مؤشر “Agility” اللوجستي: قطر قطعت أشواطاً مذهلة في قطاع الخدمات اللوجستية

أظهر مؤشر «أجيليتي» اللوجيستي للأسواق الناشئة 2017 أن دولة قطر قطعت أشواطا كبيرة بطريقة مذهلة في قطاع الخدمات اللوجيستية، حيث حلت في المرتبة الثانية بامتياز، في ظل تنافس محموم بين دول المنطقة على تحسين أدائها في قطاع الخدمات اللوجيستية، لتتحول لأسواق نشيطة وواعدة، حيث تتباري في تخفيض الحواجز التجارية، وفتح آفاق جديدة في كافة المجالات، وسهولة الاستثمار، حيث أن عامل البنية التحتية، ووجود خطوط الإمداد والاتصال والنقل، تعمل على تعزيز القدرة التنافسية للأسواق الناشئة، وترابط الأسواق. واحتلت قطر المركز الثاني من بين 50 سوقاً ناشئة حول العالم عن فئة أفضل مناخ لمزاولة الأعمال ضمن مؤشر أجيليتي اللوجيستي للأسواق الناشئة 2017، كما حلت ايضاً بالمرتبة الـ(12) عالمياً في التصنيف العام للمؤشر، وتطرق تقرير «أجيليتي» إلى أفضل مناخ أعمال، أو مايسمى «التوافق السوقي» في الدول العربية، أو الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، برصد7 من أفضل 10 أسواق مرتبة من حيث التوافق من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مقارنة بخمسة في عام 2016، حيث جاءت الإمارات كأفضل ظروف عمل في الأسواق الناشئة.

وبحسب مؤشر التوافقية (أفضل مناخ للأعمال) لعام 2017، فقد جاءت سبعة من الأسواق العشرة الأولى، من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مقابل خمسة فقط في 2016. وتأتي الإمارات في المركز الأول للعام الثالث على التوالي لعدة معايير، منها توافر المناطق الحرة بها، وعدم فرض ضرائب على الشركات، والسماح للأجانب بالملكية الكاملة للمشاريع، وتحويل الأرباح إلى الخارج بلا حدود.

وجاءت قطر في المركز الثاني بعد أن نجحت في تقليل الفجوة بينها وبين الإمارات، في النقاط السابق ذكرها، وفى إزالة العديد من الحواجز التجارية. ونجحت سلطنة عمان في تحقيق بعض التقدم، لكن البحرين حققت تقدما أكبر، فقد تقدمت من المركز 11 إلى المركز الرابع، بسبب نجاحها في خفض الحواجز التجارية، وتقليل نفقات الأعمال، وتراجع معدلات الجريمة والإرهاب.

أما المغرب، فقد احتلت المركز التاسع، وهي المرة الأولى التي تحتل فيها أحد المراكز العشرة الأولى، بينما خرجت كل من تشيلي وماليزيا من تلك المراكز. أما روسيا فقد واصلت تراجعها حيث احتلت المركز 18 في تقرير 2017 بعد أن كانت تحتل المركز الـ 16 في تقرير 2016 بسبب البرود الذي تتميز به علاقاتها مع غالبية المجتمع الدولي، وذلك على الرغم من دفء العلاقات بين رئيسها بوتين والرئيس الأميركي الجديد ترامب.

وتقدمت الهند من المركز الـ 21 إلى المركز 19 بسبب نمو احتياطياتها من العملات الصعبة وتخفيف الحواجز أمام الاستثمار، ومما لا شك فيه ان زيادة الاستثمارات الاجنبية يعتمد على إدخال التطوير إلى البناء التنظيمي والبيروقراطي للدولة الساعية إلى جذب الاستثمارات، وهو طريق تسير فيه الهند بقوة.

وبين الدول الخمس التي دخلت المؤشر لأول مرة جاءت غانا في المركز 22 قبل إيران بمركز لنفس أسباب البحرين، وهي تخفيف العوائق التجارية وخفض نفقات الأعمال وتراجع معدلات الجريمة والإرهاب. ولنفس الأسباب ايضا تراجعت أنجولا وموزمبيق وميانمار إلى ما بعد الأربعين.

