمر الذي تجلَّى في إحدى أشهر مقولاتها عن عوالم هوليوود: «هوليوود هو مكان يعطونك فيه ألف دولار في مقابل قُبلة، و50 سنتاً مقابل روحك!».