لا شك أن تشيلسي هو الفريق الأقوى في الدوري الإنجليزي هذا الموسم، فهو يتربع على الصدارة بفارق 9 نقاط عن أقرب ملاحقيه توتنهام، ولم يتعثر سوى في 5 مباريات ما بين الهزائم والتعادلات، محققاً 19 انتصار وحاصداً 59 نقطة من 24 مباراة.
كذلك من الأمور الغير قابلة للنقاش أيضاً هو أن قوة تشيلسي الحالية تعود إلى المدرب العبقري أنطونيو كونتي، حيث أن الفريق عانى بشكل كبير الموسم الماضي تحت قيادة جوزيه مورينيو وجوس هيدنيك وأنهى الموسم في المركز 10، وعلى نظرية أن لكل نتيجة هناك سبب أو مجموعة أسباب، فلا يسعني القول إلا أن كونتي هو السبب الرئيسي وقد يكون الوحيد لما وصل إليه تشيلسي هذا الموسم.
في المقابل، يعاني جوسيب جوارديولا في مانشستر سيتي خلال موسمه الأول في البريميرليج، والحال نفسه ينطبق على يورجن كلوب الذي يعيش فريقه في حالة من عدم الاستقرار والتذبذب بشكل مستمر، فتارة تجده الأقوى وتارة أخرى يكون فريق أقل من المتوسط، وهذا يقودنا لسؤال هام جداً، لماذا تأقلم كونتي سريعاً مع البريميرليج وحقق نجاح في فترة زمنية محدودة في الوقت الذي يعاني فيه مدربين كبار مثل بيب في موسمه الأول وكلوب الذي وصل في منتصف الموسم الماضي؟
كونتي غير متعصب لعقليته
كونتي من فئة المدربين القلائل جداً في العالم الذين يتبعون مدرسة “التكيف حسب المعطيات”، فرغم أن لديه فلسفة واحدة في التدريب لكنه يملك عدة طرق لتطبيق هذه الفلسفة، وهنا نتحدث عن طرق منهجية وليس خطط تكتيكية، فاستطاع في ظرف قصير أن يدمج بين العقلية الإيطالية التي تعتمد على إغلاق المساحات في الخلف والعقلية الإنجليزية التي تتسم بالفاعلية والسرعة واللعب المباشر.
عكس ذلك تماماً بالنسبة لجوارديولا وكلوب، فالمدربان متمسكان بأفكارهم المعهودة ويرفضان تعديلها إلا بشكل بسيط، فنشعر أن مانشستر سيتي هو “النسخة الصيني” من برشلونة وبايرن ميونخ، كذلك ليفربول فهو يلعب بنفس عقلية بوروسيا دورتموند خلال فترة 2011 إلى 2014.
وهذا يفسر لنا سبب نجاح كونتي السريع مع كرة القدم الإنجليزية، فهو تعامل مع الظروف المحيطة والمعطيات المتاحة له بشكل سليم، في الوقت الذي ما زال يحاول فيه جوارديولا وكلوب تسخير الظروف لصالحهما.
طبيعة اللاعبين المتوافرين
يمكن القول أن كونتي كان محظوظاً باللاعبين الذين يملكهم في تشيلسي، ليس لأنهم الأفضل بل كونهم يتناغمون مع أفكاره بدرجة جيدة، وكان ذكياً أيضاً بالصفقات التي عقدها بإعادة ديفيد لويز وضم كانتي اللذان يعدان حجر الأساس بالنسبة له في الفريق اللندني.
في المقابل وجد جوارديولا لاعبين في مانشستر سيتي لا يعرفون شيء عن الاستحواذ وكيفية تطبيقه، ولا يملكون الإمكانيات أساساً لفعل ذلك، طبعاً باستثناء بعض الأسماء مثل ديفيد سيلفا ويايا توريه، كما لم يكن موفقاً في صفقاته أيضاً رغم تعاقده مع 8 لاعبين بجودة ما بين الممتازة إلى متوسطة.
أما كلوب فهو يريد تحويل لاعبين مثل فيرمينو ولالانا وإيميري تشان وغيرهم إلى ماكينات كروية، ورغم نجاحه النسبي في هذا الأمر إلى أنه فشل في المحافظة على هذا النجاح لأن إمكانياتهم البدنية وحتى الذهنية لا تسمح لهم بذلك.
بالتأكيد، هذا لا يعني أن كونتي سيبقى متفوقاً على جوارديولا وكلوب في المستقبل، فكما قلنا، لكل واحد منهم نهج معين في التفكير، لكن يمكن القول أن كونتي اختار أسرع الطرق لبناء فريق قوي قادر على المنافسة، في حين أن جوارديولا وكلوب يحاولان تغيير كل شيء في فرقهما، وهذا يتطلب وقت أكثر بطبيعة الحال.