وبالنسبة لارتباط الأسواق، وكما كان الحال في العام الماضي، تجد الدول العشر الأولى في هذا المعيار تظهر قدرا كبيرا من الاستمرارية لهذا العام، حيث احتلت المراكز الأربعة الأولى أسواق الإمارات وماليزيا والصين وتشيلي وهي نفس تصنيفاتها العام الماضي.

واحتفظت تسع من الدول العشر في تصنيف العام الماضي بمراكزها ضمن الأسواق العشر الأولى، بينما تراجعت روسيا من المركز العاشر إلى المركز 13 بسبب تراجع جودة بنيتها التحتية فضلا عن تعقيد الاجراءات الجمركية، وعلى العكس نجد كازاخستان تقفز إلى المرتبة التاسعة بفضل تطوير بنيتها التحتية وتبسيط إجراءاتها الجمركية.

وهناك سوقان رئيسيان وهما الهند والبرازيل يبدو كل منهما كما لو كان يسير في طريق مختلف. فالهند قامت بإجراءات جادة من أجل تطوير بنيتها التحتية وعلاج أوجه القصور فيها مما جعلها تتقدم إلى المركز 18.

أما البرازيل فقد تراجعت إلى المركز 28 بسبب تراجع جودة بنيتها التحتية. وبين الدول الخمس الجديدة التي دخلت هذا المؤشر جاءت إيران في المركز 27 تليها غانا (35). وجاءت موزمبيق في المركز 44 وميانمار (49) وانجولا (50) لتكون أسوأ الدول في مجال ارتباط الاسواق.

جاذبية الأسواق

وبالنسبة لجاذبية حجم الأسواق وقابليتها للنمو، يعد أهم التطورات من الناحية الرمزية في إطار المؤشر الفرعي حجم السوق وقابليته للنمو هو أن الهند تفوقت على الصين لتحتل المركز الأول. ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى التوقعات بتحقيق الهند معدلات نمو اقتصادي قياسية على المدى المتوسط.

وهناك تطور آخر مهم، وهو تراجع ترتيب نيجيريا بسبب عدة عوامل، منها تراجع أسعار البترول. كما واجهت دول بترولية أخرى رئيسية أخرى مشاكل بسبب انخفاض الأسعار بدرجة أو بأخرى، لكن نيجيريا تبدو أكثرها تأثرا بهذا التراجع.

ولوأخذنا الأوضاع الاقتصادية الصعبة على مستوى العالم في الاعتبار، سوف نجد أسواقا قليلة في العالم هي التي نجحت في تحقيق قفزات كبيرة إلى الأمام وفق هذا المعيار، من بين هذه الأسواق الفلبين التي تقدمت من المركز 12 إلى المركز 8.

وقفزت مصر من المركز 14 إلى المركز 10، والأرجنتين من المركز 28 إلى المركز 22 بفضل الخطط الاقتصادية السليمة لحكومة ماكري، فيما جاءت إيران من الدول الخمس التي تضمنها المؤشر لأول مرة في المركز الـ16 محصورة بين منافستيها الاقليميتين السعودية (14) والإمارات (19). وحققت إيران تقدما ملحوظا في المؤشر الفرعي من عام إلى عام حيث تقدمت من المركز 21 إلى المركز 16.

أما الوافدون الجدد الأربعة الآخرون: أنجولا وغانا وموزمبيق وميانمار، فقد جاءت كما هو متوقع في أدنى الترتيب، ولم يتغير ترتيبها كثيرا بالمقارنة بالعام السابق.

وبالنسبة للقطاعات الرأسية، يأتي قطاعا البترول والغاز في الشرق الاوسط وشمال إفريقيا مرة أخرى كأكثر القطاعات قدرة على خلق فرص استثمارية عبر المنطقة.

ويقول نصف من شملهم الاستطلاع تقريبا (49.7) إن هذا القطاع يتمتع بأعلى قدرة على قيادة مسيرة النمو في المنطقة، بانخفاض قدره 3.9% عن العام السابق، وربما كان ذلك يعكس قناعة لدى هؤلاء بضرورة البحث عن فرص جديدة مع انخفاض أسعار البترول واحتمالات استمرارها كذلك لفترة طويلة.

أداء قوي

وجاء في التقرير، أن منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ظلتا من اللاعبين الأقوياء في هذا المجال، حيث نجد في هذه المنطقة اثنين من أسواقها– دولة الامارات والسعودية– تتصدر خمسة من المؤشرات الرئيسية على الرغم من حجم اقتصادات الدولتين الصغير نسبيا بالمقارنة بأسواق أخرى ناشئة. وهذا الأداء القوي رغم ذلك لا يمنع الحاجة إلى تحقيق المزيد من التقدم على طريق تنويع الاقتصادات.

