أثارت موجة الحر الشديد التي تلفح اليابان جدلًا بشأن توقيت أولمبياد طوكيو المقرر في يوليو وأغسطس من عام 2020، اللذين يشهدان ذروة الحر والرطوبة والمخاطر الصحية المحتملة على الرياضيين والمتفرجين على السواء.
وعندما حصلت طوكيو على شرف تنظيم الأولمبياد الصيفي لأول مرة في عام 1964 نظمت البطولة في شهر أكتوبر الأقل حرارة، وكذلك نظمت مكسيكو سيتي أولمبياد 1968 في نفس الشهر.
لكن معظم الألعاب الصيفية في العقود الثلاثة الأخيرة نظمت في شهري يوليو وأغسطس، اللذين يُعرفان بأنهما الوقت المثالي لشبكات التلفزيون.
وتدفع تلك الشبكات مليارات الدولارات على شراء حقوق البث خلال هذين الشهرين عندما يكون جدول المنافسات الرياضية العالمية خفيفًا بعض الشيء، وهو ما يزيد نسب المشاهدة.
وقال نيل بيلسون الرئيس السابق لشبكة (سي.بي.إس سبورتس) التي نالت حقوق بث الأولمبياد الشتوي داخل الولايات المتحدة أعوام 1992 و1994 و1998: “إن اللجنة الأولمبية الدولية تعي جيدًا تفضيلات الشبكات الأمريكية في توقيت الألعاب الصيفية والشتوية”.
وقال لرويترز: “ستقل أهمية الأولمبياد الصيفي إذا أقيم في أكتوبر؛ بسبب جدول التزامات البرامج الرياضية القائمة بالفعل”.
واشترطت اللجنة الأولمبية الدولية على المدن التي تقدمت لاستضافة أولمبياد 2020 تنظيم الحدث في الفترة بين 15 يوليو و31 أغسطس، واختارت طوكيو الفترة بين 24 يوليو والتاسع من أغسطس.
ولتحديد التواريخ، تحصل اللجنة الأولمبية على إفادات من الاتحادات الرياضية الدولية حرصًا على عدم تعطيل جداولها.
وقت الذروةويقول خبراء: إن التوقيت يُحدد بسبب فراغ جدول المنافسات الرياضية، والأرقام القياسية في المشاهدة، والتسويق الرياضي على شبكات التلفزيون.
وفي سبتمبر أو أكتوبر، سيضطر الأولمبياد لدخول منافسة على جذب اهتمام المشاهدين مع مسابقات أخرى ومنها انطلاق موسم كرة القدم الأمريكية، وتصفيات البيسبول بالولايات المتحدة، وكذلك انطلاق موسم دوريات كرة القدم الأوروبية.
وقال فيكتور ماثيسون أستاذ الاقتصاد في كلية هولي كروس بولاية ماساتشوستس الأمريكية: “إنها مصممة لتناسب هذه النافذة. هدوء في جدول المنافسات الرياضية حيث يشهد القليل من المسابقات في ذلك الوقت”.
وبوسع المدن المرشحة اقتراح توقيتات بديلة، لكنها لا تحصل دومًا على الموافقة.
وواجه اقتراح الدوحة استضافة أولمبياد 2020 في أكتوبر، نظرًا للحر الشديد في يوليو وأغسطس، انتقادات من خدمة البث الأولمبية التي تقدم التغطية التلفزيونية للكثير من المسابقات ومن شبكات دولية للتسويق والبث التلفزيوني.
وجاء في تعليق تلك المؤسسات على المقترح: “إن إقامة الألعاب الأولمبية خلال الفترة المفضلة للجنة الأولمبية الدولية في شهري يوليو وأغسطس يمنح شبكات البث ‘ضمان’ أن تكون لها الريادة في التسويق خلال أوقات الذروة. لكن في أكتوبر/ تشرين الأول، ستواجه الشبكات انخفاضًا في مستويات المشاهدة”.
ولم يتسنَ الحصول على تعليق من شبكة (إن.بي.سي) التي اتفقت مع اللجنة الأولمبية في 2014 على دفع 7.65 مليار دولار مقابل حقوق بث حصرية بالولايات المتحدة حتى 2032.