وتحسن أداء سبعة من الأسواق الـ15 التي يغطيها المؤشر في المنطقة. ومن هذه الاسواق إيران التي قفزت مراكز أكثر من أي دولة أخرى في مؤشر 2017.

وفى الوقت نفسه نجد العديد من أسواق المنطقة الاقل استقرارا تراجعت درجاتها بالمقارنة بعام مضى، على الرغم من أن مصر احتفظت بمعدلات أداء طيبة، حيث ارتفع ترتيبها بمقدار مركزين لتصل إلى المركز العشرين على خلفية ما تتمتع به من استقرار، وما جرى من إصلاحات في مرحلة ما بعد الربيع العربي.

وربما كانت أهم التطورات التي تستدعي المتابعة في المنطقة، متابعة كيف تسعى الدول النفطية بالشرق الاوسط إلى التكيف مع تراجع اسعار النفط حتى على الرغم من الاتفاق الذي تم إبرامه بين عدد من الدول المنتجة للنفط من داخل الأوبك وخارجها لخفض الإنتاج، والمتوقع أن تتمسك به الأطراف المتوقعة في عام 2017، لابد أن يكون لتراجع أسعار النفط أثره عبر المنطقة.

ووجدت حكومات هذه الدول نفسها مضطرة إلى السير قدما بمعدلات أسرع على طريق تنويع اقتصاداتها وإدخال إساليب جديدة لتعظيم عوائدها وسد العجز في ميزانياتها، وهذا الأمر من شأنه أن يحدث تغييرات في دور الدولة في الدول المصدرة للنفط في الشرق الاوسط، حيث تحولت من دول تعول سكانها من خلال مبادرات مختلفة للإنفاق ومن خلال الدعم إلى دول تؤكد على دور القطاع الخاص في توفير فرص العمل وتشجع المنافسة وتؤكد على حق المستهلك في الاختيار، وبالطبع لن تكون هذه المرحلة الانتقالية بلا آلام، كما أنها سوف تحتاج ضخ استثمارات ضخمة.

ويمكن القول إن تعاظم حدة المنافسة في المنطقة سوف يصبح أحد الملامح الرئيسية لخطط تنويع الاقتصادات. وفى إطار سعي الدول إلى جذب المزيد من الاستثمارات والعمل على دعم معدلات النمو وتوسيع قطاعاتها غير البترولية، سوف يكون لزاما عليها توفير بيئة مفتوحة تتسم بالكفاءة للاستثمار فضلا عن قوى عاملة مدربة وماهرة.

أسواق واعدة

ومن ناحية أخرى فقد شارك أكثر من 800 من المديرين والخبراء، في مجال اللوجيستيات، في مؤشر اللوجيستيات، أجيليتي للأسواق الناشئة 2017، في جميع أنحاء العالم وأدلوا بوجهات نظرهم حول التوقعات الاقتصادية العالمية لعام 2017، وآفاق النمو في الأسواق الناشئة ومحركات النمو الرئيسية والاتجاهات التي تؤثر على بلدان الأسواق الناشئة، واختلفت نظرتهم حول درجات البلدان، والذي يعد منها سوقاً واعداً، ومن تراجع منها، في إفادة عن سوق عالمي مهم.

تعتقد أقلية كبيرة من المدرين التنفيذيين في مجال اللوجيستيات (42.8%) أن توقعات صندوق النقد الدولي لنمو الأسواق الناشئة بنسبة 4.6% متفائلة جدا مقارنة بـ35.9% الذين اعتقدوا أن توقعات صندوق النقد الدولي بنسبة 4.7% لعام 2016 كانت متفائلة وبمثابة أحلام وردية جدا، فيما قال ما يقرب من 69% من المديرين التنفيذيين إنهم قلقون أو «قلقون للغاية» من أن تصويت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «البريكيست» وفشل المبادرات التجارية الإقليمية والعالمية مثل الشراكة عبر المحيط الهادئ (تي بي بي TPP) يشكلان تهديدا للتجارة الحرة.

قبل عام، كان اهتمام القائمين والمشتغلين بمجال وصناعة اللوجيستيات، بانخفاض أسعار النفط، التي تم تحديدها بنسبة 27.1% على أنها عامل مرجح وحاسم في التغيرات السوقية، وأن تراجع الأسعار النفطية، له أكبر الأثر على النمو الاقتصادي والتجاري العالمي بشكل عام.

ولا يوجد في مؤشر عام 2017 عامل مهيمن، فالآراء موزعة بين مجموعة متنوعة من العوامل المحتملة، فمثلاً 10.5% كعامل يصب في تأثير الاقتصاد الصيني وتباطؤه باعتباره محركا رئيسيا، بينما حصل عامل أسعار النفط على 9.4% بعد أن ارتفعت نسبيا أسعار النفط خلال الفترة الماضية. بينما كان تأثير التغير الاقتصادي في الاقتصاد الأميركي بنحو 5.7% على النمو العالمي. ومن المهم الإشارة إلى أن ما يقرب من 57% من المديرين التنفيذيين في مجال الخمات اللوجيستية يتوقعون أن تزداد أسعار النفط.

واختار المديرون التنفيذيون للسنة الثانية على التوالي، الهند باعتبارها البلد الذي يتمتع بأكبر قدر ممكن من النمو كسوق لوجيستية، مشيرين إلى أن الهند تعد الوجهة الرائدة في الأسواق الناشئة للاستثمار من قبل شركاتهم على مدى السنوات الخمس المقبلة.

وأظهرت هذه الانطباعات المتفائلة، نوعاً من التوازن، أدى إلى تحسن أداء الهند وارتفاع البيانات على المؤشر. وتحولت درجة الهند ارتفاعاً لتأتي في الرقم الثاني بعد الصين. أما الصين فقد قفزت إلى درجة أعلى وأفضل في حجم سوقها وجاذبية حركة اللوجيستيات عبرها، وبالتالي ارتفاع النمو على المؤشر. لكن الملاحظ أن الهند أتت بعد الصين مباشرة، رغم أن الناتج المحلي الإجمالي السنوي للصين يمثل خمسة أضعاف تقريبا الناتج المحلي الهندي.

قرارات استثمارية 

ومن بين البلدان الأخرى التي اختارها المشاركون في الدراسة الاستقصائية، التي ارتفعت خلالها مستوياتها على مؤشر «أجيليتي» للأسواق الناشئة في عام 2017، كانت كينيا (بزيادة 3 نقاط لتكون رقم 17) وكازاخستان (بزيادة 2 نقطة لتحل في المرتبة الـ 20). وبينما ارتفع أداء حركة مجال اللوجيستيات في كينيا بإفريقيا، انخفضت في دولة جنوب إفريقيا، التي تعاني من صعوبات سياسية واقتصادية، بـ ثلاث نقاط لتحقق رقم 12.

وبحسب التقرير، فلا يزال النمو الاقتصادي ومستويات الاستثمار الأجنبي، هما العاملان الأساسيان فيما يخص القرارات الاستثمارية التي تتخذها شركات الخدمات اللوجيستية العالمية، علاوة على ما يتم من دراسات دقيقة لبحث الجوانب والخصائص الديموغرافية لأماكن الاستثمار.

وأشار المشاركون في الدراسة الاستقصائية إلى، عنصر العمالة الرخيصة حيث اعتبروه يأتي بالدرجة الثالثة (رقم 3) والنمو السكاني (رقم 5)، وهما من بين العوامل الدافعة الرئيسية الأخرى للنمو والمؤثرة عليه سلبا في حال تراجعهما، والتي تتميز في الأسواق الناشئة الفردية. لكن ما يغطي على الجهود التي تبذل، عوامل الفساد وضعف البنية التحتية، فهما عاملان يعوقان حركة النمو، علاوة على العائق البيروقراطي الإداري، الذي يعوق كفاءة واستمرارية وسرعة انجاز المشروعات، إذ يحظي العامل البيروقراطي بتأثير كبير.