ولم يتسنَ أيضًا الحصول على تعليق من ديسكفري كوميونيكشن التي استحوذت على يوروسبورت في عام 2015، وأنفقت 1.3 مليار يورو لشراء حقوق بث على مستوى أوروبا لـ 4 دورات أولمبية حتى باريس 2024.
وقال ميشيل نويل المتحدث باسم اللجنة الأولمبية في رسالة بالبريد الإلكتروني: إن شبكات البث تعرض آراءها خلال إعداد جدول المنافسات بعد تحديد تواريخ الألعاب الأولمبية.
وقال: إن اللجنة الأولمبية حددت في العام 2000 شهري يوليو وأغسطس لتنظيم الألعاب الأولمبية الصيفية.
وأضاف: “نظرًا لعدم طلب أي استثناء في ترشيح طوكيو 2020، لم يجرِ التشاور مع أي أطراف أخرى ذات صلة بشأن موعد الأولمبياد في طوكيو”.
مناخ مثاليأقيمت معظم الدورات الأولمبية الصيفية في شهري يوليو وأغسطس منذ عام 1976 واضطر المنظمون للتكيف مع الطقس الحار في العديد من المدن المستضيفة.
ومنحت اللجنة الدولية استثناءات، وأقيم أولمبياد سيدني 2000 في الأسبوعين الأخيرين من سبتمبر/ أيلول للتكيف مع الطقس في نصف الكرة الجنوبي.
وقالت طوكيو في عرض الاستضافة: إن التواريخ التي اقترحتها تضم “أيامًا عدة من الطقس المعتدل المشمس الذي يعد مناخًا مثاليًا للرياضيين حتى يقدموا أفضل ما لديهم”.
وزادت المخاوف بشأن درجات الحرارة المرتفعة خلال الأولمبياد؛ بسبب موجة الحر التي تضرب اليابان هذا الصيف.
ووصلت الحرارة إلى 41.1 درجة مئوية، يوم الإثنين، شمالي طوكيو، وقتلت الموجة 80 شخصًا على الأقل فضلًا عن نقل آلاف آخرين إلى المستشفيات.
وتقول بيانات وكالة الأرصاد الجوية اليابانية: إن متوسط أعلى درجات الحرارة في الأيام الـ 10 الأواخر من يوليو وأول 10 أيام من أغسطس كان 32 درجة مئوية.
وقال فريق من الباحثين الدوليين الذين جمعوا بيانات عن الحرارة والرطوبة وغيرها من الظروف المناخية على امتداد مسار ماراثون طوكيو في أواخر يوليو ومطلع أغسطس عامي 2016 و2017: إن الظروف قد تضع الرياضيين والمتفرجين أمام مخاطر تزداد فيها احتمالات الإصابة بضربات شمس، وحثوا المنظمين على توفير المزيد من المناطق التي يتوفر بها الظل.
وقال ماكاتو يوكوهاري أستاذ الدراسات البيئية بجامعة طوكيو الذي شارك في إعداد الدراسة ويقدم المشورة للجهة المنوطة بتنظيم الأولمبياد: “أخشى أن تكون الظروف في طوكيو الأسوأ في تاريخ الأولمبياد”.
وقال المنظمون في طوكيو إنهم يأخذون التحذيرات بجدية وقرروا تقديم موعد انطلاق الماراثون إلى السابعة صباحًا بدلًا من السابعة والنصف. وقرر المنظمون أيضًا تغطية مسار الماراثون وغيره من الطرق الرئيسية بأكثر من 10 كيلومترات من مادة الراتينغ التي تعكس الأشعة تحت الحمراء وتقلل حرارة الأرصفة بما يصل إلى 8 درجات مئوية.
ويتطلع المنظمون لإيجاد طرق لتخفيف الحرارة على المتفرجين بالخيام والمراوح والرذاذ.
وقال ماسا تاكايا المتحدث باسم دورة أولمبياد طوكيو: “نحن نجهز لاتخاذ إجراءات مضادة للحر في كل الجوانب المحتملة”.
وقال يوكوهاري: إن إقامة الألعاب في أكتوبر أو نوفمبر “سيكون وقتًا مثاليًا بالنسبة لطوكيو، لكن ليس في الصيف في طوكيو. في ذلك الوقت تكون الحرارة والرطوبة مرتفعة للغاية”.