ويعتبر التقرير، الذي يرصد بالاستطلاع للآراء والمؤشرات، أن تباطؤ النمو في الصين، أدى إلى الإضرار بصناعة النقل والخدمات اللوجيستية، وفقا لـ 76% من المستطلعة آراؤهم من المديرين التنفيذيين لسلسلة التوريد في المسح. ويرى عدد قليل أن هذا هو السبب لتغيير خططهم لأكبر سوق ناشئة في العالم: ما يقرب من 66% يقولون إن أعمالهم ستواصل خططها ومشروعاتها في الصين على الرغم من تباطؤ الاقتصاد.. ولهذا، وبينما احتلت الصين المرتبة الأولى في خطوط الإمداد واللوجيستيات على المؤشر السوقي وأتت بعدها الهند، إلا أن الصين احتلت المرتبة الثانية بعد الهند، كوجهة استثمارية مستقبلية وبوصفها سوقا واعدة.

وتطرق التقرير، إلى حالة الركود والانعكاسات التي تركتها على نمو التجارة العالمية وحالة الاضطراب في الأسواق الناشئة في مؤشر عام 2017. وقد شهد 24 بلداً من أصل 50 بلدا انخفاضاً بشكل كلي، بعد عام واحد من درجاتهم الإجمالية، وهو ما يمكن اعتباره مقياسا لإظهار حجم القدرة التنافسية، التي تتضمن عوامل النمو وجاذبية الأسواق والبنية التحتية والمواصلات والنقل ومناخ الأعمال.

وظلت جميع الأسواق الصاعدة في عام 2016 في المراكز العشرة الأولى، لكن مؤشرات سبعة من البلدان العشرة تدهورت: الصين (1)، وماليزيا (4)، والسعودية (5)، وإندونيسيا (6)، والبرازيل (7)، والمكسيك (8)، وروسيا (10).

ونوه التقرير إلى أن الصين ظلت في المرتبة الأولى في تصنيفات المؤشر بفارق كبير، وكان من بين البلدان العشرة الأوائل، والتي تراجعت فيها دول وصعدت أخرى العام السابق، كانت الهند، التي أتت في المرتبة الثانية، بعجما كانت في المركز الثالث، لتتقدم درجة، بينما تراجعت دولة الإمارات العربية المتحدة، من الدرجة 2 إلى الدرجة الـ3، وتركيا التي ارتفعت إلى الدرجة الـ 9، بعدما كانت في الـ10، وروسيا التي حلت في المرتبة الـ10 بعدما كانت في الدرجة التاسعة.

وأشار التقرير، إلى انتقال الهند لتسبق الصين، في مؤشر أعلى لحجم وجاذبية النمو في عام 2017، مرجعاً ذلك في جزء كبير منه إلى توقعات النمو الاقتصادي المتفوقة على المدى المتوسط.. وتحسنت مؤشرات بلدان أخرى في حجم وجاذبية السوق، حيث ارتفعت الفلبين بأربع نقاط إلى الدرجة 12؛ وارتفعت مصر أربعة مراكز. وارتفعت الأرجنتين 6 درجات إلى الـ22، وارتفعت إيران خمسا إلى الـ16.

مخاطر هبوطية

ومع دخول عام 2017، يبدو أن الاقتصاد العالمي عرضة لمجموعة من المخاطر الهبوطية. ولقد ترك تباطؤ الاقتصاد في الصين وانخفاض أسعار النفط وضعف الاستثمار والعملات المتقلبة، تأثيرا مقلقا على الأسواق المتقدمة والناشئة على حد سواء، فضلا عن القطاع الخاص.

وفي ظل هذا المناخ، هناك حالة من عدم يقين حول قدرة الأسواق الناشئة على توفير مستويات عالية من العائد على الاستثمار. ونتيجة لذلك، تغير وضع الأسواق الناشئة في أذهان المستثمرين، وتراجعت حالة التفاؤل المطلق حول هذه الأسواق.

وبدأ المستثمرون في السنوات الأخيرة، في النظر إلى الأسواق الناشئة على أنها تحقق عوائد كبيرة. ومن غير الواضح ما إذا كان الوضع سيظل كذلك أم لا، وبعد انتهاء عام 2015، ومع انخفاض قيمة اليوان بالفعل، كان هناك قلق من أن الصين لن تحقق تقدما سريعا بما فيه الكفاية في انتقالها الاقتصادي، وأدى هذا الخوف إلى حدوث اضطراب في الأسواق المالية في جميع أنحاء العالم.

إن السوق المحلي الصيني مديون بصورة كبيرة للغاية. وهو يناضل من أجل التعامل مع الزيادة المفرطة في العرض والطاقة المفرطة في القطاعات الرئيسية للتصنيع والعقارات. وباعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تجد بلدان أخرى أنها مرتبطة حاليا ارتباطا وثيقا بثروات الصين.

ويعد تباطؤ الاقتصاد الصيني وإعادة توجيهه نحو الاقتصاد القائم على الخدمات أمرين هامين بالنسبة لعدد من الأسواق الناشئة، التي ارتقى الكثير منها على خلفية الطلب الصيني على السلع والمواد الخام لدعم توسعها الكبير في مجال التشييد والتصنيع.

ومع تراجع الطلب الصيني على هذه الواردات، بدأت سلسلة أحداث مألوفة في الظهور حاليا.. حيث يعني انخفاض الطلب حدوث انخفاض في أسعار السلع إلى جانب حجم الصادرات وإيراداتها، مما يعرض الوظائف والنمو الاقتصادي في الدول المصدرة للخطر.

وأدت حالة عدم اليقين على المستوى العالمي إلى إضعاف الثقة، وأدت إلى تقلب أسواق العملات، كما أدى ذلك إلى تفاقم التحديات التي تواجه عددا من الأسواق الناشئة، ولم يكن هناك سوى زخم أقل في اقتصاداتها، وأصبحت الديون- التي تم الاستعانة بها لتمويل النمو-أكثر عبئا لتحملها حيث أصبحت عملاتها أقل قيمة مقابل الدولار الأميركي.

ترحيب واسع

وأضاف التقرير أن تدخل بكين واللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح في مارس 2016 في إطار حزمة تحفيز للبنية التحتية بقيمة 721.8 مليار دولار لتمويل 303 مشاريع عبر السكك الحديدية والطرق والممرات المائية والمطارات ونظم المترو في الصين موضع ترحيب لمن يقومون بتوفير المواد. وكان هناك ترحيب أيضا بعدم وجود مزيدا من الرفع في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، مما سمح للأسواق الناشئة باستعادة قيمة عملاتها بأن تصبح أكثر استقرارا.

أن مثل هذه التطورات التي تظهر في المقام الأول متعلقة بالتحديات المحلية في الصين والولايات المتحدة قد هيمنت بصورة كبيرة على ثروات الأسواق الناشئة في السنوات الأخيرة، الأمر الذي يوضح إلى حد ما كيفية دمج هذه الأسواق، والتجارة البينية، وقد صاحبت الاقتصاد العالمي على مدى العقد الماضي.

وأدى ظهور الاستقرار إلى وجود خلفية أكثر هدوءا وأكثر توافقا مع الأسواق الناشئة في النصف الثاني من عام 2016. ومع ذلك، لم تستفد من ذلك كله، ولا تزال هناك ضغوط هبوطية. وبالنسبة لكثير من الأسواق، لن يكون التعديل بسيطا ومن المرجح أن يكون صعبا وممتدا.

وتقول كريستين لاغارد، رئيسة صندوق النقد الدولي: «في بعض الحالات، يحتاج الأمر إلى تغيير نموذج النمو».

وعلى سبيل المثال، تجرN هذه العملية بالفعل في الأسواق الناشئة المصدرة للنفط، التي اضطرت إلى إجراء تعديلات اقتصادية من أجل مواجهة انخفاض أسعار الطاقة. ولا تزال بعض الأسواق الناشئة تشهد نموا قويا على الرغم من العقبات التي تواجهها، في حين أن البعض الآخر منها يغرق في الركود أو الانهيار الذاتي أو غير ذلك. وإحدى قصص النجاح توجد في الهند، حيث بلغ النمو الاقتصادي 7% في كل من العامين الماضيين، حيث قامت الحكومة المؤيدة للأعمال التجارية أخيرا بتمرير إصلاحات لتحرير القيمة وزيادة الكفاءة وتخفيف قواعد الاستثمار الأجنبي وتعزيز القدرة على التصنيع.

إلى جانب التحديات التي واجهتها الأسواق الناشئة في السنوات الأخيرة يأتي الضغط الإضافي لحدوث تباطؤ أوسع في التجارة العالمية، حيث تُظهر توقعات منظمة التجارة العالمية أنه من المحتمل أن يكون نمو التجارة، للمرة الأولى منذ 15 عاما، أبطأ من النمو الاقتصادي العام.

ومن ناحية أخرى، تشير أرقام صندوق النقد الدولي إلى أن عام 2016 كان العام الخامس على التوالي الذي وصل فيه النمو الاقتصادي العالمي إلى دون متوسط طويل الأجل والذي بلغ 3.7%. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يتراجع النمو مرة أخرى في عام 2017.

وفي الوقت نفسه، ومع تقدم عام 2016، كان هناك بُعد آخر لتباطؤ النمو التجاري. ويبدو أن تزايد المشاعر المعادية للعولمة، بدءا من المعارضة لاتفاقيات التجارة، مثل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والنغمات الحمائية للانتخابات الرئاسية الأميركية، كان مدفوعا بالتراجع عن الكثير من الاندماج الذي حفز نمو التجارة منذ منتصف التسعينات.

ولكن في حين أن المشككين في التجارة ربما وجدوا شكلا جديدا من أشكال التعبير والقادة البارزين في عام 2016، فإن المشاعر المناهضة للتجارة لا تقتصر على هذه القصص القليلة. كما أنها ليست ظاهرة حديثة. ويظهر التحليل من كوارتز أنه من بين 1855 من التدابير التجارية التي طبقتها حكومات مجموعة العشرين منذ عام 2009، كان 74.5% منها حمائية في طبيعتها.

وتأتي هذه المشاعر المناهضة للعولمة في الوقت الذي تباطأ فيه النمو في كلا من الأسواق المتقدمة والناشئة على حد سواء، وعندما يكون النمو الاقتصادي قويا، تميل التجارة إلى الارتفاع وإلى دفع النمو الاقتصادي قدما. ولكن مع انخفاض الاستهلاك وتباطؤ الاستثمار، أدى النمو البطيء إلى تقليل فرص العمل والآفاق الاقتصادية للطبقات الوسطى في الأسواق المتقدمة والناشئة على حد سواء.

ورغم مرور عقدين من الإزدهار غير المسبوق المعتمد على التجارة الحرة، فإن توزيع الأرباح كان متفاوتا وغير متساو. ولذلك في بداية عام 2017، فإن مستقبل التجارة العالمية يشوبه حالة من عدم اليقين.

وتوقعت منظمة التجارة العالمية أن تنمو التجارة العالمية بنسبة 1.7% في عام 2016، انخفاضا عن التوقعات السابقة بنسبة 2.8%، فيما تتوقع المنظمة أن تنمو التجارة في عام 2017 بنسبة ما بين 1.8% و3.1%، مما يسلط الضوء على حالة عدم اليقين.

النمو التجاري

وقال روبرتو أزيفيدو المدير العام لمنظمة التجارة العالمية: «إن التباطؤ الكبير في النمو التجاري خطير للغاية ويجب أن يكون بمثابة دعوة للتنبيه، إن الأمر يتعلق بالقلق بشكل خاص بسياق تزايد المشاعر المناهضة للعولمة. فنحن بحاجة إلى التأكد من أن هذا لا يترجم إلى سياسات مضللة يمكن أن تجعل الوضع أسوأ بكثير».

وباختصار، كان عام 2016 عاما صعبا. وجاء ذلك بالاعتدال في توقعات المستقبل، والمؤشرات الأخرى التي تنوه إلى أن العصر الذهبى للأسواق الناشئة قد وصل إلى نهايته. ولحسن الحظ، فإن الخطوات التي اتخذتها الأطراف الرئيسية بما في ذلك الإدارات الصينية والأميركية، فضلا عن الحكومات في العديد من الأسواق الناشئة التي تدير عمليات الانتقال ومشاريع التنويع الاقتصادي، قد ساعدت على تهدئة الوضع لهذه السنة الصعبة. وما إذا كان قد تم القيام بما يكفي، وما إذا كانت الحلول قد تم اتخاذها بسرعة كافية، يبقى أن نرى ما سيحدث.

ويختم التقرير بالإشارة إلى أن الأسواق الناشئة تحتفظ بقدر كبير من القدرة على النمو والديناميكية التي يمكن من خلالها إنشاء قيمة والسيطرة عليها. ومع ذلك، في العام المقبل، هناك مزيج قوي من التحديات والضغوط الهبوطية والمخاطر التي تهدد بالكشف عن الأسواق الناشئة التي بُنيت على أساسات ضعيفة.

السابق
قطر: نحو 2.9 مليار ريال حركة التداولات العقارية خلال أبريل
التالي
مجلس الوزراء: مشروع قانون المناطق الاقتصادية